ما علامات حب الله للعبد

'); }

علامات حُبّ الله للعبد

كثيرةٌ هي الإشارات والعلامات التي يستدلّ المؤمن من خلالها على مَحبّة الله -تعالى- له، ومنها ما يأتي:

  • حماية العبد من الدُّنيا: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك: (إذا أحبَّ اللَّهُ عَبدًا حماهُ الدُّنيا كَما يظلُّ أحدُكُم يَحمي سَقيمَهُ الماءَ)؛[١] فالله يحمي العبد الذي يُحبّه من فِتن الدُّنيا، كالأموال، والزخارف، والزينة، وغيرها؛ بأن يمنعها عنه كما يمنع الإنسان قريبَه المريض من الماء إذا طلب منه الطبيب ذلك؛ لأنّ فيه ضرراً عليه،[٢] ويشير الحديث السابق إلى أنّ ما يقع للعبد من حرمان في بعض ما يراه النّاس خيراً هو في حقيقته خيرٌ أراده الله لعبده، وقد لا يعلم المرء علّة المنع أو ما ادّخره الله تعالى له جزاءً لصبره، وفيه دلالة كذلك على أنّ منع الله النّعمة عن بعض عباده المتّقين ليس سخطاً عليهم، بل حبّاً لهم ورفعاً لدرجاته.[٣]
  • اتِّباع المسلم للرسول: قال -تعالى- واصفاً قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٤][٥]
  • تواضُع المؤمنين لبعضهم وعزّتهم في دينهم: وصفَ الله -تعالى- العباد الذين يُحبّهم بأنّهم لا يخشون لومة لائم في سبيل الله -تعالى-، وهم يتّصفون بأنّهم مُتواضعون، وغير مُتكبّرين، بعضهم على بعض، إلى جانب كونهم أعزّة في دينهم؛ فقد قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).[٦][٥][٧]
  • كتابة القبول للعبد في الأرض: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك: (إِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ).[٨][٩]
  • تسخير العبد جوارحَه لله تعالى: يُسخّر العبد جوارحَه لله -تعالى-، ووصول العبد إلى هذه المرحلة يوصله إلى مرحلة الولاية، وهو في هذه الدرجة لا يسمح لحَواسّه إلّا أن تُستعمَل فيما يُحبّه الله -تعالى-؛ فلا يستعمل يدَيه في الأخذ والعطاء إلّا بما يُرضي الله -تعالى-، ولا يسمع بأذنَيه إلّا ما أحبّه الله -تعالى-، ولا يمشي برجلَيه إلّا إلى ما يُحبه الله -تعالى-، ولا يرى بعينَيه إلّا ما يُحبّه الله -تعالى-؛ قال -تعالى- على لسان نبيّه -عليه الصلاة والسلام: (فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).[١٠][١١][١٢]
  • إخلاص العبد لله تعالى: إخلاص العمل لله -تعالى- يُوجِب مَحبّته؛ لأنّ المَحبّة ثمرة من ثمرات الإخلاص، ومن حقّق مَحبّة الله، حقَّق مَحبّة الملائكة، ومَحبّة الناس جميعاً.[١٣]
  • حبّ العبد للقاء الله في الجنّة: يتشوّق كلّ محبوب دائماً إلى رؤية محبوبه ولقائه، ولا يتعارض هذا الحبّ مع كراهة المؤمن للموت؛ لأنّ لقاء الله -تعالى- الذي يُحبّه المؤمن يأتي بعد الموت؛ أي في جنّة الخُلد؛ قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم: (مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَن كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ).[١٤][١٥]
  • نيل العبد القُرب من الله تعالى: يُحبّ الله -تعالى- العبد؛ فيدفع عنه مشاغل الدُّنيا، ويُطهّره من المعاصي، ويُبعده عنها؛ ليتسنّى له الوصول إلى مرتبة الإحسان؛ فيعبد الله -تعالى- كأنّه أمامه ويراه.[١٦][١٧]
  • ابتلاء الله -تعالى- للعبد: قال -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك: (إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم ، فمَن رَضي فله الرِّضَى ، ومَن سخِط فله السَّخطُ).[١٨]
  • اتِّصاف العبد بالرفق: قال -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك: (إنَّ اللهَ إذا أحبَّ أهلَ بيتٍ أدخلَ عليهِمُ الرِّفقَ).[١٩]
  • حُسن تدبير الله تعالى للعبد: يجعل الله -تعالى- العبد مشغولاً بعبادته، ويُشغل لسانَه بذِكره، ويُشغل جوارحه بطاعته وعبادته، ويكون همّه نيل رضوان الله -تعالى-، ومن ذلك اصطفاء الله -تعالى- لأنبيائه إبراهيم وموسى -عليهما السلام-.[٢٠]
  • موافقة العبد لله فيما يقول من كلام وأحكام: ويكون ذلك تأييداً من الله -تعالى- للعبد، ومثال ذلك ما حدث في شروط صلح الحديبية التي ظنّها المسلمون شرّاً لهم، واعتقدوا أنّها تضعهم في موقف ضَعف، إلّا أنّ الله أيَّدَّ نبيه ونصره وكان هذا الصلح خيراً لهم، وكان كلام أبي بكر -رضي الله عنه- مُوافقاً لكلام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وهذا من توفيق الله وحبّه له.[٢٠]
  • قراءة العبد للقرآن بتدبُّر: يقرأ المسلم القرآن؛ لأنّ الغاية والهدف من قراءته فهمُ معانيه، ومناجاة الله -تعالى- من خلاله، واستجلاب مَحبّته، كتكرار أحد الصحابة -رضي الله عنهم- لسورة الإخلاص؛ نظراً لحبّه إيّاها؛ إذ ورد ذلك عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ).[٢١][٢٢]
  • تقرُّب العبد إلى الله بالفرائض والنوافل: قال -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك: (ما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ).[٢٣][٢٢]
  • إكثار العبد من ذِكر الله تعالى: يكثر المسلم من ذِكر الله -تعالى- في كلّ حال؛ لأنّه من أعظم أسباب جَلب مَحبّة الله -تعالى-، والذِّكر ليس باللسان فقط، وإنّما بالقلب، والحال، والعمل، وتتناسب المَحبّة طرديّاً مع كثرة الذِّكر، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ).[٢٤][٢٢]
  • إيثار مَحبّة الله على حبّ النفس: يستطيع المسلم أن يُحقّق مرتبة إيثار الله -تعالى-؛ بمخالفة هوى النفس ونزواتها، ووسوسة الشيطان وشرّها، وقهرهما، ويُعَدّ ذلك عبادة في حَدّ ذاتها، وهذه الصفة من صفات النبيّين -عليهم السلام-.[٢٢]
  • مطالعة العبد لأسماء الله وصفاته: يطّلع المسلم على أسماء الله -تعالى-، ويحفظها في قلبه؛ لأنّ الإنسان إذا عرف أسماء الله وصفاته وأفعاله، فإنّه سيحبّها، وبالتالي فإنّ الله سيُحبّه، ويُدخله جنّته، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ).[٢٥][٢٢]

'); }

مَحبّة الله للعبد

مَحبّة الله -تعالى- هي المرتبة التي يطمح العابدون للوصول إليها، ويتنافس المُحبّون لبلوغها؛ لأنّها تُمثّل الوقود لقلب المؤمن، والغذاء لروحه، وهي التي من شأنها أن تُخلّصه من همومه وآلامه، وتنوّر ظلماته، وتشفيه من أسقام قلبه، وتُعينه على أداء أعماله وعباداته، وتُعينه في الوصول إلى مقامات الصدِّيقين ومراتب المتقين، والتّرقي في مدارج السالكين؛ فينال بمحبّة الله تعالى له شرف الدُّنيا والآخرة.[٢٦]

أدعية في طلب حُبّ الله

ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يسأل الله -تعالى- أن يرزقه حُبّه في دعائه؛ فكان يقول: (أسألُكَ حبَّكَ وحبَّ من يحبُّكَ، وحبَّ عملٍ يقرِّبُ إلى حُبِّكَ)،[٢٧][٢٨] وكان -عليه الصلاة والسلام- يقول في دعائه أيضاً: (اللَّهمَّ ارزُقني حبَّكَ، وحبَّ مَن ينفعُني حبُّهُ عندَكَ، اللَّهمَّ ما رزَقتَني مِمَّا أُحبُّ فاجعَلهُ قوَّةً لي فيما تحبُّ، اللَّهمَّ ما زَوَيتَ عنِّي مِمَّا أحبُّ فاجعَلهُ فراغاً لي فيما تحبُّ).[٢٩][٣٠]

للمزيد من التفاصيل حول حب الله لعباده الاطّلاع على المقالات الآتية:

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن قتادة بن النعمان، الصفحة أو الرقم: 2036، صحيح.
  2. محمد المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 4، جزء 62. بتصرّف.
  3. “شرح حديث إذا أحبَّ اللَّهُ عَبدًا حماهُ الدُّنيا”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-9-2020. بتصرّف.
  4. سورة آل عمران، آية: 31.
  5. ^ أ ب محمد حسين يعقوب، أصول الوصول إلى الله تعالى (الطبعة الثانية)، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 303. بتصرّف.
  6. سورة المائدة، آية: 54.
  7. عبد الملك القاسم، من تواضع لله رفعه، -: دار القاسم، صفحة 6. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3209، صحيح.
  9. محمد حسين يعقوب، أصول الوصول إلى الله تعالى (الطبعة الثانية)، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 304. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  11. أبو بكر الجزائري، عظات وعبر من أحاديث سيد البشر -صلى الله عليه وسلم- (الطبعة الأولى)، صفحة 20. بتصرّف.
  12. “معنى قوله تعالى في الحديث القدسي : ” كنت سمعه الذي يسمع به …””، www.islamqa.info، 21-06-2002، اطّلع عليه بتاريخ 8-4-2020.
  13. سعيد القحطاني، نور الإخلاص وظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 13. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2685، صحيح.
  15. ابن قدامة المقدسي (1978)، مختصر منهاج القاصدين، دمشق: مكتبة دار البيان، صفحة 349. بتصرّف.
  16. أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، بيروت: دار المعرفة، صفحة 329، جزء 4. بتصرّف.
  17. “معنى الإحْسَان لغةً واصطلاحًا”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-4-2020. بتصرّف.
  18. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2396، حسن.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1704 ، صحيح.
  20. ^ أ ب محمد المنجد، دروس الشيخ محمد المنجد، صفحة 5-9، جزء 62. بتصرّف.
  21. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 7375، صحيح.
  22. ^ أ ب ت ث ج “من أسباب محبة الله للعبد (1 – 2)”، www.islamweb.net، 22-8-2013، اطّلع عليه بتاريخ 31-3-2020. بتصرّف.
  23. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  24. سورة البقرة، آية: 152.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2736، صحيح.
  26. ابن قيم الجوزية (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت-لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 8-9، جزء 3. بتصرّف.
  27. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 3235، صحيح.
  28. مجموعة مؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 383، جزء 5. بتصرّف.
  29. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن يزيد الخطمي، الصفحة أو الرقم: 3491، حسن غريب.
  30. ابن رجب الحنبلي (2003)، مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي (الطبعة الأولى)، -: الفاروق الحديثة، صفحة 309، جزء 3. بتصرّف.
Exit mobile version