'); }
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
الرُؤْيا، بضم الراء مع تشديدها، وتسكين الهمزة، ومد الألف، هي في اللغة: ما يراه المرء في منامه. يقول ابن منظور صاحب معجم لسان العرب: « والرؤيا: ما رأيته في منامك. » والرؤيا جمعها: رُؤى.
أما الحلم، بضم الحاء، وتسكين اللام، ويأتي أيضاً: بضم اللام: هو في اللغة مرادف للرؤيا، فالرؤيا هي الحلم، والحلم هو الرؤيا. وجمعه: أحلام. فالأصل أن الحلم والرؤيا مترادفان، وأن كُلًّا منهما يصح أن يستعمل في موضع الآخر. ولكن غلب استعمال الرؤيا على ما يراه الرائي من الخير في منامه، وغلب استعمال الحلم على ما يراه الرائي من الشر في منامه، وبالتالي، فهناك من فرق بينهما. ويقول ابن أثير في هذا الصدد: « الرؤيا والحُلْم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحُلْم على ما يراه من الشر والقبيح. ومنه “أضغاث أحلام” ويستعمل كل منهما موضع الآخر، وتضم لام الحُلم وتسكن. »
'); }
وهذا التفريق بين الحلم والرؤيا مستمد من نصوص الشرع، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حَلَمَ فليتعوذ منه، وليبصق عن شماله، فإنها لا تضره. » [رواه البخاري].
يقسم العلماء ما يراه الإنسان في منامه يقسمه إلى ثلاثة أقسام، وهي:
- الرؤيا الصالحة والصادقة.
- الحلم.
- حديث النفس، أو أضغاث الأحلام.
والرؤيا الصالحة تكون من الله، حيث يوكل الله تعالى بها مَلَكاً ليقوم بتصويرها للمؤمن، وتبشيره بها، فهي من المبشرات التي يبشر بها المؤمن في الحياة الدنيا، ويستحب لمن يرى الرؤيا أن يحدث بها أحبته، والحلم يكون من الشيطان، ويتميز عن الرؤيا بأنه يتضمن أموراً مكروهة ومحزنة، فالشيطان يسعى دوماً لتخويف المسلم، وتحزينه، وتكدير حياته، فيتلاعب به في المنام، ويصور له صوراً يكرهها. ومن هدي النبوة في حال إذا رأى المسلم حلماً يزعجه، أن يتعوذ منه، وأن يبصق عن يساره ثلاثاً، وألا يحدث أحداً بما رآه، وأن يتحول عن الجنب الذي كان عليه، أما حديث النفس، أو أضغاث الأحلام، فهي عبارة عن انعكاسات وتخليطات واضطرابات يراها الإنسان في منامه، وهي نتيجة لبعض الأمور التي يواجهها الإنسان، ويفكر فيها في اليقظة. وهذه الأضغاث لا تأويل لها.