حيوانات أليفة

جديد كيف يعيش العنكبوت

التغذية عند العناكب

يختلف النّظام الغذائي للعناكب من نوع لآخر، حيث تفضّل العناكب الغازلة للشباك على سبيل المثال أن تتغذى على بعض أنواع الحشرات مثل الذّباب، والبعوض، والعث، أما العناكب الصّيادة فتهاجم الحشرات الأكبر حجماً مثل الجراد، والخنافس، والصّراصير، وتتمكن بعض العناكب الصّيادة العملاقة مثل عنكبوت هانتسمان من صيد السّحالي والضّفادع، وتشتهر بعض العناكب بتفضيلها لنوع معيّن من الطّعام مثل عنكبوت لامبونا أبيض الّذيل الذي يفضّل تناول العناكب الأخرى ونادراً ما يبحث عن نوع غذاء آخر.[١]

تعتمد بعض أنواع العناكب طرقاً مبتكرة للحصول على غذائها، على سبيل المثال، يزيّف العنكبوت Kerengga شكله بطريقة مقنعة ليصبح شبيهاً بشكل النّمل ويعيش بينهم، ويستغل الفرصة المناسبة لالتهام ما يمكنه منهم، بينما يستخدم العنكبوت الرّائع (بالإنجليزيّة: magnificent spider) المعروف علمياً باسم Ordgarius magnificus أسلوباً آخر، حيث يعلّق قطرة سائلة تحتوي على فيرمون يجذب الحشرات مثل النّمل والعث للقطرة، ويلتهمها عندما تقترب منه، ومن الجدير بالذّكر أنّ العناكب تفضّل أكل فريستها حيّة، ولكن يمكنها أن تأكل فريسة ميتة منذ فترة قليلة فقط.[١]

لا تتغذى العناكب عادةً على النّباتات لأنّ جهازها الهضمي لا يتمكن من هضم السّليلوز، كما أنّها غير قادرة على تناول طعام صلب، ومع ذلك تم مؤخراً اكتشاف عنكبوت في أمريكا الوسطى تُعرف علمياً باسم Bagheera kiplingi تعيش على شجرة السّنط وتتغذى على رحيقها، وذلك لأنّ جهازها الهضمي مؤهّل لهضم السّكر والبروتينات، والدّهون، أما فيما يتعلق بالسّليلوز فلا بد من إجراء المزيد من الدّراسات لمعرفة إن كان بإمكانها هضمه.[١]

تستمد العناكب عادةً الماء من الفرائس التي تتغذى عليها، ومن الماء الذي ينتج كمنتج ثانوي لعمليات الأيض في أجسامها، لذلك فهي لا تحتاج لشرب الماء، ومع ذلك تحتاج بعض أنواع العناكب لمستوى مرتفع من الرّطوبة لتتمكّن من العيش، وإلا ستتعرّض للجفاف، ومن هذه العناكب بعض أنواع العناكب رتيلاء الشّكل التي تقضي معظم حياتها داخل جحور رطبة، وتخرج الذّكور ليلاً فقط عندما ترتفع الرّطوبة، أو نهاراً خلال موسم الأمطار، أما عناكب الشّبكة القمعيّة( بالإنجليزيّة: Funnel-web spiders) المحبة للرطوبة فتقضي وقتها بالقرب من حمامات السّباحة أو صنابير الحديقة التي يتسرب منها الماء.[١]

أماكن تواجد العناكب

تنتشر العناكب في جميع أنواع الموائل باستثناء المناطق القطبيّة، وأعالي الجبال، والمحيطات، وتتمكّن بعض أنواعها من العيش في الصّخور والشّقوق المرجانيّة التي توجد في مناطق المد والجزر على حواف المحيطات، ويعتمد توزيع العناكب على العديد من العوامل ومنها:العمليات الجيولوجية التي أدّت إلى انفصال القارة العملاقة القديمة على مدى ملايين السّنين لتُشكّل القارات المعروفة الآن، وقد أدى انفصال القارات إلى فصل بعض العناكب عن باقي أفراد نوعها حيث تطورّت بشكل مستقل لتنتج نوع جديد من العناكب.[٢]

تتمكن بعض أنواع العناكب صغيرة الحجم، وصغار العناكب من الانتقال من بيئتها الأصلية إلى بيئات جديدة تبعد عنها مسافات طويلة وهي متعلقة بخيوطها الحريريّة التي تلتقطها الرّيح وتنقلها عبر البر والبحر، وتُسمى هذه الوسيلة في التّنقّل الطّريقة البالونيّة، ومن الأمثلة على العناكب التي تنتقل بهذه الطّريقة عنكبوت الغازل المداري، والعنكبوت الذّئبي.[٢]

تؤدي بعض الظّواهر مثل تغيّر المناخ، وارتفاع مستوى سطح البحر إلى عزل بعض العناكب في مناطق تُعرف بموائل اللجوء – مثل الكهوف، وقمم الجبال، والجزر- ولا تتمكّن من العودة إلى بيئتها الطبيعيّة، ومع مرور الوقت تتعرّض بعض هذه العناكب لسلسلة من التّغيرات والطفرات الجينيّة العشوائيّة التي تؤدي إلى إنتاج أنواع جديدة يمكنها التكّيف مع الظّروف الجديدة.[٢]

التكاثر لدى العناكب

تتلخّص عملية التكاثر عند العناكب بثلاث مراحل وهي:

مرحلة البحث عن أنثى العنكبوت

تنتشر العناكب عموماً على مساحات واسعة مما يُصّعب على الذّكور مهمة العثور على أنثى ناضجة ولديها استعداد للتزاوج، وفي معظم الأنواع تسهّل الأنثى المهمة على الذّكر فتعلن عن استعدادها للتزاوج عن طريق إفراز فيرمونات خاصة، وعندما يشم الذّكر رائحة الفيرمون بأجهزة الاستشعار الكيميائيّة التي توجد على أرجله الأماميّة يتبع الرّائحة ليصل إلى الأنثى، ويمكن أن تفرز الإناث الفيرمون في الهواء مباشرة، أو تغلّف بها الشّبكات التي تبنيها، وفي بعض الأحيان تلجأ الذكور لمراقبة الإناث غير النّاضجة أثناء مراحل تطورها وتتزاوج معها فور انتهاء مرحلة الانسلاخ الأخيرة.[٣]

بعد العثور على الأنثى يحرص الذّكر على التّخلّص من المنافسين، لذلك تلجأ ذكور الأنواع التي تغزل إناثها شبكة مغلفة بالفيرمونات على تدمير الشّبكة حتى لا يلتقط الذكور الآخرين الإشارة، وبعد ذلك يتفرّغ لمهمة أخرى وهي إقناع الأنثى أنّه ليس حيواناً مفترساً، ولا طعاماً، وإنما ذكر ينتمي للنوع الذي تنتمي إليه، وأنّه راغب بالتّزاوج معها، ولذلك يبدأ بمغازلتها، وتختلف أساليب المغازلة من نوع لآخر، على سبيل المثال يغازل ذكر العناكب الغازلة للشباك الأنثى عن طريق هز خيط متصل بالشّبكة بطريقة مميزة، أما ذكور العنكبوت الذّئب والعناكب القافزة فتغازل الأنثى عن طريق الرّقص.[٣]

مرحلة التزاوج

عندما تنضج ذكور العناكب جنسياً تقذف السّائل المنوي على شبكة تبنيها تُسمى الشبكة المنويّة، ثم تمتص اللوامس- وهي زوائد توجد في الجزء الأمامي من الجسم- الحيوانات المنويّة من الشّبكة، فتنتفخ بسبب ضغط الساّئل، وعند التّزاوج ينقل الذّكر الحيوانات المنويّة من أحد اللوامس إلى الأنثى فيعود حجم اللوامس إلى الوضع الطّبيعي، باستثناء العنكبوت الآكل للسمك (بالإنجليزيّة: fishing spider) حيث تظل اللوامس منتفخة، وينكمش الذّكر ويتدلى من جسم الأنثى ويموت خلال بضع ساعات، وفي أنواع العناكب التي يفوق حجم الأنثى حجم الذّكر بأربع مرات أخرى تنثني أرجل الذّكر بعد التّزاوج مباشرةً، ويعلق بالأنثى دون حراك ويتوقف قلبه عن النّبض، ويموت.[٤]

مرحلة حفظ البيض

بعد التّزاوج تنسج إناث العناكب كيس بيض متين لتضع فيه بيض يتراوح عدده من واحد إلى عدة مئات تبعاً لنوع العنكبوت، ثم تخصّب البيض من الحيوانات المنويّة التي خزنتها داخل جسمها، وبعد عدة أسابيع يفقس البيض وتخرج صغار العناكب، وفي حين تترك إناث بعض أنواع العناكب كيس البيض في مكان آمن وتمضي، تحرس إناث العديد من أنواع العناكب البيض من الحيوانات المفترسة حتى يفقس، ومن الأمثلة على ذلك أنثى العنكبوت الذّئب التي تحمل كيس البيض معها، وعندما تصبح العناكب الصغيرة مستعدة تعض كيس البيض وتخرج وتظل مُعلقة على ظهر الأم مدة عشرة أيام.[٥]

عملية التّنفس عند العناكب

تتنفس العناكب عبر جهاز تنفسي مفتوح، يحتوي على القلب الذي يضخ الهيموليف (دم وليمف) بدلاً من الدّم عبر الشّرايين إلى الجيوب التي تحيط بالأعضاء الدّاخليّة للعناكب، وتتنفس بعض العناكب مثل العناكب رتيلاء الشّكل، والعناكب المقطعّة عن طريق زوج من الرّئات الكتابيّة حيث يدخل الهواء إلى الجسم عن طريق فتحات على السّطح السّفلي للبطن، ومن هناك ينتشر الأكسجين إلى الرّئات الكتابيّة المملوءة بالهيموليمف، وفي بعض أنواع العناكب تتحوّر الرّئة الكتابيّة الخلفيّة جزئياً أو كلياً إلى قصبة هوائيّة يدخل إليها الهواء عن طريق زوج من الفتحات توجد على الصّدر أو على البطن، أو عن طريق فتحة واحدة بالقرب من المغازل، وينتشر إلى الهيموليمف أو إلى الأنسجة والأعضاء مباشرةً، بينما تظل الرّئة الكتابيّة الأماميّة كما هي، وفي أنواع العناكب الأصغر حجماً تُختزل الرّئات الكتابيّة أو تختفي تماماً وتُستبدل بالقصبات الهوائيّة، أما العناكب الصّغيرة جداً التي تعيش في البيئات الرّطبة فتتنفس من خلال تبادل الهواء عبر سطح الجسم، ومن الجدير بالذّكر أنّ التّنفس عن طريق القصبات الهوائيّة يؤمّن تبادل الأكسجين بفعاليّة أكبر بالرّغم من حجم القلب الصّغير، ويمكّن العناكب من العيش في البيئات الجافة جداً.[٦]

آلية الحركة عند العناكب

يتمكّن العنكبوت من الحركة بفضل التآزر بين عضلات الأرجل والضَّغْطُ الهيدروستاتيكيّ (بالإنجليزيّة: hydrostatic pressure) النّاتج عن قوة ضخ القلب للهيموليمف، حيث يساعد الضّغط الهيدروستاتيكي على مد الأرجل، بينما تساعد العضلات على ثنيها للداخل، وعن طريق هذه الآلية البسيطة تتمكّن العناكب من الحركة بعدة طرق.[٧]

تمشي العناكب عن طريق إبقاء زوج من أرجلها على الأرض لدعمها، ورفع الزّوجين الآخرين في الهواء، ثم تعيد الكرة ولكنها تُبدّل هذه المرة أزواج الأرجل التي تبقيها على الأرض وتلك التي ترفعها بالهواء، وتتمكّن العناكب من المشي على الأسطح الأفقيّة والعاموديّة حتى الملساء نسبياً منها بفضل الشّعر الدّقيق الذي يغطي أرجلها.[٧]

تتمكّن العناكب من الرّكض بسرعة 53 متراً / ثانية وهي سرعة كبيرة جداً عند مقارنتها بطول الجسم، كما تتمكّن بعض العناكب من القفز مسافة تصل إلى 25 ضعف طول جسمها، ويعود الفضل في ذلك إلى التّغيّر المفاجئ في ضغط الدّم (الهيموليمف) والذي يحدث بسبب انقباض العضلات التي تربط صفائح الرّأس صدر، مما يقلل من حجم الدّم في هذه المنطقة، الأمر الذي يسبب اندفاع الدّم إلى أرجل العنكبوت الثّماني ويجبرها على التّمدّد بسرعة، فيرتفع العنكبوت في الهواء.[٧][٨]

تتمكّن العناكب آكلة السّمك أو الطوافة من الطّفو على سطح الماء بفضل قدرتها على توزيع جسمها على الماء، ويعود ذلك لوزنها الخفيف الذي لا يتجاوز1.7 غرام، وأرجلها المغطاة بشعر كثيف، وبعد أن تطفو على سطح الماء يصبح من السّهل عليها استخدام الزّوجين الثّاني والثّالث من أرجلها للتجديف، والسّباحة في الماء.[٧]

آلية بناء الشّبكة

يبدأ العنكبوت بناء الشّبكة بإنتاج خيط من الحرير وتثبيته على نقطة ارتكاز مناسبة كغصن شجرة أو غيرها، وترك طرفه الآخر حراً لتحمله الرّيح لنقطة ارتكاز أخرى، عندها تقوم العنكبوت بتثبيت طرف الخيط لتكوين الجسر الذي يشكّل أساس الشّبكة، ثم تسير العنكبوت على الخيط وتفرز خيطاً رخواً من الحرير وتثبتّه على طرفي الجسر بحيث يتدلى إلى الأسفل على شكل حرف V، ثم تغزل خيطاً آخر من الحرير إلى الأسفل لتصبح الشّبكة على شكل حرف Y، بعد ذلك تمشي العنكبوت على الخيوط التي شكلتها وتضيف المزيد من الخيوط بين نقاط الرّبط المختلفة لتشكيل الإطار الخارجيّ للشبكة، وبعد ذلك تبدأ بغزل عدة خيوط دائريّة من مركز الشّبكة باتجاه الأطراف، ثم تبدأ بغزل خيوط لولبيّة تمتد من مركز الشّبكة باتجاه الأطراف.[٩]

بعد أن يكتمل شكل الشّبكة يبدأ العنكبوت بإنتاج خيوط حريريّة ممزوجة بمادة لاصقة لزجة، وتبدأ بأكل الخيوط اللولبيّة التي ثبتتها لتكون مرجع لها، وتضع بدلاً منها خيوط حرير لاصقة، وهكذا تصبح الشّبكة مكونة من خيوط دائريّة غير لاصقة لتتمكن العنكبوت من المشي عليها، وخيوط لولبيّة لاصقة لاصطياد الحشرات، وبعد انتهاء العنكبوت من مهمتها تكمن في وسط الشّبكة لتتمكّن من التقاط الاهتزازات التي تدل على وقوع فريسة في شبكتها، كما يمكن أن تغادر الشّبكة، ولكنّها تبقى مُعلقة بخيط مرتبط بالشّبكة لتتمكّن من الإحساس بالإهتزازات، ومن الجدير بالذّكر أنّ العناكب تتمكن من الإمساك بالخيوط الحريريّة الرّقيقة أثناء عملية الغزل بفضل المخالب المسننة التي توجد على أطراف أرجلها.[٩]

الصّيد عند العناكب

التقاط الفريسة

تختلف طرق إمساك العناكب للفرائس من نوع لآخر، حيث تلجأ عناكب الصياد بولاس (بالإنجليزيّة: Bolas spiders) لتكوين كرة من الحرير اللزج وتعلقها بخيط بعد أن تشبعها بمادة كيميائيّة لها رائحة مماثلة لرائحة إناث العث، وتكوّن بذلك مصيدة طبيعيّة لذكور العث التي تنجذب للرائحة، أما عناكب القرصان (بالإنجليزيّة: pirate spiders) فتستخدم طريقة مبتكرة للإيقاع بغيرها من العناكب، فتبدأ بهز الشّباك بطريقة مُماثلة لما يحدث عندما تعلق حشرة بالشّباك، وتقبع بانتظار العنكبوت التي تأتي لالتهام فريستها، لتجد نفسها أصبحت فريسة لعنكبوت آخر، بعض العناكب مثل عناكب الشّبكة القمعية الإفريقية (بالإنجليزيّة: The African funnel-web spider) تعمل بشكل جماعي لصيد فرائسها، حيث تعيش مئات وحتى آلاف العناكب على شبكة واحدة، وهو أمر يخالف ما هو معروف عن العناكب بأنّها حيوانات انعزاليّة، أما العناكب من جنس Scytodes catch فتصطاد عن طريق بصق مادة لزجة أو غراء على الفريسة فتحيط بها وتثبتها في مكانها، أما العناكب الوشقيّة التي تعيش على الأشجار فقد تكيفّت مع بيئتها بفضل رشاقتها، التي تمكنها من القفز من جذع لآخر بسهولة ويسر أثناء ملاحقة الفريسة.[١٠]

يتمكّن عنكبوت الصيّاد الأرضيّ (بالإنجليزيّة: ground spiders) من صيد فرائس خطيرة وكبيرة الحجم، بفضّل قدرتها على إطلاق حرير لزج على فم الفريسة وأرجلها لشل حركتها قبل أن تهاجمها، وتتميّز العناكب الأرضيّة بأنّ غددها المنتجة للحرير أكبر حجماً من مثيلاتها لدى باقي العناكب الغازلة للشباك وإن كانت أقل عدداً، وأنّ الحرير الممزوج بالغراء الذي تنتجه أقل لزوجة من الحرير الآخر، ومع ذلك فهو قوي ومتين، ويمكنه تحمّل ضغط أكثربـ 750 مرة من الضّغط الذي يمكن أن يتحمله الغراء الصّناعي.[١١]

تستخدم عناكب الباب المسحور (بالإنجليزيّة: Trap door spiders) طريقة مختلفة للإمساك بالفريسة، فهي تحفر ثقوب وتغطيها بغطاء مربوط بحرير العنكبوت وتكمن بانتظار فريستها، كما أنّ بعض العناكب تختبئ داخل الزّهور بانتظار الحشرات، وتتمكّن العناكب القافزة من صيد فرائسها بكفاءة وفعالية بفضل عيونها كبيرة الحجم التي تساعدها على اكتشاف وجود الفريسة حتى وإن كانت بعيدة عنها، وأيضاً لقدرتها على القفز على الفريسة في الوقت المناسب مسافة تفوق طول جسمها بـ 50 مرة – بالرّغم من أنّ عضلات أرجلها ليست قوية بشكلٍ خاص- ويعود ذلك لاستخدامها الضّغط الهيدروليكي، حيث تعصر عضلة خاصة في البروسوما(الرّأس- صدر) سوائل الجسم إلى الأرجل لتوسيعها.[١٢]

القضاء على الفريسة

بعد أن تمسك العناكب فريستها، تستخدم الخطاطيف وهي زوج من الفكوك المفصليّة توجد أمام الفم لقتل الفريسة والتهامها، ويتكوّن كل فك من جزء قاعدي بداخله مخلب حاد يتكوّن بدوره من قناة مجوفّة تنتهي بفتحة صغيرة، وينقل المخلب السّم من الغدة السّامة عبر القناة إلى جسم الفريسة لشلها أو قتلها ليتمكّن العنكبوت من التهامها دون أن تتاح لها فرصة المقاومة. يعمل الخطاف بطريقة مختلفة من نوع لآخر من العناكب، في العناكب رتيلاء الشّكل مثلاً يُستخدم المخلب مثل الفأس لحقن السّم في الفريسّة، بينما تصوّب العناكب رتيلاوات الشّكل (بالإنجليزيّة: Araneomorphae) الخطافَين باتجاه بعضهما البعض مثل الكماشة، بعد ذلك تلف العناكب فريستها المصابة بالشّلل بالحرير لتسهيل نقلها إلى العش، وفي بعض الأحيان تلجأ العناكب للف الفريسة بخيوط الحرير حتى قبل أن تحقنها بالسّم لجعل الهجوم أسهل.[١٣]

تحتاج العناكب لتسييل الفريسة قبل أن تتمكّن من التهامها، ولذلك تفرز عليها الإنزيمات الهاضمة، وتلجأ بعض العناكب لحقن الفريسة بالمادة الهاضمة مباشرة، مما يؤدي إلى تسييل الأجزاء الدّاخليّة للفريسة وبقاء الهيكل لخارجي سليماً نوعاً ما، ثم تمتص المواد المسالة بعد ترشيحها من خلال الشّعر الذي يغطي الخطاطيف والفم، وتمضغ بعض أنواع العناكب فريستها أولاً باستخدام زوائد مسننة توجد على الخطاطيف ثم تفرز عليها السّائل الهاضم وتبدأ بامتصاص أنسجة الفريسة التي تحولّـت إلى سائل.[١٣]

هضم الفريسة

تبدأ عملية هضم فريسة العنكبوت نوعاً ما بمجرد ضخ السّم داخلها، وذلك لأنّ السّم يحتوي على إنزيمات هاضمة، أما الهضم الحقيقي فيبدأ عندما يحقن العنكبوت الفريسة بإنزيمات الهيدرولاز التي تعمل على إذابة أو إسالة أنسجة الفريسة، ثم يمتص العنكبوت الأنسجة المسالة إلى أمعائه، ثم يعيد ضخها مرة ثانية مع المزيد من الإنزيمات إلى جسم الفريسة، ثم يعيد إمتصاصها، وتهدف هذه العملية إلى مزج الإنزيمات الهاضمة وتوزيعها بشكل أفضل مما يؤدي إلى تحطّم أنسجة الفريسة تماماً، ومن الأمثلة على إنزيمات الهيدرولاز، إنزيمات البروتياز، والليباز، ونوكلياز، وكاربوهيدراز، ومع ذلك لا تتمكّن هذه الإنزيمات من العمل دون وجود بروتينات متخصصة من عائلة الإندوبيبتيداز التي تُحطّم النّسيج البيني خارج الخلوي الذي يحمي خلايا وأنسجة الفريسة من التّعرض للهجوم بواسطة الهيدرولاز، ومن هذه البروتينات الإيلاستاز، والهيالورونيداز، والكولاجيناز، وتعمل هذه |البروتينات أيضاً على تقطيع بروتينات الفريسة إلى قطع أصغر يمكن نقلها إلى أمعاء العنكبوت، وهناك تتولى بروتينات أخرى تُسمى إكسوببتيداتاز تفكيك الببتيدات عن طريق كسر الرّوابط بين الأحماض الأمينيّة الطّرفيّة، بعد ذلك يبدأ الجزء الأخير من الهضم حيث تنتقل العناصر الغذائيّة المختلفة داخل خلايا أمعاء العنكبوت بطريقة الشّرب الخلوي أو امتصاص السّوائل الخلوي (بالإنجليزية: pinocytosis)، وهناك تتعرّض هذه العناصر للمزيد من التحطّم.[١٤]

وسائل الدفاع لدى العناكب

تلجأ جميع العناكب للعض لحماية نفسها خاصةً إذا كانت غير قادرة على الفرار، وتستخدم بعض أنواع الرّتيلاء نوعاً آخر من الدّفاع وهي شعيرات فائقة النّعومة تسبب تهيجاً وأحياناً ردود فعل تحسسيّة للمهاجم، ويستخدم العنكبوت ذو العجلات الذّهبي (بالإنجليزيّة: Carparachne aureoflava) تكتيك دفاعي متخصص، حيث يتمكّن من الهرب من الدّبور صائد الرّتيلاء عن طريق قلب جسمه على الجانب والتّدحّرج مثل العجلة، ومن الجدير بالذّكر أنّ الدّبور إذا تمكّن من اللحاق بالعنكبوت سيضع بيضه في جسمه حتى تتغذى يرقاته على أنسجة العنكبوت حين تفقس.[٦]

تتمكن عناكب غازلة للشباك تُعرف علمياً باسم N. antipodiana من نشر مواد كيميائيّة على خيوط الشّباك الحريريّة لردع شغالات النّمل التي تتبع فصيلة النّملاويات والتي تهاجم العناكب عادةً، ومن هذه المواد الكيميائيّة، هيوبيروليدون-2، وبيروليدين شبه القلوي،[١٥] وتستخدم العناكب أيضاً السّم كوسيلة دفاعيّة إذا تعرضت للهجوم، وتسبب سمومها التي تستهدف العضلات والجهاز العصبي الشّلل للمهاجم، وترفع تسبة السّكر في الدّم مما يؤدي إلى تضرّر وظائف الجسم.[١٦]

التكيُّف مع البيئة

التّكيّف للصيد

تختلف طرق صيد العناكب لفريستها من نوع لآخر اعتماداً على البيئة التي تعيش فيها، ونوع الفريسة التي تتغذى عليها، حيث تستخدم معظم العناكب الشّباك لصيد فريستها، بينما تختار بعض الأنواع أن تختبئ بين أجزاء النّباتات وتنتظر اقتراب الفريسة منها لتنقض عليها وتفاجئها، في حين تكيفّت بعض العناكب للغوص تحت الماء للوصول إلى فرائسها المفضلة بالرّغم من خوف باقي العناكب من الماء، وبالمثل تتبنّى عناكب أخرى تكيّفات سلوكيّة متنوعة بحيث تلائم البيئة التي تعيش فيها.[١٧]

الإفراط في الأكل

تُظهر بعض أنواع العناكب التي تعيش في بيئة تعاني عادةً من شح عدد الفرائس تكيفاً سلوكياً في حال عثرت على عدد كبير من الفرائس، حيث تتعمّد قتل فرائس تفيض عن حاجتها، وتأكل منها حتى التّخمة، وتترك باقي الفرائس نصف مستهلَكة أو سليمة تماماً، ومن الجدير بالذّكر أنّ هذا السّلوك يعدّ غريباً على العناكب التي تعيش في بيئة تتوفّر فيها مصادر الغذاء، فهي نادراً ما تترك وراءها بقايا فرائسها.[١٧]

شبكات ثلاثيّة الأبعاد

تبني العناكب من نوع Araneoid sheet web weavers شباكاً معقدة ثلاثيّة الأبعاد، وهو نوع من التّكيّف يُمكنّها من صيد الفرائس بكفاءة أكبر مما يعني زيادة فرصها بالبقاء وزيادة أعدادها، وهي بالفعل أكثر مجموعات العنكبوت الهوائية انتشاراً، أما الفائدة الثّانية لهذا النّوع من الشّباك فهو استخدامها كوسيلة دفاعية لصد هجمات الدّبابير الطّينية، كما أنّها تتيح للعناكب التّنويع في أشكال الشّباك التي تصنعها.

العناكب الاجتماعيّة

يشير مقال تم نشره في “مجلة علم البيئة الحيوانية” أنّ العناكب المداريّة تُظهر تكيفات خاصة اعتماداً على الارتفاع الذي تعيش عليه، حيث تكون العناكب التي تعيش في المناطق المنخفضّة اجتماعيّة بينما تكون العناكب التي تعيش في مناطق مرتفعة شبه اجتماعيّة، ويعود ذلك لأنّ حجم الحشرات التي تعيش في المناطق المنخفضة يكون كبيراً، مما يعني أنّ العناكب الاجتماعيّة وحدّها تكون قادرة على التّعاون لصيدها.

الاستئصال الذّاتي

تلجأ بعض الحيوانات عند تعرضّها للخطر لتكيّف سلوكي يُعرف بالاستئصال الذّاتي (بالإنجليزيّة: Autotomy)، فيقوم الحيوان بفصل جزء من جسمه، ومن الأمثلة  الشّهيرة على الاستئصال الذّاتي ما تفعله السّحلية عند إمساك حيوان مفترس لذيلها فتُسارع لفصله عن جسمها وتلوذ بالفرار،[١٨] تمارس العناكب أيضاً الحيلة ذاتها فتتخلص من رجلها عندما تَعلَق في مكان ما ولا تتمكن من تحريرها، وهو ما يحدث عندما تعلق الرجل في شباك عنكبوت، أو تُحتجز في زوائد الفم، أو عندما تُصاب بجرح.[١٩]

العناكب

تنتمي العناكب إلى مملكة الحيوانات، وتحت عويلم ثنائيّة التّناظر، وتحت المملكة الدنيا أوليّات الفم، وتنتمي لشعبة العليا الانسلاخيات، وشعبة المفصليات، وتحت شعيبة كلابيات القرون، وطائفة العنكبيات، ورتبة الرُتَيْلاوات، وتضم طائفة العنكبيات بالإضافة للعناكب كل من العث، والقراد، والعقارب، والحصادات، ويتكوّن جسم العناكب من جزئين رئيسيين هما: البروسوما (بالإنجليزية: Cephalothorax) أو الرأس- صدر، والبطن (بالإنجليزية: Abdomen)، ولها ثمانية أرجل، وفكوك قويّة، وعيون بسيطة.[٢٠][٢١]

يوجد أكثر من 45,000 نوع تقريباً من العناكب المعروفة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم،[٢٢] ويعود تاريخ وجودها على سطح الأرض إلى ملايين السّنين، وهي شبيهة نوعاً ما بالحشرات فهي مثلها تنتمي إلى شعبة المفصليات، ولها مثلها أرجل مفصليّة، وهيكل خارجي صلب،[٢٣] ويتراوح طول جسم العناكب ما بين 0.5 – 90 ملم تقريباً، أكبرها العناكب رتيلاء الشّكل (بالإنجليزيّة: mygalomorphs) مثل العنكبوت الآكل للطير (بالإنجليزيّة: goliath bird-eating spider)، والعنكبوت جالوت (بالإنجليزيّة: pinkfoot goliath)، أما أصغر أنواع العناكب فتنتمي إلى العديد من االفصائل الموجودة في المناطق الاستوائيّة، ويمكن التّمييز بين ذكور وإناث العناكب اعتماداً على الفرق الواضح بينهما في الحجم، حيث تكون الأنثى أكبر بكثير من الذّكر، على سبيل المثال، يكون حجم بعض إناث عنكبوت الغازل المداري (بالإنجليزيّة: orb weavers) ضعف حجم الذّكر الذي ينتمي للنوع ذاته.[٢٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث Hussain Kanchwala (6-3-2019), “What Do Spiders Eat?”، www.scienceabc.com, Retrieved 11-12-2019. Edited.
  2. ^ أ ب ت Mike Gray (25-11-2018), “Spiders are everywhere”، australianmuseum.net.au, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  3. ^ أ ب TOM HARRIS, “How Spiders Work”، animals.howstuffworks.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  4. Tanya Lewis (18-6-2013), “Tough Love: Male Spiders Die for Sex”، www.livescience.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  5. Debbie Hadley (11-8-2019), “The Life Cycle of a Spider”، www.thoughtco.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  6. ^ أ ب “Spider”, www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 16-10-2015. Edited.
  7. ^ أ ب ت ث Chris Roh, “How Do Spiders Move”، cpb-us-e1.wpmucdn.com, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  8. Debbie Hadley (7-5-2019), “How Do Jumping Spiders Jump?”، www.thoughtco.com, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  9. ^ أ ب TOM HARRIS, “A Typical Spider Web”، animals.howstuffworks.com, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  10. AMNH (25-8-2014), “How Do Spiders Hunt?”، www.amnh.org, Retrieved 11-12-2019. Edited.
  11. CASEY SMITH (14-6-2017), “Spider Catches Prey by Shooting Webs”، www.nationalgeographic.com, Retrieved 11-12-2019. Edited.
  12. TOM HARRIS, “How Spiders Work”، animals.howstuffworks.com, Retrieved 11-12-2019. Edited.
  13. ^ أ ب TOM HARRIS, “How Spiders Work”، animals.howstuffworks.com, Retrieved 11-12-2019. Edited.
  14. and others,André Walter, Jesper Bechsgaard,Carsten Scavenius (10-8-2017), “Characterisation of protein families in spider digestive fluids and their role in extra-oral digestion”، www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 11-12-2019. Edited.
  15. Shichang Zhang, Teck Hui Koh, Wee Khee Seah, and others (23-11-2011), “A novel property of spider silk: chemical defence against ants”، royalsocietypublishing.org, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  16. Lauren Sharkey (11-5-2019), “Exploring spider venom’s dual attack”، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  17. ^ أ ب Mark Orwell (22-11-2019), “Spider Adaptations”، sciencing.com, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  18. “Autotomy”, www.britannica.com, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  19. D. PARRY , “Spider Leg-muscles and the Autotomy Mechanism”، citeseerx.ist.psu.edu, Retrieved 12-12-2019. Edited.
  20. JESSIE SZALAY (5-11-2014), “Types of Spiders & Spider Facts”، www.livescience.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  21. Graham Milledge (23-10-2019), “Arachnology”، australianmuseum.net.au, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  22. “Spiders”, www.nationalgeographic.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  23. “Spiders”, australianmuseum.net.au,10-10-2019، Retrieved 10-12-2019. Edited.
  24. Joseph CulinLorna R. LeviHerbert W. Levi (5-12-2019), “Spider”، www.britannica.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى