محتويات
'); }
النفاق
يعرف النفاق في معاجم اللغة العربية بأنه مصدر مشتق من الفعل الرباعي نافق، واسم الفاعل منه منافق، ومعناه إظهار المرء خلاف جوهره، وإظهار الإيمان وإخفاء الكفر والجحود، وقد عرفه العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي على أنه مرض عضال باطن، أي أن المرء نفسه قد لا يدري إن كان مصاباً به أم لا، فهو يخفى على الكثير من الناس.
أنواع النفاق
النفاق الأكبر أو النفاق الاعتقادي
ينطبق على كل من يكذب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو يكذب بعضاً مما جاء به، أو يبغضه، أو يبغض بعضاً مما جاء به، أو يشعر بالفرح عندما يقل متبعو الدين الاسلامي، أو يشعر بالكراهية لانتصار الدين الاسلامي، وهذا النوع يدخل صاحبه الدرك الأسفل من نار جهنم كما جاء في كتاب الله العزيز حيث قال: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) [النساء: 145]، وقد أعد الله النار لهم كونهم يصلون ويصومون ويتصفون خارجياً بصفات الإنسان المسلم، بينما يبطنون في داخلهم خلاف الإسلام جملة وتفصيلاً فيخدعون الناس حتى لا يميزون من أي فئة هم، فالمسلم معروف والكافر معروف بينما المنافق يكيل بكل الموازيين.
'); }
النفاق الأصغر أو النفاق العملي
ينطبق على كل من يقوم بأي فعل من أفعال المنافقين مع بقاء الإيمان القلبي موجوداً، فالمرء في هذه الحالة يكون فيه من النفاق خصال، ومن الإيمان خصال، وما زاد على الآخر من هذه الخصال فقد غلب، والدليل على ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) [حديث صحيح].
صفات المنافقين
- مخالفة أوامر الله سبحانه وتعالى وعدم الاهتمام بحدوده ونواهيه، فالمنافق يسير وفق هواه وطموحاته وعقاده الشخصية التي لا تمت للدين بصلة من قريب أو بعيد، وقد وصفهم الله جل وعلا في القرآن الكريم حيث قال: (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [ المؤمنون: 53]
- ترك أحكام القرآن الكريم وما جاء فيه.
- العمى التام عن آيات الله سبحانه وتعالى، فالمنافق لا يرى من الدنيا إلا متاعها وزينتها، فتبرق عينيه عن الحديث عن الدنيا، أما إذا حدثته عن الله فهو كالأصم، يشغله الملل والنعاس، قال تعالى: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) [البقرة: 18].
- الرياء؛ فهناك رأي علني وآخر مخفي، وهناك عبادة على الملأ، وعبادة في البيت، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً) [النساء: 142].
- الحيرة الشديدة وقد سماها الله في كتابه العزيز مرض، فهم متذبذبون يوماً مع هؤلاء ويوماً عليهم، يوماً في المساجد ويوماً في بيوت اللهو، قال تعالى: (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) [النساء: 143].
- التربّص بالمؤمنين؛ فإذا انتصروا قالوا لهم ألم نكن معكم، وإذا انتصر أعداء المؤمنين قالوا لهم نحن معكم، قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء: 141]
هذا الموقف المتذبذب مع الأقوى دائماً, مع الأعز, هذا موقف المنافق .
- ازدواجية القول؛ فالكلام أحلى من العسل والقلب امتلأ بالمرار، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) [البقرة: 204].
- دينهم وديدنهم إفساد العلاقات بين الناس، بين الزوجين، بين الأخوة، بين الجيران، قال تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)'” [البقرة: 205].
- الحلف بكثرة، فتراه دائماً يبدأ كلامه بقول: والله مع أنه لم يُكذّب أصلاً و لم يستحلف، بيد أن خللاً ما في داخله يجعله يشعر بأن الناس لا يصدقونه، قال تعالى: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [المجادلة: 16].
- الضلال بعد الهدى، والكفر بعد الإيمان، فالمنافق يستثقل أحكام الدين فلا يكمل المسير ويتراجع القهقرى، قال تعالى: (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطُبعَ على قلوبهم فهم لا يفقهون) [المنافقون: 3].
- مظهره الخارجي يخالف تماماً ما في داخله، فهو من الخارج حسن الهندام، معسول الكلام، قوي البيان، طليق اللسان، بينما إذا تحدث انهارت الصورة الحسنة كلها، قال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4].
- التأخر في أداء الصلاة، فيصلون الفجر مع الشروق، والعصر مع الغروب، كما أنهم يصلون بشكل فردي في البيت، ولا يحضرون الجماعة في المسجد.
- الشعور بالحسرة والهم والغم إذا ما أصاب المؤمنين فرح أو نصر من الله جل وعلا، فترى المنافقين يترقبون سقوط المؤمنين.