محتويات
فضل الصلاة في المسجد
فضل الصلاة في المساجد عموماً
وردت العديد من أحاديثِ السّنةِ النبويةِ الشّريفة التي تبيّن فضل الصّلاةِ في المسجدِ عموماً، نذكر منها ما يأتي:[١]
- أولاً: الذاهب إلى المسجدِ موعودٌ بِنُزُلٍ -أي ضيافةً- في الجنّة؛ إذ أخرج الإمامُ البُخاريُ في صحيحه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ ورَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ له نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّما غَدَا أوْ رَاحَ).[٢]
- ثانياً: الذاهب إلى المسجد يَضمنُ الله -عزَّ وجلَّ- له تحصيل أجرهِ وثوابه؛ إذ جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ علَى اللهِ عزَّ وجلَّ رجلٌ خرج غازيًا في سبيلِ اللهِ فهو ضامنٌ علَى اللهِ حتَّى يتوفَّاه فيدخِلَه الجنَّةَ أو يردَّه بما نال من أجرٍ وغنيمةٍ ورجلٌ راحَ إلى المسجدِ فهو ضامنٌ علَى اللهِ حتَّى يتوفَّاه فيدخلَهُ الجنَّةَ أو يردَّه بما نال من أجرٍ وغنيمةٍ ورجلٌ دخل بيتَه بسلامٍ فهو ضامنٌ علَى اللَّهِ عزَّ وجلَّ).[٣]
- ثالثاً: كثرة الذهاب إلى المسجدِ من الأعمالِ التي يَمحو الله -عزَّ وجلَّ- بها خطايا العِباد؛ إذ أخرج الإمامُ مسلم في صحيحه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ).[٤]
- رابعاً: الصلاةُ في المسجدِ أعلى درجةً من الصّلاةِ في غيره؛ وقد جاءَ تفصيلُ ذلك بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينَ قال: (صَلَاةُ الرَّجُلِ في جَمَاعَةٍ تَزِيدُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ في سُوقِهِ، بضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذلكَ أنَّ أَحَدَهُمْ إذَا تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ لا يَنْهَزُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، لا يُرِيدُ إلَّا الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلَّا رُفِعَ له بهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، حتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، فَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كانَ في الصَّلَاةِ ما كَانَتِ الصَّلَاةُ هي تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ علَى أَحَدِكُمْ ما دَامَ في مَجْلِسِهِ الذي صَلَّى فيه يقولونَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ تُبْ عليه، ما لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، ما لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ).[٥]
- خامساً: فضلُ الصّلاة في المسجدِ لفضلِ صلاةِ الجماعة؛ فعن الصّحابي أبيُ بن كعب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ صلاةَ الرَّجلِ معَ الرَّجلِ أزكى مِن صلاتِهِ وحدَهُ وصَلاتُهُ معَ الرَّجُلَيْنِ أزكى مِن صلاتِهِ معَ الرَّجلِ وما كثُرَ فَهوَ أحبُّ إلى اللَّهِ تَعالى).[٦][٧]
- سادساً: الأبعد عن المسجد أعظمُ أجراً مِنْ الأقرب له؛ ويُستفادُ هذا من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما منع الانتقالَ من البيوتِ إلى غيرها بسببِ البُعدِ عن المسجدِ، وفي المُقابل لفتَ أنظارهم إلى فضلِ السّيرِ إلى المسجدِ البعيدِ، ويروي القصةَ الصّحابيُ الجليل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، فقال: (خَلَتِ البِقَاعُ حَوْلَ المَسْجِدِ، فأرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إلى قُرْبِ المَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لهمْ: إنَّه بَلَغَنِي أنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ، قالوا: نَعَمْ، يا رَسولَ اللهِ، قدْ أَرَدْنَا ذلكَ، فَقالَ: يا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ).[٨][٩]
فضل الصّلاة في مساجدَ مخصوصةٍ
جعل الله -تعالى- لبعض المساجدِ خصوصيةً وقداسةً تختلف عن بقيّةِ مساجدِ الأرض، وهذه المساجدُ هي: المسجد الحرام في مكّة، والمسجدُ النّبويُ في المدينةِ المنورة، والمسجدُ الأقصى في القدسِ الشريف، ونذكرُ فضلَ الصّلاةِ فيها فيما يأتي:
- فضلُ الصّلاةِ في المسجدِ الحرام: إنّ صلاةً واحدةً يُؤدّيها المسلمُ في بيتِ الله الحرام تعدِلُ مئةَ ألفِ صلاةٍ يُؤديها في غيره، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأنِ: (صلاةٌ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ من مائةِ ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ).[١٠][١١]
- فضلُ الصّلاةِ في المسجدِ النّبوي: إنّ صلاةً يُؤديها المسلمُ في المسجدِ النّبوي تَعدِلُ ألفَ صلاةٍ يُؤديها في غيره، إذ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صلاةٌ في مسجِدي أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ إلَّا المسجدَ الحرامَ).[١٠][١٢]
- فضل الصّلاةِ في المسجدِ الأقصى: إنّ للصلاةِ في المسجدِ الأقصى فضلٌ وقدسيّة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأقْصَى)،[١٣] فعن أبي ذرّ الغفاريّ -رضي الله عنه-: (أنَّهُ سأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ عَن الصَّلاةِ في بَيتِ المقدِسِ أفضلُ أو في مسجِدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ؟ فَقالَ: صلاةٌ في مسجِدي هذا أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيهِ، ولنِعْمَ المصلَّى)،[١٤][١٥] أيّ في المسجد الأقصى المبارك، واستدلّ العلماء من هذا الحديث أنّ الصلاة في المسجد الأقصى تعدل مئتين وخمسين صلاةً فيما سواه من المساجد.[١٦]
آداب الذهاب إلى المسجد
يوجد العديد من آدابُ الذّهابِ إلى المسجدِ والجلوس فيه، نذكُرُ منها ما يأتي: [١٧][١٨]
- أولاً: استعمالُ السّواكِ، اقتداءاً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- ثانياً: أن يُحسن المسلم وضوءه قبل الذهاب للمسجد، وأن يشبك يديه فيه، لأنَّه في انتظار الصلاة، فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (إذا توضّأ أحدكم، فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى المسجد، فلا يشبكن يديه، فإنه في صلاة).[١٩]
- ثالثاً: أن يكون في انتظاره للصلاة متّجهاً بوجهه إلى القبلة.
- رابعاً: الدّعاءُ قبل الخروجِ إليه، إذ صحّ أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال قبل خروجه إلى صلاةِ الصّبح مرّة: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ لي في قَلْبِي نُورًا، وفي لِسَانِي نُورًا، وفي سَمْعِي نُورًا، وفي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ في نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لي نُورًا).[٢٠][٢١]
- خامساً: الذّهابُ مُبكّراً والمُسارعةُ إليهِ شوقاً وحبّاً -أي مسارعةٌ معنوية تقتضي التّجهزَ القلبيَ لأداءِ الصّلاة-.[٢١]
- سادساً: المشيُ إليه بسكينةٍ ووقارٍ وهيبة، إذ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا سَمِعْتُمُ الإقَامَةَ، فَامْشُوا إلى الصَّلَاةِ وعلَيْكُم بالسَّكِينَةِ والوَقَارِ، ولَا تُسْرِعُوا، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا).[٢٢][٢١]
- سابعاً: الذّهابُ إليهِ مشياً لا ركوباً، وقد تقدّمَ الحديثُ عن فضلِ الخُطى إلى المسجد.[٢١]
أهمية المسجد في الإسلام
تتّضحُ أهمية المسجدِ في الإسلامِ من خلالِ أمورٍ عدّة، نذكر منها ما يأتي:
- كانَ بناءُ المسجدِ من أوائلِ الأمورِ التي فعلها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بعدَ هجرته إلى المدينة المنورة.[٢٣]
- يُرادِ للمسجدِ أن يكونَ البيتَ الثّاني لكلِّ مسلمٍ، حيثُ يَتَلَقَّى علومَ الشّريعةِ المُختلفة، ويَحضر حلقاتَ الذّكرِ فيه.[٢٣]
- يُعدُّ المسجدُ أحبَّ البِقاعِ إلى الله -عزَّ وجلَّ-، إذ أخرج الإمامُ مسلم في صحيحه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَحَبُّ البِلَادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا).[٢٤][٢٥]
- المسجدُ مدرسةٌ خرّجَ منها خيرَ رجالِ المجتمع، إذ امتدحَ الله -عزَّ وجلَّ- أهلَ المساجدِ في سورة النّور، فقال -سبحانه-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ).[٢٦][٢٥]
- تلعبُ المساجدُ دوراً فعّالاً في تقويَّةِ الأواصِرِ بينَ المسلمينَ، إذ يلتقونَ فيه، ويتدارسون العلمَ الشّرعيّ، ويحفظونَ القرآنَ الكريم.[٢٧]
المراجع
- ↑ عبد الله بن عبد العزيز العقيل (2005م)، الأربعون في فضل المساجد وعمارتها (الطبعة الأولى)، لبنان: دار البشائر الإسلامية، صفحة 36-42. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 662، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2494، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 251، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 649، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 554، حسن.
- ↑ حسين العوايشة (1429ه)، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الأولى)، لبنان: دار ابن حزم، صفحة 255، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 665، صحيح.
- ↑ أبي عوانة (1998م)، مستخرج أبي عوانة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المعرفة، صفحة 323، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 238، جزء 37. بتصرّف.
- ↑ ابن المنذر (1985م)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة الأولى)، الرياض: دار طيبة، صفحة 138، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1397، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1179، صحيح.
- ↑ محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، عمان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 609، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ “كم تعدل الصلاة في بيت المقدس”، www.fatwa.islamweb.net، 14-8-2003 م، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2021. بتصرّف.
- ↑ دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 747، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها -العبادات في الاسلام، صفحة 936، جزء 2.
- ↑ رواه الالباني، في صحيح ابي داود، عن أبي ثمامة الحناط القماح، الصفحة أو الرقم: 562، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 763، صحيح.
- ^ أ ب ت ث محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب، www.islamweb.net: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، صفحة 5-9، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 636، صحيح.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، المدينة المنورة: موقع الجامعة على الإنترنت، صفحة 64، جزء 38. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 671، صحيح.
- ^ أ ب صالح بن طه عبد الواحد (1428ه)، سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، مكتبة الغرباء، الدار الأثرية، صفحة 255-256، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 36-37.
- ↑ عطية سالم، شرح بلوغ المرام لعطية سالم، www.islamweb.net، صفحة 12، جزء 52. بتصرّف.