حكم وأقوال

قصة مثل جزاء سنمار

قصة مثل جزاء سنمار

الأمثال، كلامٌ موجز قيل في مناسبة أو حادثة معينة، ثم أصبح يُضرب في كل حادثة مشابهة، وتتصف الأمثال بالإيجاز وبلاغة العبارة، وتتوارث الأمثال مشافهة من جيل إلى جيل؛ باعتبارها تراث أمة نأخذ منها العبر ونستخدمها في مواقف مشابهة، وقد تختلف وتتغير الأمثال بألفاظها، لكن مضمونها يبقى واحدًا، وتراثنا العربي زاخر بالأمثال الجميلة والمليئة بالعبر، وقد تمّ تأليف عدة كتب تُورِد الأمثال العربية وقصصها، مثل مجمع الأمثال للميداني، ومن جميل هذه الأمثال مَثَل “جزاؤه جزاء سنمار”.

مقالات ذات صلة

قصة المثل

مثل جزاؤه جزاء سنمار من الأمثلة العربية الشهيرة، وقصته: أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة احتاج إلى مهندسٍ؛ ليبني له قصراً فريداً في بنائه كي يستضيف فيه ابن ملك الفرس الذي أرسله أبوه إلى الحيرة، والتي اشتهرت بطيب هوائها؛ وذلك لينشأ عند العرب ويتعلم الفروسية، فأحضروا له مهندساً من الروم اسمه سنمار، فلمّا فرغ من بنائه اصطحبه الملك إلى سطح القصر، ثم سأله النعمان: هل هناك قصر مثل هذا القصر؟ فأجاب كلا، ثم قال: هل يستطيع بنّاء غيرك أن يبني مثل هذا القصر؟ قال: كلا، ثم دفعه على الأرض فخرّ ميتاً؛ حتى لا يبني قصراً مثله لأحدٍ غيره.[١]

رواية أخرى للمثل

يقال إن سنمار هو الذي بنى أطم أُحَيْحَة ابن الحلاج، فلما فرغ منه قال له أُحيحة: لقد أحكمته، قال سنمار: إني لأعرف فيه حجراً لو نُزع لتقوَّض من عند آخره، فسأله عن الحجر، فأراه موضعه، فدفعه أحيحة من الأطم فخرّ ميتاً.[٢]

مناسبة المثل

يُضرب مثل جزاؤه جزاء سنمار، لمن يحسن عمله فيُكافَأ بالإساءة إليه، أي بمن يُجزى عن الإحسان بالإساءة، تصويراً وتمثلاً بالحالة السابقة.

أبيات قيلت في مثل جزاؤه جزاء سنمار

قيلت بعض الأبيات الشعرية في المثل السابق، وكان منها:[٣]

  • قال شرحبيل الكلبي:

جزاني جزاء الله شر جزائه

جزاء سنمار وما كان ذا ذنب

سوى رصّه البنيان سبعين حجة

يعلُ عليه القراميد والسكب

فلما رأى البنيان ثم سحوقه

وآض كمثل الكود ذي الباذخ الصعب

وظن سنمار متى تم أنه

يفوز لديه بالمودة والقرب

فقال اقذفوا بالعلج من رأس شاهق

لذلك لعمر الله من أعظم الخطب
  • وقال آخر:

جزتنا بنو سعد بحسن فعالنا

جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
  • وقال نحية بن ربيعة الفزاري:

جزى الله لأيا كلها غير واحدٍ

جزاء سنمار جزاءً موفراً

أمثال شعبية تشابه مثل جزاؤه جزاء سنمار

شابهت بعض الأمثال في فحواها مثل جزاؤه جزاء سنمار، ومنها مثل: “خيراً تعمل شراً تلقى”، ويقال هذا المثل الشعبي للتعبير عمَن ينوي فعل الخير، فُيجزى بصنيعه الجيّد بآخر سيئ؛ أي أن مغزاه مِثل مغزى (جزاؤه جزاء سنمار).

ختاماً، علينا أن نتمثل بقوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله، قال تعالى: {هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} [4]، فلا يوجد أجمل من مجازاة الإحسان إلا بإحسانٍ مثله.

المراجع

  1. سيد خالد، قصص الأمثال، صفحة 14. بتصرّف.
  2. الميداني، مجمع الأمثال، صفحة 243. بتصرّف.
  3. الزمخشري، المستقصى في أمثال العرب، صفحة 200. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى