الليل والنهار كلمتان متضادتان، فالليل دائماً يشير إلى الظلمة، بينما النهار دائماً يشير إلى النور والضّياء، فكما جاء في قوله عزوجل : “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى”، فبالرغم من التّضاد الموجود بينهما إلا أنهما يسيران في نظام محكم الدّقة بحيث لا يتعدّى أي منهما على الآخر، فلولا هذا التّضاد بينهما لكانت الحياة مستحيلة على هذه الأرض.
دائماً ما نجد الليل والنّهار في تعاقب مستمر ومتناغم، بحيث لا يطغى أحدهم على الآخر،فكما جاء في الذكر الحكيم : ” يكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ”، فلو أراد الله عزوجل لجعلهما ظلاماً دائماً أو نوراً دائماً إلى يوم القيامة، لذا من نِعم الله عزّ وجل على الإنسان تعاقب الليل والنهار، بحيث خلق النهار ليقوم الإنسان فيه بعبادته، والسعي وراء رزقه، ومزاولة أنشطته، بينما جعل الليل ليرتاح فيه من العناء الذي كابده أثناء النهار، وينام ليتخلّص من التّعب، ويستيقظ بكامل حيويته ونشاطه في اليوم التالي لستطيع إتمام مهامه على أكمل وجه، وتستمر الحياة ضمن هذا النظام المتعاقب، فقد قال جل وعلا في كتابه الكريم : ” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرا”.
منذ أن وطئت قدم الإنسان على سطح الأرض أوّل ظاهرة استطاع تمييزها والتعرّف عليها هي ظاهرة تعاقب الليل والنهار وذلك من خلال نظره إلى السماء ومراقبة شروق الشمس وغروبها، لذا كان البحث مستمراً منذ القدم عن كيفية حدوث هذه الظاهرة، إلى أن توصّل الإنسان إلى أن الأرض تدور، فدوران الأرض حول نفسها هو السبب في تعاقب الليل والنهار، بحيث يكون ذلك كالآتي:
كلنا نعلم أن الأرض لها دورتين، دورة حول الشمس وتستغرق سنة كاملة والتي ينتج منها الفصول الأربعة، ودورة حول نفسها وتستغرق أربعاً وعشرين َساعة، والتي ينتج منها تعاقب الليل والنّهار، فعندما تدور الأرض حول نفسها فإن جهة منها ستصبح مقابلة للشمس، والجهة الأخرى منها ستكون بعيدة عن الشمس، فالجهة المقابلة مباشرة للشمس يسود فيها النهار بينما يسود الليل في الجهة المقابلة لها أي البعيدة عن الشمس، ومن الجدير بالذكر أنّ دوران الأرض هذا بطيء جداً لذا يكون تعاقب الليل والنهار بشكل تدريجي، والسّبب في إختلاف طول الليل والنهار هو زاوية محور دوران الأرض والذي يميل بمقدار 23,5 درجة.
الليل والنهار مترافقان دائماً، فلولا الليل لما ظهر النهار ولولا النهار لما وجد الليل، ومن روائع اللغة العربية أنها تعطي اسماً لكل ثنائي، فكان لليل والنهار نصيب من ذلك إذ أطلق العرب على الليل والنهار العديد من الأسماء وهي: الجديدان، الأجدان، الأهرمان، الأصرمان، الردفان الحارسان، العصران، الفتيان، الطريدان.