'); }
الأحكام الشرعية
إنّ الأحكام الشرعيّة هي ما طلب الله -تعالى- من المُكلفين فعلها على وجه الإلزام أو الأفضليّة، أو تركها على وجه التحريم، أو الكراهة، أو خييرهم في ذلك، ويكون ذلك بطريقةٍ مباشرةٍ عن طريق القرآن الكريم، أو غير مباشرة من خلال السنة النبوية، وتُقسم الأحكام الشرعية إلى:[١]
- الواجب: هو ما طلب الله -تعالى- من المسلم المكلّف فعله على سبيل الإلزام، فيُثاب فاعله، ويُعاقب تاركه.[٢]
- المندوب: هو ما طلب الله -تعالى- من المكلّف فعله على سبيل التفضيل، فيُثاب فاعله، ولا يُعاقب تاركه.[٣]
- المحرّم: هي الأفعال التي طلب الله -تعالى- من المكلّفين تركها على سبيل الإلزام، فيُعاقب فاعلها، ويُثاب تاركها.[٤]
- المكروه: هو ما طلب الله -تعالى- من المكلّفين تركه على سبيل الأفضليّة، فيُثاب تاركه، ولا يُعاقب فاعله.[٥]
- المباح: هو ما استوى فيه طلب الله -تعالى- في الترك والفعل، فيكون المسلم مُخييراً بين الفعل والترك.[٦]
'); }
حكم عدم لبس الحجاب
يُمكن القول بأنّ الحجاب يُطلق على اللباس الواسع، السابغ، الذي يستر المرأة المسلمة، بحيث لا يصف ما تحته، ولا يشفّ، ولا يرى أحداً من الرجال من غير محارم المرأة أي شيء من بدنها، وممّا يبيّن معنى الحجاب قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ)،[٧] ومن وراء حجاب؛ أي لا يرى الله تعالى،[٨] أمّا حكم لبس الحجاب فهو واجب على جميع نساء المسلمين، بالكتاب، والسنة، وإجماع العلماء، حيث أوجبه الله -تعالى- لِما فيه من خيرٍ ومصلحةٍ للمرأة المسلمة وللمجتمع، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،[٩] فأمر الله -تعالى- عامة نساء المسلمين ونساء الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بشكلٍ خاص بارتداء الجلابيب؛ ليتميّزن عن نساء الجاهلية وعن الإماء، وحتى لا يتعرّض لهن أي فاسق بأذى، والجلباب يُطلق على ما ترتديه المرأة من رداء،[١٠] ومن أدلّة وجوب الحجاب: قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (المرأةُ عورةٌ؛ فإذا خرجتِ استشرفَها الشَّيطانُ)،[١١] ويُمكن القول ممّا سبق أنّ كلّ أجزاء بدن المرأة عورة، ومنها وجهها، وقال العلماء: حتى ظفرها من العورة، فوجب عليها إذا خرجت أن ترتدي لباساً يستر جميع بدنها.[١٢]
شروط الحجاب الشرعي
إنّ للحجاب الشرعي عدّة شروط لا بُدّ أن تتوفّر فيه، وهي:[١٣]
- أن يكون واسعاً فضفاضاً؛ لأنّ اللباس الضيق يصف بدن المرأة ومفاتنها، وذلك يتعارض مع الهدف من الحجاب بستر البدن عن الرجال من غير المحارم، كما روي عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كساه قبطية كثيفة ممّا أهداه دحية الكلبي، فكساها زوجته، فقال له رسول الله: (ما لك لم تلبس القبطيّة؟)، فأجابه أنّه كساها لزوجته، فقال الرسول: (مُرها فلتَجعَل تحتَها غلالةً، فإنِّي أخافُ أن تَصفَ حَجم عظامَها).[١٤]
- أن يستر جميع البدن؛ ومن ذلك ستر الوجه؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،[١٥] ومن الجدير بالذكر أنّ بعض العلماء قالوا بجواز كشف الوجه، وأنّه مباح، والمباح إذا خيفت منه الفتنة أو المفسدة وجب منعه.
- ألّا يكون لباس زينة؛ لأن المقصود من الحجاب تحقيق الستر، والعفة، وعدم لفت الأنظار، فإذا كان اللباس لباس زينة عارض الحجاب، حيث قال الله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ).[١٦]
- ألّا يشفّ ولا يصف؛ لأنّ اللباس الشفاف يُجسّد مفاتن المرأة، ممّا يُعارض القصد من الحجاب بستر البدن، وذلك للوقاية من الفتن، وشرور الشيطان، حيث ورد في الحديث النبوي الشريف الوعيد الشديد للنساء اللاتي يلبسن من الثياب التي تصف أجسادهن، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( صنْفَانِ من أهلِ النارِ لمْ أَرَهُما بَعْدُ: قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ الناسَ بِها، ونِساءٌ كَاسِياتٌ عَارِياتٌ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلَنَّ الجنةَ، ولا يَجِدَنَّ رِيحَها، وإِنَّ رِيحَها لَيوجَدُ من مَسِيرَةِ كذا وكذا)،[١٧] ويدلّ الوعيد الشديد على خطورة التبرّج على المرأة المسلمة، وعلى الشباب والمجتمع.
- ألّا يكون مُبخراً ولا مُعطراً؛ فيحرم على المرأة المسلمة الخروج من بيتها متعطّرة؛ لأنّ رائحة العطور قد تحرّك شهوات الرجال، وتفتح أبواب الفتن والشرور، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أيما امرأةٍ استعطرتْ فمرتْ على قومٍ ليجدوا من ريحِها فهي زانيةٌ)،[١٨] والعبرة من التحريم؛ الحفاظ على طهارة المجتمع، وإغلاق أبواب الشيطان.
- ألّا يشبه لباس الكافرات؛ لرفع لمكانة المسلمة، وتحذيرها من التشبّه بسيئات الخُلق والكافرات.
- ألّا يشبه لباس الرجال؛ فيجب على المسلمة عدم التشبّه بالرجال بشكلٍ عامٍ وبالأخصّ في اللباس، سواءً في البيت أو خارجه، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يقولُ لَيسَ منَّا مَن تشبَّهَ بالرِّجالِ منَ النِّساءِ ولا من تَشبَّهَ بالنِّساءِ منَ الرِّجالِ).[١٩]
- ألّا يكون لباس شهرة؛ وقد يكون لباس الشهرة من اللباس الرفيع أو الوضيع، بحيث يكون القصد منه لفت أنظار الناس، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ في الدنيا؛ أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يومَ القيامةِ، ثُمَّ أَلْهَبَ فيهِ ناراً).[٢٠]
المراجع
- ↑ أبو المنذر المنياوي، كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول، صفحة 80، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ أبو المنذر المنياوي، كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول، صفحة 108، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ أبو المنذر المنياوي، كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول، صفحة 111، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرف.
- ↑ أبومنذر الميناوي، كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول، صفحة 117، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ أبوالمنذر الميناوي، كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول، صفحة 119، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ أبو المنذر الميناوي، كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول، صفحة 120-121، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية: 51.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، كتاب إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب، صفحة 7، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 59.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، كتاب إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب ، صفحة 86-200، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 3/252، حسن.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، كتاب إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب ، صفحة 154، جزء 2، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ “لا جديد في الحجاب”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في جلباب المرأة، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 131، إسناده حسن.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 59.
- ↑ سورة النور، آية: 31.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3799، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 5141، حسن.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن رجل من هذيل، الصفحة أو الرقم: 11/92، إسناده حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2089، حسن.