اسئلة دينية

جديد لماذا وصل الشعر حرام

خَلق الإنسان

خَلق الله سبحانه عزَّ وجلّ الإنسان بأحسن وأبهى صورة، وجمّله بأبدع ما يكون؛ فعندما يُمعن الإنسانُ النّظر في نفسه بتفاصيلها وجزئيّاتها، كبناءٍ وإتقان صنعة يجد العجب العجاب، وإنما يدلّ ذلك ويُشير إلى عَظمة الخالق وقدرته ووحدانيّته، قال الله عزَّ وجلّ: (ذلك صنع الله الذي أتقن كل شيءٍ إنه خبير بما تعملون)[١]، وقال تعالى: (هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)[٢].

إنّ لكل جزءٍ من أجزاء جسم الإنسان وظيفته ودوره في الجسم، وله مقصدٌ في موضعه ومكانه، ولو أراد البشر تقليد خلق الله فلن يستطيعوا، وكان ذلك من إعجاز الله في كتابه وشريعته، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾[٣]؛ فمهما حاول الإنسانُ مجاراة خلق الله وتقليده فإنه لن يتمكن من ذلك، فإمّا أوجد خللاً في الصفات والشكل والهيئة، أو أحدث نقصاً وإخلالاً في أداء الوظيفة والفعالية والقدرة التي وجدت في العضو المشابه.

إنّ من بين الأمور التي حاول البَشر مُجاراتها لدواعٍ تجميليّة أو طبيّة ما يُسمّى بوصل الشعر عند النساء، وقد يكون وصل الشعر طبيعيّاً بوضعِ شعرٍ طبيعيّ أو مُشابهٍ للطبيعي، أو أن يوضع شعرٌ اصطناعيٌّ بهدف تحسين شكل الشعر وطوله بعد تعرّضه لمَشاكل خلقيّة أو عيوبٍ أو إصاباتٍ غيّرت من شكله ونوعيّته، فما هو وصل الشعر؟ وما هو حُكمه؟ وما هو سبب تَحريمه عند من يُحرّمه، تلك المسائل هي محور هذه المقالة.

وصل الشعر

الوصل في اللغة: مصدر وَصَلَ، يُقال: وصلت الشيء وصلاً وصلة، ووصل الشيء بالشيء يَصله وصلاً إذا ربطه به.[٤] وصل الشعر في الاصطلاح: هو عبارة عن وصل الشّعر الأصلي بشعر آخر لتطويله وتزيينه وإعطائه صبغةً أو لوناً مختلفاً، وقد يكون الوصل بشعر آدمي (رجل أو امرأة) وقد يكون بشعر غير الآدمي مثل شعر الحيوانات والدواب، وقد يكون الوصل بشعرٍ صناعي مثل الباروكة أو ما يُشابهها.[٥]

إنّ الواصلة: اسم يُطلق على المرأة التي تصل شعرها بشعر الغير، أو التي توصل شعرها بشعر آخر زوراً، والمستوصلة التي يوصل لها ذلك بطلبها.[٦]

حكم وصل الشعر

وصل الشعر إمّا أن يكون بشعر الآدمي رجلاً كان أم امرأة، وإمّا أن يكون بشعر غير الآدميّ كالحيوانات والبهائم ممّا يُشابه شعر الإنسان في الصفات والشكل، وإمّا أن يكون بغيرهما من المَصنوعات الحديثة. ذهب جمهور الفقهاء[٧] إلى حرمة وصل الشعر بشعر الآدمي سواء كان شعر رجلٍ أو امرأة، واستدلّوا على قولهم بعددٍ من الأدلة، منها:

  • ما روي عن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما – أنّ امرأةً جاءت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وقالت: يا رسول الله: إن لي ابنة عريساً أصابتها حصبة فتمرق شعرها، أفأصل شعرها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله الواصلة والمستوصلة)[٨]. ووجه الاستدلال واضحٌ ظاهرٌ في لعن الله عزّ وجلّ لمن تصل شعرها بغيره من الشعر مهما كان مصدره، كما لعنت التي توصل شعر غيرها، والتي يوصل لها، ولعن الشيء يدلّ على تحريمه.
  • حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة)[٩]وجه الاستدلال في هذا الحديث واضح أيضاً في لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم للواصلة التي تصل شَعرها بغيرها والتي توصلُ شعر غيرها، والمُستوصلة التي يوصل لها، والواشمة التي تستخدم إبرة تغرزها بالجلد، وتضع الكحل فتصنع به رسماً على جلدها، والمستوشمة التي تعمل الوشم لغيرها.

ذهب الفقهاء في حكم وصل الشعر بشعر غير الآدمي كالبهيمة، إلى أنّه: إن كان شعر غير الآدمي ميتة أو مالا يؤكل لحمة فهو حرام ، وإن كان شعر غير الآدمي طاهراً فهنا فرّقوا بين المتزوجة من غير المتزوجة؛ فإن لم تكن متزوّجة لا يجوز لها وصل الشعر، وإن كانت متزوّجة جاز لها بإذن زوجها .[٧]

سبب حرمة وصل الشعر

يعود سبب تحريم وصل الشّعر في الشريعة الإسلامية إلى عدة أمور منها:

  • لما في ذلك من غشٍّ وتكذيب وتزوير وتغيير لحقيقة الشّعر، فمَثلاً عندما يأتي عَريس لطلب يد فتاة ويَراها بشعرها الطويل والجميل فإنه سيعجب بهذا الشّعر، ولكن بعد الزّواج سيتفاجأ عندما يَكتشف بأن الشّعر لم يكن كما رآه من الجمال والبهاء والطول ممّا يؤثّر سلباً في شكل زوجته، ويُعدّ ذلك من الغش والكذب والتدليس على ذلك الخاطب الذي أقدم على الزواج لما رأى من حسن زوجته المصطنع، ومن الممكن أن يكون رأس المرأة فيه عيب تريد إخفاءه عن الخاطب أو تريد أن تكسب هذا الخاطب عن طريق وصل الشّعر، وبذلك تكون أخفت العيب بوصل الشّعر وهذا حرام، والأصل والمُفترض أن تخبر الخاطب عندما يراها إنّه يوجد عيب في شعرها .[١٠]
  • لما فيه من تغيير لخلق الله عزَّ وجلّ .
  • يعود سبب تحريم وصل الشّعر بسبب نوع وأصل الشّعر الذي يوصل به الشّعر الأصلي، ويُمكن أن يكون هذ الشّعر أصله نجساً أي أصله من الحيوانات الميتة أو ما لا يؤكل لحمه؛ حَيث يكون شعر الحيوانات الميتة شعراً نجساً يُمكن أن يُسبّب مرضاً يُصيب فروة الرأس.[١١]
  • لأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي رجالاً ونساءً للحفاظ على كرامتهم؛ حيث يدفن شعرهم وظفرهم معهم.[٥]

المراجع

  1. سورة النمل، آية: 88.
  2. سورة لقمان، آية: 11.
  3. سورة الحج، آية: 73.
  4. ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 726، جزء 11. بتصرّف.
  5. ^ أ ب د وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سورية: دار الفكر، صفحة 2680، جزء 4. بتصرّف.
  6. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: طبع الوزارة، صفحة 345، جزء 42.
  7. ^ أ ب د وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سورية: دار الفكر، صفحة 468، جزء 1. بتصرّف.
  8. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 935/2، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5937، صحيح.
  10. أبو حامد محمد بن محمد الغزالي (1417هـ)، الوسيط في المذهب (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 170، جزء 2. بتصرّف.
  11. الدكتور مُصطفى الخِنْ، الدكتور مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 100، جزء 3. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى