علم النفس

ما الفرق بين الإدراك الحسي والإدراك العقلي

الإدراك وعلم النفس المعرفي

اهتم العلماء قديماً وحديثاً بالأنشطة العقلية والفكرية التي يمارسها الإنسان في المواقف الحياتية المختلفة كالتفكير، والانتباه، والإدراك، والتذكر وغيرها الكثير؛ حيث كان للفلاسفة القدماء العديد من المحاولات في تفسير هذه الأنشطة العقلية، وقد واصل العلماء المسلمون والفلاسفة والمفكرون خلال العصور المتعاقبة وضع النظريات المفسرة لها.[١]

ومن الجدير بالذكر أنّ انفصال علوم النفس عن العلوم الفلسفية في العصر الحديث أدى إلى التوسع في مجالات التركيز، والبحث في المعرفة البشرية وآليتها، ليظهر بذلك علم المعرفة ضمن العلوم النفسية، والذي يُعرّف بأنّه العلم الذي يهتم بدراسة آلية سير العمليات العقلية بجميع مستوياتها، وطرق توظيفها، وتنظيمها، وكيفية الاستفادة منها، بالإضافة إلى أساليب معالجة المعلومات أثناء قيام الفرد بعمليات التذكر، والإدراك، والتفكير، وحلّ المشكلات، وغيرها.[١]

وقد عرّف البعض علم النفس المعرفي بأنّه العلم الذي يُعنى بالعمليات العقلية التي يقوم بها الفرد عند استقبال المعلومات المختلفة وطرق معالجتها وترميزها وتخزينها ومن ثم استرجاعها عند الحاجة، ومن أبرز هذه العمليات عملية الإدراك التي فصلها علم النفس المعرفي واهتم بدراسة كافة أنواعها وجوانبها.[١]

تعريف الإدراك كعملية عقلية

ظهرت في علم المفس العديد من التعاريف المختلفة لعملية الإدراك بشكل عام، ومن أهم هذه التعاريف ما يلي:[٢]

  • هو عملية عقلية يتم من خلالها تعرف الفرد على محيطه الخارجيّ، عن طريق استقبال المنبهات الخارجية بحواسّه، ومن ثمّ تأويلها وتفسيرها حسب الاتجاهات الذاتية.
  • هو عمليةٌ من العمليات النفسية التي يقوم الفرد من خلالها بالتعرف والوصول إلى معاني الأفراد، والأشياء، والمثيرات المختلفة، وفهم دلالاتها، بتنظيم المثيرات الحسية وتفسيرها وصياغتها في وحدات مستقلة تحمل معانيها الخاصة بها.
  • أمّا التعريف الشامل للإدراك فهو: عمليةٌ عقليةٌ نفسيةٌ، تساعد الإنسان على معرفة عالمه الخارجي، والوصول إلى معاني ودلالات الأشياء، وذلك عن طريق تنظيم المثيرات الحسية، لتفسيرها وصياغتها في كليات ذات معنى.

الفرق بين الإدراك الحسي والإدراك العقلي

تظهر الفروق بين الإدراك العقلي والإدراك الحسي من خلال التعرف عليهم، ومن أهم المعلومات التي تفصل هذه المواضيع ما يلي:

الإدراك الحسي

توضح النقاط الآتية معنى الإدراك الحسي وخصائصه:[٣][٤]

  • يُعرّف الإدراك الحسي بأنّه عبارةٌ عن مجموعة الاستجابات الكلية للمنبهات الحسية الصادرة عن المثيرات الخارجية المختلفة، والتي يستقبلها الفرد عن طريق الأعصاب الحسية الموجودة في الأعضاء الحسية.
  • تتمّ عمليّة الإدراك الحسيّ نتيجةً لاستثارة وتحفيز الأعضاء الحسية، عن طريق المنبهات الخارجية؛ بحيث تعمل على ترجمة وتفسير الإحساسات الخارجية إلى مدركات من خلال الخبرات السابقة، أي أنّ تفسير وإدراك الانطباعات الحسية يكون اعتماداً على الخبرات والمعارف المخزنة في الذاكرة سابقاً.
  • يمكن القول إنّ عملية الإدراك الحسي هي عمليةٌ عقليةٌ حسيةٌ انفعاليةٌ بالغة التعقيد؛ حيث إنّها تتداخل مع الشعور، وعمليات التذكر، والتخيل، والانتباه، والوعي، واللغة.
  • يرى البعض الإدراك الحسي على أنه الإحساس والشعور بالأشياء كالمنبهات المادية، وقد يشمل إدراك الأشياء المادية بمسمياتها وأبرز مهامها الجوهرية، وقد يشمل المعاني المختلفة وأشكال العلاقات التي تحكم بعض المثيرات المادية.
  • من الممكن تعريف الإحساس على أنه نقل العناصر الأولية لعملية الشعور ويكون ذلك بإيصال المنبهات من أعضاء الحس عبر الأعصاب الحسية إلى الدماغ، ويظهر أن إضافة الصور الذهنية لخلق معانٍ ذاتية أو عامة لهذه المنبهات يجعل من الإحساس عملية إدراكية حسية.

الإدراك العقلي

تتجلى الفروق بين الإدراك الحسيّ والعقلي من خلال التوسع في مفهوم الإدراك العقلي، ويظهر ذلك من خلال النقاط الآتية:[٥]

  • إن الإدراك العقليّ هو إدراك المفاهيم، والمسلّمات، والحقائق، والمعاني الكلية العامة، كمفاهيم الحياة والمنطق، فهو من أبرز ما يميّز الإنسان عن باقي الكائنات الحية، كما أن الإدراك العقليّ هو من أعمال العقل والدماغ، والذي يعتبر هو المسؤول عن تكوين المفاهيم العامّة المجردة والبعيدة عن المحسوسات المادية.
  • أطلق البعض مسمى الحس الباطن على مفهوم الإدراك العقلي وتم شرحه من خلال كيفيات النفس الخاصة بالمعاني المجردة، أو ما يُطلق عليه الوجدانيات الداخلية ويكون ذلك عن طريق المحسوسات المادية التي تعتبر من أدوات هذه النفس.
  • يعتبر الإدراك العقلي عملية عقلية تقوم على استنباط واستخراج المعاني الكلية المجردة من الصور الخيالية التي تنتج بشكل أساسي من عملية الإدراك الحسي والصور الحسية.

عناصر عملية الإدراك

تعتبر عملية الإدراك من العمليات العقلية المعقدة التي تتداخل بها العديد من العوامل الداخلية والخراجية والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، وقد قسم العلماء العوامل المؤثرة في عملية الإدراك إلى عوامل داخلية ذاتية وعوامل خارجية بيئية، وهي كالآتي:[٦]

العوامل الداخلية

ومن أهمها:

  • الذاكرة: يدرك الإنسان بشكل مباشر المثيرات أو الأشياء التي تعرّض لها بشكل سابق، أي المثيرات المخزنة في ذاكرته في دائرة خبراته السابقة، وبمعنى آخر إن عملية الإدراك للأشياء والمنبهات المعروفة والمألوفة للفرد تكون أسهل من عملية إدراكه لمثيرات وخبرات ومنبهات جديدة.
  • اتجاهات الفرد: يظهر بشكل أساسي أن ثقافة واتجاهات الفرد وميوله ومعتقداته لها الأثر الكبير في آلية إدراكه للمثيرات المختلفة وكيفية تفاعله مع موضوعات العالم الخارجي.
  • الأمراض العضوية، والاضطرابات النفسية: والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، فمثلاً قد يتأثر الإدراك البصري السليم عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض عمى الألوان وبعد النظر وغيرها.

العوامل الخارجية

هناك الكثير من العوامل الخارجية التي تؤثر في عملية الإدراك، ومن أهمها مقدار شدة المثير، ومقدار مدى استيفاء المعلومات المطلوبة لظهور مثير معين، وهو ما يطلق عليه عامل الإغلاق، بالإضافة إلى عوامل التشابه بشكل المثير وحجمه وسرعته وشدته.

المراجع

  1. ^ أ ب ت خديجة نوري، علم النفس المعرفي، صفحة 2.
  2. فائزة ساسي، هجيسرة بضياف، طبيعة إدراك الطالب الجامعي لمفهوم الوعي بذاته دراسة ميدانية لطلبة العلوم الاجتماعية بجامعة ورقلة، صفحة 9.
  3. شرفية مونية، تأثير اللعب الإدراكي على الانتباه الانتقائي البصري، صفحة 20-21.
  4. محمد نجاتي (1980), الإدراك الحسي عند ابن سينا, بيروت، القاهرة: دار الشروق, Page 157-158.
  5. أكاديمية الحكمة العقلية، المعرفة العقلية، صفحة 26-31.
  6. فائزة بن ساسي، هجيسرة بضياف، طبيعة إدراك الطالب الجامعي لمفهوم الوعي بذاته، صفحة 13-18.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الإدراك وعلم النفس المعرفي

اهتم العلماء قديماً وحديثاً بالأنشطة العقلية والفكرية التي يمارسها الإنسان في المواقف الحياتية المختلفة كالتفكير، والانتباه، والإدراك، والتذكر وغيرها الكثير؛ حيث كان للفلاسفة القدماء العديد من المحاولات في تفسير هذه الأنشطة العقلية، وقد واصل العلماء المسلمون والفلاسفة والمفكرون خلال العصور المتعاقبة وضع النظريات المفسرة لها.[١]

ومن الجدير بالذكر أنّ انفصال علوم النفس عن العلوم الفلسفية في العصر الحديث أدى إلى التوسع في مجالات التركيز، والبحث في المعرفة البشرية وآليتها، ليظهر بذلك علم المعرفة ضمن العلوم النفسية، والذي يُعرّف بأنّه العلم الذي يهتم بدراسة آلية سير العمليات العقلية بجميع مستوياتها، وطرق توظيفها، وتنظيمها، وكيفية الاستفادة منها، بالإضافة إلى أساليب معالجة المعلومات أثناء قيام الفرد بعمليات التذكر، والإدراك، والتفكير، وحلّ المشكلات، وغيرها.[١]

وقد عرّف البعض علم النفس المعرفي بأنّه العلم الذي يُعنى بالعمليات العقلية التي يقوم بها الفرد عند استقبال المعلومات المختلفة وطرق معالجتها وترميزها وتخزينها ومن ثم استرجاعها عند الحاجة، ومن أبرز هذه العمليات عملية الإدراك التي فصلها علم النفس المعرفي واهتم بدراسة كافة أنواعها وجوانبها.[١]

تعريف الإدراك كعملية عقلية

ظهرت في علم المفس العديد من التعاريف المختلفة لعملية الإدراك بشكل عام، ومن أهم هذه التعاريف ما يلي:[٢]

  • هو عملية عقلية يتم من خلالها تعرف الفرد على محيطه الخارجيّ، عن طريق استقبال المنبهات الخارجية بحواسّه، ومن ثمّ تأويلها وتفسيرها حسب الاتجاهات الذاتية.
  • هو عمليةٌ من العمليات النفسية التي يقوم الفرد من خلالها بالتعرف والوصول إلى معاني الأفراد، والأشياء، والمثيرات المختلفة، وفهم دلالاتها، بتنظيم المثيرات الحسية وتفسيرها وصياغتها في وحدات مستقلة تحمل معانيها الخاصة بها.
  • أمّا التعريف الشامل للإدراك فهو: عمليةٌ عقليةٌ نفسيةٌ، تساعد الإنسان على معرفة عالمه الخارجي، والوصول إلى معاني ودلالات الأشياء، وذلك عن طريق تنظيم المثيرات الحسية، لتفسيرها وصياغتها في كليات ذات معنى.

الفرق بين الإدراك الحسي والإدراك العقلي

تظهر الفروق بين الإدراك العقلي والإدراك الحسي من خلال التعرف عليهم، ومن أهم المعلومات التي تفصل هذه المواضيع ما يلي:

الإدراك الحسي

توضح النقاط الآتية معنى الإدراك الحسي وخصائصه:[٣][٤]

  • يُعرّف الإدراك الحسي بأنّه عبارةٌ عن مجموعة الاستجابات الكلية للمنبهات الحسية الصادرة عن المثيرات الخارجية المختلفة، والتي يستقبلها الفرد عن طريق الأعصاب الحسية الموجودة في الأعضاء الحسية.
  • تتمّ عمليّة الإدراك الحسيّ نتيجةً لاستثارة وتحفيز الأعضاء الحسية، عن طريق المنبهات الخارجية؛ بحيث تعمل على ترجمة وتفسير الإحساسات الخارجية إلى مدركات من خلال الخبرات السابقة، أي أنّ تفسير وإدراك الانطباعات الحسية يكون اعتماداً على الخبرات والمعارف المخزنة في الذاكرة سابقاً.
  • يمكن القول إنّ عملية الإدراك الحسي هي عمليةٌ عقليةٌ حسيةٌ انفعاليةٌ بالغة التعقيد؛ حيث إنّها تتداخل مع الشعور، وعمليات التذكر، والتخيل، والانتباه، والوعي، واللغة.
  • يرى البعض الإدراك الحسي على أنه الإحساس والشعور بالأشياء كالمنبهات المادية، وقد يشمل إدراك الأشياء المادية بمسمياتها وأبرز مهامها الجوهرية، وقد يشمل المعاني المختلفة وأشكال العلاقات التي تحكم بعض المثيرات المادية.
  • من الممكن تعريف الإحساس على أنه نقل العناصر الأولية لعملية الشعور ويكون ذلك بإيصال المنبهات من أعضاء الحس عبر الأعصاب الحسية إلى الدماغ، ويظهر أن إضافة الصور الذهنية لخلق معانٍ ذاتية أو عامة لهذه المنبهات يجعل من الإحساس عملية إدراكية حسية.

الإدراك العقلي

تتجلى الفروق بين الإدراك الحسيّ والعقلي من خلال التوسع في مفهوم الإدراك العقلي، ويظهر ذلك من خلال النقاط الآتية:[٥]

  • إن الإدراك العقليّ هو إدراك المفاهيم، والمسلّمات، والحقائق، والمعاني الكلية العامة، كمفاهيم الحياة والمنطق، فهو من أبرز ما يميّز الإنسان عن باقي الكائنات الحية، كما أن الإدراك العقليّ هو من أعمال العقل والدماغ، والذي يعتبر هو المسؤول عن تكوين المفاهيم العامّة المجردة والبعيدة عن المحسوسات المادية.
  • أطلق البعض مسمى الحس الباطن على مفهوم الإدراك العقلي وتم شرحه من خلال كيفيات النفس الخاصة بالمعاني المجردة، أو ما يُطلق عليه الوجدانيات الداخلية ويكون ذلك عن طريق المحسوسات المادية التي تعتبر من أدوات هذه النفس.
  • يعتبر الإدراك العقلي عملية عقلية تقوم على استنباط واستخراج المعاني الكلية المجردة من الصور الخيالية التي تنتج بشكل أساسي من عملية الإدراك الحسي والصور الحسية.

عناصر عملية الإدراك

تعتبر عملية الإدراك من العمليات العقلية المعقدة التي تتداخل بها العديد من العوامل الداخلية والخراجية والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، وقد قسم العلماء العوامل المؤثرة في عملية الإدراك إلى عوامل داخلية ذاتية وعوامل خارجية بيئية، وهي كالآتي:[٦]

العوامل الداخلية

ومن أهمها:

  • الذاكرة: يدرك الإنسان بشكل مباشر المثيرات أو الأشياء التي تعرّض لها بشكل سابق، أي المثيرات المخزنة في ذاكرته في دائرة خبراته السابقة، وبمعنى آخر إن عملية الإدراك للأشياء والمنبهات المعروفة والمألوفة للفرد تكون أسهل من عملية إدراكه لمثيرات وخبرات ومنبهات جديدة.
  • اتجاهات الفرد: يظهر بشكل أساسي أن ثقافة واتجاهات الفرد وميوله ومعتقداته لها الأثر الكبير في آلية إدراكه للمثيرات المختلفة وكيفية تفاعله مع موضوعات العالم الخارجي.
  • الأمراض العضوية، والاضطرابات النفسية: والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، فمثلاً قد يتأثر الإدراك البصري السليم عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض عمى الألوان وبعد النظر وغيرها.

العوامل الخارجية

هناك الكثير من العوامل الخارجية التي تؤثر في عملية الإدراك، ومن أهمها مقدار شدة المثير، ومقدار مدى استيفاء المعلومات المطلوبة لظهور مثير معين، وهو ما يطلق عليه عامل الإغلاق، بالإضافة إلى عوامل التشابه بشكل المثير وحجمه وسرعته وشدته.

المراجع

  1. ^ أ ب ت خديجة نوري، علم النفس المعرفي، صفحة 2.
  2. فائزة ساسي، هجيسرة بضياف، طبيعة إدراك الطالب الجامعي لمفهوم الوعي بذاته دراسة ميدانية لطلبة العلوم الاجتماعية بجامعة ورقلة، صفحة 9.
  3. شرفية مونية، تأثير اللعب الإدراكي على الانتباه الانتقائي البصري، صفحة 20-21.
  4. محمد نجاتي (1980), الإدراك الحسي عند ابن سينا, بيروت، القاهرة: دار الشروق, Page 157-158.
  5. أكاديمية الحكمة العقلية، المعرفة العقلية، صفحة 26-31.
  6. فائزة بن ساسي، هجيسرة بضياف، طبيعة إدراك الطالب الجامعي لمفهوم الوعي بذاته، صفحة 13-18.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

الإدراك وعلم النفس المعرفي

اهتم العلماء قديماً وحديثاً بالأنشطة العقلية والفكرية التي يمارسها الإنسان في المواقف الحياتية المختلفة كالتفكير، والانتباه، والإدراك، والتذكر وغيرها الكثير؛ حيث كان للفلاسفة القدماء العديد من المحاولات في تفسير هذه الأنشطة العقلية، وقد واصل العلماء المسلمون والفلاسفة والمفكرون خلال العصور المتعاقبة وضع النظريات المفسرة لها.[١]

ومن الجدير بالذكر أنّ انفصال علوم النفس عن العلوم الفلسفية في العصر الحديث أدى إلى التوسع في مجالات التركيز، والبحث في المعرفة البشرية وآليتها، ليظهر بذلك علم المعرفة ضمن العلوم النفسية، والذي يُعرّف بأنّه العلم الذي يهتم بدراسة آلية سير العمليات العقلية بجميع مستوياتها، وطرق توظيفها، وتنظيمها، وكيفية الاستفادة منها، بالإضافة إلى أساليب معالجة المعلومات أثناء قيام الفرد بعمليات التذكر، والإدراك، والتفكير، وحلّ المشكلات، وغيرها.[١]

وقد عرّف البعض علم النفس المعرفي بأنّه العلم الذي يُعنى بالعمليات العقلية التي يقوم بها الفرد عند استقبال المعلومات المختلفة وطرق معالجتها وترميزها وتخزينها ومن ثم استرجاعها عند الحاجة، ومن أبرز هذه العمليات عملية الإدراك التي فصلها علم النفس المعرفي واهتم بدراسة كافة أنواعها وجوانبها.[١]

تعريف الإدراك كعملية عقلية

ظهرت في علم المفس العديد من التعاريف المختلفة لعملية الإدراك بشكل عام، ومن أهم هذه التعاريف ما يلي:[٢]

  • هو عملية عقلية يتم من خلالها تعرف الفرد على محيطه الخارجيّ، عن طريق استقبال المنبهات الخارجية بحواسّه، ومن ثمّ تأويلها وتفسيرها حسب الاتجاهات الذاتية.
  • هو عمليةٌ من العمليات النفسية التي يقوم الفرد من خلالها بالتعرف والوصول إلى معاني الأفراد، والأشياء، والمثيرات المختلفة، وفهم دلالاتها، بتنظيم المثيرات الحسية وتفسيرها وصياغتها في وحدات مستقلة تحمل معانيها الخاصة بها.
  • أمّا التعريف الشامل للإدراك فهو: عمليةٌ عقليةٌ نفسيةٌ، تساعد الإنسان على معرفة عالمه الخارجي، والوصول إلى معاني ودلالات الأشياء، وذلك عن طريق تنظيم المثيرات الحسية، لتفسيرها وصياغتها في كليات ذات معنى.

الفرق بين الإدراك الحسي والإدراك العقلي

تظهر الفروق بين الإدراك العقلي والإدراك الحسي من خلال التعرف عليهم، ومن أهم المعلومات التي تفصل هذه المواضيع ما يلي:

الإدراك الحسي

توضح النقاط الآتية معنى الإدراك الحسي وخصائصه:[٣][٤]

  • يُعرّف الإدراك الحسي بأنّه عبارةٌ عن مجموعة الاستجابات الكلية للمنبهات الحسية الصادرة عن المثيرات الخارجية المختلفة، والتي يستقبلها الفرد عن طريق الأعصاب الحسية الموجودة في الأعضاء الحسية.
  • تتمّ عمليّة الإدراك الحسيّ نتيجةً لاستثارة وتحفيز الأعضاء الحسية، عن طريق المنبهات الخارجية؛ بحيث تعمل على ترجمة وتفسير الإحساسات الخارجية إلى مدركات من خلال الخبرات السابقة، أي أنّ تفسير وإدراك الانطباعات الحسية يكون اعتماداً على الخبرات والمعارف المخزنة في الذاكرة سابقاً.
  • يمكن القول إنّ عملية الإدراك الحسي هي عمليةٌ عقليةٌ حسيةٌ انفعاليةٌ بالغة التعقيد؛ حيث إنّها تتداخل مع الشعور، وعمليات التذكر، والتخيل، والانتباه، والوعي، واللغة.
  • يرى البعض الإدراك الحسي على أنه الإحساس والشعور بالأشياء كالمنبهات المادية، وقد يشمل إدراك الأشياء المادية بمسمياتها وأبرز مهامها الجوهرية، وقد يشمل المعاني المختلفة وأشكال العلاقات التي تحكم بعض المثيرات المادية.
  • من الممكن تعريف الإحساس على أنه نقل العناصر الأولية لعملية الشعور ويكون ذلك بإيصال المنبهات من أعضاء الحس عبر الأعصاب الحسية إلى الدماغ، ويظهر أن إضافة الصور الذهنية لخلق معانٍ ذاتية أو عامة لهذه المنبهات يجعل من الإحساس عملية إدراكية حسية.

الإدراك العقلي

تتجلى الفروق بين الإدراك الحسيّ والعقلي من خلال التوسع في مفهوم الإدراك العقلي، ويظهر ذلك من خلال النقاط الآتية:[٥]

  • إن الإدراك العقليّ هو إدراك المفاهيم، والمسلّمات، والحقائق، والمعاني الكلية العامة، كمفاهيم الحياة والمنطق، فهو من أبرز ما يميّز الإنسان عن باقي الكائنات الحية، كما أن الإدراك العقليّ هو من أعمال العقل والدماغ، والذي يعتبر هو المسؤول عن تكوين المفاهيم العامّة المجردة والبعيدة عن المحسوسات المادية.
  • أطلق البعض مسمى الحس الباطن على مفهوم الإدراك العقلي وتم شرحه من خلال كيفيات النفس الخاصة بالمعاني المجردة، أو ما يُطلق عليه الوجدانيات الداخلية ويكون ذلك عن طريق المحسوسات المادية التي تعتبر من أدوات هذه النفس.
  • يعتبر الإدراك العقلي عملية عقلية تقوم على استنباط واستخراج المعاني الكلية المجردة من الصور الخيالية التي تنتج بشكل أساسي من عملية الإدراك الحسي والصور الحسية.

عناصر عملية الإدراك

تعتبر عملية الإدراك من العمليات العقلية المعقدة التي تتداخل بها العديد من العوامل الداخلية والخراجية والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، وقد قسم العلماء العوامل المؤثرة في عملية الإدراك إلى عوامل داخلية ذاتية وعوامل خارجية بيئية، وهي كالآتي:[٦]

العوامل الداخلية

ومن أهمها:

  • الذاكرة: يدرك الإنسان بشكل مباشر المثيرات أو الأشياء التي تعرّض لها بشكل سابق، أي المثيرات المخزنة في ذاكرته في دائرة خبراته السابقة، وبمعنى آخر إن عملية الإدراك للأشياء والمنبهات المعروفة والمألوفة للفرد تكون أسهل من عملية إدراكه لمثيرات وخبرات ومنبهات جديدة.
  • اتجاهات الفرد: يظهر بشكل أساسي أن ثقافة واتجاهات الفرد وميوله ومعتقداته لها الأثر الكبير في آلية إدراكه للمثيرات المختلفة وكيفية تفاعله مع موضوعات العالم الخارجي.
  • الأمراض العضوية، والاضطرابات النفسية: والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، فمثلاً قد يتأثر الإدراك البصري السليم عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض عمى الألوان وبعد النظر وغيرها.

العوامل الخارجية

هناك الكثير من العوامل الخارجية التي تؤثر في عملية الإدراك، ومن أهمها مقدار شدة المثير، ومقدار مدى استيفاء المعلومات المطلوبة لظهور مثير معين، وهو ما يطلق عليه عامل الإغلاق، بالإضافة إلى عوامل التشابه بشكل المثير وحجمه وسرعته وشدته.

المراجع

  1. ^ أ ب ت خديجة نوري، علم النفس المعرفي، صفحة 2.
  2. فائزة ساسي، هجيسرة بضياف، طبيعة إدراك الطالب الجامعي لمفهوم الوعي بذاته دراسة ميدانية لطلبة العلوم الاجتماعية بجامعة ورقلة، صفحة 9.
  3. شرفية مونية، تأثير اللعب الإدراكي على الانتباه الانتقائي البصري، صفحة 20-21.
  4. محمد نجاتي (1980), الإدراك الحسي عند ابن سينا, بيروت، القاهرة: دار الشروق, Page 157-158.
  5. أكاديمية الحكمة العقلية، المعرفة العقلية، صفحة 26-31.
  6. فائزة بن ساسي، هجيسرة بضياف، طبيعة إدراك الطالب الجامعي لمفهوم الوعي بذاته، صفحة 13-18.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى