محتويات
'); }
الأكراد
الأكراد هم جماعاتٌ إنسانيّة تعيش في المنطقة الجبليّة الواقعة في الجُزء الجنوبيّ الشرقيّ لقارَّة آسيا، كما أنّهم يحتلُّون أجزاء من إيران، وسوريا، والعراق، وتُركيا، وأرمينيا، ويعيش مُعظمهم في مُجتمَعات مَحليّة ريفيّة؛ حيث يُمارسون فيها رَعْي الماعز، والماشية، والأنشطة الزراعيّة، مثل: زراعة التَّبْغ، والقُطن، وقَصَب السكّر، ومن الجدير بالذكر أنَّه كان يُطلَق على المنطقة التي كان يُسكنها الأكراد قديماً اسم (كُردستان)، أمَّا اليوم، فإنَّ هذه الاسم أصبح يَدلُّ على منطقة صغيرة تقع ضِمن حُدود إيران، عِلماً بأنَّ المُدن الكُرديّة الرئيسيّة هي: كركوك، وأربيل، والسُّليمانيّة في العراق، وسنندج، ومهاباد، وكرمانشاه في إيران، ومدينة وان، وديار بكر في تُركيا، ويُقدَّر عَدَد الأكراد في هذه المُدن بنحو 20 مليون نسمة، وتجدُر الإشارة إلى أنَّهم يتحدَّثون اللُّغة الكُرديّة، والتي تُعتبَر مُشابِهةً إلى حَدٍ كبير للُّغة الفارسيّة.[١]
أَصْل الأكراد
لم تتوحَّد الآراء حول أَصْل الأكراد، ونشأتهم، وبداية ظُهورهم في كُردستان؛ فقد ظهرت العديد من النظريّات، والدراسات حول أَصْل الكُرْد، وتاريخهم القديم، عِلماً بأنَّ بعض هذه الدراسات استدلَّت على أَصْل الكُرْد من خلال رَبْط الخصائص القوميّة للشعب الكُرديّ، كتَسمِيَة “كُرْد” التي كان لها مفاهيم، ومعانٍ مُختلِفة عمَّا هي عليه اليوم، أو من خلال استكشاف التأثيرات الحضاريّة التي ظهرت في الحياة اللُّغويّة، والدينيّة، والثقافيّة لمُختلَف شُعوب الشرق الأدنى القديم، أو من خلال تحليل حوادث التاريخ القديم للأكراد، ودراستها، مُنذ العُصور القديمة، وحتى العَصْر الحالي، وبمفهوم الكُرْد بصيغته القَوميّة الحاليّة، وبالنظر إلى المُعطَيات التاريخيّة، واللُّغوية، فإنَّ تصنيف الكُرد يعود إلى ما هو ضِمن الشُّعوب الإيرانيّة، إلّا أنَّ هذا لا يعني ثَبات أَصْل الأكراد بأنَّهم من إيران؛ فقد يكون عُنصر الكُرد قد امتدَّ من منطقة غرب بلاد فارس (إيران) إلى أواسِط كُردستان، أو قد تكون هناك قَوميّة أُخرى ذات تَسمِيَة مُشابِهة للكُرد، ولكن من أَصْلٍ مُختلِف ظهرت قَبل مَجيء الكُرد من إيران، واندمجت معهم، ومن الجدير بالذكر أنَّ كُلَّ ذلك كان دافعاً لظهور آراء، واعتقادات عِدَّة حول أَصْل الأكراد،[٢] وفيما يلي أهمّ هذه الآراء:
'); }
رأي المُؤرِّخين العرب
إنَّ الناظِر في الوثائق الإسلاميّة يَجِد أنَّ أقدم ذِكرٍ لكلمة “الكُرد” كان بين سُطور الرَّسائل المُتبادَلة بين الإمام (علي بن أبي طالب)، وعامله في البصرة (زياد بن أبيه)؛ حيث ذُكِرت لفظة الكُرْد في مُناسبتَين، كما أنَّ بعض العرب ذكروا الأكراد، فقالوا: “الكُرد هم سُكَّان جبل (شهرزور)”، وقِيل أيضاً: “إنَّ الكُرد هُم من العرب، ثمّ تنبَّطوا”، ومنهم من يعتقد أنَّ نَسبَ الأكراد يَعود إلى قيس (كُرد بن مرد بن عَمرو بن صعصعة بن مُعاوية)، حيث عاشوا في الجبال؛ طلباً للمرعى، والماء، وقد اختلطوا بمن هم بجِوارهم، ومن الجدير بالذكر أنَّ هناك بعض المُؤرِّخين الذين ينسبون الأكراد إلى أَصلٍ عَربيّ؛ حيث استدلُّوا على ذلك بحادثة انهيار سَدّ مَأرِب، وما خَلَّفه ذلك من قِلَّة الزراعة، وهِجرَة السكّان؛ فبدأت العديد من القبائل العربيّة بالهجرة من اليَمَن إلى الشمال نحو الجزيرة العربيّة، واستقرُّوا بين العجم، وتجدُر الإشارة إلى أنَّ رُؤَساء القبائل الكُرديّة قد أبدوا اهتماماً كبيراً بآراء العَرَب تجاه أَصْل الكُرد بأنَّهم يَنحدِرون من أَصْلٍ عَربيّ من جِهة، وبأنَّهم اعتنقوا العقيدة الإسلاميّة في مرحلة تاريخ الخِلافة من جهة أُخرى.[٣]
رأي الأكراد حول أصلهم
يَعتقد مُعظم الأكراد أنَّ نَسبهم، وأُصولهم تعود إلى الكوتيّين الذين عاصروا السُّومريّين، وسكنوا مَدينة (بَابِل) الواقعة في العراق، واستطاعوا السيطرة عليها في عام 2649ق.م، إلّا أنَّه مع مُرور الوقت سَقَط حُكمُهم، وتراجعوا إلى الجِبال، واستقرُّوا فيها، وأنشأوا نظاماً داخليّاً خاصّاً بهم، ويَعتقد الكُرديّ (مُحمَّد أمين زكي) أنَّ الأكراد القُدَماء هم من الشُّعوب القوقازيّة، إلّا أنَّهم تحوَّلوا إلى آريّين، واقتبسوا اللُّغة الميديّة الآريّة؛ وذلك بسبب اختلاطهم مع الأكراد الجُدُد (الميديّين)، ويَذكُر المُؤرِّخ الكُرديّ (محمود بيازيدي) أنَّ أَصْل الأكراد يعود إلى العرب، حيث يَرى أنَّ الأقوام الكُرديّة تعود في الأصل إلى القبائل البَدَويّة، وأنَّهم تحدَّثوا لُغتَهم (اللُّغة العربيّة)، ومع مُرور الوقت انفصل جُزءٌ من الأكراد عن البَدو، واستقرُّوا في مَناطِقهم الحاليّة.[٣]
رأي المُستشرقين
اهتمّ المُستشرقون -وهم اجتماعيّون، وسِياسيّون من مُختلَف الدُّول الأوروبيّة في الغرب- بتاريخ الأكراد، وأَصْلهم؛ حيث كتب كثيرٌ منهم العديد من الأبحاث عن الشعب الكُرديّ؛ تحقيقاً لرَغبة بعض الدوائر الدبلوماسيّة العُليا في دُوَل الغرب في مَعرِفة أَصْل الكُرد، وقد وضع المُستشرقون بعض النظريّات المُتضارِبة التي تتَّفق فيما بينها ببعض النقاط، إلّا أنَّها تختلف في كثيرٍ من مَضامينها حول تحديد أَصْل الأكراد،[٣] ومن أهمّ هذه النظريّات:[٢]
- نظريّة مينورسكي: وهي نظريّة وَضَعها السيّد مينورسكي، وأكَّد فيها أنَّ أَصْل الأكراد يعود إلى الفُرس؛ أي الأَصْل (الهندو-أوروبّي)، وقد صنَّفهم مع الشعب الإيرانيّ، كما أنَّه اعتقد أنَّ الأكراد انتقلوا في القرن السابع عشر من منطقة (بُحيرة أرومية) إلى جزيرة (ابن عمر)، إلّا أنَّ مينورسكي في نظريّته هذه لم يأخذ بالحُسبان أَصْل السُّلالات المُعقَّدة التي لم تختلط بالأكراد.
- نظريّة السوفيتي مار: والتي تَنصُّ على أنَّ الأكراد الأصليّين لهم طبائع مُشابهة لطبائع الأقوام الآسيويّة الأُخرى، مثل: قبائل الأرمن، والكلدانيّين، والقوقازيّين.
وتجدُر الإشارة إلى أنَّ أَحد المُؤرِّخين المُستشرقين يرى أنَّ الأكراد هم في الأصل أحفاد الخالديّين الإيرانيّين من سُكّان الجِبال، وقد اشتهروا بشِدَّتهم، وقُوَّتهم، في حين يَرى البروفيسور (لهمان هوبيت) أنَّ الأكراد هم أجداد الجورجيّين، وهناك من يُرجِّح أنَّ أصل الأكراد يعود إلى الميدويستي، عِلماً بأنَّ البعض يعتقد أنَّهم يعودون إلى سُلالة الكاردوخيّين.[٢]
رأي عُلَماء الأجناس والتاريخ
يعتقد بعض عُلَماء الأنثروبولوجيا أنَّ الأكراد هم الجماعات البشريّة التي زَحفت إلى مناطق وَسَط آسيا ذاتها، وهي الأقوام (الهندو-آريّة)، وقد استدلُّوا على ذلك من خلال مُلاحَظة الصِّفات الخَلقيّة للأكراد الحاليّين؛ حيث إنَّهم يتَّصفون بطول القامة، وطول الرأس، وقِلَّة استدارته، بالإضافة إلى مُشابهة لون بشرتهم، وعيونهم، وشعرهم للصفات ذاتها لدى تلك الجماعات، ويرى الجغرافيّ (سترابو) أنَّ بِلاد الكُرد تَقَع في أرض فارس، وميديا، كما تُشير اللوائِح الطينيّة التي وُضِعت في عام 2000ق.م إلى أنَّ الكُرد هم أقدم المُجتمعات الأرستقراطيّة في العالَم، كما يرى المُؤرِّخ الإغريقيّ (هيرودوت) أنَّ الشعب الكُرديّ ينحدر في الأصل من سُلالة الكروديوني، والعِرْق الآريّ.[٢]
المراجع
- ↑ دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية )، السعودية : مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 449، جزء الثاني. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث سمر فضلاً عبد الحميد محمد، أكراد العراق تحت الحكم، صفحة 36-47. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عمار عباس محمود، القضية الكردية .. إشكالية بناء الدولة، صفحة 18-22. بتصرّف.