محتويات
قراءة في كتاب بحر الدموع
كتاب بحر الدموع من الكتب البارزة في مجال الوعظ والإرشاد التي تكثر في التراث الإسلامي، وتفصيل القول فيه فيما يأتي:
نبذة عن الكتاب
الكتاب من تأليف الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الذي عاش في نهايات العصر العباسي ومات قبل سقوط بغداد بيد المغول بنحو 60 عامًا، وقد صدر الكتاب أول مرة مطبوعًا ومُحقَّقًا عن دار الصحابة في طنطا بمصر عام 1412هـ – 1992م ويقع في نحو 200 صفحة، وقد حُقِّقَ في قسم التحقيق بدار النشر من دون الإشارة لاسم من حقَّقَه.[١]
فحوى الكتاب
المشهور عن الإمام ابن الجوزي هو كثرة وعظه، ففي مجالسه وفي دروسه وفي كتبه يجد القارئ أنّ الوعظ سمة ظاهرة على ابن الجوزي، حتى إنّ المترجمين له يذكرون صفة الوعظ الكثير عنده ويضربون على ذلك أمثلة من كلّ مكان في حياته، فكان هذا الكتاب حصيلة ما تفتَّقَ عنه ذهن ذلك العالم المشهور بوعظه الذي تبكي له الأحجار.[١]
فقد جعل المؤلِّف كتابه هذا للحديث عن المشكلات التي ظهرت في عصره وفي العصور التي سبقته من ترك الصلاة والتعامل بالربا وشرب الخمر والظلم واغتصاب الحقوق وغير ذلك من الذنوب التي تكون بمكيدة يكيدها الشيطان له فيوقعه في المعاصي، ويحذّر ابن الجوزي المسلمين في كتابه من الوقوع في المعاصي والذنوب التي تؤدي إلى غضب الله تعالى.[١]
فصول الكتاب
يتألَّف الكتاب من مقدمة واثنين وثلاثين فصلًا جعلها المؤلِّف مرتّبة على النحو الذي يريد للكتاب فيه أن يكون، فيبدأ بالحديث في المقدمة عن قدرة الله تعالى العظيمة، وعن فضله ونعمه التي لا تُحصى، وما يجب على المسلم من الشكر والثناء على الله -تعالى- بما هو أهله لأنّه قد منّ على العباد بهذه النِّعَم من غير حول منهم ولا قوة.[١]
يُخصِّص الجانب الأكبر من المقدمة في الحديث عن ذكر الله تعالى والحثّ عليه وبيان فضله، ويسوق من أجل ذلك كثيرًا من الأحاديث النبوية والآثار التي تدلّ على فضله وشرفه، ثمّ يمضي المؤلِّف إلى أبواب الكتاب واحدًا تلو الآخر، فيتحدّث عن الغفلة عن يوم الحساب وتسويف التوبة والمماطلة فيها والتحذير من هجوم الأجل بغتة ونحو ذلك.[١]
كذلك يحذّر من الاستمرار على المعصية ويحثّ على المسارعة للاستعداد ليوم الرحيل، إضافة إلى ذلك يشير ابن الجوزي إلى مسألة العمر وكيف أنّه أمانة من الله -عز وجل- للناس وأنّه يجب استغلاله بما فيه نفع المرء وصلاحه، وإلى غير ذلك يمضي ابن الجوزي في كتابه في الأجزاء الاثنين والثلاثين.[١]
اقتباسات من كتاب بحر الدموع:
من الاقتباسات التي وردت في كتاب بحر الدموع ما يأتي:
- “لله در أقوام قلوبهم معمورة بذكر الحبيب، ليس فيها لغيره حظ ولا نصيب، إن نطقوا فبذكره، وإن تحرّكوا فبأمره، وإن فرحوا فبقربه، وإن ترحوا فبعتبته، أقواتهم ذكر الحبيب، وأوقاتهم بالمناجاة تطيب، لا يصبرون عنه لحظة، ولا يتكلمون في غير رضاه بلفظة”.[٢]
- “يا أسيراً في قبضة الغفلة، يا صريعًا في سكرة المهلة، يا ناقض العهد، انظر لمن عاهدت في الزمن الأول، أكثر العمر قد مضى، وأنت تتعلل، يا مدعوًّا إلى نجاته وهو يتوانى، ما هذا الفتور والعمر قد تدانى، كأنك بالدمع يجري عند الموت هتانا”.[٣]
- “كان بعض الأغنياء كثير الشكر فطال عليه المد، فبطر وعصى، فما زالت نعمته ولا تغيرت حالته، فقال: يا رب، تغيرت طاعتي، وما تغيرت نعمتي، فهتف به هاتف يقول: يا هذا: إن لأيام الوصال عندنا حرمة وذمام، حفظناها نحن لك، وضيعتها أنت لنا”.[٣]
- “يا أخي، أفنيت عمرك في اللعب، وغيرك فاز بالمقصود وأنت منه بعيد، غيرك على الجادة، وأنت من الشهوات في أوجال وتنكيد، ترى متى يقال: فلان استقال ورجع”.[٤]
- “يا له من وقت سعيد، متى تخرج من الهوى وترجع إلى مولاك العزيز الحميد، يا مسكين، لو عاينت قلق التائبين، وتململ الخائفين من هول الوعيد، جعلوا قرة أعينهم في الصلاة، والزكاة، والتزهيد، وأهل الحرمان ضيعوا الشباب في الغفلة، والشيب في الحرص والأمل المديد، لا بالشباب انتفعت، ولا عند المشيب ارتجعت، يا ضيعة الشباب والمشيب”.[٤]
- “يا هذا، لا يزال التائبون يهربون إلى دير الخلوة هروب الخائف إلى دار الأمان، لهم في سحر الليل تأنس بمدامع الأجفان، كتب السجود في ألواح جباههم خطوط العرفان، كم لأقدامهم في الدجى من جولان وكم لهم في وادي السحر من عيون تجري كالطوفان، فإذا لاحت أعلام الفجر كبروا عند مشاهدة العيان، فديت طراق الدجى، فديت أرباب العزائم، فديت الفتيان”.[٥]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح ابن الجوزي، بحر الدموع، صفحة 1 – 13. بتصرّف.
- ↑ ابن الجوزي، بحر الدموع، صفحة 64.
- ^ أ ب ابن الجوزي، بحر الدموع، صفحة 88.
- ^ أ ب ابن الجوزي، بحر الدموع، صفحة 109.
- ↑ ابن الجوزي، بحر الدموع، صفحة 114.