محتويات
'); }
الحكمة من الزكاة
شرع الله -تعالى- الزكاة لحكمٍ عديدة تعود على الفرد والمجتمع بالخير، ومنها ما يأتي:[١][٢]
- تطهير نفوس العباد من الشحّ والبخل، وتعويدها على إنفاق المال في سبيل الله -تعالى-، وتزكية المال وتطهيره وحصول البركة فيه.
- التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع بسدّ حاجات الناس والتخفيف عنهم، وبذلك يخلوا المجتمع من الحقد والحسد، وتسوده المودة والرحمة والعطف، فالمجتمع المسلم كالجسد الواحد؛ وقد وصفه النبي -عليه الصلاة السلام- بقوله: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى).[٣]
- الامتثال لأوامر الله -تعالى- بأداء زكاة المال، وهي سببٌ في مغفرة الذنوب والتجاوز عن الزلات، ونيل الرضا والثواب العظيم من الله -عز وجل-، قال -تعالى-: (وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُها لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنونَ).[٤]
- شكر الله -تعالى- على نعمه وعطفه وكرمه؛ وذلك بالحرص على الإنفاق من أحبِّ شيءٍ على النّفس وهو المال.
- عدم بقاء المال في أيدي فئةٍ واحدةٍ من أفراد المجتمع وهي الأغيناء؛ بل الحرص على توزيعه على أفراد المجتمع كلّهم ممّا يُحقّق المصلحة والسعادة.[٥]
- تذكير العباد بأنّ المالك الأصيل للمال هو الله -تعالى-، فيسعى العبد ويحرص على إنفاق المقدار المطلوب للمستحقّين كما أمر الله -تعالى-.[٦]
'); }
آثار الزكاة على الفرد والمجتمع
إن للزكاة آثاراً إيجابية تعود على الفرد والمجتمع، ومنها ما يأتي:[٧]
- القضاء على البطالة؛ وذلك باستثمار المال الذي يُعطى للمحتاج، ممّا يؤهله للسعي في طلب الرزق بأشكالٍ عدّةٍ من تجارةٍ أو صناعةٍ أو غيرها.
- توفير فرص عمل لجامِعِي وموزّعي أموال الزكاة، وهم الذين يُطلق عليهم اسم العاملين عليها، حيث تُدفَع أُجورهم من أموال الزكاة.
- تعويض أصحاب الأعمال في حال تضرّرهم، وذلك عند إعطاء المحتاجين نصيبهم من مال الزكاة، ممّا يزيد الطلب على عدد السلع والخدمات التي تُلبّي حاجاتهم.
- تحقيق التوازن بين جميع الأفراد في المجتمع؛ فيخلو من الفارق الاقتصادي الكبير بينهم، ولا تنحصر الثروة في يد فئةٍ معيّنة، قال -تعالى-: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ).[٨]
- علاج الفقر؛ وذلك بإعادة توزيع الدّخل بين الأفراد ممّا يؤدي إلى ارتفاع الدّخل القومي.
- محاربة الاكتناز الذي يؤدّي إلى نقص تداول المال؛ ممّا يُشجّع على استثماره وزيادته.[٩]
حكم الزكاة
الزكاة فريضةٌ على كل مسلم ومسلمة بشرط بلوغ النصاب، وتُعطى لمُستحقّيها الذين ذكرهم الله -تعالى- في القرآن الكريم، وقد وردت الكثير من الآيات التي تدلّ على وجوب الزكاة، كقوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[١٠] وقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)،[١١][١٢] وقوله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ).[١٣][١٤]
والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وقد أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).[١٥][١٦]
الحث على الزكاة في القرآن والسنة
الزكاة هي مقدارٌ معلومٌ من المال يُعطى لفئةٍ مخصوصةٍ من النّاس عند بلوغه النِّصاب وفق شروطٍ معينةٍ،[١٧] وتجب الزكاة في الأموال التي حدّدها الله -تعالى-؛ وهي المال النامي عند بلوغه النصاب، ولا تجب في بعض الأموال كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليسَ علَى المُسْلِمِ في فَرَسِهِ وغُلَامِهِ صَدَقَةٌ).[١٨][١٩]
والزكاة دليلٌ على صحّة إيمان العبد، قال الله -تعالى-: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ)،[٢٠] وقد حثَّ الله -تعالى- عباده وأمرهم بالزكاة في مواضع عدّة في القرآن الكريم، كقوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)،[٢١] وقوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)،[٢٢] وقوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)،[٢٣] وقوله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)،[٢٤] وقد قُرنت الزكاة بالصلاة في العديد من المواطن في القرآن الكريم، وذلك لأهمّيتها وأثرها الإيجابي على المجتمع، إذ تُشبع حاجات الفقراء والمحتاجين وتُغنيهم عن السؤال.[٢٥]
وقد تعدّدت الأحاديث من السنة النبوية التي تحث على الزكاة، ومنها ما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- فقال: (سمعت رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يخطبُ في حجةِ الوداعِ فقال اتقوا اللهَ ربكُم، وصلّوا خمسكُم، وصُومُوا شهركُم، وأدّوا زكاةَ أموالكُم، وأطيعُوا ذا أمركُم، تدخُلوا جنةَ ربكُم)،[٢٦] وقد وردت أحاديث تُحذّر من التهاون في ترك فريضة الزكاة، ومنها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ، صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ)،[٢٧] والزكاة حقٌّ يجب أداؤه كما بيّن الله -تعالى- في قوله: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)[٢٨] ولا يجوز منع المحتاجين والفقراء من حقّهم الذي أقرّه الله -تعالى- لهم، ومن يفعل ذلك فقد استحقّ العذاب في الآخرة.[٢٥]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1424ه)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المملكة العربية السعودية – المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 124-125. بتصرّف.
- ↑ عَبد الله الطيّار، عبد الله المطلق، محمَّد الموسَى (2012م)، الفِقهُ الميَسَّر (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية – الرياض: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 12-13، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 2586، صحيح.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 156.
- ↑ صالح السدلان (1425هـ)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 232، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ ختام عماوي (2010م)، دور الزكاة في التنمية الإقتصادية، فلسطين – نابلس: جامعة النجاح الوطنية، صفحة 70-80. بتصرّف.
- ↑ سورة الحشر، آية: 7.
- ↑ ختام عماوي (2010م)، دور الزكاة في التنمية الإقتصادية، فلسطين – نابلس: جامعة النجاح الوطنية، صفحة 83. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 20.
- ↑ سورة البقرة، آية: 267.
- ↑ صالح السدلان (1425ه)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 60. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 103.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 231، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ محمد التويجري (2010م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، المملكة العربية السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 588. بتصرّف.
- ↑ صالح السدلان (1425ه)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1463، صحيح.
- ↑ صديق حسن خان (2003م)، الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (الطبعة الأولى)، مصر – القاهرة: دَار ابن عفَّان للنشر والتوزيع، صفحة 485، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الروم، آية: 39.
- ↑ سورة البقرة، آية: 110.
- ↑ سورة البقرة، آية: 43.
- ↑ سورة النور، آية: 56.
- ↑ سورة البينة، آية: 5.
- ^ أ ب أحمد أبو طه، الزكاة وأثرها الاقتصادي والاجتماعي في معالجة التضخم النقدي وإعادة توزيع الدخل، صفحة 460-466. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 616، حسن صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 987، صحيح.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 19.