جديد كيف واجه المسلمون أذى قريش ومعارضتها للدعوة الإسلامية

'); }

مواجهة المسلمين لأذى قريش

قام أهل قريش بمحاربة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه، فقامت بين الفريقين مواجهات تفنّن فيها أهل قريش بأساليب محاربة الدعوة، ومع أنّ محمد وجماعته لم يكونوا أوّل من دعا إلى نبذ الأصنام، فقد كان قبله صلى الله عليه وسلم زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل، إلا أنّ أثره كان الأكبر، وكان أوّل من قال أنّه نبيّ، وتبعه الكثيرون فخافت قريش على تجارتها وسمعتها ومكانتها بين القبائل، ولو فكروا في ابتكار دينٍ جديد فلماذا يكون محمدٌ نبيه وهو من بني هاشم، وكل قبيلة تتمنّى شرف القيادة على مكة.

صارت قريش تمارس شتى الأساليب والوسائل لترغيب من تبعوه أو ترهيبهم لتكافح تيار الإسلام الجارف الذي صار يهدّد مصالحهم التي يحققونها بسبب وجودهم في الحرم المكي، فوقف أمام شهوتهم للسيطرة واقتراف السيئات والموبقات، وسنعرض في هذا المقال بعض الطرق التي ابتدعتها قريش لمكافحة الإسلام وكيف جابه المسلمون هذه تلك المُمارسات:

'); }

طرق أذى قريش للمسلمين ورد المسلمين

التهديد بمنازلة محمد وعمه أبي طالب

بعد أن عرض أهل قريش على محمد الجاه والمنصب فرفض، غضبت قريش ونصبوا له العداء فحقدوا عليه وذهبوا مرةً أُخرى إلى الوسيط بينه وبينهم وهو عمه أبو طالب، وقالوا له: يا أبا طالب إنّ لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وإنّا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنّا، ثم أقسموا له أنّهم لن يصبروا بعد ذلك على أفعاله حتى يكفّ عن آلهتهم أو يتمّ النزال بالسيف بينهم وبينه حتى يهلك أحد الفريقين، فأخبر أبو طالب ابن أخيه بالأمر، فقريش لم تعد مؤتمنة عليه، وبدأت تؤذيه فعلاً بعد ذلك بما هو أكثر من التهديد، لكنه صبر وقاوم.

الاتهامات الباطلة

بدأت قريش حرب الإشاعات بدايةً، فاتهموا محمداً صلى الله عليه وسلم بالجنون كما جاء بالقرآن الكريم: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) الحجر/6، ثم قالوا عنه أنّه ساحر سحر أبناءهم (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ) ص/4، وقالوا عنه أنّه كاذب مع أنّهم هم من لقّبه قبل الدعوة بالصادق الأمين: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا) الفرقان/4.

قالوا أنّه يأتي بالباطل والأساطير، قال تعالى: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفرقان/5، واتّهموا من تبعه من المؤمنين بأنّهم ضالون (وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ) المطففين/32.

التشويش

عندما كان يقرأ القرآن بصوت عالٍ كان المشركون يفتعلون ضجّة عالية بالصياح، ليمنعوا الآخرين من الاستماع إلى القرآن فلا يؤثر فيهم، ومع ذلك وصلت رقائق مكتوبة بالآيات القرآنية الكريمة لمعظم بيوت قريش فدخلوا بالإسلام سراً.

المساومات

حاولت قُريش مساومة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور التي يدعو لها، قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) القلم/9، ومن طلباتهم مثلاً أن قالوا: اعبد آلهتنا يوماً، محاولين أن يصلوا بالإسلام والجاهلية إلى حلول وسطى ترضي الطرفين وتلتقي في منتصف الطريق، ووافقوا أن يترك المشركون بعض العادات التي هم عليه، وبالمقابل أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور التي يدعو لها، فأنزل الله تعالى سورة الكافرون وقال: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ، وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) فحسم المساومة.

الترهيب

كان أكثر الناس أذية للمسلمين أبو جهل فإن سمع عن رجلٍ قد أسلم وهو ذو شرف ومنعة ذهب ليأنَّبه ويخزيه، وقال له: تركت دين أبيك وهو خير منك! لنسفهن حلمك ولنضعفن رأيك ولنضعن شرفك، وإذا كان تاجراً قال: “لنكدسنّ تجارتك، ولنهلكنّ مالك، وإذا كان ضعيفاً أذاه وضربه وغرّر به”.

الاعتداء الجسدي

عندما عرف المشركون أنّ كلّ الأساليب السابقة لصدّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن نهجهم ودينهم تفشل، لجأت قريش إلى اتباع الأسلوب الأقسى بالاعتداء الجسديّ وتصفية المسلمين بقتلهم.

قيل أنّ أَبا جَهْلٍ قَالَ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ فوافقه قومه وانتظروا أن يصدق. فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ. حتى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي. فذهب لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ لكنه لم يكد يذهب حتى نكص عَلَى عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بِيَدَيْهِ. فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفسر ذلك: لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا.

نال المسلمون الأذى أيضاً حتى أنّ أبا بكر رضي الله عنه فكر بالهجرة إلى الحبشة للابتعاد عن الأذى وليفر بدينه، وقاوم عبد الله بن مسعود المشركين بأن كان يقرأ القرآن جهراً في شعب مكة فيتلقى الضرب والأذى حتى يغشى عليه ثم يعود باليوم التالي يعيد الكرة، نال المسلمون أذى التعذيب فكان آل ياسر من المستضعفين، حيث كانت سمّية أوّل شهيدة بالإسلام، وعانوا من أشدّ أصناف العذاب.

ملاحقة المسلمين والتحريض عليهم

عندما هاجر العديد من المسلمين إلى الحبشة هرباً من أذى قريش قام المشركون باللحاق بهم وجادلوا ملكها النجاشي ليتركهم لهم، واستخدموا الرشوة والحيلة ليوقعوا بين المسلمين والنجاشي، لكنهم فشلوا في ذلك.

المقاطعة

قامت قريش بتحريم التعامل مع آل هاشم وكلّ المسلمين فحوصروا في شُعب أبي طالب لثلاث سنوات كادوا أن يفنوا بها من الجوع، وتماسك المسلمون وتعاونوا حتى تمزّقت العريضة على باب الكعبة بعد أن أكلتها الدودة.

Exit mobile version