محتويات
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
إنّ دراسة سيرة الرسول محمّد -صلى الله عليه وسلم- أمرٌ في غاية الأهمية، حيث اعتنى السلف الصالح بها؛ فقد كانوا يُربّوا أبناءهم على حبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء به، حيث إنّ ملء قلوب النّاس عامة والأطفال خاصة بحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- بمعرفة سيرته، وغزواته، وسراياه أمر ينعكس إيجاباً على حياتهم، ويَحول دون تعلّقهم بالفساق وحبّهم للأساطير والخرافات.[١]
غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
اختلف العلماء في عدد غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، فمنهم من قال أنّ عدد غزواته خمسةً وعشرون غزوة، ومنهم من قال أنّها سبعةً وعشرون، ومنهم من قال أنّ عددها تسعةً وعشرون، وقد بيّن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بعد أن ذكر الأقوال المختلفة أنّ سبب الاختلاف بين أهل العلم يرجع إلى أنّ الذين ذكروا العدد الأكثر عدّوا كل واقعةٍ على حدة، وإن تقاربت مع غيرها في الزمن، بينما جمع الذين ذكروا العدد الأقل الغزوتين المتقاربتين في الزمن، وعدّوها غزوةً واحدةً، كغزوة الخندق وبني قريظة على سبيل المثال.[٢]
ويمكن ذكر أسماء غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأولها غزوة الأبواء، ثمّ غزوة بواط، ثم غزوة سفوان، ثمّ غزوة العشيرة، ثمّ غزوة بدر الكبرى، ثمّ غزوة بني سليم، ثمّ غزوة السويق، ثمّ غزوة غطفان، ثمّ بني قينقاع، ثمّ غزوة أحد، ثمّ غزوة حمراء الأسد، ثمّ غزوة بني النضير، ثمّ غزوة بدر الأخيرة، ثمّ غزوزة دمة الجندل، ثمّ غزوة بني المصطلق، ثمّ الخندق، ثمّ بني قريظة، ثمّ بني لحيان، ثمّ الحديبية، ثمّ ذي قرد، ثمّ خيبر، ثمّ ذات الرقاع، ثمّ غزوة عمرة القضاء، ثمّ فتح مكة، ثمّ حُنين، ثمّ الطائف، وآخرها غزوة تبوك.[٣]
غزوة بدر الكبرى
لم يكتفي كفار قريش بما فعلوه من تعذيبٍ واضطهادٍ للمسلمين في مكة، بل استمروا في تهديدهم للمسلمين في المدينة المنورة بعد الهجرة، حيث بعثوا كتاباً لعبد الله بن أبي بن سلول بصفته زعيم الأنصار قبل الهجرة يحضّونه على قتال المسلمين، وجاء فيه: “إنكم آويتم صاحبَنا، وإنا نُقسِم بالله لتقاتلنه أو لتُخرِجنَّه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلكم، ونستبيح نساءكم”، ولذلك كان لا بُدّ من التصدي لكفار مكة وردّ عدوانهم، فقرر رسول الله صلى الله عليه وسلم توجيه ضربة لاقتصاد قريش من خلال قطع الطريق على قافلة لهم بقيادة أبو سفيان.[٤]
فخرج -عليه الصلاة والسلام- على رأس كتيبة من المهاجرين والأنصار يبلغ عددهم ثلاثمئة وسبعة عشر رجلاً، ولكن الأخبار وصلت إلى مكة فخرجت قريش بجيشٍ قوامه ألف وثلاثمئة رجل على رأسهم أبو جهل، والتقى الجمعان في موقع بدر، وبدأت أحداث المعركة بمبارزة بين ثلاثة فرسان من كل جانب، فانتصر الفرسان المسلمون وقتلوا فرسان الكفار، ثمّ التحم الفريقين وحمي وطيس المعركة، وعلى الرغم من قلة عدد المسلمين وعتادهم إلا أنّ الله -تعالى- نصرهم نصراً مؤزاً في تلك المعركة، حيث قتلوا سبعين رجلاً من الكفار، وأسروا سبعين آخرين، وولى جيش قريش هارباً.[٤]
غزوة أحد
وقعت غزوة أحد في شهر شوال في العام الثالث للهجرة، حيث خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رأس جيش قوامه ستمئة وخمسين مقاتلاً للتصدي لجيش المشركين الذي كان قوامه ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة أبي سفيان بن حرب، وحدث القتال في منطقة أُحد التي تبعد عن المدينة المنورة ثلاثة أميال، وترتب على هذه الغزوة استشهاد سبعين صحابياً، وإصابة أربعين آخرين، ومقتل ثلاثين مشركاً.[٥]
غزوة الأحزاب
وقعت غزوة الخندق في العام الخامس للهجرة، بعد أن قام يهود المدينة بتحريض كفار قريش على الهجوم على المدينة المنورة وإبادة المسلمين فيها، فخرجت قريش عن بكرة أبيها، وخرج معهم أهل تهامة وكنانة، ولحق بهم بنو سليم، وقبائل غطفان، وبنو أسد، واجمتعت أحزاب الكفر في جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل، ولما وصلت الأخبار إلى المدينة المنورة، انقسم أهلها إلى قسمين؛ القسم الأول: هم المؤمنون الذين تلقوا الخبر بيقين وعزم وقوة إرادة، فقال الله -تعالى- عنهم: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)،[٦] ثمّ توكلوا على الله تعالى، وأخذوا بالأسباب، وقاموا بحفر خندق حول المدينة وحرسوه.[٧]
والقسم الآخر: هم أهل الرّيب والنفاق الذين قال الله -تعالى- عنهم: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)،[٨] ثم ضُرب الحصار حول المدينة، ومما زاد الأمر سوءًا غدر بني قريظة الذين نقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضاقت الأرض بما رحبت على المسلمين، واجتهدوا بالدعاء فجاءهم الفرج من عند الله تعالى، وبعد فترة من الحصار دبّر الله -تعالى- أمراً من عنده أدى إلى الفرقة بين الأحزاب، ثم أرسل عليهم جنود الرعب والريح فانتزعت خيامهم، وقلبت قدورهم، فقرروا الانسحاب والعودة إلى مكة خائبين.[٧]
غزوة بني قريظة
بعد تراجع الأحزاب عن حصار المدينة المنورة وانسحابهم، كان لا بُدّ من عقاب يهود بني قريظة على خيانتهم، فبعث الله -تعالى- جبريل -عليه السلام- ليأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بقتالهم، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المؤذن بأن يُنادي بالنّاس قائلاً: (لا يُصلِّينَّ أحدٌ العصر إلَّا في بنِي قُرَيظة)،[٩] فانطلق المسلمون وضربوا حصاراً شديداً على حصون بني قريظة دام خمسةً وعشرين يوماً، حتى تعبوا من المقاومة، وقذف الله -تعالى- في قلوبهم الرعب، فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.[١٠]
وفي ذلك الوقت طلبت الأوس أن تحكم في بني قريظة؛ لأنّهم كانوا مواليهم في الجاهلية، فوافق النّبي -عليه الصلاة والسلام- على تحكيم سعد بن معاذ رضي الله عنه فيهم، وقال له: (احكُم فيهم، فقال: فإنِّي أحكُمُ فيهم أن تُقتل مُقاتلتُهم وتُسبى ذراريُّهم وتُقسم أموالُهم، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد حكمت فيهم بحُكمِ الله ورسوله)،[١١] وتم القصاص من بني قريظة على ما قدمته أيديهم من الخيانة.[١٠]
غزوة فتح مكة
وقعت غزوة فتح مكة في شهر رمضان من العام الثامن للهجرة، حيث دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة وبرفقته عشرة آلاف مقاتل، وأمرهم بعدم استخدام السلاح إلا حال تعرضهم لهجوم مسلح، ولم يحدث في هذه الغزوة قتال إلا ما ندر، وبعد أن تم الفتح عفا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أهل مكة ولم يقتل منهم أحداً.[٥]
المراجع
- ↑ عبد الرحمن المحمود (2013-10-26)، “أهمية السيرة النبوية”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ “عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه”، www.islamweb.net، 2000-7-7 م، اطّلع عليه بتاريخ 8-3-2019. بتصرّف.
- ↑ “الغزوات والسرايا وهل قتل الرسول بيده أحدا”، www.islamweb.net، 2009-5-12 م، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب إيهاب أحمد (16-12-2014)، “غزوة بدر الكبرى”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب “غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 22.
- ^ أ ب عبد الملك القاسم، “غزوة الأحزاب دروس وعبر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 12.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4119، صحيح.
- ^ أ ب ” غزوة بني قريظة في سنة خمس”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 7028، صحيح.