حساب المواريث

جديد كم نصيب الابن من الميراث

الميراث

يَمتاز نظام الميراث في الإسلام عن غيره من الأنظمة الوضعيّة الخاصة بالتّوريث؛ فلم يجعل تقسيم الميراث بيد مالك المال حتّى يُورّثه لمن يشاء أو يحرم منه من يشاء، وكذلك لم يجعله بيد نبيّ أو ملك أو غيرهم؛ بل إنّ الله عز وجل نظَّم عمليّة التّوارث بنظامٍ شديد الدّقة، وهو يمتاز بخصائص لم ينلها أيّ نظامٍ إرثيٍّ آخر في أيّ ديانةٍ غير الإسلام، ومن عظيم العدالة الإلهية أن جعل توزيع الأنصبة في النظام الإرثيّ عائدٌ للمسؤوليّات الاجتماعيّة والماليّة التي تجب على كلِّ وريث، فأعطى الرجل ضعف ما أعطى المرأة إذا تساويا في الدرجة، كالأخ وأخته، أما إذا اختلفت الدرجة فقد كان أساس التوزيع قائماً على درجة قرابة الوارث من المورِّث؛ فالبنت تأخذ أضعاف ما يأخذه عمّها من تركة والدها المُتوفّى، بينما يَحجب الابن عمّه إذا تُوفّي والده فلا يرث من تركته شيئاً، وقد وضَّحت الآيات القرآنيّة مقادير الأنصبة في الإرث ومُستحقّي الإرث فرضاً وتعصيباً، أمّا نصيب الابن من الميراث فإن له أحوالاً بحسب حاله وظروف المُتوفّى من حيث عدد الأبناء.

معنى الإرث

يُمكن تعريف الإرث بأنّه ما يتركه المُتوفِّى لورثتهِ، من أملاك وأموال ومُدّخرات وعقارات. والميراث كذلك هو انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة.[١]

نصيب الابن من الميراث

ذُكر فيما سبق أنّ الابن يرث من نصيب والده بعدّة أحوال، وذلك حسب من يشترك معه في إرث والده، وإن كان لوالده والدان يرثان مع أبنائه أم لا، مع أنَّ الابن من العصبات في جميع الحالات، ويُقصد بالتعصيب والعَصَبَة أنّه ليس له نصيبٌ مُحدّد كأصحاب الفروض، إنّما يأخذ نصيباً شائِعاً من تركة والده دون تحديد قدر ذلك النّصيب، فربما يكون ربع التّركة، أو نصفها، أو جميعها. يرجع تقدير حصَّة الابن لعدد الوَرضثة، وحالتهم، ودرجة قُربهم من المُتوفّى. بيان حالات ميراث الابن من تركة والده فيما يأتي:[٢]

  • في حال كان مع الابن أخوة وأخوات ذكور وإناث: جرت هنا القاعدة التي جاء بيانها ذكرها في كتاب الله بقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)،[٣] فيأخذ الذكر ضِعْفَي حِصّة الأنثى اتّفاقاً. لتبيان ذلك عمليّاً يُمكن طرح المثال الآتي:
    • مات محمد عن ابنين هما يزيد وزياد، وثلاث بنات هُنَّ كفاية ونهاية ومنتهى، يتمّ احتساب المسألة في هذه الحالة بإعطاء كل ذكرٍ حِصّتين وإعطاء كل بنتٍ حصة واحدة، فيأخذ يزيد سهمان ويأخذ زياد سهمان، وتأخذ كُلّ واحدة من منتهى وكفاية ونهاية سهماً واحداً فقط، ويكون رأس المسألة من سبعة أسهم:
الرقم اسم الوارث عدد الأسهم
1 ورثة محمد رأس المسألة 7 أسهم
2 زياد ابن 2
3 يزيد ابن 2
4 كفاية بنت 1
5 نهاية بنت 1
6 منتهى بنت 1
  • في حال كان مع الابن زوجة المتوفى إن كان والده، أو زوج المُتوفّاة إن كانت أمه: إذا انفرد الابن بعد وفاة والده بوجود أمه -أي زوجة المتوفى- ولم يكن له وارثٌ سواهما، فإن الزوجة ترث ثُمن تركة زوجها، ويرجع الباقي جميعه للابن مهما بلغ. أمّا إذا كانت المُتوفّاة هي والدته وكان له أبٌ -زوج المتوفّاة- وليس للمُتوفّاة وارثٌ سواهما، فإن الزوج في هذه الحالة يأخذ رُبع التركة، ويرجع الباقي لابنه مهما بلغ، ويُمكن توضيح ذلك بالمثال الآتي:
    • تُوفّي محمد وترك زوجته منال مع ابنها محمود وليس له وارثٌ سواهما، في هذه الحالة تأخذ الزوجة ثُمن التركة فرضاً، ويأخذ محمود الباقي تعصيباً، ويكون رأس المسألة من ثمانية أسهم. وللمسألة الأخرى: توفيت منال ولها من الورثة زوجها محمد وابنها محمود، في هذه الحالة يأخذ الزوج ربع التركة فرضاً، ويأخذ الابن محمود الباقي تعصيباً، ورأس المسألة من أربعة أسهم، وبيان المثال في الجدول المرفق:
المتوفى الزوج رأس المسألة 8 المتوفاة الزوجة رأس المسألة 4
منال زوجة 1 محمد زوج 1
محمود ابن 7 محمود ابن 3
  • في حال كان مع الابن والد المُتوفّى ووالدته أو أحدهما: إذا كان للميت أبٌ وأم -جدّ وجدّة الابن- فإن الابن يرث معهما تعصيباً، وحيث إنّ الأب والأم لهما جزءٌ مُحدّدٌ من التركة، هو السدس، فإن الباقي يكون من حقّ الابن؛ فإن كان للميت أبوان أخذا ثلث التركة ويكون الباقي من نصيب الابن تعصيباً، وإن كان للميت أب أو أم أخذ الموجود منهما سدس التركة والباقي للابن تعصيباً، والمسألة الآتية توضِّح هذه الحالة:
    • مات محمد عن أبٍ اسمه أحمد وأمٍ اسمها فاطمه وابنٍ اسمه حامد، في هذه الحالة يأخذ الأب سدس التركة فرضاً، وتأخذ الأم السدس الآخر فرضاً، ويعود الباقي على الابن تعصيباً؛ أي أربع أسداس التركة. لو مات محمد عن أب -أحمد- وابن -حامد-، في هذه المسألة يأخذ الأب سدس التركة فرضاً، ويأخذ الابن الباقي تعصيباً، ورأس المسألة في الحالتين من ستة أسهم، والجدول الآتي يُوضِّح ذلك:
الوالدان على قيد الحياة رأس المسألة 6 أحد الوالدين حي رأس المسألة 6
أحمد والد 1 أحمد والد 1
فاطمه والدة 1 محمد ابن 5
محمد ابن 4
  • في حال كان الابن هو الوريث الوحيد لوالده: في هذه الحالة يرث الابن جميع تركة والده تعصيباً ما لم يكن لوالده وريثٌ غيره.

الميراث في القرآن الكريم

ورد ذكر أصحاب الفروض الذين لهم نصيبٌ مُحّددٌ، والعصبات الذين لهم نصيبٌ شائعٌ من تركة المُتوفّى في العديد من المواضع من كتاب الله، حيث لم يبقَ صاحب حقٍّ في الإرث والميراث إلا بيّنه كتاب الله عزّ وجل، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أزواجكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ).[٤]

وقوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.[٥]

بيّنت الآيتان السابقتان ميراث الزوج من تركة زوجته إذا لم يكن لها ولدٌ وهو نصف التركة، أمّا إن كان له ولدٌ فيكون نصيبه ربع التركة، أمّا الزّوجة فلها ربع تركة زوجها إن لم يكن لزوجها ولد حتى من غيرها من النساء، أمّا إن كان له ولدٌ فنصيبها ثمن التركة، كما بيَّنت الآيات أنّ نصيب الإخوة الذكور والإناث يتفاضلون في الميراث من أبيهم؛ فيأخذ الذّكر ضعف نصيب الأنثى، فإن لم يكن للميِّت وريثٌ ابنٌ ذكر وكان له بنت فتأخذ نصف تركته فرضاً، أمّا إن كانت الإناث أكثر من واحدة فيشتركن في ثُلثَيّ تركة والِدهنّ، والوالدان لهما سدس تركة ابنهما المُتوفّى إن كان له ولدٌ ذكر، فإن لم يكن له ولدٌ فتأخذ أمّه ثلث التركة ويأخذ أبوه السدس فرضاً، ثم يعود عليه الباقي تعصيباً.[٢]

أركان الميراث

جعل الفقهاء للميراث مجموعة أركان لا بدّ من توافرها في حالة الوفاة، وهي كما يأتي:[٦]

  • المُوَرِّث: وهو الشخص المُتوفّى الذي ترك الإرث لورثته، ويكون وجود المورِّث حقيقةً بثبوت وفاته وعِلم الناس بها، أو حكماً بأن يحكم القاضي بموت من فقده أهله منذ مدّة حتى يأسوا من وجوده.
  • الوارث: وهو من ينتقل له الإرث من مورِّثه، كالأب، والأم، والابن، والزوجة، والزوج، والأخ، والأخت وغيرهم.
  • المَورُوث: وهو ما يتركه الميت من مالٍ وغيره.

أسباب الميراث

يُستحقُّ الميراث ويَثبت للوارث بعدّة طرق، منها ما يأتي:

  • الزّواج: فإن المرأة ترث زوجها إذا تُوفّي وهي على ذمّته، كما أنّ الزوج يرث زوجته إذا تُوفّيت وهي زوجة له ما دام قد جرى عقد الزواج قبل الوفاة، ويجري التوارث بين الزوجين كذلك بوفاة أحدهما حال الطلاق ما دامت العدة لم تنقضي، فإذا حصل الطلاق وانقضت العدة ثم مات أحدهما لم يرثه الآخر.[٧]
  • القرابة/ النّسب: ويُقصد بالقرابة هنا ما كان يدلي للميت بصلة قرابةٍ نسبيّة، كالابن، والأخ، والأب وما يوافقهم من النساء.[٨]
  • ولاء العتق: ومعنى ولاء العتق أن يعتق مسلمٌ آخر، فيكون المُعتِق وريثاً للمعتوق؛ فإذا ما أعتق رجلٌ عبداً ثم مات ذلك العبد فإنّ عاتقه يرثه، وكأنه قد أصبح قريباً له بذلك، وقد شرع الإسلام التوارث للعتق من باب تجفيف منابع الرقّ ومنع سبله، ولفتح الباب وتشجيع المُحسنين على إعتاق العبيد، وإكرامهم على صنيعهم.[٩]

المراجع

  1. الشيخ نظام وجماعة، الفتاوى الهندية، .: دار إحياء التراث، صفحة 447، جزء 6.
  2. ^ أ ب علاء الدين رحال، عبد الناصر أبو البصل (2005)، الواضح في الميراث (الطبعة الأولى)، عمان – الأردن: دار الجوهرة ، صفحة 91-100. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية: 11.
  4. سورة النساء، آية: 12.
  5. سورة النساء، آية: 11.
  6. محمود البخيت (2010-1431)، الوسيط في فقه المواريث (الطبعة الثالثة)، الأردن-عمان: دار الثقافة، صفحة 23.
  7. محمد بن نصر المروزي ( 1420هـ – 2000م)، اختلاف العلماء (الطبعة الأولى)، الرياض: أضواء السلف، صفحة 243.
  8. ابن المنذر (1425هـ- 2004مـ)، الإجماع (الطبعة الولى)، .: دار المسلم للنشر والتوزيع، صفحة 69.
  9. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 7706، جزء 10.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى