'); }
بعثة النّبي صالح عليه السّلام
بعث الله سبحانه وتعالى نبّيه صالح عليه السّلام إلى قوم ثمود الذين عاشوا في منطقة تسمّى الحجر في شمال المدينة المنوّرة، وقد كانوا خلفاء قوم عاد حيث أمدّهم الله بقوّةٍ في الأجساد، وأنعم عليهم بنعمة الأمن، والزّروع، والقدرة على نحت البيوت في الجبال الرّاسيات، ولم يقابل قوم ثمود هذه النّعم بالشّكر لله تعالى وعبادته، بل صنعوا بأيديهم أصناماً عبدوها من دون الله، فجاء إليهم صالح عليه السّلام ليبلّغهم رسالات الله، وينصح لهم، ويدعوهم لترك ما هم عليهم من الشّرك والضّلالات، وقد اشترط قوم ثمود على نبيّهم أن يأتيهم بآيةٍ تدلّ على صدقيّة رسالته ودعوته، فأيّد الله نبيّه بمعجزة النّاقة.
اسم ناقة صالح عليه السّلام وصفاتها
لم يرد في الأثر أنّه كان للناقة التي أنزلها الله سبحانه على نبيه صالح عليه السلام اسمٌ معيّن، وإنّما ذكرت في القرآن الكريم بمسمّى ناقة الله نسبة إلى الله عزّ وجلّ وذلك في قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ) [هود: 64].
'); }
كانت ناقة صالح عليه السّلام آية ومعجزة باهرة بلا شكّ في ظهورها وعلاماتها وخصائصها التي لم يعتد عليها البشر من قبل، فهي ليست ناقة عادية، وإنّما معجزة ربانية تشكلت على هيأة ناقة، وقد كانت وجوه الإعجاز فيها أنّها خرجت من صخرةٍ في الجبل انشقّت عنها، وقيل كذلك أنّها كانت ترد الماء فتشربه من دون أن يقترب منه أحدٌ من الحيوانات، وقيل كذلك أنّها كانت تشرب جميع الماء في يوم، ثمّ تسقي آلاف النّاس من لبنها في يوم آخر، وهذا مصداق قوله تعالى: (قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) [الشعراء: 155].
موقف ثمود من معجزة النّاقة
على الرّغم من معاينة قوم صالح عليه السّلام لمعجزة النّاقة وما رؤوا من آيات الله المعجزة فيها إلا أنهم كفروا بذلك كله، وفي يوم من الأيام اجتمع رهطٌ منهم فاتّفقوا على أن يقوم أشقاهم بعقر الناقة وقتلها، حيث تعاطى هذا الشّقي الخمر ثمّ توجّه إلى النّاقة فعقرها، ثم توجه القوم إلى صالح عليه السلام ولسان حالهم ومقالهم (يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف: 77]، وما كان جواب صالح عليه السلام إلّا أنّ توعّدهم بعذاب الله تعالى القادم لهم بعد انقضاء ثلاثة أيامٍ كاملة، حيث أتتهم الصّيحة في صبيحة اليوم الرّابع فأصبحوا في ديارهم خامدين.