الصبر في الإسلام
يُعرَّف الصبر بأنّه حبس النفس عن الشكوى لغير الله تعالى عند وقوع البلاء، وأن يسلّم العبد أمره عند الابتلاء لله دون اعتراضٍ، وهو واجبٌ على المسلم عند نزول البلاء به، وقد مدح الله تعالى الصابرين وأثنى عليهم كثيرًا في كتابه الكريم، ووعدهم بالأجر العظيم والثواب الكبير؛ فالصبر عبادةٌ عظيمةٌ ومنزلةٌ جليلةٌ، اتّصف بها الأنبياء والصالحون على مرّ العصور والأزمان، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).[١][٢]
كيفية الصبر على الابتلاء والظلم
ثمّة عدَّة وسائل وطرقٍ للصبر على الابتلاء والظلم، ومنها:[٣][٤]
- أن يعرف الإنسان ثواب الصبر على المصيبة وجزاءه العظيم عند الله، قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).[٥]
- أن يتذكّر أنّ المصائب تكفّر السيئات وتمحوها وترفع الدرجات، قال صلى الله عليه وسلم: “ما يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِن شَوْكَةٍ فَما فَوْقَها إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بها دَرَجَةً، أوْ حَطَّ عنْه بها خَطِيئَةً”.[٦]
- أن يؤمن بأنّ الابتلاء مُقدَّرٌ من الله تعالى عليه من قبل، والإيمان بقضاء الله وقدره ركنٌ من أركان الإيمان؛ فالواجب على المؤمن أن يُسلّم لهذا ولا يعترض على قضاء الله وقدره، جاء في الأثر: “يا بُنَيَّ، إنَّك لن تَجِدَ طَعمَ حقيقةِ الإيمانِ حتى تعلَمَ أنَّ ما أصابَك لم يكُنْ لِيُخْطِئَك، وما أخطَأَك لم يكُنْ لِيُصيبَك”.[٧]
- أن يعلم بأنّ المصيبة اختبارٌ من الله تعالى له، وأنّ الصبر واجبٌ على المسلم، وأنّ من لم يصبر على المصيبة؛ ففي إيمانه خللٌ ونقصٌ، وأنّ الله تعالى وصف المؤمنين بأنّهم صابرون، وأمرهم بالصبر والمصابرة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[٨]
- الاستعانة بذكر الله تعالى والاسترجاع بقول: “إنا لله وإنا إليه راجعون”، والاستعانة بالصلاة كما أمر الله تعالى عباده المؤمنين؛ فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).[٩]
- عدم تمزيق الثياب أو رفع الصوت أو اللطم على الخدّ أو تقطيع الشعر؛ فإنّ كل ذلك ليس من الإسلام، بل هو من أمر الجاهلية، قال صلى الله عليه وسلم: “ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ”.[١٠]
- أن يعلم أنّ هذه المصيبة أو هذا الظلم والابتلاء هو في ظاهره شرٌ مكروهٌ، ولكنّه في الحقيقة خيرٌ له في آخرته إذا صبر، قال تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).[١١]
- أن يعلم بأنّ كلّ ما يأتي من عند الله تعالى هو خير، وأن أمر المؤمن دائمًا خير، قال صلى الله عليه وسلم: “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له”.[١٢]
- التضرّع إلى الله بالدعاء، والاستغفار، والتوبة، والابتعاد عن المعاصي؛ فربما كانت المصيبة بسبب ذنبٍ ارتكبه، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير).[١٣]
درجات الصبر
إنّ للصبر على الابتلاء درجاتٍ ثلاثةً قسّمها العلماء، وآتيًا ذكرها:[١٤]
- الصبر على المعصية بالابتعاد عنها؛ امتثالًا وطاعةً لله تعالى.
- الصبر على الطاعة بالمداومة عليها.
- الصبر على الابتلاءات.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:155-157
- ↑ عبد العزيز بن أحمد الغامدي (14/5/2016)، “الصبر على البلاء”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 28/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، أنواع الصبر ومجالاته، صفحة 95-97. بتصرّف.
- ↑ المنبجي، تسلية أهل المصائب، صفحة 132-133. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية:10
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2572 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن عبادة بن الصامت ، الصفحة أو الرقم:4700، حديث حسن.
- ↑ سورة آل عمران، آية:200
- ↑ سورة البقرة، آية:153
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3519 ، حديث صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية:216
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي، الصفحة أو الرقم:2999 ، حديث صحيح.
- ↑ سورة الشورى، آية:30
- ↑ أبو إسماعيل الهروي، منازل السائرين، صفحة 50. بتصرّف.