الدعوة إلى الله تعالى
تعدّ الدعوة إلى الله -تعالى- من أشرف الأعمال التي يقوم بها العبد، حيث إنّها مهمة الرسل -عليهم السلام- من قبل، ثم إنّ الله -تعالى- أيّد رسله بالكتب التي تدلّ على صدق رسالاتهم، وشرع الله -تعالى- لرسله أيضاً الجهاد في سبيل نشر الدعوة وتبليغها، وجعل الله -تعالى- الحياة والموت، والجنة والنار من أجل ذلك أيضاً، فإنّ الفطرة التي فطر الله -تعالى- الناس عليها؛ تتمثل بمعرفة الله عزّ وجلّ، والتذلّل له بالعبودية المطلقة، إلّا أنّ الشيطان أغوى الناس ،وزيّن لهم الشهوات، والملهيات في الحياة الدنيا، مما تسبب بانصراف العبد عن عبادة الله تعالى، واتباع أهواء النفس وشهواتها، فالله -تعالى- أرسل الرسل؛ ليذكّروا الناس بغاية عبادة الله، وتوحيده، ولكي يخوفون الناس من الانصياع إلى أوامر الشيطان، ودليل ذلك حيث قول الله تعالى: (رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)،[١] ومن الجدير بالذّكر أنّ الدعاة يقسمون إلى قسمين رئيسيين: دعاةٌ للرحمن، ودعاةٌ للشيطان، فدعاة الرحمن: هم الدعاة من الأنبياء والرسل عليهم السلام، وأولياء الله الصالحين، وأمّا دعاة الشيطان: فهم الدعاة الجاهلون الضالون الفاسقون.[٢]
صفات الداعية إلى الله
يطلق لفظ الداعية إلى الله على الشخص المكلّف بالدعوة إلى الله تعالى، والحرص على نشر الدين، وتبليغه إلى النّاس في كلّ مكانٍ، وتكليف الداعية إنّما هو تكليفٌ شرعيٌ، والدعوة إلى الله من الأمانات التي يؤتمن عليها الداعية، إلّا أنّ الداعية يجب عليه أن يتمتع بعددٍ من الصفات، التي تعينه على مهمة الدعوة والتبليغ، وفيما يأتي بيان بعضها:[٣][٤]
- يجب على الداعية أن يكون شديد الإيمان بما يدعو إليه، فإنّ نجاح دعوة الداعية يتوقّف على عدّة أسبابٍ، منها: الفهم لضرورة وحاجة النّاس إلى الدعوة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (فَخُذها بِقُوَّةٍ وَأمُر قَومَكَ يَأخُذوا بِأَحسَنِها)،[٥] كما أنّ النبي محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم- كان مصمماً تصميماً قوياً بما يدعو إليه، وكان يرفض أيّ نوعٍ من المساومات، فكان مقبلاً على الدعوة إلى الله دون أيّ ترددٍ.
- يجب على الداعية أن يحرص على الاتصال الدائم بالله تعالى، وبذلك يوفّق الله -تعالى- الداعية في دعوته، ويعينه، وتظهر صلة العبد بربه بعدّة مظاهرٍ، منها: إخلاص النية لله -تعالى- في الدعوة، فتكون الغاية من الدعوة: نيل رضا الله تعالى، دون التطلع إلى أيّ مكاسبٍ شخصيةٍ، أو أيّة منافع دنيويةٍ، ويجب على الداعية أن يحذر من أنّ تتخلل الدعوة شيئاً من الرياء، ومن المظاهر الدالة ايضاً على الصلة الوثيقة بين العبد وربه: محبة الله عزّ وجلّ، والإكثار من العبادات المفروضة، والنوافل، وذكر الله تعالى.
- يجب على الداعية أن يكون عالماً بما يدعو إليه، حيث قال الله -تعالى- مخاطباً نبيّه محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم: (قُل هـذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللَّهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبحانَ اللَّهِ وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ)،[٦] حيث إنّ الداعية الجاهل بما يدعو إليه، إنّما هو في الحقيقة مشوّهاً للدعوة، مما يؤدي إلى فقدان أهمية الدعوة وصدقها لدى عامّة الناس.
- يجب على الداعية أن يحرص على أن يكون سلوكه مستقيماً، لا تشوبه أيّ شائبةٍ، مع حرصه على أن يكون قدوةً لغيره فيما يدعو إليه، ودليل ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)،[٧] حيث إنّ الداعية الذي لا يعمل بما يعلم، لا يكون صادقاً بدعوته، كما أنّ الله -تعالى- يفضحه يوم القيامة عند حسابه أمام النّاس.
- يجب على الداعية أن يكون مدركاً لما يحصل حوله من الأمور، مع العلم بأمور الدعوة وما تتطلبه، ويجب على الداعية أن يعلم بواقع المدعوين، وأن يعلم بالدعوة وما تمرّ به من أحداثٍ جسامٍ.
- يجب على الداعية أن يكون حكيماً في جميع الأمور، وأن يضع الأمور في أماكنها المناسبة، ويجب أن يتعامل مع المدعوين بالأساليب الحسنة، ومما دلّ على ذلك قول الله تعالى: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ)،[٨] فيجب على الداعية أن يختار الأسلوب المناسب للدعوة، وفي الوقت المناسب لذلك، وذلك بحسب حال المدعو.
- يجب على الداعية يتصف بالأخلاق الحسنة، حيث إنّ الأخلاق الحسنة من أهم ما يجب على الداعية الالتزام به، فكان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- صاحب خلقٍ حسنٍ، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٩] وكما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أكمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسَنُهم خُلقًا).[١٠]
طرق وأساليب الدعوة إلى الله
يمكن للداعية اتباع العديد من الوسائل والأساليب في دعوته إلى الله تعالى، وفيما يأتي بيان بعضها:[١١]
- تعليم القرآن الكريم، وتعلّمه، والحرص على نشر القرآن بين الناس، حيث إنّ ذلك من أعظم وسائل الدعوة إلى الله تعالى، كما أنّه الكتاب المعجز، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما منَ الأنبياءِ نبيٌّ إلا أُعطِيَ ما مِثلُه آمَن عليه البشرُ، وإنما كان الذي أوتيتُه وَحيًا أوحاه اللهُ إليَّ، فأرجو أن أكونَ أكثرَهم تابعًا يومَ القيامةِ)،[١٢] ويتمثل ذلك؛ في حفظ القرآن الكريم، والتفقّه في أحكامه، وترجمة معاني القرآن الكريم، حيث إنّ ذلك من أعظم وأفضل أسباب الهداية.
- نشر كتب السنة النبوية، وإعطاء النبي -صلّى الله عليه وسلّم مكانةً عظيمةً، والسعي إلى التفقّه في الأمور الواردة في السنة النبوية، ونشر السيرة النبوية.
- الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فالخلافة في الأرض لمن يقوم بتلك المهمة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).[١٣]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 165.
- ↑ “الدعوة إلى الله تعالى”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-9-2018. بتصرّف.
- ↑ “الداعية وأدواره”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-9-2018. بتصرّف.
- ↑ “كيف يكون الإنسان داعية؟”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 145.
- ↑ سورة يوسف، آية: 108.
- ↑ سورة الصف، آية: 2-3.
- ↑ سورة النحل، آية: 125.
- ↑ سورة القلم، آية: 4.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 479، أخرجه في صحيحه.
- ↑ “أعظم الوسائل في الدعوة إلى الله تعالى”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4981، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 41.