تنمية الذات

جديد ما هو العقل الباطن

ما هو العقل الباطن

يتحدّث البعض من علماء النفس عن العقل الباطن باعتبار أنّها لؤلؤةٌ مدفونةٌ داخل النفس البشرية تحتاج إلى من يكتشفها، فقد طلب الفيلسوف سقراط من الإنسان الغوص في أعماق نفسه البشرية؛ ليَعرِف ذاته بنفسه دون الرجوع إلى نظريةٍ معينةٍ أو قانونٍ ما، فذاته هو أعلم بها من غيره، وحتى يتمّ تقريب مفهوم العقل الباطن أكثر، فقد تمّ تشبيهه لجبلين: الجبل الأول وهو العقل الواعي؛ وهو العقل الذي يتعامل به الإنسان مع عالمه الخارجي والداخلي بناءً على مبادئ وأسس معينة في الحياة، ويراها الكثيرون أنّها منطقية ومقبولة، وهذا العقل الواعي يتشكّل منذ الطفولة؛ حيثُ يتشكّل من مجموعةٍ من العوامل؛ كأساليب التربية، وطبيعة التنشئة الأسرية، والاجتماعية، والأخلاقية، والدينية، فيبدأ الجبل الأول بالارتفاع والنمو أكثر من الجبل الآخر، وهو عقل اللاواعي أو العقل الباطن.

تعريف العقل الباطن

هو الوعاء الذي يجمع كل ما أدخله الإنسان إليه من أفكار ومشاعر سيجدها يوماً ما تخرج إلى العالم الخارجي بأسلوبٍ معين لتُعبّر عن شخصيته، فهذا الوعاء إذا أَدخَلَ الإنسان فيه الأفكار والتجارب السلبية ومشاعر الحقد والكره، فإنّ النتيجة تكون شخصيةً مريضةً وشريرة، أما إذا أدخل الأفكار الإيجابية والمشاعر الجميلة والذكريات الرائعة المليئة بالحب والودّ والتسامح، فإنّ الشخصية التي تنتج عنها هي شخصيةٌ إيجابيةٌ وناجحةٌ، وهي اللّؤلؤة المكنونة التي تحدّث عنها الكثيرون، فالعقل الباطن يستطيع أن يلتقط آلاف الإشارات من خلال حواس الإنسان، ويبدأ بتخزين هذه الإشارات وما يرافقها من مشاعر وأحاسيس إلى أن تظهر مرةً أخرى كميولٍ واهتماماتٍ شخصية لدى الإنسان، وقد يكون للعقل الباطن تأثيرٌ على قرارات الإنسان التي تصدر عنه، وبالأخص القرارات السريعة منها.[١]

ازدواجية العقل الواعي والباطن

يمتلك الإنسان عقلاً واحداً؛ إلّا أنّ هذا العقل يتّسم بسمتين مختلفتين، ويقوم بمهمتين غير متشابهتين، فلكل مهمةٍ ميزةٌ تجعلها مختلفة عن الأخرى، ويمكن إطلاق لفظ العقل المُحِسّ والعقل غير المُحِس عليها، أو ما يُعرف بالعقل الواعي و العقل الباطن، وكذلك يُقال عنهما العقل المستيقظ والآخر النائم، أو العقل الذي نراه على السطح، والآخر الكامن في الأعماق، وكذلك هما العقل الإرادي عند الإنسان والعقل اللاإرادي لديه. هذه هي الازدواجية في العقل والتي تُبين أنّ عقل الإنسان يقوم بعملين مختلفين تماماً، وقد شبه جوزيف ميرفي عقل الإنسان بالحديقة التي يَبذُر الإنسان فيها البذور التي يُريد زراعتها في هذه الحديقة، وهذه البذور هي الأفكار التي يُدخلها إلى عقلهِ، فإن كانت البذور جيدة كان المحصول جيداً، وأنبتت الحديقة زهوراً جميلةً، وكذلك العقل الباطن إذا أدخل الإنسان إليه الأفكار الإيجابية الرائعة، فإنّ محصوله سيكون رائعاً.[٢]

إنّ العقل الواعي هو الذي يُحدد ما يُخرجه العقل الباطن من أفكارٍ وتصوراتٍ، سواء كانت إيجابيةً أم سلبية، سليمةً أم فاسدة، وعلى الإنسان أن يُدرك حقيقةً مهمّة وهي وجود الانسجام والازدواجية، بين العقل الواعي والعقل الباطن؛ فعند تفكير الإنسان بطريقة صحيحة ومعرفةٍ جيدة للأفكار التي تم إدخالها إلى العقل الباطن، وأنّ هذه الأفكار جيدة فيها كل الانسجام وخالية من الاضطراب؛ فإنّ القوى الداخلية العجيبة للعقل الباطن سوف تُخرج أوضاعاً سلمية وظروفاً مناسبة، وبالتالي يمكن للإنسان التحكم بعقله الباطن، واستخدامهِ في حل المشكلات والصعوبات التي تواجهه.[٢]

أساليب الدخول إلى العقل الباطن

إن عقل اللاواعي لدى الإنسان يحتوي على قدر كبيرٍ من الحكمة والمعرفة، والتي لا يستغلّها الإنسان أفضل الاستغلال، فهو يحتاج إلى أن يُطلِق عقله اللاواعي كي يُحرّر ما لديه من قوةٍ كامنةٍ، وتكون سبباً في نجاح وتغيير حياته، ويمكن للإنسان الدخول إلى العقل الباطن باتّباع بعض من النصائح والطرق التي تُعين على ذلك، منها:[٣]

  • التأمل: يُعتبر التأمُّل أكثر الطرق بساطةً في الوصول إلى العقل اللاواعي؛ حيثُ يأخذ الإنسان إلى حالةٍ قريبةٍ من الحلم، فتُصبح أعمال الدماغ أبطأ وأكثر تنظيماً، وضجيج الحياة اليومية أقل تأثيراً وأكثرها بُعداً، ففي الوضع الطبيعي للإنسان يكون نطاق عمل دماغه في النمط بيتا، وهي الحالة التي ترتبط باليقظة، وقد يرافقها التوتر والغضب أو القلق، أما في حالة تأمُّل الإنسان بشكلٍ عميق، فإنّ النمط ينتقل إلى النمط دلتا؛ حيثُ يترتّب على ذلك تغيُّرٌ في نوعية تفكير الإنسان، وتوارد الأفكار من عقله الباطن إليه، لتبدأ بفرض نفسها في حالة وعيه، وفي هذه الحالة، على الشخص أن يسمح لهذه الأفكار بالتدفق، وكلما مارس التأمل أكثر أصبح أكثر مهارة في تحديد موقفٍ معين، فهو قد يجد حلولاً لمشكلاتٍ أو معضلاتٍ يواجهها، وبإمكان الشخص تعلُّم التأمُّل بسرعة، فهو لا يحتاج إلى وقتٍ كبير.
  • الإنصات إلى الإبداع: إنّ طريقة حديث العقل اللاواعي مع الشخص تكون بدون كلمات، فهي تتحدّث بالصور والأصوات والموسيقى، فإنصات الفرد يساعد العقل بالتعبير عن نفسه، فممارسة الإنسان لنوعٍ معينٍ من الفنون العديدة -كصناعة الفخار أو غيرها- يساعده في إظهارِ جانبٍ معيّنٍ من جوانب شخصيته.
  • اتباع الغريزة: إذا حاول الإنسان مواجهة مشكلةٍ ما أو اتخاذ قرارٍ معين في أمرٍ طرأ عليه، فإنّ أول ما يتبادر إلى ذهنه هو حديث اللاوعي، وقد يظن الإنسان في لحظتها أنّ القرار الذي اتخذه غير صائب؛ إلّا أنّ هذه القرارات قد تكون بدرجةٍ عاليةٍ من الإدراك والدقة بشكلٍ لا يُمكن تصديقه.

طاقة التخيل طريق النجاح

يقول جورج برناردشو: (إنّ التخيل هو بداية الإبداع، فإنك تتخيل ما تُريده، ثم تُنفذ ما تتخيله، وأخيراً فإنك تُبدع ما تُنفذه). لقد تحدّث عظماء العالم عن أنفسهم، وقالوا أنهم أصبحوا عظماء لأنّهم امتلكوا القدرة على تخيل الإنجازات العظيمة التي يُديرونها، فخرجت قواهم الداخلية الكاملة، وأعطت التخيلات القوة والقدرة على الخروج إلى النور، وهكذا فقد استخدم العظماء طاقة التخيّل لديهم لخلق النجاح في حياتهم، فجميع الأحداث التي تمرّ بالإنسان هي نتيجة تخيلاتهِ، وهذا الأمر في غاية الأهمية؛ فالسبيل الأول للنجاح يكمن في الصورة التي يضعها الانسان لنفسهِ، فلا يُنكر أحدٌ أنّ هناك العديد من المؤثرات والصعوبات الخارجيّة التي تُؤثّر على الانسان، وقد تخرج الأمور عن السيطرة، إلّا أنّ ارتباط العقل بالأحداث الواقعية يبدو جليّاً ويظهر أثرهُ للجميع، فيظهر في علاقات الانسان الشخصية وفي عملهِ وصحتهِ وثقتهِ بنفسهِ، وكلّ ما يحتاجه الانسان للنجاح في حياتهِ هو الوعي الجيّد بما يقوم بإنتاجه أو إبداعهِ.[٤]

المراجع

  1. ماهر شبانه، “سرنا الذي لا نعرفه (العقل الباطن)”، نيرونت، اطّلع عليه بتاريخ 4 – 10 – 2017م. بتصرّف.
  2. ^ أ ب جوزيف ميرفي ، قوة عقلك الباطن (الطبعة الأولى)، السعودية: مكتبة جرير، صفحة 6 – 8، جزء 1. بتصرّف.
  3. مجد درويش ، “ثلاث نصائح أساسية لتدخل الى عالم عقلك الباطن”، نيرونت، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-10. بتصرّف.
  4. إبراهيم الفقي (2011م)، قوة العقل الباطن (الطبعة الأولى)، ثمرات للنشر والتوزيع، صفحة 29 – 30، جزء 1. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى