محتويات
'); }
كيف أرى رؤيا صالحة
دلَّت العديد من النُّصوص الشَّرعيَّة على أسباب تُعين المؤمن على تحرّي الرؤيا الصالحة في المنام، وكُلَّما تحقَّقت هذه الأسباب مع صدق النيَّة والإخلاص فيها، كان قريباً من صدق رؤياه، وجاء عن ابن القيم -رحمه الله- قوله: “ومن أراد أن تَصدُق رؤياه فليتحرَّى الصِّدق، وأكل الحلال، والمحافظة على الأمر والنهي، ولينم على طهارةٍ كاملةٍ، مستقبل القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه، فإنَّ رؤياه لا تكاد تكذب البتّة”، ومن هذه الأسباب ما يأتي:[١]
- تحقيق الولاية لله -تعالى-: وذلك لِقولهِ تعالى: (أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّـهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ* الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ* لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّـهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ)،[٢] وجاء في تفسير البُشرى الموعود بها أولياء الله -تبارك وتعالى- في الآية في الحياة الدُّنيا؛ أنَّها الرُّؤيا الصَّالحة، ومن أسباب تحقُّق الولاية: أداء الفرائض والتَّقرُّب إلى الله بالنَّوافل، والولاية لا تتحقق إلَّا بالتحلِّي بالصدق وتقوى الله -عز وجل-، بالإضافة إلى الإخلاص في الأفعال والنيَّة التي يُقصد منها الله -تعالى- لا الدنيا.
- تحرِّي الصِّدق في الحديث: فكُلَّما كان الإنسانُ أصدق في الحديث كان أصدق في الرُّؤيا، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُسْلِمِ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيا أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا)،[٣] كما أنَّ الرُّؤيا وصدقها تكون من صدق صاحبها، والشخص الذي يُكثر الكذب والتهويل والمبالغة هو أبعد ما يكون عن الرُّؤيا الصادقة.[٤]
- التحرُّز والبُعد عن الشَّيطان عند النَّوم: كنوم المسلم مُتوضّئاً، مع النَّوم على الشقِّ الأيمن، وذكر الله -تعالى-، والاستعاذة بالله من الشَّيطان، وقراءة الأذكار الواردة عن النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- قبل النَّوم؛ كقراءة آية الكُرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، فكل هذه الأمور إن لزمها المسلم كانت له حصناً من الشَّيطان ووساوسه.
- تحرِّي الرُّؤيا في وقت السّحَر: لأنَّه وقت النُّزول الإلهي نزولاً يليق بجلاله، والمغفرة والرَّحمة، وإجابة الدعاء.[٥]
'); }
ما الفرق بين الرُّؤيا الصَّالحة وغيرها
قد يُفكّر العديد من النّاس بأن الرؤيا الصالحة وغيرها من الإلهام والخاطر والحلم بنفس المعنى، إلا أنّه توجد العديد من الفُروقات بين الرُّؤيا الصالحة الصادقة وغيرها، وفيما يأتي بيان ذلك:[٦][٧]
- الرُّؤيا الصَّالحة: تكون من الله -تعالى- وبُشرى منه، وتكون ممَّا يعجب الإنسان ويَسُرّه ويُحبها، وتكون حسنةً في ظاهرها، بالإضافة إلى صدقها،[٨] والرُّؤيا الصَّالحة من أجزاء النُبوَّة، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ورُؤْيا المُسْلِمِ جُزْءٌ مِن خَمْسٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ)،[٣] وتحصُل في الغالب للأنبياء والصَّالحين.
- الإلهام: هو تلقين الله -تعالى- الخير لعبده، أو إلقاؤه في روعه، وفي الاصطلاح: إيقاع الشيء في النفس، والاطمئنان له، ويختصُّ الله -تعالى- به بعض أصفيائه، والفرق بينه وبين الرؤيا أن الإلهام يكون في اليقظة، والرؤيا تكون خلال النوم.
- الحُلُمُ: وهو من الشَّيطان، ويكون بقصد إحزان الإنسان، ويكون في الأشياء السيئة، ويُستعمل عند أهل الُّلغة بما يراهُ النَّائم من الخير أو الشَّر، ولكن غلب استعمالهُ في الشَّر، أمّا الرُّؤيا فتكون في الخير، وهي من الله -تعالى-،[٩] وقيل: إنَّ الرُّؤيا غير الصَّالحة أو الكاذبة تُسمَّى بالحُلُم، والصَّادقة والحَسَنة تُسمَّى رؤيا صالحة.[١٠]
- الخاطر: يكون في الغالب في اليقظة، بخلاف الرُّؤيا التي تكون في المنام.
دلالات الرُّؤيا الصَّالحة
هناك العديد من الأمور التي تدُلُّ على الرؤيا الصالحة، نورد منها ما يأتي:
- تدلّ الرؤيا الصالحة على صلاح صاحبها: ويدلّ على ذلك قول عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (رَأَيْتُ في المَنَامِ كَأنَّ في يَدِي سَرَقَةً مِن حَرِيرٍ، لا أهْوِي بهَا إلى مَكَانٍ في الجَنَّةِ إلَّا طَارَتْ بي إلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا علَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ، علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّ أخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أوْ قالَ: إنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ)،[١١][١٢] وهي من صفات أولياء الله- تعالى-، وتسرّ صاحبها.[١٣]
- تدلّ الرؤيا الصالحة على البُشرى من الله -تعالى- للإنسان الذي يرى هذه الرؤيا الصَّالحة:[١٤] لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّراتُ قالوا: وما المُبَشِّراتُ؟ قالَ: الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ).[١٥][١٦]
- تدلّ الرؤيا الصالحة على اهتمام الشّخص بما يراه في منامه في حياته.[١٧]
- تدلّ الرؤيا الصالحة على التثبيت من الله -تعالى- لِعباده المؤمنين.[١٨]
المراجع
- ↑ سهل العتيبي، الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، الرياض: دار كنوز إشبيليا، صفحة 166-175. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 62-64.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2263، صحيح.
- ↑ محمد الجوزية (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 74، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الجوزية (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 76، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 7-9، جزء 22. بتصرّف.
- ↑ سهل العتيبي، الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، الرياض: دار كنوز إشبيليا، صفحة 64-66. بتصرّف.
- ↑ سهل العتيبي، الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، الرياض: دار كنوز إشبيليا، صفحة 118-124. بتصرّف.
- ↑ أحمد الكوراني (2008)، الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 470، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سعد المرصفي (2009)، الجامع الصحيح للسيرة النبوية (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة ابن كثير، صفحة 579، جزء 3.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 7015، صحيح.
- ↑ سهل العتيبي، الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، الرياض: دار كنوز إشبيليا، صفحة 74-75. بتصرّف.
- ↑ لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 225، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الزرقاني (2003)، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، صفحة 564، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6990، صحيح.
- ↑ عبد الملك الثعالبي، اللطائف والظرائف، بيروت: دار المناهل، صفحة 241. بتصرّف.
- ↑ سهل العتيبي، الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، الرياض: دار كنوز إشبيليا، صفحة 77. بتصرّف.
- ↑ سهل بن رفاع بن سهيل الروقي العتيبي، الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، الرياض: دار كنوز إشبيليا، صفحة 76. بتصرّف.