الجنّة
إنّ الجنّة من أسمى الغايات التي يودّ الإنسان الوصول إليها، فهي الملجأ الوحيد الذي لا مرض فيه ولا تعب، ولا جوعٍ ولاعطشٍ، فتتحقّق الأمنيات ويطيب العيش فيها، ويفرح الإنسان بخلودٍ أبديٍّ فيها، ومن صفات الجنّة إنّها واسعةٌ كما وصفها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (إنَّ في الجنةِ لشجرةً يسيرُ الراكبُ الجوَادُ أو المُضمَرُ السريعُ مئةَ عامٍ وما يَقطَعُها)،[١] وقال أيضاً في وصف الجنّة: (قال اللهُ: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا رأَتْ عَينٌ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرٍ)،[٢] فمهّما يتخيّل الإنسان نعيم الجنّة إلّا أنّ الله -تعالى- أعدّ في الجنّة أعظم ممّا يتخيّله الإنسان، فكيف يُمكن للمسلم دخول الجنّة، وما هي الأعمال التي تُدخل الجنّة؟
دخول الجنّة
سهّل الله -تعالى- للمسلمين طريق الجنّة، وجعله ميسّراً لمن حثّ الخُطى لها، وبيّن الأعمال التي تُعين على دخول الجِنان، وهنالك عدّة أعمال صالحة تُدخل المسلم الجنّة، فالوصول إلى جنّة الله -تعالى- يسيرٌ على من جدّ واجتهد وقَصَد ذلك، منها الفرائض التي افترضها الله تعالى، وفيما يأتي بيان ذلك:[٣][٤]
- المحافظة على الفرائض التي افترضها الله -تعالى- على المسلم، والإيمان بالله -تعالى- وعدم الشّرك به، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (جاء رجلٌ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خمس صلوات في اليومَ والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلّا أن تطوّع، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وصيام رمضان، قال: هل عليَّ غيره؟ قال: لا، إلّا أن تطوّع، قال: وذكر له رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- الزّكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلّا أن تطوّع، فأدبر الرجلُ وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفلح إن صدق).[٥]
- طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، قال الله تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا).[٦]
- التّوبة إلى الله تعالى؛ فالتّوبة تلغي ما قبلها من الأعمال االفاسدة والمعاصي، قال الله تعالى: (إِلّا مَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَأُولئِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمونَ شَيئًا).[٧]
- طلب العلم لنيّل رضا الله تعالى، قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن سلَك طريقاً يطلُبُ فيه عِلمًا سهَّل اللهُ له به طريقاً مِن طُرقِ الجنَّةِ).[٨]
- حُسْن الخُلق المكتسب من سيرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وسيرة الصّحابة رضي الله عنهم، فجاء في السّنة النبويّة: (إنَّ الرجلَ ليُدرِكُ بحُسنِ الخُلقِ درجةَ الساهرِ بالليلِ الظامئِ بالهواجرِ).[٩]
- الصّدق في الأقوال والوفاء بالعهد وحفظ الأمانة وغضّ البصر، قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ).[١٠]
- إفشاء السّلام وإطعام الطّعام وصِلة الأرحام وقيام الليل، كما جاء في الحديث النبويّ: (أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ).[١١]
- صَوْن النّفس عن الفواحش والمحرّمات، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنّة).[١٢]
- قراءة آية الكرسيّ بعد أداء الصّلاة، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ).[١٣]
- كفالة اليتيم؛ فجاء عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكذ؛ وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى، وفرَّجَ بينَهما شيئاً).[١٤]
الفردوس
قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (الجنّةُ مئةُ درجةٍ كلُّ درجةٍ منها ما بين السماءِ والأرضِ، وإنَّ أعلاها الفردوسُ، وإنَّ أوسطَها الفردوسُ، وإنَّ العرشَ على الفردوسِ، منها تفجَّرُ أنهارُ الجنّةِ، فإذا ما سألتم اللهَ فسلوهُ الفردوسَ)،[١٥] فالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحثّ المسلم على بلوغ أعلى درجات الجنّة، وحتى يصل المسلم إلى ذلك عليه القيام بعدّة أعمال، وقد جاء ذكر بعضها في سورة المؤمنون؛ حيث قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)[١٦] فمن الأعمال التي توصل إلى أعلى درجات الجنّة ما يأتي:[١٧]
- المحافظة على أداء الصّلاة بأركانها وشروطها وفي أوقاتها المحدّدة والخشوع فيها.
- الابتعاد عن اللّغو في الأقوال والأفعال.
- أداء زكاة الأموال، وتزكية النّفس؛ وزكاة النّفس تتمثّل بالأخلاق الحَسنة.
- حفظ العورات والستر والعفّة.
- أداء الأمانة والوفاء بالعهد.
شروط قبول الأعمال
حتى تُقْبل الأعمال عند الله -تعالى- لا بدّ من توفّر شروط لها ،هي ثلاثة شروط رئيسة، وبيانها على النحو الآتي:[١٨]
- الشّرط الأوّل: الإسلام، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).[١٩]
- الشّرط الثّاني: الإخلاص لله -تعالى- في الأعمال وعد الإشراك في النيّة، جاء ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العملِ إلَّا ما كان خالصاً وابُتغِي به وجهُه).[٢٠]
- الشّرط الثّالث: اتّباع سنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الأعمال، فيجب أن يكون العمل موافقاً للسنّة النيويّة الشريفة، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مَن أحدَث في أمرِنا ما ليسَ فيهِ فهوَ ردٌّ).[٢١]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 6553، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7498، صحيح.
- ↑ “ثلاثون سبباً لدخول الجنة من القرآن وصحيح السنة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-19. بتصرّف.
- ↑ “الطريق إلى الجنة”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-19. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 2678، صحيح.
- ↑ سورة الفتح، آية: 17.
- ↑ سورة مريم، آية: 60.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 84، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 24\84، حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 6094، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن سلام، الصفحة أو الرقم: 2485، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 6474، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في بلوغ المرام، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 97، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 5304، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 3512، صحيح.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 1-5.
- ↑ “الفردوس”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-19. بتصرّف.
- ↑ “ثلاثون سبباً لدخول الجنة من القرآن وصحيح السنة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-19. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 65.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2/264، إسناده صحيح أو حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4606، صحيح.