'); }
أخلاق الرسول
إنّ النّاظر والمتأمّل في سيرة النّبي عليه الصّلاة والسّلام يُدرك عظمة الأخلاق التي تحلّى بها النّبي الكريم في سنين حياته ودعوته والتي ظلّت نبراساً تهتدي به الأمّة في سعيها نحو كمال الأخلاق وسموّها، وسبيلاً لنيل الدّرجات، وتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى والفوز بالجنّة، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:21]
خُلق التّسامح عند النّبي عليه الصّلاة والسّلام
من الأخلاق الكثيرة التي تميّز بها نبيّ الله محمّد عليه الصّلاة والسّلام خلق التّسامح بكلّ ما يتضمّنه من معاني العفو، والصّفح، والغفران، فلم يَعرف النّبي الكريم الحقد، ولم تتسلّل إلى قلبه رغبات الانتقام ممّن يسيء إليه، ولم يفكّر يوماً في مقابلة الإساءة بالإساءة، على الرّغم من الأذى الشّديد، والصدّ الكبير الذي تعرّض له من قبل قومه في بداية دعوته؛ بل كان مثالاً في العفو عمّن ظلمه وأساء إليه ابتغاء رضوان الله تعالى وجنّته، متمثلاً قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم ) [فصلت:34]، وراجياً من وراء عفوه وتسامحه أن يخرج الله من أصلاب من أساء إليه من يعبد الله ولا يُشرك به شيئاً.
'); }
بعض قصص التّسامح النّبوي
مِن القصص التي دلّت على تسامح النّبي عليه الصّلاة والسلّام نذكر:
- قصّة النّبي الكريم مع الأعرابي، فقد حدّث الصّحابي الجليل أنس بن مالك أنّه كان يمشي يوماً مع النّبي عليه الصّلاة والسّلام وهو مُرتدياً عباءة نجرانيّة ثقيلة، فجاء الأعرابيّ إلى رسول الله وشدّه من عباءته حتّى ظهر أثر ذلك في صفحة عنقه، ولم يُقابل النّبي هذا الأمر بالشّدّة أو الغضب، ولم يصرخ في وجه الأعرابي بل التفت إليه واستمع إلى مقالته حينما بيّن رغبته في أن يُعطيه نبيّ الله ممّا أعطاه الله تعالى، فأمر له بعطاء اطمأنّت له نفسه.
- قصّة النّبي مع الرّجل الذي أراد قتله؛ فقد روى جابر بن عبد الله قصّةً تدلّ على تسامح النّبي عليه الصّلاة والسّلام، ففي غزوة الرّقاع استراح النبي الكريم تحت شجرةٍ بعد أن علّق سيفه عليها، فاستغلّ رجلٌ من المشركين ذلك فباغت النّبي وأخذ سيفه على حين غرّة، ثمّ رفعه في وجه النّبي وهو يقول، أتخافني، فقال النّبي: لا، فقال الرّجل: “فمن يمنعك مني”، قال: الله، فسقط السّيف من يد الرّجل فأخذه النّبي الكريم ورفعه في وجه الرّجل وهو يقول من يمنعني منك، فقال الرّجل، كن خير آخذ، فلم يَفعل النّبي الكريم معه شيئاً وعفى عنه بعد أن تعهّد بأن لا يُقاتل المسلمين أو يقف مع قوم يقاتلونهم، فجاء قومه وهو يقول: (جئتكم من عند خير النّاس).