لا شكّ أنّ كل منا يراوده أن يتحدث عن نفسه لصديق أو مقرب، لكن الإنسان يعتريه نقص من جانب النسيان تارة، ومن جانب آخر الخطأ، لذلك كثيراً من الناس يحاول أن يكتب ذكريات من أيامه، لأن الماضي جميل، وجماله في قدمه، لذلك فكل قديم أثري له قيمته، وتزداد القيمة كلما زاد التوغل في الزمن .
ولكن قد يسأل سائل كيف أكتب الذكريات ؟ وللجواب، إليك أخي القارئ خطوات ستعينك إن شاء الله تعالى _ على كتابة الذكريات، ولكن قبل الشروع فيها ينبغي أن تعلم أن الذكريات تتمتع بالخصائص التالية :-
1.الذكريات هي عناوين مجدولة على أجندة، وحبذا لو كانت في كتاب واحد يضم سنوات وسنوات .
2.الذكريات هي أحداث تمرّ بنا مرة في العام أو مرة في العمر، فليس كل ما يحدث يكتب .
3.الذكريات عبارة عن رؤوس أقلام، فلا تسهب إلا حيث للإسهاب فائدته، وهذا عادة ما يكون مهما في حياة القادة وزعماء التغيير، وليس في كل موطن بل في ساعات التغيير، فمثلاً على سبيل المثال يمكن أن يفصّل زعيم كالراحل جمال عبد الناصر في أحداث الأيام القلائل التي سبقت ثورة 23 يوليو .
4.الذكريات تحتاج إلى رصد يومي، ولكن قد تمر أيام لا جديد فيها، لا بأس إلا تكتب لكن لا تدع حدثاً مهماً يفوتك بل قيّده في يومه .
جميل أن تذكر في الذكريات حكمة أو مثل يبين موقف النفسي، وما إستفدته من هذا الحدث في يومه، ثم بعد سنة كيف صار انطباعك ؟، وبعد سنة أخرى، وهكذا، لأن هذا مما يعلمك كثيراً في الحياة، مثل أن كثيرا من الناس تتغير انطباعاتهم ونظرتهم للأحداث نحو الأفضل بمرور الأيام، ولكن إذا رأى أن المنحنى إلى سفول فليتدارك نفسه وليعالج آثار هذا الحدث عليه .
أما الخطوات المناسبة لكتاب الذكريات فهي كما يلي :
1.حضر جداول الاحداث مؤرخة لكل يوم مع مساحة للملاحظات والفوائد .
2.أكتب الأحداث التي مرت بك في نفس يومها، وبصيغة موجزة لكنها واضحة وأسهب إن كان الإسهاب لا يشعر القارئ بالملل .
3.أكتب الأحداث بشفافية، فإعترف بأخطائك خير من أن تبررها .
4.لا تنس أن تكتب إنطباعك وفوائدك بعبارة أخصر ولون مخالف لتظهر أنّها إنطباعك وليس من ضمن الأحداث .
5.ليس هناك ضرورة لكتابة أخطاء سترها الله عليك ما لم تكن لها آثارها العميقة أو إكتشفها الناس بعد ذلك .
6.الأخطاء التكتيكية يجب أن تذكر مثل خطأ سياسي مثلاً أو اجتماعي، فالإعتراف بالخطأ خير من التمادي فيه .
7.يجب ألا تذكر أسماء في سياق الذم أو السب الصراح، فهذا مما لا يليق بصناع المجد والأفكار والعقول .
8.ينبغي أن تعلم أنّ هذا الكتاب قد يقع بين يدي الناس، فكن مؤتمناً على عقولهم وأفكارهم واتجاهاتهم وميولهم .
بهذا أخي تحظى بكتابة للذكريات جميلة، وإذا وفقت لكتابة ذكرياتك من الميلاد إلى مراحل متقدمة من عمرك، وبعد إعادة صياغة الذكريات في كتاب ستحصل على كتاب سيرة ذاتية أدبي، مثل كتاب ” أنا ” للعقاد .