محتويات
'); }
عيسى عليه السّلام
عيسى بن مريم -عليه السّلام- آية من آيات الله -تعالى- وكلمته، وهو آخر الأنبياء -عليهم السّلام- قبل الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهو صاحب معجزة وحيدة بين الخلْق؛ إذ وُلد من أمّ دون أب وأمّه هي مريم عليها السّلام، وذلك لحِكمةٍ أرادها الله تعالى، كما أنّ عيسى -عليه السّلام- من أولي العزْم من الرّسل؛ حيث أرسله الله -تعالى- إلى بني إسرائيل فصبر على أذاهم وحِيَلِهم وغدرهم وكذبهم، وقد علّمه الله -تعالى- الإنجيل والتّوراة وحفظهما عيسى عليه السّلام، وكلا الكتابين يُرشدان إلى توحيد الله عزّ وجلّ، والاختلاف بينهما قليل في بعض الشّرائع، فعيسى -عليه السّلام- كان مؤمناً بالتوراة مُكمّلاً لها بالإنجيل، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ)،[١] وقال أيضاً عن عيسى بن مريم عليه السّلام: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ)،[٢] لكنّ بني إسرائيل كذّبوا أنبياءهم وحرّفوا كتُبهم، وعقدوا العزم على قتل نبيّهم وشرعوا بذلك فعلاً، لكنّ فضل الله -تعالى- منع ذلك ونجّاه ممّا أقدموا عليه.[٣][٤]
رَفْع عيسى إلى السّماء
كانت دعوة عيسى -عليه السّلام- إلى توحيد الله -تعالى- مقلقةً لأحبار اليهود الذين حرّفوا الكتب السماويّة التي أُنزلت لهدايتهم، فخطّطوا لقتل عيسى عليه السّلام؛ ليحقّقوا مرادهم بُحكم بني إسرائيل، لكنّ الله -تعالى- أنجى عيسى -عليه السّلام- من مكرهم ورفعه إلى السّماء.
'); }
صَلْب وقَتْل عيسى
آمن اليهود والنّصارى بأنّ فئةً من بني إسرائيل صلبوا وقتلوا عيسى بن مريم عليه السّلام، ونفى القرآن الكريم ذلك؛ إذ قال الله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)،[٥] والحقيقة أنّ عيسى -عليه السّلام- بقي متمسّكاً بالدّعوة إلى توحيد الله -تعالى- التي جاء بها كلّ الأنبياء عليهم السّلام، فخشي أحبار اليهود أن يتّبع دعوته أعداداً كبيرةً من النّاس، ثمّ يحصل إفساد وضلال الأحبار من اليهود، فقرّروا أن يصلبوه ويقتلوه، فذهبت مجموعة منهم إلى الحاكم الرومانيّ وزيّنوا له أنّ دعوة عيسى -عليه السّلام- قد تُنهي حُكمه وتُقصيه، فاقتنع الحاكم بضرورة قتل عيسى عليه السّلام، فوصلت الأخبار إلى عيسى -عليه السّلام- بأنّ الحاكم وبعضاً من أحبار اليهود ينوون صلبه وقتله، فتوارى عن الأنظار وأخبر مجموعةً من حواريّيه ومناصريه بمكانه، فوشى أحدهم عنه وهو: يهوذا الأسخريوطيّ، مقابل دراهم معدودة ممّن أرادوا قتله، فألقى الله -تعالى- عليه شكل عيسى عليه السّلام، فظنّوه هو فأخذوه وصلبوه وقتلوه.[٦]
حقيقة رَفْع عيسى إلى السّماء
وردت عدّة أدلّة في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة تدلّ على أنّ عيسى بن مريم -عليه السّلام- لم يُصلب ولم يُقتل وإنّما رفعه الله -تعالى- إلى السّماء، وحقيقة رفع عيسى -عليه السّلام- إلى السّماء أنّه رُفع ببدنه وروحه معاً، وسينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة ليُكمل مهمّته في الدّعوة إلى الإسلام وتوحيد الله عزّ وجلّ، وقتل الدجّال كما ورد في الأحاديث النبويّة الصحيحة؛ حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (والذي نفسي بيدِه، ليُوشكنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حكماً مقسطاً، فيكسرُ الصليبَ، ويقتلُ الخنزيرَ، ويضعُ الجزيةَ، ويفيضُ المالُ حتى لا يقبلَه أحدٌ)،[٧] وورد في حديث آخر وَصْف الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- لعيسى -عليه السّلام- للصّحابة -رضي الله عنهم- ليعرفه من يلقاه حين ينزل إلى الأرض، ويدلّ ذلك على أنّ عيسى -عليه السّلام- لم يمت وأنّه موجود في السّماء.[٨][٩]
الحِكمة من رَفْع عيسى
خلق الله -تعالى- عيسى -عليه السّلام- من أمّ دون أب، وإنّ التقنيات العلميّة الحديثة رغم تقدّمها المدهش والعظيم ومحاولة العلماء في اكتشاف المزيد من العلوم وعمل المزيد من الأبحاث كلّ يوم لم يعلموا كيفيّة الخَلْق دون أب، فلو كان جسد عيسى -عليه السّلام- مدفوناً في الأرض لبحث العلماء عن كيفيّة خلق عيسى -عليه السّلام- دون أب، لكنّ الله -تعالى- شاء وأراد أن تبقى حادثة رفع عيسى -عليه السّلام- إلى السّماء معجزةً لا يطّلع عليها أحداً من خلقه، فرفعه الله -تعالى- إلى السّماء لتبقى تلك الحادثة شاهدة على قدرة الله تعالى.[٤]
نزول عيسى في آخر الزّمان
ورد في الأحاديث النبويّة الشريفة بيان أشراط وعلامات قيام السّاعة؛ ومنها: نزول عيسى -عليه السّلام- في آخر الزّمان، فيمكث في الأرض فترةً من الزّمن يحكم فيها بالعدل وبشريعة الله تعالى؛ حيث قال الله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ)،[١٠] وتفسير الآية الكريمة يدلّ على أنّ نزول عيسى -عليه السّلام- من السّماء سيكون علامةً من علامات السّاعة، وورد في الأحاديث النبويّة كذلك أنّ عيسى -عليه السّلام- يقتل المسيح الدجّال بباب لدّ، فالآيات القرآنية والأحاديث النبويّة تؤكّد نزول عيسى -عليه السّلام- ليدعو النّاس إلى توحيد الله -تعالى- ويكسر الصّليب ويُكمل مسيرة الدّعوة إلى الله تعالى، وينشر العدل بين النّاس.[٦][٤]
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 48.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 50.
- ↑ “هل كان عيسى عليه السلام يهودياً؟”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-24. بتصرّف.
- ^ أ ب ت “مع كلمة الله تعالى: عيسى بن مريم عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-24. بتصرّف.
- ↑ سورة النّساء، آية: 157-158.
- ^ أ ب “عيسى عليه الصلاة والسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-24. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2222، صحيح.
- ↑ “شبهات وجوابها حول رفع عيسى عليه السلام ونزوله في آخر الزمان”، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-24. بتصرّف.
- ↑ “رفع عيسى إلى السماء بجسده وروحه وحكم من أنكر ذلك”، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-24. بتصرّف.
- ↑ سورة الزخرف، آية: 61.