تأملات قرآنية

جديد ما سبب نزول سورة الكوثر

سورة الكوثر

لقد تزامن نزول القرآن الكريم مع أحداث ووقائع حدثت ووقعت أثناء نزوله، فكان ذلك سبباً في نزول بعض السور والآيات التي كانت رداً على تلك الحادثة، فإما لترد على المشركين أو لتعالج أمراً أو قضية، كما حدث مع عائشة في قصة الإفك، حيث برّأها الله من سبع سماوات في كتاب يتلى إلى قيام الساعة في سورة النور، وكذلك ما جاءت به اليهود تسأل النبي على خبر قوم غبروا في الزمن البعيد فأرادوا منه أن يجيبهم إن كان صادقاً بنبوته، فأنزل الله سورة الكهف.

كذلك قصة المرأة التي يظاهرها زوجها فجاءت تشتكي للنبي فأنزل الله المجادلة، وغيرها الكثير، كما في توبة الله على الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك فتاب الله عليهم، وأنزل بهم آيات بينات في سورة التوبة بعدما تابوا وندموا ندماً شديداً كاد أن يهلكهم حتى أتتهم البشرى، هذا كله لنعلم بأن هذا الكتاب الطاهر هو كتاب خالد لا شبيه له، محكم معجز في شتى جوانبه.

تسمية سورة الكوثر

قبل البدء بالحديث عن سورة الكوثر وسبب نزولها أتطرق سريعاً للحديث عن التسمية، فالكوثر اسم يدل عل كثرة الخيرات التي أنعم الله بها على نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والتي كان أهمها نهر الكوثر وهو حوض للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة وما ذكر في صفاته، ومن شرب منه فلا يظمأ بعده أبداً، وتجب له شفاعة النبي.

حيث وردت في ذكره الأحاديث من بينها ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان جالساً ذات يوم في صحابته، فغفا إغفاءةً ثم تبسم وقال لهم: “أَتَدْرون ما الكوثرُ؟ فقلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: فإنه نهرٌ وعَدنِيه ربي عزَّ وجَلَّ، عليه خيرٌ كثيرٌ، و حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدد النجومِ، فيَخْتَلِجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ، إنه مِن أمتي، فيقول: ما تدري ما أَحْدَثَتْ بعدَك”.

سبب نزول سورة الكوثر

أما سبب نزول سورة الكوثر فكما يرى عبد الله بن عباس -وهي أصح رواية-، فقد قيل عنه بأنها نزلت في العاص بن وائل، وذلك أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج من المسجد وهو يدخل، فالتقيا عند باب بني سهم، وتحدثا وأناس من صناديد قريش في المسجد جُلوس، فلما دخل العاص قالوا له: من الذي كنت تحدث؟ قال: ذاك الأبتر، يعني النبيّ -صلوات الله وسلامه عليه-، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان من خديجة، وكانوا يسمون من ليس له ابن: أبتر، فأنـزل الله تعالى هذه السورة.

وكان في تفسير آياتها الخير العظيم وما ذكر الله به نهر الكوثر، فسورة الكوثر سورة جليلة عظيمة فهي من جانب تحدثنا عن بعض ما حبا الله به نبيه وفضله به وذلك نهر الكوثر، وهو من جانب آخر يرد على من كان يعتدي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بفحش وببذيء الكلام حين كان يصف النبي بأنه أبتر إذا مات، لا ولد من بعده يحمل اسمه فينقطع أثره ونسله بموته كما روى ذلك ابن العباس في رواية أخرى، فيروى بأنه قال: “كان العاص بن وائل يمر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ويقول: إني لأشنؤك وإنك لأبتر من الرجال، فأنـزل الله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) من خير الدنيا والآخرة”.

العبرة

إن الله يدافع عن الذين آمنوا، فمهما فعل الكفار فإن دائرة السوء تدور عليهم وحدهم، وكل كيد يتربصون به لأهل الحق هو باطل لا محالة، لذلك فليطمئن أهل الدعوات إن كان الله بجوارهم فإن سهامه لن تخطئ طريقها إلى أعدائه أبداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى