إسلام

قصة استشهاد علي بن أبي طالب

قصة استشهاد علي بن أبي طالب

اتفاق الخوارج على قتل علي رضي الله عنه

اتَّفق الخوارج على قتل علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم جميعا-؛ لأنهم يرونهم رؤوس الكفر -بحسب زعم الخوارج- ويريدون تخليص الأمة من شرورهم، واتفقوا على تنفيذ جريمتهم في وقتٍ واحدٍ، وكان الموعد صلاة الفجر، وحدَّدوا يوماً لذلك، واستطاع عبد الرحمن بن ملجم تنفيذ مهمته، وتفصيل ذلك فيما يأتي في المقال.[١]

خروج ابن ملجم إلى الكوفة ومصادفته قطام 

خرج ابن ملجم إلى الكوفة ولقي مجموعة من الخوارج، وكان ممن لقيهم ابن ملجم امرأة اسمها قطام قُتل أبوها وأخوها في معركة النهر، وكانت الفتاة فائقة الجمال، فعرض عليها ابن ملجم الزواج فقبلت على مهر قدره ثلاثة آلاف وعبد وقينة، وقتل علي -رضي الله عنه-.

فردّ عليها ابن ملجم: إنك لا تريدين الزواج مني بجعل قتل علي جزء من المهر؛ لأنه لن يبقَ على قيد الحياة إن فعل ذلك، فأجابته: بل أريد الزواج؛ فلعلك تجد ساعة غفلة تقتل فيها عليا، فيشفي غليلي وغليلك، وإن قتلوك فما عند الله خير لك مني ومن الدنيا وما فيها، وعندها صارحها بأنه ما جاء إلى الكوفة إلّا لقتل علي.[٢]

طعن ابن الملجم علي رضي الله عنه

كان من عادة علي -رضي الله عنه- أن يمشي في طرقات الكوفة فجراً ليوقظ النَّاس لأداء الصَّلاة، وعندما خرج علي -رضي الله عنه- كعادته في ذلك اليوم وهو ينادي: الصَّلاة، الصَّلاة، خرج إليه المجرم وطعنه وهو يقول زوراً وبهتاناً: يا علي! أتريد أن تحكم في كتاب الله أصحابك؟ إنِ الحكم إلا لله،[١] وقد ساعده في هذه الجريمة رجلان من الخوارج، قُتل أحدهما ولاذ الآخر بالفرار.[٢]

وقد طُعن علي -رضي الله عنه- بسيفٍ مسمومٍ ظل ابن الملجم يغطسه بالسم شهراً كاملاً، في حين لم يتمكن الآخران من قتل صاحبيّ عليّ كما اتّفقوا؛ حيث أصيب معاوية -رضي الله عنه- إصابةً بالغةً ولكنَّها لم تقتله، وأمَّا عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فلم يحضر الصَّلاة يومها بسبب مرضٍ ألمَّ به، وقُتل من صلَّى بالنَّاس مكانه ذلك اليوم.[٣]

وصية علي رضي الله عنه قبل استشهاده 

وصَّى علي -رضي الله عنه- عند وفاته وصيَّةً جامعةً عالجت شؤون الفرد والمجتمع والحكم؛ كيف لا وقد خرجت من قلب رجلٍ حكيمٍ مجرِّبٍ دَرَسَ في مدرسة النَّبيِّ محمد -صلى الله عليه وسلم- منذ نعومة أظفاره وكان من أميز طلابها.[٤]

وبدأ وصيته باسم الله -سبحانه وتعالى-، وشهادة التوحيد والإقرار برسالة نبيِّه -عليه الصلاة والسلام-، والتَّوجُّه إلى الله -سبحانه- بكلِّ عباداته وحياته ومماته وحركاته وسكناته، وننقل شيئاً من تلك الوصية التي وجهها لابنه الحسن وجميع أولاده وكلُّ من بلغته الوصية، فكان منها أن وصَّاهم بما يأتي:[٤]

  • الوصيَّة بالتَّقوى وأن يثبتوا على الإسلام حتى الممات.
  • الوصيَّة بذوي الأرحام، والأيتام، والجيران.
  • المسابقة إلى تلاوة القرآن والعمل به.
  • الصلاة؛ فهي عماد الدين.
  • الصيام، وشهر رمضان.
  • الزكاة؛ فهي تُطفئ غضب الرَّب.
  • الجهاد بالمال والنَّفس.
  • عدم ظلم أهل الذمَّة، أو السَّماح لأحدٍ بفعل ذلك؛ فقد أعطاهم الذمَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
  • ألَّا يخافوا في الله لومة لائم، بل يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، حتى لا يُولّى عليهم أهل الباطل والشرور.
  • التواصل والبذل وعدم التقاطع والتفرق.
  • التعاون على البرِّ والتَّقوى، وعدم التَّعاون على الإثم والعدوان.
  • وصَّى الحسن والحسين بأخيهما محمَّد بن الحنفيَّة، ووصَّاه بهما، ووصَّاه بالرُّجوع إليهما في أموره المهمَّة.

استشهاد علي رضي الله عنه

بعد أن أكمل سيدنا علي -رضي الله عنه- وصيته لأبنائه، لم ينطق بغير كلمة التوحيد “لا إله إلا الله”، وظل يكرّرها حتى خرجت روحه الطاهرة شهيداً صابراً محتسباً، وكان هذا في السّابع عشر من شهر رمضان المبارك، وقام بتغسيله ولداه الحسن والحسين وابن أخيه عبد الله بن جعفر -رضي الله عنهم جميعا-، وكفنوه في ثلاثة أثواب، ثمَّ صلَّى عليه الحسن صلاة الجنازة وكبَّر عليه تسع تكبيراتٍ لمكانته.[٥]

وعليّ -رضي الله عنه- هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان أوَّل من أسلم من الصبيان، ورابع الخلفاء الرَّاشدين -عليهم رضوان الله-.[٦]

ملخّص المقال: اتَّفق نفرٌ من الخوارج على قتل علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم جميعاً-، فتواعد ثلاثةٌ منهم على تنفيذ خطة الاغتيال في يومٍ واحدٍ وساعةٍ واحدةٍ ، فكان من حظِّ ابن ملجم قتل علي -رضي الله عنه-، فشحذ سيفاً مسموماً سمَّه شهراً كاملاً وتوجَّه إلى الكوفة لينفذ جريمته بالتَّعاون مع الخوارج هناك، وفعل تلك الجريمة الخبيثة.

المراجع

  1. ^ أ ب محمد حسان، سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 13، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن الأثير (1997)، الكامل في التاريخ (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 739، جزء 2. بتصرّف.
  3. أبو حنيفة الدينوري (1960)، الأخبار الطوال، القاهرة:دار إحياء الكتب العربي ، صفحة 215-216، جزء 1. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن كثير (1986)، البداية والنهاية، صفحة 327، جزء 7. بتصرّف.
  5. الطبري (1387)، تاريخ الطبري (الطبعة 2)، بيروت:دار التراث، صفحة 148، جزء 5. بتصرّف.
  6. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 87، جزء 4. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى