جديد كيفية الثقة بالله

'); }

الثقة بالله تعالى

إنّ الثقة بالله -تعالى- هي الطريق الذي يؤدي بالإنسان إلى النجاة من المحن والمصائب، وهي الطريق الذي يجلب له ما يُحبّ ويرغب، فالواثق بالله -تعالى- يعتقد يقيناً أنّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنّ ما كتبه الله واقعٌ لا محالةٌ، وما صرفه الله لن يحدث، وهو وليّ الأقدار وصاحبها، ولا مُعقّب لحكمه، هذا وإنّ الواثق بالله -تعالى- يعيش مرتاحاً مطمئناً؛ وذلك لأنّه مهما جرى من أقدارٍ، ومهما واجه من محنٍ وابتلاءاتٍ، يُدرك إدراكاً تاماً أنّ أقدار الله -تعالى- كلّها خير، وإن بدى الشرّ على ظاهرها؛ أي ما يراه الإنسان شرّاً يكون خيراً عظيماً، وما رآه الإنسان شرّاً إلّا لأنّه قاصر العلم، ومحدود القدرات، فالمؤمن بالله الواثق بقدرته يعلم أنّ الله -عزّ وجلّ- يكتب ما يراه خيراً لنا وما ينفعنا، ويجدر بيان أنّ الثقة بالله -تعالى- تجلب البركة، فعندما يثق الإنسان بالله -تعالى- في رزقه، ويؤمن يقيناً أنّ الله -سبحانه- هو الرزّاق، كما قال في محكم كتابه الكريم: (وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها وَيَعلَمُ مُستَقَرَّها وَمُستَودَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ)،[١] ويؤمن أنّ بذله للجهد في كسب الرزق ما هو إلّا أخذٌ بالأسباب، وإنّ الرزق من عند الله وحده وبيده، وعندما يستشعر كذلك أنّ الفقر لا يبقى، والغنى لا يدوم، وأنّ الله -تعالى- له حكمةً ورحمةً في توزيع الأرزاق، هذا التفكير والإيمان مدعاةٌ لجلب البركة في الرزق، ويجدر التنبيه إلى أنّ الأصل في المصائب والشدائد ألّا تُفتر إيمان المسلم وتُضعفه، وإنّما الأصل فيها أن تقوّي الثقة بالله تعالى، وتُعزّز يقينه به، وقد ضرب يعقوب -عليه الصلاة والسلام- أروع الأمثلة في ذلك، فقد جاء في القرآن الكريم على لسانه: ( يا بَنِيَّ اذهَبوا فَتَحَسَّسوا مِن يوسُفَ وَأَخيهِ وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ)،[٢] فكيف تكون الثقة بالله تعالى؟[٣]

كيفية الثقة بالله تعالى

إنّ ثقة الإنسان بالله -تعالى- تشمل ثقته به في أمور الحياة كلّها، ومن جوانب الحياة التي يجدر بالمسلم تعزيز ثقته بالله تعالى فيها:[٤]

'); }

  • الثقة بالله في إجابة الدعاء: عرّف أهل العلم الدعاء في الاصطلاح على أنّه طلب النفع، ودفع الشرّ والضرر، وقد أمر الله -تعالى- عباده بالدعاء، والأدلّة على ذلك كثيرةً، منها: قول الله -عزّ وجلّ- في محكم كتابه الكريم: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)،[٥] وقال أيضاً: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٦] ووعدهم بالإجابة، فالله -عزّ وجلّ- يُجيب من دعاه بقلبٍ حاضرٍ خاشعٍ، ودعاءٍ مشروعٍ، وخاصّةً إذا أخذ الإنسان بأسباب إجابة الدعاء؛ مثل: عبادته، واجتناب نواهيهه، ويُشترط كذلك في إجابة الدعاء اجتناب موانع الإجابة كأكل الحرام، فإذن يجدر بالمسلم أن يدعو الله -تعالى- واثقاً بإجابته، فيسأله بعزمٍ وإلحاحٍ ورجاءٍ.
  • الثقة بالله في تفريج الكرب: يجدر بالمسلم أن يثق أنّ الله -عزّ وجلّ- هو وحده القادر على تفريج الهموم مهما عظمت، وكشف الكروب مهما كبرت، وقد دلّل الله -سبحانه- على ذلك بكثيرٍ من قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومنها: نجاة إبراهيم -عليه السلام- من النار، ونجاة موسى وقومه وإغراق عدوّهم، وغيرهم الكثير من الأنبياء عليهم السلام، وقد جاءت الدعوة إلى الناس للثقة بالله -تعالى- في تفريج الكروب واضحةً في القرآن الكريم في أكثر من موضعٍ، منها قول الله سبحانه: (قُل مَن يُنَجّيكُم مِن ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ تَدعونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفيَةً لَئِن أَنجانا مِن هـذِهِ لَنَكونَنَّ مِنَ الشّاكِرينَ).[٧]
  • الثقة بالله في تكفّله بالرزق: فالله -تعالى- تكفّل برزق المخلوقات كلّها، وقد بيّن ذلك في عددٍ من مواضع القرآن الكريم، منها قول الله تعالى: (وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ وَلا طائِرٍ يَطيرُ بِجَناحَيهِ إِلّا أُمَمٌ أَمثالُكُم ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ)،[٨] ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ العمل بأسباب الرزق أمرٌ لا بُدّ منه، قد أودع الله -تعالى- الإلهام في مخلوقاته، وهداها لسلك هذه السبل.
  • الثقة بالله في الدعوة إليه: يجدر بالمسلم أن يثق بأنّ الله -تعالى- تكفّل بإبقاء دعوته وإظهارها، وأنّ الأمر يستلزم تجهيز الدعاة لينشروا دين الله في بقاع الأرض المختلفة، وعلى الداعي أن يستحضر أنّ هذا الطريق ليس مفروشاً بالورود، فعليه أن يثق بتأييد الله -تعالى- له مهما واجه من صعوباتٍ.
  • الثقة بالله في نصر الإسلام: فالمسلم الذي يُجاهد في سبيل الله -تعالى- وليس لتحقيق أيّ غرضٍ من أغراض الدنيا، عليه أن يؤمن يقيناً أنّ الله -تعالى- ناصر دينه لا محالة، وممّا يُساعد على إدراك ذلك فهم الآيات الكريمة الكثيرة التي قصّت نصر الله -تعالى- لدينه في كلّ زمانٍ ومكانٍ.
  • الثقة بالله في تحقيق وعوده: ومن ذلك الثقة بالله -تعالى- في إنفاذ يوم الميعاد، حيث قال: (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)،[٩] ويُقصد بالميعاد يوم القيامة الذي يجمع الله -تعالى- عباده فيه، ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، ومن ذلك أيضاً وعد الله -تعالى- بنصر رسله، ووعده بإدخال المؤمنين الجنة.

تعزيز الثقة بالله تعالى

من الأمور التي تُعزّز ثقة الإنسان بربّه جلّ علاه تدبّر معاني القرآن الكريم وفهم آياته، والإمعان في قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإدراك رحمة الله تعالى، وقوّته وقدرته في كلّ ما حصل معهم، ومن الأمور التي تزيد الثقة بالله -تعالى- الدعاء بجلب الهدى واليقين، ومجالسة أهل العلم والواثقين بالله تعالى، واستشعار حكمة الله -سبحانه- في تدبير أمور عباده.[١٠]

المراجع

  1. سورة هود، آية: 6.
  2. سورة يوسف، آية: 87.
  3. “الثقة بالله تعالى”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-7-2018. بتصرّف.
  4. محمد بن إبراهيم بن سليمان الرومي (1434هـ)، ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، الرياض: دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، صفحة 17-111. بتصرّف.
  5. سورة غافر، آية: 60.
  6. سورة البقرة، آية: 186.
  7. سورة الأنعام، آية: 63.
  8. سورة الأنعام، آية: 6.
  9. سورة آل عمران، آية: 9.
  10. “كيفية تقوية اليقين والثقة بالله تعالى”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ July 20, 2018. بتصرّف.
Exit mobile version