محتويات
الحكمة من خلق الله للإنسان
تتعلّق الحكمة من خلق الإنسان بالدنيا والآخرة معاً، وكلّ الذي يكون قبل الحياة الدنيا أو بعدها فهو من الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله، والذي يقصر نظرته على الحياة الدنيا فقط، ويزعم أنّ الغاية من خلقه هي أمور تتعلق بالدنيا؛ كالعمل والمتعة، فقد خاب وخسر، قال تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)،[١] وهي كما قال ابن عباس: يعرفون عمران الدنيا، وهم في أمر الدين جهّال، والحكمة من خلق الله للإنسان لا يمكن معرفتها إلّا بمعرفة ما قبل الخلق وما بعده، وهو أمرٌ لا يعلمه إلا الله، فلو أنّ أبانا آدم لم يعصِ الله -تعالى- بأكله من الشجرة التي نهاه عن الأكل منها، وبقي البشر يتناسلون ويتكاثرون وهم في الجنة، لما كان من حكم خلق الله للإنسان في الدنيا شيء، ومنها التكليف، وتحمّل الأمانة وعمارة الأرض، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، ولمّا كان هناك مطيعٌ أو عاصٍ، فقد كان لمعصية آدم لربه حكمة حتى وإن كان فيها مخالفةٌ للأمر الشرعي، فلو لم ينزل إلى الأرض لما عرف نعيم الجنة وقيمة الطاعة لله وضرر المعصية وأثرها، ثم أرادت حكمته أن يكون الناس على طائفتين، منهم الطائع ومنهم العاصي، وممّا نتج عن ذلك إرساله للرسل وما يكون من الأجر والثواب والنعيم لأتباعهم، والعقاب الأليم لمعارضيهم، وبناءً على ذلك فإنّ الحكمة الأساسيّة من خلق الإنسان هي العبادة، فالإنسان لم يُخلق عبثاً، وجميع البشر مخلوقون لغايةٍ واحدة لا اختلاف بينهم فيها، وهي متعلّقةٌ في الدنيا والآخرة، ثم إنّ الله عزّ وجلّ استخلف الإنسان في الأرض، وهو بمثابة الامتحان من الله، ومضمون الامتحان هو عبادة الله تعالى، والعبادة تكون من خلال العمل وفق ما أراده الله تعالى وأمر به.[٢]
الحكمة من حلق شعر المولود
من السنن التي سنّها رسول الله فيما يتعلّق بالمولود، حلق رأسه، والتصدق بوزن الشعر فضّة، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (كلُّ غلامٍ رهينةٌ بعقيقتِه تُذبحُ عنه يومَ سابعِه، ويُسمَّى فيه ويُحلَقُ رأسُه)،[٣] واختلف العلماء في حلق شعر الأنثى، فذهب الشافعيّة والمالكيّة إلى أنّه سنةٌ كما في الذكر، وقال الحنابلة بالكراهة، فإنّ الحلق يؤثر في صحة الجنين إيجاباً، فشعر الطفل الذي يكون على رأسه حين ولادته قد يحمل بعض الميكروبات، مما يؤدي إلى انتقال هذه الميكروبات إلى البصيلات التي ستنمو بعد الولادة، ولذلك فإنّ حلق الشعر بعد فترةٍ طويلةٍ من الولادة لا فائدة منه، ففيه إماطةٌ للأذى عن الرأس، والتخلّص من الشعر الضعيف حتى ينمو ما هو أقوى منه، كما يساعد على فتح مسام الرأس حتى يخرج منه البخار بسهولةٍ ويسر، وفيه تقوية للحواس، ويساعد الحلق للشعر تماماً على نموّ شعرٍ أنعم من الأول، ولكن شرط أن يكون الحلق ضمن الأسبوع الأوّل بعد الولادة، والشعر الذي ينمو مكان المحلوق يكون مختلفاً عنه تماماً في النوع واللون والكثافة، وبالتالي ينبغي على الوالدين أن يعلما أنّ الشعر الذي يولد مع الطفل لن يكون نفسه شعره طوال حياته؛ حيث إنّ الشعر الجنيني إن لم يُحلق سيبدأ بالتساقط بعد فترة ويُستبدل بغيره، أمّا فيما يتعلّق بالحكمة الاجتماعية من حلق شعر المولود، ففيها تنميةٌ لقيمة روح التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع، ومشاركة الفقراء في الأفراح، كما تقضي على الأمراض الاجتماعية كالحسد والحقد، وفيه الحثّ على النظافة، والاهتمام بالشخصية المسلمة.[٤]
أحكام المولود في الإسلام
قبل بلوغ المولود وبداية سعيه من أجل القيام بما أمره الله به وتحقيق الغاية من خلقه، هناك أحكامٌ تتعلّق به ينبغي الحرص على فعلها من قبل غيره الكبار، ليعبد الإنسان ربه عن بصيرة، وفيما يأتي بيانٌ لبعض ما يتعلق بالمولود من الأحكام بشكل مفصّل:[٥]
- تحصين المولود قبل مجيئه؛ كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لو أنّ أحدَكم إذا أتى أهلَه قال: بسمِ اللهِ، اللهم جَنِّبْنا الشيطانَ، وجَنِّبِ الشيطانَ ما رزقْتَنا، فقُضِيَ بينهما ولدٌ لم يَضُرّه).[٦]
- تعويذ المولود من الشيطان الرجيم؛ كما فعلت امرأة عمران حين أنجبت ابنتها مريم عليها السلام، فقالت: (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)،[٧] وليس من شرط التعويذ أن يضع المعوّذ يده على الطفل، فيصل ولو كان كلٌّ منها في مكان.
- حمد الله عزّ وجلّ على الخلقة السويّة، وعدم المبالاة فيما إن كان المولود ذكراً أم أنثى.
- التأذين في أذن المولود؛ فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أذّن في أذن الحسن والحسين حين وُلدا، وأَمَر الناس بذلك.
- نسبة المولود إلى أبيه لا إلى أحد غيره.
- تحنيك المولود والدعاء له بالبركة؛ حيث كان يُؤتى بالمولود لرسول الله فيُحنّكه ويدعو له بالبركة، وقد اختلف العلماء في جواز التحنيك من غير النبيّ، فمنهم من قال أنّ التحنيك لا يكون إلّا من النبيّ، حتى يكون أوّل ما يدخل معدة الطفل هو ريق النبي الممتزج بالتمر، ومنهم من قال هو جائز لغير النبيّ، والمقصود منه أن يكون التمر هو أوّل ما يدخل جوف الطفل، وبناءً عليه فإن حنك المولود فلا حرج، وإن لم يُحنّك فلا حرج أيضاً، ويكون التحنيك أوّل ما يولد الطفل، والأصل فيه أن يكون بالتمر، فإن تعذّر فبأيّ شيءٍ حلو؛ كالعسل أو السكر مثلاً.
- التسمية، والأصل فيها أن تكون للأبوين، فإن تنازعا فهي للأب، وتجوز من غيرهما، ويسمّيه إمّا في اليوم الأول، أو الثالث، أو السابع، ويدخل تحت التسمية سنة التكنية – أي إعطاء الطفل كنية- إن كان المولود ذكراً، وتصغير اسمه أيضاً.
المراجع
- ↑ سورة الروم، آية: 7.
- ↑ سمير الأبارة (30-5-2015)، “الحكمة من خلق الإنسان متعلقة بالدنيا والآخرة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في إرواء الغليل، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 1169، صحيح.
- ↑ محمد الغنيمي (14-8-2018)، “حلق رأس المولود بين الإعجاز العلمي والتحدي التربوي “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ كريم يروقي (7-11-2012)، “أحكام المولود من الكتاب والسنة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 141، صحيح.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 36.