سوريا
ممّا لا شكّ فيه أنّ بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين “العراق” كانت مسرحاً متواصلاً لحضاراتٍ قديمةٍ، وكانت من أوائل المناطق التي سكنها الإنسان واستقرّ بها، واستطاع بناء حضارةٍ مزدهرةٍ كما كان قطاع التجارة من أكثر القطاعات ازدهاراً، فتواصلت شعوب هذه المناطق مع بعضها عن طريق التجارة، ووقتها لم يكن هناك تدوينٌ لأسماء المناطق لأنها لا توجد حدودٌ تفصل بينها؛ بل يتمّ التعرّف على هذه الأماكن وأسمائها من خلال العثور على بعض النقوش التي يتمّ رسمها على الحجارة.
تسمية سوريا بهذا الاسم
اختلفت التّفسيرات حول سبب تسمية سوريا بهذا الاسم؛ فالتفسير الأول يقول إنّه تمّت تسمية سوريا بهذا الاسم نسبةً إلى الإمبراطورية الآشورية التي أقامت في بلاد الهلال الخصيب واستطاعت هذه الإمبراطورية بناء حضارةٍ متطورةٍ ومزدهرةٍ ما زالت آثارها ماثلةً حتى اليوم، إلا أنّه تم إبدال حرف الشين بحرف السين وهذا أمر مألوفٌ في اللغة السامية التي كانت سائدةً بين شعوبها.
كان المؤرّخ ثيودورنولدكه أوّل من ذكر بأنّ هناك علاقةٌ بين الاسمين، ولاقت هذه الفكرة أو هذا التفسير انتشاراً واسعاً بين الباحثين، خاصةً بعد اكتشاف نقوشٍ مكتوبةٍ باللغتين “اللوبة والفنيقية”؛ حيث أشارت النقوش الفنيقية إلى لفظة آشور بينما ذكرت اللوبة لفظ سوريا في المكان نفسه.
ذكر تفسيرٌ آخرٌ بأنّ سبب تسمية سوريا بهذا الاسم هو نسبةً إلى “صور” المدينة الواقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، فقد عرفها الإغريق بهذا الاسم بسبب العلاقات التجارية بين الطرفين، وكانت هذه التجارة على درجةٍ عاليةٍ من الازدهار.
أما التسمية العربية فكانت بلاد الشام والتي تنسب إلى” سام بن نوح ” وأخذت اسمها من اللغة الآرامية، مع العلم بأنّ الشام في اللغة العربية تعني ” اليسار” فسمّيت اليمن بهذا الاسم لوقوعها إلى اليمين من الحجاز وسوريا نسبةً إلى موقعها إلى اليسار من الحجاز، ويستخدم بين العرب اسم “سوريا” بتسكين الراء وتخفيف الياء بدلاً من الاسم ” سورية” بكسر الراء والتشديد على الياء، وقد ذكر بعض المفسرين بأن كتابة الأسماء بألف ممدودةٍ بآخرها هي من صفات الآراميين واليونان والرومان وغيرها من الحضارات القديمة التي نشأت في الأرض السورية على مر العصور.
وذكر بعض المفسرين بأنّ التفسير الأقرب إلى الصحة هو أنّ اليونان أطلقوا اسم سوريا على هذه البلاد نسبةً إلى آشور أو آشوريا أي بلاد الآشوريين، فقد كانت سوريا زمن اليونان بلاداً آشوريةً، كما كان قدماء اليونان يطلقون اسم سورية على بلاد ما بين النهرين وعلى منطقة أرمينيا وبعض الأجزاء من بلاد فارس مرادفاً لاسم أسيريا أي مملكة الآشوريين.