محتويات
كيفيّة صلاة الاستخارة
تُؤدَّى صلاة الاستخارة بأن يبدأ المستخير بصلاة ركعتَين من غير فريضةٍ، وذلك في أيّ وقتٍ شاء من الليل أو من النهار، ثمّ يقرأ الفاتحة ويقرأ بعدها ما شاء أن يقرأ، وبعد أن ينتهي من الركعتين يحمد الله -تعالى- ويصلّي على نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم-، ثمّ يشرع بالدعاء.[١]
وهذا الدعاء المسنون رواه البخاريّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث جابر -رضي الله عنه-، حيث قال: (إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي قالَ: «وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ)،[٢][١] أما ما يقرؤه المستخير في صلاة الاستخارة بعد قراءة سورة الفاتحة، فجاء ذلك على قولَين عند أهل العلم، وهما كما يأتي:[٣]
- ذهب الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، إلى استحباب قراءة سورة الكافرون في الرّكعة الأولى، وسورة الإخلاص في الرّكعة الثانية.
- ذهب الحنابلة، وبعض الفقهاء، إلى عدم القول بقراءةٍ مخصوصةٍ في صلاة الاستخارة.
ومحلّ الدعاء في صلاة الاستخارة يكون بعد التسليم من الرّكعتَين مباشرةً، وهذا يتّضح من قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ)،[٤] وإن كان الدّعاء أوْلى بعد الصّلاة، إلّا أنّ بعض العلماء قالوا بجواز الدّعاء أثناء السّجود في الصّلاة.[٥]
الأحوال التي تستدعي الاستخارة
تأتي الأحوال التي تستدعي صلاة الاستخارة على ثلاثة أقسامٍ، وهي كالآتي:[٦]
- الأمور المشروعة من الواجبات والمستحبّات، وهذه ممّا لا يُستخار فيها، وإنّما يُستخار في أنواعها عند تزاحمها وتعارضها، فهي مطلوبة للفعل.
- الأمور المنهي عنها من المحرّمات والمكروهات؛ فلا يُستخار فيها؛ بل يتوجّب تركها والابتعاد عنها ابتداءً.
- الأمور المباحة؛ كشراء منزلٍ، أو زواجٍ، أو سفرٍ، ونحو ذلك، فإنّها تكون موضع استخارة إذا تردّد المسلم فيها، أمّا إذا وضحت مصلحتها وحاجتها فلا يستخير حينئذٍ ويقدّم المصلحة.
تعريف ووقت صلاة الاستخارة
تُعرّف صلاة الاستخارة بأنّها الصّلاة التي تُؤدّى لله -عزّ وجلّ-؛ طلباً للخيرة من أمره -سبحانه- في أمرٍ من الأمور الواجبة أو المستحبّة إذا ظهر تعارضها في الحياة، أو في الأمور المباحة التي لم يُعلَم خيرها من شرّها،[٧]
وقت صلاة الاستخارة يكون عندما يحتار المرء في مصلحة أمرٍ؛ أيفعله أم يتركه، وأيّهما سيكون الأصلح والأنفع، كأن يتحيّر في اختيار قطعة أرض المناسبة، أو يحتار في اتّخاذ شريكة حياته؛ فحينئذٍ يصطف للصّلاة في الليل أو النّهار، ويسأل ربّه الخيرة من أمره،[٨] وليس لصلاة الاستخارة وقتٌ مخصوصٌ بعينه، إلّا أنّ على المرء أن يتجنّب أوقات النهي عن الصّلاة، ويتحرّى أوقات الفضيلة؛ كالثلث الآخير من الليل، ولا يُصلّيها بعد صلاة الوتر؛ لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا).[٩][١٠]
أهمية صلاة الاستخارة
إنّ أهميّة صلاة الاستخارة تتأتّى من عدّة أمورٍ، وهي فيما يأتي:[١١]
- حقيقة صلاة الاستخارة لله -تعالى- ما هي إلّا تفويض الأمر كُلّه لله -تعالى-، والتوكّل عليه -سبحانه-، والاستقسام بقدرته وعلمه.
- صلاة الاستخارة إظهارٌ للفاقة والحاجة الدائمة لله -تعالى- في كُلّ شؤون الحياة.
- إحدى المِنَح الإلهيّة والعطايا الربّانيّة التي امتنّ الله -تعالى- بها على أمّة محمّد -صلّى الله عليه وسلم-، تعويضاً وبديلاً عمّا كان من أمر الجاهليّة في التّطيّر، والاستقسام بالأزلام، وغيرها.
- صلاةُ الاستخارة هي عبادةٌ من فضائل العبادات، ووسيلةٌ من أجلّ التوسّلات إلى الله -تعالى-، بل هي من السُّنَن العظمى، فإنّ دعاءها الوارد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يتضمّن الاعتراف التامّ بعلم الله -تعالى- وقدرته، ويُظهر عجز ابن آدم في أن يتخيّر لنفسه ما يصلحه وينفعه من الخير إلّا بتوفيقٍ من الله -تعالى-؛ فأمره كُلّه لله وبيده -عزّ وجلّ-.
المراجع
- ^ أ ب طارق بن محمد الطواري، صلاة الاستخارة، الكويت: دار ابن الجوزي، صفحة 11-12. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 245، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
- ↑ حسام الدين عفانة (1427هـ)، فتاوى يسألونك، الضفة الغربية: مكتبة دنديس، صفحة 178، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (1430هـ)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الرياض: بيت الأفكار الدولية، صفحة 698-699، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (1431هـ)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 555. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 78، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 998، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1430هـ)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 9350، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ طارق بن محمد الطواري، صلاة الاستخارة، الكويت: دار ابن الجوزي، صفحة 5-7. بتصرّف.