جديد ما لقب جبريل عليه السلام

'); }

الملائكة

خلق الله تعالى الملائكة في جملة ما خلق من المخلوقات بصفاتٍ وخصائص مُعيّنةٍ، وكلَّفهم بوظائف ومَهام مُحدَّدة، وجعل كثيراً من تفاصيلهم وما يتعلّق بهم من الغيب الذي لا تدركه عقول البشر، ولا عِلم للعقول فيه إلا ما أخبرت عنه النُّصوص الشَرعيَّة من القرآن الكريم والسُنَّة النَبويَّة، وممّا جاء في النُّصوص عن الملائكة أنَّهم مخلوقات خلقها الله تعالى من نورٍ، كما روي عن النَبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (خُلِقَت الملائكةُ من نورٍ، وخُلِقَ الجانُّ من مارجٍ من نارٍ، وخُلِقَ آدمُ مما وُصِف لكم)،[١] وهم مُطيعون لله تعالى في كلِّ ما يأمرهم ويكلِّفه به، وقد قال الله تعالى فيهم: (عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).[٢]

وهم في العدد كُثرٌ جدّاً لا تُعلَم كثرتهم، يختلفون عن البشر في خِلقتهم وصفاتهم؛ فالملائكة لا يأكلون ولا يشربون لأنَّهم غير محتاجين للطّعام والشَّراب بخلقتهم خلافاً للبشر، كما أنَّهم لا يتعبون ولا يملُّون ولا يفترون عن فعل وتنفيذ ما يأمرهم به الله تعالى، وهم يسكنون السماء ولا ينزلون الأرض إلا بأمر الله تعالى لأداء مَهمةٍ كلَّفهم بها.[٣]

وقد جعل الله تعالى الإيمان بالملائكة ركناً من أركان الإيمان السِتَّة التي رواها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الحديث الذي جاء فيه جبريل -عليه السلام- على هيئة رجلٍ وسأل النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن الإسلام والإيمان والإحسان، فأجابه رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن الإيمان: (قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت).[٤] وفي ما يأتي حديثٌ عن أحد الملائكة الكرام، وخَلقه وصفاته، وبيانٌ للقبه، وما جاء من الآيات الكريمة والأحاديث الشَّريفة في ذكره خاصَّةً عن دون الملائكة الآخرين، وهو الملك جبريل -عليهم السَّلام- جميعاً.

'); }

جبريل عليه السَّلام

جبريل أو جبرائيل كما ورد في رواياتٍ وقراءاتٍ أخرى، اسمٌ عبريٌّ مُؤلَّفٌ من شقَّين هما جبر وإيل، وقال جمهور العلماء إنَّ جبر في العبريَّة تعني عبد، وإيل اسمٌ من أسماء الله تعالى،[٥] أمَّا في ما يتعلَّق بصفاته الخَلقيَّة، فلجبريل -عليه السَّلام- ستُّمائة جناحٍ، كلُّ واحدٍ من هذه الأجنحة يُغطّي الأفق من عظمته،[٦] وذلك كما جاء في رواية عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- عن النَبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه رأى جبريل -عليه السَّلام- على هيئته الملائكيَّة أثناء تعبُّده في غار حراء: (رأى رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جبريلَ في صورتِه وله ستمائةٍ جَناحٍ، كلُّ جناحٍ منها قد سدَّ الأُفُقَ يسقطُ من جناحِه التَّهاويلُ من الدُّرِّ والياقوتِ ما اللهُ به عليمٌ).[٧]

لقب جبريل عليه السَّلام

أوردت الآيات الكريمةُ والأحاديث الشَّريفة عدداً من الألقاب التي قُصِد بها جبريل -عليه السَّلام-، ومن هذه الألقاب:

  • الرُّوح: ومعناها الكائن الشَّريف المُكوَّن من غير سببٍ اعتياديٍّ بإذنٍ وأمرٍ من الله تعالى، وهو لقبٌ جبريل -عليه السَّلام- عند جمهور المفسِّرين،[٨] فقد جاء في قول الله تعالى: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ).[٩]
  • الرُّوح الأمين: وهو لقبٌ خُصَّ به جبريل -عليه السَّلام-، كما جاء في قول الله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)،[١٠] وقد لُقِّب جبريل بالرُّوح؛ لأنَّ الملائكة من عالم الروحانيَّات، أي المُجرَّدات، ووصِف بالأمين؛ لأنَّه مُؤتَمنٌ على ما يُوحَى به من الله تعالى إلى رسله -عليهم السَّلام-، وأمينٌ في ما يُؤدّيه إليهم منه -سبحانه وتعالى-.[١١]
  • النَّاموس: وهذا اللقب لجبريل -عليه السَّلام- أخبر عنه ورقة بن نوفل، ابن عمِّ خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- زوجة النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، حين أخذته إليه بعد عودته -عليه الصَّلاة والسَّلام- خائفاً من غار حراء بعد نزول جبريل عليه أول مرَّة، وقد كان ورقة بن نوفل على الدِّيانة النَصرانيَّة ويقرأ الإنجيل، فأخبروه بما جرى مع النَبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- فأجابهم أنَّه النَّاموس الذي كان ينزل على موسى -عليه السَّلام-، كما روت عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله: (…فرجع النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى خديجةَ يرجُفُ فؤادُهُ، فانطلقتْ بهِ إلى ورقةَ بنِ نوفلٍ -وكان رجلًا تنصَّرَ يقرأُ الإنجيلَ بالعربيةِ- فقال ورقةُ: ماذا ترى؟ فأخبرَهُ، فقال ورقةُ: هذا الناموسُ الذي أنزلَ اللهُ على موسى، وإن أدركني يومُكَ أنصرُكَ نصرًا مؤزَّرًا).[١٢]

صفات جبريل عليه السَّلام

وردت في مواضع من القرآن الكريم ذكرٌ لصفات جبريل -عليه السَّلام-، منها:

  • في قول الله تعالى: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى*ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى)،[١٣] ففي هذه الآيات الكريمة ذكرٌ لصفتين من صفات جبريل -عليه السَّلام-؛ هما عِظم القوة الظاهرة والباطنة المُتمثِّلة في تنفيذ أمر الله تعالى، وإيصال الوحي للرسل -عليهم السَّلام-، وهو ذو مِرَّةٍ؛ أي خلقٍ حسنٍ وجمالٍ باطناً وظاهراً.[١٤]
  • في قول الله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ*ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ*مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)،[١٥] تُشير الآيات الكريمة إلى صفة القوة التي يتَّصف بها جبريل -عليه السَّلام- في تنفيذ أمر الله تعالى، وأنَّه مكينٌ؛ أي ذو مكانةٍ ومنزلةٍ رفيعة مُميَّزةٍ بين سائر الملائكة الآخرين -عليهم السَّلام-، وأنَّه مطاعٌ في الملأ الأعلى من الملائكة، وهو أمينٌ في تبليغه للرّسل -عليهم السَّلام- وفي أداء ما يوكِل الله تعالى له من مَهامٍّ.[١٦]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 2996.
  2. سورة التحريم، آية: من الآية 6.
  3. عمر الأشقر (1983)، عالم الملائكة الأبرار (الطبعة الثالثة)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 15-16. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8.
  5. الطاهر بن عاشور (1997)، التحرير والتنوير، تونس: دار سحنون، صفحة 620، جزء 1. بتصرّف.
  6. عمر الأشقر (1983)، عالم الملائكة الأبرار (الطبعة الثالثة)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 11. بتصرّف.
  7. رواه ابن كثير، في البداية والنهاية، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: جزء1، صفحة 39، إسناده قويٌّ جداً.
  8. الطاهر بن عاشور (1997)، التحرير والتنوير، تونس: دار سحنون، صفحة 197، جزء 15. بتصرّف.
  9. سورة غافر، آية: 40.
  10. سورة الشعراء، آية: 193.
  11. الطاهر بن عاشور (1997)، التحرير والتنوير، تونس: دار سحنون، صفحة 189، جزء 19. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 3392.
  13. سورة النجم، آية: 5-6.
  14. عبد الرحمن السعدي (2000)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 818. بتصرّف.
  15. سورة التكوير، آية: 20-21.
  16. عبد الرحمن السعدي (2000)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 912. بتصرّف.
Exit mobile version