إذا أردنا التعرّف على أهم الاكتشافات التي غيّرت مجرى التاريخ البشري فيجب علينا أن نذكر النار، قد لا يجد البعض منا سبباً لإطلاق هذا الوصف على النار نظراً لأنه يعيش في عصر التكنولوجيا والسرعة، ولكن بالتأكيد فإنّ النار هي أحد أهم هذه الاكتشافات إن لم يكن أهمها على الإطلاق، سنحاول هنا التعرف على ماهية النار؟ كيف اكتشفها الإنسان القديم؟ كيف كان تأثيرها في العالم المعاصر الذي نعيشه الآن؟
محتويات
ماهية النار
النار هي عبارة عن حرارة وتوهّج نتيجة حدوث تفاعل كيميائي بين بعض المواد القابلة لحدوث الاشتعال، وهذا التعريف يبدو كتعريف بسيط ، أما التعريف العلمي للنار فهو تفاعل كيميائي بين مواد قابلة للاشتعال ويكون هذا التفاعل مصحوباً بأكسدة لتنتج حرارة وطاقة ضوئية، ويكون لهذه النار الناتجة القدرة على إشعال الحرائق أو إحراق الأجسام البشرية وتسبب الكثير من الضرر.
اكتشاف النار
اختلف العلماء في هذا الأمر، فالبعض منهم يعتقد أن اكتشافها كان من قبيل الصدفة جراء اشتعال بعض الأشجار من آثار البرق، أو بسبب ارتفاع حرارة الشمس وتأثيرها على بعض الأوراق والنباتات الجافة، أما البعض الآخر فيَعتقد أن الإنسان القديم اكتشفها عن طريق احتكاك الأخشاب بعضها ببعض، ولقد كان هذا الاكتشاف بالنسبة إلى الإنسان القديم مثل اكتشاف الكهرباء في عصرنا الحالي، ولكن هذا الاكتشاف تطوّر بشكل كبير عندما تم اختراع أعواد الثقاب، وهذه النار لها استخدامات عديدة مثل: الدفء في البرد الذي كان يصل أحياناً من شدته لقتل الإنسان، وحماية الإنسان من لسع الحشرات الضارة والحيوانات المفترسة والتي كانت تؤدي إلى موته، وتستخدم أيضاّ في الإنارة حيث إنه كان يعيش داخل الكهوف المظلمة، كما تستخدم في طهي الطعام حيث إنه كان يأكل طعامه نيّئاً قبل اكتشاف النار.
إشعال النار
تتنوع الأساليب التي يمكننا من خلالها إشعال النار، ومن هذه الطرق: القيام بعمل احتكاك بين قطعتين من الخشب أو حدوث احتكاك بين حجرين مثل أحجار الصوان أو أحد أنواع الأحجار التي تحتوي على كمية من الحديد، أو من خلال استخدام المرايا وتسليط أشعة الشمس بشكل مكثّف على الأخشاب والأوراق اليابسة، أما في العصر الحديث فقد انتشرت أعواد الثقاب والولاعات بشكل كبير، وتم استخدام بعض المواد الكيميائية لإنتاج العديد من التفاعلات الكيميائية لإشعال النار.
النار والأديان السماوية
ارتبطت النار بالأديان السماوية وخاصة الإسلام، فقد حذّرنا الله سبحانه وتعالى من عذاب النار وبئس المصير، فهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تحذرنا من العذاب الذي سيلاقيه الكافر بالله في جهنم، ومن هذه الآيات: “وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا”، ومن الآيات القرآنية أيضاً: “نَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا”، وهذه الآيات الكريمة تدل على حجم العذاب الذي سوف يلاقي الكفر في الدار الآخرة.
تطوّر النار عبر التاريخ
لا يمكن إنكار الفضل الكبير للنار في تطور الإنسان وحضارته إلى الأفضل، فلقد تطوّر اكتشاف النار من إنارة الكهوف وطهي اللحوم النيئة إلى استخدامها في صناعة المفاعلات النووية ومركبات الفضاء، وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة للنار في تطور الإنسان إلّا أنّها قد تسبب الكثير من الحرائق والدمار للمدن والصناعات الحديثة، وفي وقتنا الحاضر تعدّدت استخدامات النار في كافة مجالات الحياة مثل المحطات الخاصة بالطاقة ووسائل النقل ومصانع الأسلحة، ووصلت أيضاً إلى الاستخدام الشخصي للإنسان مثل الطهي والتدخين والتخييم في الغابات.
أشهر الحرائق في التاريخ
لقد شهد التاريخ الكثير من الحرائق التي لا يمكن أن نعددها في هذا الموضوع، ولكن هناك بعض الحرائق التي لا يمكن أن نتجاوزها، وأشهر هذه الحرائق الآتي:
- حريق روما في عام 64م: يعتبر المؤرخون أنّ هذا الحريق هو الأشهر والأكثر دماراً على الإطلاق، إذ قام الإمبراطور نيرون بحرق ما يزيد عن ثلثي مدينة روما لمدة وصلت إلى خمسة أيام كاملة، أما السبب فالبعض يعتقد أنه قام بهذا الحريق ليقتل المؤمنين بالمسيح، أما البعض الآخر فيعتقد أنه قام به لإنشاء قصر خاص به.
- حريق لندن الكبير في عام 1666م: كان لهذا الحريق أثر كبير على لندن، إذ أنّ الكثير من معالمها مُسحت من أرض الواقع، وكان السبب في هذا الحريق هو خبّاز الملك “تشارلز الثاني” جون فارينور، إذ قام فارينور بإشعال الفرن وتركه قيد الاشتعال دون إخماده كلياً، ما تسبب في حدوث هذا الحريق الهائل وامتداده ليصل إلى معظم أنحاء لندن.
- حريق تكساس في عام 1947م: وكان سببه حدوث حريق في سفينة تحمل البضائع، وكانت ترسو على الميناء الخاص بمدينة تكساس الأمريكية، وكان السبب الرئيسي في انتقال الحريق إلى المدينة هو حمولة السفينة من نترات الأمونيوم التي تعد من المواد شديدة الاشتعال والانفجار، أدّى هذا الحريق إلى مقتل ما يزيد على 600 شخص وخسائر اقتصادية هائلة ودمار ما يزيد عن ألف مبنى.
تصنيف الحرائق
تصنف الحرائق حسب درجة خطورتها، وحسب المواد التي تطالها نيران الحرائق وهي كالآتي:
- حرائق من الدرجة الأولى: وهي الحرائق التي تكون في المواد ذات الطبيعة الصلبة، والتي يكون أصلها من المواد العضوية مثل الأخشاب والأوراق والملابس، وأفضل طريقة لإطفاء الحرائق في هذه الحالة هو الماء.
- حرائق من الدرجة الثانية: وهي الحرائق التي تكون في المواد السائلة والقابلة للاشتعال مثل الكيروسين والبنزين، أما أفضل طريقة لإطفائها فهي تنقسم إلى قسمين وهما: المواد القابلة لإطفائها من الماء، والمواد غير القابلة لإطفائها من الماء نظرا لعدم ذوبانها معه.
- حرائق من الدرجة الثالثة: وهي الحرائق التي تحدث في المواد الغازية مثل البروبان، وأفضل الطرق لإطفائها هي المواد الكيماوية والتي تكون على شكل رغوة أو مسحوق.
- حرائق من الدرجة الرابعة: وهي الحرائق التي تكون في المواد المعدنية، وأفضل الطرق لإطفائها هو الرمل ومساحيق الجرافيت أو المساحيق الكيماوية الجافة.
كيفية إطفاء الحرائق
عند حدوث الحريق فإننا نحاول القيام بإطفاء هذا الحريق لكي نتجنب حدوث الخسائر الكبيرة التي تؤدي إلى الوفيات والجرحى وخسائر في اقتصاد الدولة قد تؤدي إلى انهيارها ومن هذه الوسائل المستخدمة في إطفاء الحرائق الآتي:
- عملية تبريد الحرائق: وتكون هذه العملية عن طريق استخدام الماء في عملية إطفاء الحرائق ومنع تمددها إلى أماكن أخرى، وتعتمد هذه العملية على امتصاص الماء للحرارة المشتعلة من المواد التي تزيد من تمدد الحريق، فيقوم هذا الماء بتحويل الحرارة المرتفعة إلى بخار.
- عملية تجويع الحريق: وهذه العملية يتم فيها إبعاد المواد القابلة للاشتعال عن الحريق وعدم السماح له بالتمدد، ومن طرق تجويع الحريق أيضاً تقطيع الحريق إلى عدة أقسام وإطفائها الواحدة تلو الأخرى، ومحاولة إبعاد الأشجار والملابس ومحابس الغاز عن الحريق.
- عملية خنق الحريق: وفي هذه العملية نحاول منع وصول الأكسجين إلى الحريق ومن ذلك محاولة إغلاق النوافذ والشبابيك لمنع دخول الهواء إلى الحريق والعمل على زيادة اشتعاله، ومن ذلك أيضاً محاولة تغطية المواد المشتعلة والتي تسبب الحريق ببعض المواد الكيميائية التي تساعد على إطفاء الحرائق.