محتويات
'); }
الشعر وأقسامه في الإسلام
جعل الله -تعالى- شريعة الإسلام شريعةً كاملةً، وبيّن فيها كلّ ما يحتاجه الإنسان، حتى اتصفت بالشمولية الكاملة، ومن الأمور التي اعتنت بها الشريعة الإسلامية، ولم تغفل عنها، ما يتعلق بحال الإنسان وبدنه، وما يتعلق بأجزائه المتصلة به، والتي تنفصل عنه أيضاً؛ كالشّعر، فالشّعر نعمةٌ من نعم الله -تعالى- على الإنسان، فإنّ به يتزين الناس، ويتجمّل الرجال والنساء، وإنّ للشعر أحكامٌ خاصةٌ في الدين، كما ورد فيه سننٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يرجّل شعره، وينظفه ويدهنه، ولا يتركه متفرقاً، بل كان النبي يحرص على حسن منظره وهيئته، ولمّا أحرم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للحج، لبّد شعره تلبيداً؛ أيّ ألصقه ببعضه لصقاً بمادةٍ تمنع من تفرقه، وجعْله عرضةً للغبار، وذلك لعلم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الحجّ أيامٌ طويلةٌ، ولا يستطيع المحرم أن يقرّب فيها شعره، وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يغسل شعره؛ ليعلم المسلمين النظافة، وكان النبي يسرح شعره بيده اليمنى، كما روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لَيُحبُّ التيمُّنَ في طُهورهِ إذا تطهَّر، وفي ترجُّلهِ إذا ترجَّل، وفي انتعالِه إذا انتعلَ).[١][٢]
وللشعر في الشريعة الإسلامية أقسامٌ ثلاثةٌ: فأولها ما جاء الأمر بإزالته، وثانيها ما جاء الأمر بتركه والإبقاء عليه، وآخرها ما سكت عنه الشارع، فأباح أخذه وأباح إبقاؤه، فأمّا مثال النوع الأول المأمور بإزالته؛ فهو كشعر العانة، وشعر الشارب المأمور بقصّه، وشعر الإبط المأمور الإنسان بنتفه، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (خمسٌ من الفطرةِ: الختانُ، والاستحدادُ، ونتفُ الإبطِ، وتقليمُ الأظفارِ، وقصُّ الشاربِ)،[٣] وأمّا ما أمرت الشريعة بالإبقاء عليه، فمثاله؛ شعر اللحية لدى الرجل، وشعر الحاجبين بالنسبة للذكر والأنثى، وأمّا مثال ما سكت عنه الشارع؛ فهو كشعر الساقين، وشعر الذراعين، وشعر الظهر والصدر، فذلك النوع من الشعر متروكٌ للإنسان، إن رأى لنفسه مصلحةً في إبقاءه أبقاه، وإن رأى لنفسه مصلحةً في نزعه أو حلقه، فله ذلك أيضاً، فالحلال هو ما أحلّه الله عزّ وجلّ، والحرام هو ما حرّمه الله -عزّ وجلّ- أيضاً، وأمّا ما سكت الله -تعالى- عنه، فهو من المعفو عنه.[٢]
'); }
حكم إزالة شعر الوجه
اختلف العلماء في حكم إزالة شعر الوجه، وذلك لاختلافهم في معنى النمص المنهي عنه، والوارد في عددٍ من أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، منها قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لعن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ، والنامصاتِ والمتنمصاتِ، والمتفلجاتِ للحسنِ المغيِّراتِ خلقَ اللهِ)،[٤] فقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ النمص المنهي عنه في نصوص السنة النبوية الشريفة، هو إزالة الشعر من سائر الوجه، سواءً بالنتف، أو بمطلق الأخذ منه، وذهب علماءٌ آخرون إلى أنّ النمص مختصٌ بالحاجبين فقط، دون ما تبّقى من الوجه، ورجّح بعض العلماء ذلك القول مستدلين لذلك بما ورد عن المرأة التي جاءت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تسألها أن تنتف بعض الشعرات الموجودة في وجهها؛ لتتقرب بذلك من زوجها، فرخّصت لها السيدة عائشة ذلك،فالمقصود إذاً بالنمص المنهي عنه: هو أخذ شعر الحاجبين، أمّا غيره من الشعر، فمسكوتٌ ومعفوٌ عنه، للمرأة أن تأخذ منه لتتزين لزوجها، أو تتركه.[٥][٦][٧]
أمّا شعر الحاجبين، فالأصل في الأخذ منه أنّه حرام، للحديث السابق ذكره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا يدخل تشقير الحاجبين في ذلك الحكم؛ لأنّه لا يعدّ نمصاً، ولا يدخل في حكمه، ولأنّ الإسلام حريصٌ على تحسين الخلقة، والظهور بالمظهر الجميل، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ)،[٨] فقد قال العلماء بجواز الأخذ من شعر الحاجبين في حالتين اثنتين، وفيما يأتي بيان ذلك:[٩]
- أن يكون الأخذ من الحاجبين لضرورة العلاج، الذي لا يتم إلّا بذلك.
- أن يكون شعر الحاجبين زائداً زيادةً مؤذيةً، أو مشينةً للخلقة، بحيث يصل الأمر إلى حدّ التشويه، مع الانتباه إلى ضرورة تقدير الحاجة بقدرها، وعدم الزيادة عليها.
أنواع فيها قربة إلى الله من حلق الشعر
يكون الحلق والتقصير من الشعر قربةً وطاعةً لله -عزّ وجلّ- في بعض المواضع، وفيما يأتي بيان ذلك:[١٠]
- حلق شعر المولود الصبي في اليوم السابع من مولده، ودليل ذلك حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (كلُّ غلامٍ رهينةٌ بعقيقتِه، تُذبَحُ عنه يومَ سابعِه ويُسمَّى فيه، ويُحْلَقُ رأسُه).[١١]
- حلق شعر الرأس عند أداء المسلم لنسك العمرة.
- حلق شعر الرأس عند أداء المسلم لنسك الحج، والدليل على كون الحلق في نسكي الحج والعمرة قربةً لله -تعالى- واردٌ في قول الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).[١٢]
- حلق شعر رأس الكافر عند إسلامه، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للرجل الذي جاء يخبره بإسلامه: (اذهبْ فاغْتسلْ بماءٍ و سدْرٍ، و ألقِ عنك شعْرَ الكُفْرِ).[١٣]
- حلق العانة، ونتف الإبط، وقصّ الشارب؛ وذلك لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (خالِفوا المُشركين، أحفوا الشَّواربَ، وأوفوا اللِّحَى).[١٤]
أنواع محرمة من حلق الشعر
يعدّ حلق الشعر في بعض الأحيان محرّماً، وفيما يأتي بيان بعض صور ذلك:[١٠]
- حلق شعر الرأس عند حصول المصيبة.
- حلق شعر الرأس من أجل التشبّه بأهل الكفر والفسوق، أو من أجل تشبه المرأة بالرجل، أو تشبه الرجل بالمرأة.
- حلق شعر اللحية للرجال، لما ورد من الأمر بإعفائها.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 268، صحيح.
- ^ أ ب “أحكام شعر الآدمي”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5889، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2125، صحيح.
- ↑ “النمص…معناه…وأدلة المانعين منه”، www.fatwa.islamweb.net، 2002-9-11، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-3. بتصرّف.
- ↑ “ما هو الشعر الذي يجوز إزالته والشعر الذي لا يجوز إزالته ؟”، www.islamqa.info، 2002-9-12، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-3. بتصرّف.
- ↑ ” حكم إزالة شعر وجه المرأة بالخيط ونحوه”، www.fatwa.islamweb.net، 2009-4-19، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-3. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 91، صحيح.
- ↑ “حكم الأخذ من الحاجبين الكثيفين”، www.fatwa.islamweb.net، 2002-8-3، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-3. بتصرّف.
- ^ أ ب يحيى بن موسى الزهراني، “الشَّعر … أدلة وأحكام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-3. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 1165، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 196.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة، الصفحة أو الرقم: 858، حسن.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 259، صحيح.