محتويات
'); }
كيف كانت الصلاة قبل الإسراء والمعراج
كانت الصلاة معروفةً قبل أن تُفرض في ليلة الإسراء والمعراج، وفيما يأتي بيان كيفيّتها عندئذٍ:[١][٢]
- كانت الصلاة المعروفة قبل الإسراء والمعراج هي صلاة قيام الليل من غير تحديدٍ لعدد الركعات.
- كانت الصلاة ركعتين أوّلُ النهار وركعتين في آخره، قال السُّهيلي: “وَذكر الْحَرْبِيّ أَن الصَّلَاة قبل الْإِسْرَاء كَانَت صَلَاة قبل غرُوب الشَّمْس وَصَلَاة قبل طُلُوعهَا”،[١] وقد ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ)،[٣] ودلَّ هذا الحديث على أنّ الصلاةَ قبل الإسراء والمعراج كانت ركعتين أوّلَ النهار وركعتين آخره، وهي أوّلُ ما فُرض على المسلمين في مكة.[٤][٥]
- كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضوان الله عليهم- يُصلّون سِرّاً أوّلَ الدعوة في مكة، وصلّى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جهراً عند الكعبة أوّلَ إسلامه ومعه بعض الصحابة.[٦]
كانت الصلاة معروفةً في أوّلِ عهد النبوة قبل أن يُشرع أصل الصلاة، أي قبل فرض الصّلوات الخمس على المسلمين في ليلة الإسراء والمعراج، قال الله -تعالى- في سورة المزمل: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا)،[٧] وقال -تعالى- في سورة المدثر: (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)،[٨] وسورة المزّمل و أول سورة المدّثر نزلتا قبل حادثة الإسراء والمعراج، وقد ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلم- أنّه كان يقوم الليل هو والصحابة -رضوان الله عليهم-، فقد سُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (فإِنّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ افترضَ قيامَ اللَّيلِ في أوَّلِ هذِهِ السُّورةِ فقامَ نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حولًا حتَّى انتفخَت أقدامُهم وأمسَكَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ خاتمتَها اثنَى عشرَ شَهرًا ثُمَّ أنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ التَّخفيفَ في آخرِ هذِهِ السُّورةِ فصارَ قيامُ اللَّيلِ تطوُّعًا بعدَ أن كانَ فريضةً)،[٩] وتَقصد سورة المزمل.[١][٢]
'); }
فقد جاء جبريلٌ -عليه السلام- في صباح ليلة الإسراء والمعراج إلى النبي -صلّى الله عليه وسلم- ليُعلّمه عدد الصلوات وأوقاتها وكيفيّة أدائها، وتعدَّدت آراء العلماء في تحديد زمن الإسراء والمعراج، فقال بعض العلماء إنّه كان قبل الهجرة بسنةٍ وأربعة أشهر، أي في شهر رمضان في العام الثاني عشر من النبوّة، وقيل إنّه كان قبل الهجرة بسنةٍ وشهرين، أي في شهر محرم في العام الثالث عشر من النبوّة، وقيل قبل الهجرة بسَنةٍ؛ أي في شهر ربيع الأول في العام الثالث عشر من النبوة،[١٠] والصلاة هي التقرّب إلى الله -تعالى- بأقوالٍ وأفعالٍ مخصوصةٍ في أوقاتٍ مخصوصةٍ، وجميع العبادات فُرضت على الأرض، أمّا الصلاة ففُرضت في السماء، وهذا يدلُّ على مكانتها وعِظَم شأنها في الإسلام.[١١]
كيفية الصلاة المفروضة ليلة الإسراء والمعراج
وقت الصلاة وعدد ركعاتها
فرض الله -تعالى- على رسوله -صلّى الله عليه وسلم- في ليلة الإسراء والمعراج خمسين صلاة، ثم خفَّفها على الأمّة الإسلاميّة، فأصبحت خمسَ صلواتٍ في اليوم والليلة، وتُعادل خمسينَ صلاةً بالأجر والثواب، رحمةً وفضلاً من الله -تعالى-، وهي: صلاة الظهر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء، وصلاة الفجر.[١٢] أمّا عدد ركعات الصلوات؛ فصلاة الظهر أربعُ ركعات، وصلاة العصر أربعُ ركعات، وصلاة المغرب ثلاثُ ركعات، وصلاة العشاء أربعُ ركعات، وصلاة الفجر ركعتان،[١٣] وفيما يأتي توضيح لأوقات الصلوات:[١٤]
- صلاة الفجر: يبدأ وقتها من بعد الفجر الثاني؛ أي بعد طلوع الضّياء من جهة الشّرق في آخر الليل، وينتهي وقتها عند طلوع الشمس.
- صلاة الظهر: ويبدأ وقتها عند زوال الشمس عن وسط السماء، وينتهي وقتها عندما يصبح ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله.
- صلاة العصر: يبدأ وقتها عندما يكون ظلّ كلِّ شيءٍ مثله، وينتهي عندما يصبح ظلُّ كلّ شيءٍ مثليه، ووقت الضرورة عند غروب الشمس.
- صلاة المغرب: يبدأ وقتها من غروب الشمس، وينتهي عند زوال الشّفق الأحمر.
- صلاة العشاء: يبدأ وقتها عند زوال الشّفق الأحمر، وينتهي وقتها عند ثلث أو نصف اللّيل الأول.
كيفيّة أداء الصلاة
إذا دخل وقت الصلاة المفروضة يتوضّأ المصلّي ويتأكّد من طهارة جسده وطهارة المكان الذي يُريد الصلاة فيه، ويقوم بما يأتي:[١٥]
- يستقبل القبلة ويرفع يديه إلى أُذنيه مكبّراً تكبيرة الإحرام، ويقول: “الله أكبر”، ويُسنُّ له بعد تكبيرة الإحرام أن يقول إحدى أدعية الاستفتاح ومنها: (سُبحانَك اللَّهُمَّ وبحَمْدِك، وتباركَ اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إلهَ غَيرُك)،[١٦] ثمَّ يقرأ سورة الفاتحة، وبعدها يقرأ ما تيسّر من سور القرآن الكريم.
- ثم يكبّر ويركع ويقول في الركوع: (سبحانَ ربِّيَ العظيم)،[١٧] ويُسَنُّ تكرارها ثلاثاً، وعند القيام من الركوع يقول: (سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه)،[١٨] ويقول: (ربَّنا ولَك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكا فيهِ).[١٩]
- ثم يكبّر ساجداً على أعضائه السّبعة؛ الجبهة والأنف، وبطون الكفّين، والركبتين، وباطن أصابع القدمين، ويقول: (سبحانَ ربِّيَ الأعلى)،[١٧] ويُسَنُّ تكرارها ثلاثاً، ويدعو بما شاء، ثم يرفع مكبّراً ويجلس ويقول: (ربِّ اغفِر لي وارحَمني واجبُرني وارزُقني وارفَعني)،[٢٠] ثم يكبّر ويسجد السجدة الثانية، ويفعل فيها مثل ما فعل في السجدة الأولى.
- ثم يكبّر من السجود مستقيماً لأداء الركعة الثانية، ويفعل فيها مثل ما فعل في الركعة الأولى، وبعد سجود سجدتين في الركعة الثانية يجلس ويقرأ التشهّد فيقول: (التَّحيَّاتُ للَّهِ والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ السَّلامُ عليْكَ أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبرَكاتُهُ السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصَّالحينَ أشْهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأشْهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ).[٢١]
- فإذا كانت الصلاة ثنائية مثل صلاة الفجر أكمل التشهّد فقال: (اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صلَّيتَ على إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ اللهمَّ بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على آل إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ)،[٢٢] ثمّ يُسلّم عن يمينه قائلاً: “السلام عليكم ورحمة الله”، ثم عن يساره قائلاً: “السلام عليكم ورحمة الله”.
- إذا كانت الصلاة رباعيّة أو ثلاثيّة، فيقوم بعد تشهّد الركعة الثانية ويُكمل ركعتين كما فعل في الركعة الأولى والثانية في الصلاة الرباعية، ويأتي بركعة واحدة في الصلاة الثلاثية، ويقرأ فيهم سورة الفاتحة فقط، وبعد السجود الأخير في الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية، والركعة الثالثة في الصلاة الثلاثية، يجلس متورِّكاً؛ ناصباً رجله اليمنى، وواضعاً رجله اليسرى تحتها، ومقْعَدته على الأرض وهذا هو التورّك في الجلوس، و يتشهّد التشهّد الأخير، ويقوم بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويَدعو بما شاء، ثم يُسلّم عن يمينه وشماله.
حكمة مشروعية الصلاة وفضلها
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (فُرِضَتْ عَلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةَ أُسرِيَ بِه الصَّلواتُ خَمسينَ، ثُمَّ نَقصَتْ حتَّى جُعِلَتْ خَمسًا، ثُمَّ نودِيَ: يا محمَّدُ: إنَّهُ لا يُبَدَّلُ القولُ لديَّ، وإنَّ لَكَ بِهذِهِ الخمسِ خَمسينَ)،[٢٣] وهي أوّل ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما أنّ الصلاة من أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى-،[٢٤] وللصلاة حكمٌ متعددةٌ نذكرها فيما يأتي:[٢٥][٢٦]
- الصلاة صِلةٌ بين العبد وربِّه، تبعث في قلب المؤمن الطمأنينة، والراحة، والسكينة، وتُقضى بها الحاجات، فيدعو العبدُ اللهَ -تعالى- بكلِّ ما يريده، ويخبره بكلِّ ما أهمَّه.
- المسلم ينفّذ أوامر الله -تعالى- في كل عضوٍ من أعضائه في الصلاة، فيتدرّب على طاعة الله -تعالى- واتّباع أوامره في الحياة الدنيا، فتستقيم حياته.
- الصلاة تُرشد المسلم إلى الصّواب وتُبعده عن المعاصي؛ فهي نورٌ يُضيء له دربه.
- الصلاة سببٌ لدخول المسلم الجنَّة، ومرافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها.
- الصلاة أعظم مقامٍ للعابدين، فهي تشتمل على تعظيم الله وتمجيده وحمده وتسبيحه ودعائه واستغفاره.
- الصلاة تُبعِد المسلم عن فعل المنكرات، وهي سببٌ في تكفير الذنوب والسيئات، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا)،[٢٧] والصلاة تبعث في قلب المؤمن التقوى، فيتّبع أوامر الله ويجتنب نواهيه.[٢٨]
المراجع
- ^ أ ب ت أبي شامة المقدسي ( 1420هـ /1999 م)، كتاب: شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى (الطبعة الأولى)، الشارقة-الإمارات: مكتبة العمرين العلمية، صفحة 194-159. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (18نوفمبر2009 م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 4247، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 350، صحيح.
- ↑ عبد الله الطيار (1433 هـ – 2012 م)، كتاب الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 214، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الكشميري (1426 هـ – 2005 م)، كتاب فيض الباري على صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 9، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ أكرم العمري (1415 هـ – 1994 م)، كتاب السِّيرةُ النَّبَويَّةُ الصَّحيْحَةُ مُحَاوَلَةٌ لِتَطبِيْقِ قَوَاعِدِ المُحَدِّثيْنَ فِيْ نَقْدِ روَايَاتِ السِّيْرَةِ النبوية (الطبعة السادسة)، المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم، صفحة 625، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 1-2.
- ↑ سورة المدثر، آية: 43.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن سعد بن هشام، الصفحة أو الرقم: 1600، صحيح.
- ↑ سعيد حوى (1416 هـ – 1995 م)، كتاب الأساس في السنة وفقهها – السيرة النبوية (الطبعة الثالثة)، دار السلام، صفحة 293، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ موسى البسيط، كتاب رد الطعون الواردة في الموسوعة العبرية عن الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 31. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (ربيع الأول 1433 هـ)، كتاب الموسوعة الفقهية-الدرر السنية، صفحة 71، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (18-نوفمبر-2009 م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 4264، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الزيد ( 1423 هـ)، كتاب تعليم الصلاة، المملكة العربية السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 21-22. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الزيد (1423 هـ)، كتاب تعليم الصلاة، المملكة العربية السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 23-29. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن الأسود بن يزيد، الصفحة أو الرقم: 340، صحيح.
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 733، صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرنؤوط، في تخريج المسند، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 19511، إسناده صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن رفاعة بن رافع، الصفحة أو الرقم: 799، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 740، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1169، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم: 4797، صحيح.
- ↑ رواه الالباني، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 213، صحيح.
- ↑ محمود عويضة، كتاب الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 54-55، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (ربيع الأول 1433 هـ)، كتاب الموسوعة الفقهية-الدرر السنية، صفحة 64، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجيري (1430 هـ – 2009 م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 409-410، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 667، صحيح.
- ↑ ابن عاشور ( 1984 هـ)، كتاب التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 201، جزء 16.