'); }
الفقه
يعرّف تعرّيف الفقه لغةً بالفهم والفطنة،[١] وقد عرّفه الجوهري في صحاحه، والفيومي في مصباحه، والمجد في قاموسه بالفهم والفطنة والإدراك والعلم، وهذا التعريف الذي اجتمع عليه أغلب الأئمة الأوائل، وقال ابن القيم رحمه الله: (إنّ الفقه أخصّ من الفهم؛ لأنّ الفقه هو فهم مراد المتكلّم من كلامه، وهو قدرٌ زائدٌ على مجرّد فهم ما وضع له اللفظ)، وأمّا تعريف الفقه اصطلاحاً فقد اختلف الأصوليون فيه، فمنهم من قال إنّ الفقه مرادف للعلم بالشريعة؛ أي أنّه شاملٌ للعلم بالأحكام الثابتة بالنصوص القطعية، أو تلك الثابتة بالطرق الظنية، ومنهم من قال إنّه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة عن طريق الأدلة التفصيلية، وأمّا الجمهور فقد عرّفوا الفقه بأنّه العلم بالأحكام المستفادة عن طريق الاستنباط والاجتهاد.[٢]
كيفية تعلم الفقه
يُعدّ طلب العلم عبادةً عظيمةً، ولذلك يجب إخلاص نية العبادة لله -تعالى- قبل البدء فيه، والحذر من نية مباهاة الأقران، أو نيل شيءٍ من متاع الدنيا، وبعد إصلاح النية، يجب على طالب العلم التحلّي بالعزيمة، واجتناب كلّ ما قد يلهيه عن هدفه، بالإضافة إلى الحذر من ارتكاب الذنوب والمعاصي؛ لأنّها تؤثّر في الفهم والحفظ، ويُمكن القول إنّ لدراسة الفقه عدّة طرقٍ تتناسب مع مختلف طلاب العلم، وفيما يأتي بيان بعضها:[٣]
'); }
- البدء بدراسة الفقه حسب مذهبٍ من المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة، فإذا تمّ إتقانه انتقل إلى باقي المذاهب.
- التركيز في الدراسة على متنٍ معيّنٍ، فإذا تمّ فهمه انتُقل إلى غيره، والحذر من دراسة عدّة متونٍ في نفس الوقت؛ لما في ذلك من تشتيتٍ للذهن، وعدم إتقانٍ لأيٍ منها.
- التدرّج في دراسة المتون؛ فيُنصح البدء بالأصغر، ثمّ الأوسط، ثمّ الأكبر، وهكذا.
- الدراسة على يد شيخٍ مُتقنٍ للفن الذي يريد الطالب دراسته، ولا يصحّ دراسة الطلاب عبر مواقع الإنترنت والمنتديات، أو دراستهم على أنفسهم، فعلى الرغم من الفوائد العظيمة، والعلوم النافعة التي تُتيحها تلك المنتديات؛ إلّا أنه من الخطأ الاعتماد عليها كلياً في الدراسة، بل لا بُدّ من وجود شيخٍ يشرح العلوم، ويحلّ المسائل العويصة التي يصعب فهمها على الطالب، وبعد ذلك يمكن الاستعانة بالموثوق من المنتديات والمواقع.
- متابعة الحفظ والفهم والموازنة بينهما، ويُفضّل تقديم الحفظ، فيتمّ حفظ الدرس قبل شرحه من قِبل الشيخ، ويُنصح تدوين المعلومات والفوائد والملاحظات التي يوضّحها الشيخ خلال الدرس على دفترٍ خاصٍّ، ومن ثمّ مراجعتها وتكرارها.
- تثبيت المعلومات وترسيخها في الذهن من خلال إعادة تدريسها، حيث إنّ إعادة شرح المتن لأي زميلٍ في الدرس يثّبت المعلومات ويرسّخها.
نشأة المذاهب الفقهية
تجدر الإشارة إلى أنّ علم الفقه مرّ في عدّة مراحلٍ منذ نزول الرسالة على النبي عليه الصلاة والسلام، وفيما يأتي بيان كلّ مرحلةٍ من المراحل:[٤]
- عهد النبوّة: بما أنّ الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية الواجب تنفيذها والعمل بها، فأنّه بدأ بنزول القرآن الكريم على محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، حيث كانت الأحكام تنزل في كتاب الله تعالى، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبيّن للناس تلك الأحكام، ويشرح لهم شروطها وأركانها، ويعلّمهم كيفية تنفيذها، وكان يتم ذلك بالأقوال؛ وهو ما يسمّى بالسنّة القولية، أو بالأفعال؛ وهي السنّة العملية، أو بالسكوت عن بعض أعمال الصحابة -رضي الله عنهم- وإقرارها، بالإضافة إلى أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يحكم بين أفراد المجتمع بالخلافات التي تحصل بينهم، ويفتي الصحابة بما أُشكل عليهم من الأحكام الشرعية، فكان مصدر الأحكام في ذلك الوقت هو الوحي المُنزل باللفظ والمعنى، وهو القرآن الكريم، والوحي المُنزل بالمعنى دون اللفظ؛ أي السنّة النبوية.
- عهد الصحابة: بعد وفاة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- تميّز الصحابة -رضي الله عنهم- بشدّة الذكاء، وقوّة الملكة، والسليقة العربية، وصفاء القريحة، فقاموا بدورهم على أكمل وجهٍ، حيث علّموا الناس الفقه، وقاموا بالإفتاء والقضاء، وكانوا يرجعون في ذلك إلى كتاب الله تعالى، فإن وجدوا فيه الحكم اكتفوا بذلك ووقفوا عنده، وإن لم يجدوه استعانوا بالسنة النبوية، فإن لم يجدوا فيها ضالتهم، اعتمدوا على الاجتهاد والقياس المبني على الفهم الدقيق للقرآن الكريم، والسنة النبوية، ومقاصد الشريعة الإسلامية، وقواعدها الكلية في استنباط الحكم الشرعي، فكان اتفاقهم على أمرٍ يسمّى إجماعاً.
- عهد التابعين: بعد انقضاء عهد الصحابة رضي الله عنهم، جاء عصر التابعين الذين تعلّموا الفقه على أيدي فقهاء الصحابة، واتبعوا نهجهم في التعامل مع القضايا والنوازل، فكانوا يرجعون بما أُشكل عليهم إلى كتاب الله، وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ إلى ما ورثوه من فتاوى الصحابة واجتهاداتهم، ومن الفقهاء الذين اشتهروا في ذلك العهد: الفقهاء السبعة في المدينة المنورة، والحسن البصري في البصرة، وفي الكوفة إبراهيم النخعي، والأسود، وعلقمة، وفي الشام الأوزاعي ومكحول، وفي مكّة المكرّمة طاووس، وسعيد بن جبير، وعطاء بن رباح، وفي مصر الليث بن سعد، وكان لكلّ واحدٍ من الفقهاء قواعده التي أسس عليها اجتهاداته، وتابعه عليها طلابه.
- ظهور المذاهب: بعد عهد التابعين -رحمهم الله- ظهرت مدرستين فقهيتين قويتين؛ وهما: مدرسة الحديث في الحجاز، ومدرسة الرأي في العراق، وقد درس فيهما عددٌ كبيرٌ من الأئمة الفقهاء، وفيما بعد أصبح لكلّ إمامٍ منهم طرقاً ومناهجاً خاصّةً لاستنباط الأحكام، وطلاباً واتباعاً يأخذوا عنه العلم، وقد عُرفت هذه الطرق فيما بعد بالمذاهب، ومن الجدير بالذكر أنّه لم يبقَ من تلك المذاهب إلّا أربعة مذاهبٍ؛ وهي: مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومذهب الإمام مالك، ومذهب الإمام الشافعي، ومذهب الإمام أبي حنيفة.
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى الفقه في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-7-2108. بتصرّف.
- ↑ “الفقه الإسلامي تعريفه وتطوره ومكانته”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-7-2018. بتصرّف.
- ↑ “ما الطريقة الأفضل لدراسة الفقه؟”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-7-2018. بتصرّف.
- ↑ ” نشأة المذاهب الفقهية، وأسباب اختلاف الفقهاء”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-7-2018. بتصرّف.