'); }
الشيطان وعداوته للإنسان
خصّ الله -تعالى- مخلوقاته المكلّفة منها بثلاثة نعم رئيسية؛ العقل، والدين، والحرية في الاختيار والتصرّف، وقد كان إبليس أول من أساء استخدام هذه النعم، واستغلها في التمرّد عمّا أمره الله تعالى به، فامتنع عن السجود لآدم عليه السلام، رغم أنّ الله تعالى قد أمره بذلك، ممّا أدى إلى أن يطرده الله تعالى من السماء، ويحقّ عليه لعنته إلى يوم القيامة، إلّا أنّ إبليس أصرّ على عصيانه، بل وطلب من الله -تعالى- أن يُمهله إلى يوم البعث حتى يتمادى أكثر في استغلال تلك النعم من خلال إغواء بني آدم، وتزيين المعاصي لهم ليكونوا رفقاءه في النار، فكلّ ما يقع بين الناس من كفرٍ وقتلٍ وفواحشٍ وزنا وسفور ونحو ذلك هو من عمل الشيطان الذي أعلن عداوته لبني آدم من ذلك اليوم، وتتخذ عداوة الشيطان لبني آدم صوراً عديدةً، فمنها تزيين الشرور والآثام لهم، ومنها الوسوسة لهم في أعمالهم، ومنها قعوده للإنسان في كلّ طرق الخير محاولاً أن يصرفه عنها ويثبّطه عن فعلها، ومنها حرصه على إلقاء العداوة والبغضاء بين الناس، ومنها إيذاؤهم بالشرور والأسقام، ومنها أنّه يبول في أذن الإنسان حتى يمنعه من اليقظة في الصباح.[١][٢]
وحتى يحقّق الشيطان بغيته في إضلال الإنسان، فإنّه يسلك طرقه الأربعة، اليمين والشمال والأمام والخلف، فأي طريق يسلكها الإنسان يجد الشيطان ماثلاً فيها، وله في الوسوسة للإنسان مداخل ثلاثة؛ هي: الهوى، والشهوة، والغضب، فطبيعة الشهوة بهيمية، يظلم الإنسان بها نفسه وتؤدي به إلى البخل، أمّا طبيعة الغضب فسبعية، وبها يظلم الإنسان نفسه وغيره، كما أنّها تؤدي به إلى الكبر والعجب، وطبيعة الهوى شيطانية، يتعدّى ظلمه بها إلى خالقه، ممّا يؤدي إلى الكفر والبدعة، وللشيطان خطواتٍ في تحقيق مراده من إغواء الإنسان، فيحاول أولاً أن يدفعه إلى الكفر والشرك، فإن لم يستطع حاول أن يدفعه إلى البدعة، فإن لم يتمكّن من ذلك حاول دفعه إلى فعل الكبائر، فإن لم يستجب له الإنسان حاول دفعه إلى الصغائر، فإن لم يستجب أيضاً حاول أن يُشغله بالمباحات حتى يصرفه عن الطاعات، فإن لم يتمكّن منه حاول صرفه عن العمل الفاضل بالمفضول، فإن لم يتمكّن كانت خطوته الأخيرة بأن يسلّط عليه حزبه من الإنس والجنّ، حتى يشغله ويشوّش عليه.[١]
'); }
كيفية التخلّص من الشيطان
يحاول الشيطان التسلّط على المسلم بمجموعةٍ من الأساليب، وعلى المسلم أن يتنبّه إليها حتى يتمكّن من التخلّص منه، وفيما يأتي بيان كيفية ذلك:[٣]
- التخلّص من الصور والتماثيل الموجودة في البيوت؛ حيث أخبر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّ البيوت التي تعرض فيها التماثيل والصور لا تدخلها الملائكة، فقال: ( لا تدخلُ الملائكةُ بيتاً فيه كلبٌ ولا صورةُ تماثيلَ)،[٤] فإذا خلي البيت من الملائكة، فلا بدّ أنّ فيه شياطينٌ.
- الحرص على صلاة النافلة في البيت، فقد أرشد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى أداء صلاة النافلة في البيت، وذكر الإمام النووي -رحمه الله- أنّ ذلك سببٌ في حصول البركة للبيت، وفيه نزول الرحمة والملائكة عليه، ونفور الشياطين منه.
- الحرص على قراءة القرن الكريم في البي؛، لأنّ هجر القرآن سببٌ في تقوية الشياطين على الإنسان، وتمكّنهم منه.
- ترك اقتناء الكلاب في البيت وتربيتها، لما سبق ذكره من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي يشير إلى عدم دخول الملائكة إلى بيتٍ فيه كلبٌ.
- منع الأبناء من اللعب خارج البيت في الوقت الذي تنتشر فيه الشياطين، فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا ترسِلوا فَواشيَكُم وصبيانَكُم إذا غابتِ الشَّمسُ حتَّى تذهبَ فحمةُ العِشاءِ، فإنَّ الشَّياطينَ تنبعِثُ إذا غابتِ الشَّمسُ حتَّى تذهبَ فحمةُ العِشاءِ).[٥]
- التأكّد من إغلاق الأبواب، وإطفاء المصابيح، وإكفاء الآنية، وذكر اسم الله عليها عند النوم، فقد أرشد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى فعل ذلك كلّه؛ تجنباً للشياطين، فقال: (خَمِّروا الآنيةَ، وأَوْكوا الأَسقيَةَ، وأَجِيفوا الأَبوابَ، واكفِتُوا صِبيانَكُم عندَ العِشاءِ؛ فإنَّ للجِنِّ انتِشاراً وخَطَفةً، وأَطفِئوا المَصابيحَ عندَ الرُّقادِ).[٦]
- تجنّب الوحدة في السفر والمبيت، فالوحدة تُعين الشيطان على الإنسان، وتقوّيه عليه، والجماعة بشكّلٍ عامٍ تقوي الإنسان، وتصدّ عنه أي عدوان،ٍ سواءً كان من شياطين الإنس أو من شياطين الجنّ.
- التحصّن الدائم بالأذكار حتى يندفع الشيطان عن الإنسان، فالأذكار تقي الإنسان من شرور شياطين الإنس والجنّ، ومن تلك الأذكار الواقية: أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وأذكار دخول المنزل والخروج منه، وأذكار الدخول إلى بيت الخلاء، وكذلك التسمية عند فعل كلّ أمرٍ مستحبٍ من أكلٍ وشربٍ ونحو ذلك من الأفعال.
الحكمة من خلق الشيطان
خلق الله -تعالى- الشيطان، وجعل في ذلك حِكماً ومصالحاً عديدةً، لا يملك حصرها إلّا هو، وفيما يأتي بيان جانبٍ من تلك الحكم:[٧]
- إكمال مراتب العبودية لأنبياء الله تعالى، وأوليائه، وذلك من خلال مجاهدتهم لعدوّ الله تعالى، وحزبه، ومخالفتهم له، وإغاظتهم إياه.
- جعل الشيطان عبرةً لمن أراد عصيان الله تعالى، ومخالفة أوامره من بني البشر.
- ابتلاء الإنسان وامتحانه من خلال خلق الشيطان، فيظهر بذلك الطيب من الخبيث بينهم.
- إظهار كمال قدرة الله تعالى بتنوّع خلقه، فقد خلق الملائكة والشياطين، وهو خالق الأضداد كلّها؛ السماء والأرض، والحرّ والبرد، وغير ذلك.
- دفع الإنسان لعبادة الله تعالى، كعبادة الإنابة، والاستعانة، والتوكّل، والصبر، فهذه من أحبّ العبادات إلى الله عزّ وجلّ.
المراجع
- ^ أ ب “.عداوة الشيطان لبني آدم”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-29. بتصرّف.
- ↑ “عداوة الشيطان للإنسان”، www.islamqa.info، 2001-4-15، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-29. بتصرّف.
- ↑ صالح بن صبحي القيم (2008-1-13)، “وقاية الإنسان من تسلط الشيطان”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-29. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 3225، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2013، صجيج.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3316، صحيح.
- ↑ “الحكمة من خلق إبليس”، www.fatwa.islamweb.net، 2001-6-6، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-29. بتصرّف.