باطني و قناة هضمية

جديد علاج التهاب الكبد الوبائي c

مقالات ذات صلة

علاج التهاب الكبد الوبائي C

يكمن الهدف الأساسي المرجوّ من علاج التهاب الكبد الوبائي ج أو التهاب الكبد الفيروسي سي (بالإنجليزيّة: Hepatitis C) بتخليص جسم المريض بالكامل من الفيروس، وهذا بدوره يمنع حدوث تلف الكبد الذي قد ينتج عنه عواقب وخيمة تتضمن فشل الكبد وسرطان الكبد.[١]

وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك نوعين رئيسيين لالتهاب الكبد الوبائي ج يختلفان بالفترة الزمنية لاستمرار المرض بالإضافة إلى آلية العلاج لكل منهما، وتُعرف الإصابة بالعدوى الفيروسية في المراحل المبكرة من المرض بالتهاب الكبد الحادّ (بالإنجليزيّة: Acute hepatitis)، وفي الحقيقة على الرغم من أنّه لا يتم المباشرة بالعلاج للمريض في هذه المرحلة غالبًا إلّا أنّ ذلك ليس بالأمر المطلق، إذ يتم عادةً إجراء فحص دم آخر بعد بضعة أشهر للاطمئنان على وضع المريض الصحي ومدى استجابة الجسم المناعية ضدّ الفيروس،[٢] وفي هذه الأثناء يوصي الأطباء ببقاء المريض في فراشه والحصول على الراحة الجسدية، وشرب الكثير من السوائل، وتناول الغذاء الصحي، وعدم شرب المواد الكحولية، بالإضافة إلى زيارة الطبيب بشكل دوري لمتابعة الحالة الصحية للمريض، وإجراء الفحوصات المخبرية اللازمة للتحقّق من تعافي جسم المريض من الفيروس.[٣]

وبالانتقال إلى الحديث عن حالات التهاب الكبد المزمن (بالإنجليزيّة: Chronic hepatitis) فإنّه يتم فيه البدء بالعلاج بشكل مباشر،[٢] وفي الواقع يتحدّد كون التهاب الكبد مزمنًا بوجود العدوى الفيروسية لمدة 6 أشهر أو أكثر في جسم المريض، ويعتمد العلاج لمرضى التهاب الكبد المزمن على عدّة عوامل، أهمّها؛ كمية الفيروس في جسم المريض والمعروف بالحِمل الفيروسي (بالإنجليزية: Viral load)، والنمط الجيني أو سلالة الفيروس الموجودة بالجسم، ومدى تلف الكبد -إن وُجد- كما هو الحال في تليّف الكبد، والمشاكل الصحية الأخرى التي يُعاني منها المريض، هذا بالإضافة إلى كيفية استجابة المريض للعلاجات السابقة.[٣] وتجدر الإشارة إلى أنّ التهاب الكبد الوبائي ج أحد الأمراض القابلة للعلاج والتي يمكن التعافي منها؛ حيث إنّ المريض قد يحتاج إلى استخدام دواء واحد أو أكثر ضمن خطة العلاج الدوائي التي قد تستمرّ لعدّة أشهر، بالإضافة إلى مراقبة الأعراض التي قد تظهر عليه والتعامل معها بالطريقة المناسبة، كما قد يحتاج المريض إلى اللجوء إلى عملية زراعة الكبد في حال إصابة الكبد بالتلف الشديد،[٤] وفي الواقع فإنّ العلاج يتضمن مجموعة من الإجراءات التي سيتم شرحها بالتفصيل لاحقاً، وتتمثّل بتناول الأقراص الدوائية التي تحارب الفيروس، وإجراء الاختبارات التي تهتم بفحص الكبد للكشف عن حدوث تلف في الكبد، وإجراء بعض التغييرات على نمط الحياة لمنع تفاقم التلف.[٢]

أحدث علاج لالتهاب الكبد الوبائي C

يعتمد الأطباء على الأدوية المضادّة للفيروسات في علاج التهاب الكبد الوبائي ج؛ حيث تقوم هذه الأدوية بمهاجمة الفيروس والقضاء عليه في معظم الحالات، وحالياً تتوفر العديد من الأدوية الحديثة التي تمت الموافقة عليها لعلاج التهاب الكبد الوبائي ج عام 2013، ويطلق عليها اسم الأدوية المضادة للفيروسات ذات التأثير المباشر (بالإنجليزيّة: Direct-acting antiviral medicines)، وفي الحقيقة تشير مجموعة من الدراسات إلى أنّ هذه الأدوية قادرة على علاج معظم الحالات المصابة بالتهاب الكبد الوبائي ج المزمن، كما يمكنها علاج الحالات المصابة بالتهاب الكبد الوبائي ج الحادّ، ولكن في بعض الحالات قد ينصح الطبيب بتأجيل البدء بالعلاج الدوائي إلى حين معرفة ما إذا انتقل الفيروس من مرحلة التهاب الكبد الحادّ إلى التهاب الكبد المزمن أم لا،[٥] ووفقاً لما صدر عن منظمة الصحة العالمية في شهر تموز من عام 2019 فإنّ نسبة علاج الأدوية الحديثة المضادّة للفيروسات قد تصل إلى أكثر من 95% من المصابين بعدوى التهاب الكبد الوبائي ج، وبالتالي هذه العلاجات تُقلّل من خطر الوفاة الذي قد ينتج عن المضاعفات الخطيرة التي تصيب الكبد مثل؛ تليّف الكبد، وسرطان الكبد،[٦] كما تقوم بالتخلص من الفيروس المُسبّب لالتهاب الكبد الوبائي ج من مجرى الدم، وتقليل سرعة تطوّر الالتهاب والتندّب في الكبد،[٣] ولكن للأسف ما زالت فرصة الحصول على التشخيص والعلاج لهذا المرض منخفضة.[٦]

تتميّز الأدوية الحديثة المضادّة للفيروسات بالفعالية الكبيرة في القضاء على الفيروس، وتوفّر نسبة أمان عالية، بالإضافة إلى قدرة المرضى على تحمّل هذه العلاجات بطريقة أفضل من العلاجات التقليدية، وعلاوةً على ذلك فإنّ هذه الأدوية يتم تناولها عن طريق الفم، وتحتاج لفترات علاج قصيرة نسبياً تتراوح بين 12 و 24 أسبوعًا بناءً على النمط الجيني للفيروس وأسلوب العلاج المتّبع، الأمر الذي يجعل هذه العلاجات لا تحتاج إلى الكثير من متطلّبات المراقبة الطبية،[٧] وفي الحقيقة يتم اختيار الدواء المناسب من المضادات الفيروسية الحديثة لعلاج التهاب الكبد الوبائي ج من قبل الطبيب بناءً على النمط الجيني لفيروس التهاب الكبد الوبائي ج المصاب به المريض؛ حيث يوجد على الأقل ست سلالات محدّدة لفيروس التهاب الكبد الوبائي ج والتي تُعرف باسم النمط الجيني،[٥] وبالرغم من أنّ أسعار هذه الأدوية كانت مرتفعة في البداية إلاّ أنّها انخفضت فيما بعد، ويأمل خبراء الصحة بأنّ تستمر هذه الأدوية بانخفاض أسعارها مع ارتفاع معدّلات الإصابة، وزيادة أعداد الفحوصات التي قد تؤدي إلى ظهور المزيد من الحالات،[٨] ومن الجدير بالذكر أنّ الأدوية المضادة للفيروسات ذات التأثير المباشر تؤدي إلى حدوث آثار جانبية قليلة مقارنةً بالأدوية التقليدية، وبشكل عام تعتبر الآثار الجانبية لهذه الادوية غير شائعة وإن حدثت فإنّها تكون بسيطة، وتتضمن؛ التعب، والصداع، والأرق، والغثيان.[٩]

قامت المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأمريكية بالموافقة على مجموعة من الأدوية العلاجية التابعة للأدوية الحديثة المضادّة للفيروسات لعلاج التهاب الكبد الوبائي ج المزمن،[١٠] كما توصي منظمة الصحة العالمية باستخدام أنواع محدّدة من الأدوية المضادة للفيروسات ذات التأثير المباشر من أجل علاج الأفراد المصابين بالتهاب الكبد الوبائي ج المزمن الذين بلغوا سن الثامنة عشر من عمرهم أو أكثر،[٦] وفيما يأتي بيان هذه الأنواع:[١٠][١١]

  • دواء داكلاتاسفير: (بالإنجليزيّة: Daclatasvir) يُستخدم هذا الدواء في علاج النمط الجيني الثالث، ويؤخذ قرص واحد يوميًّا من هذا الدواء إلى جانب دواء سوفوسبوفير (بالإنجليزيّة: Sofosbuvir)، ومن آثاره الجانبية المعاناة من الصداع أو التعب الخفيف، ويُعدّ من الضروري إبلاغ الطبيب في حال معاناة المريض من الخمول والكسل الشديد، كما لا يُنصح باستخدام هذا الدواء في حال وجود أمراض القلب؛ حيث تحذّر المنظمة العامة للغذاء والدواء الأمريكية من إمكانية حدوث انخفاض في معدّل ضربات القلب أحياناً، الأمر الذي يستدعي استخدام جهاز تنظيم ضربات القلب.
  • دواء سوفوسبوفير: يُستخدم في علاج الأنماط الجينية من النوع الأول، والثاني، والثالث، والرابع، ويؤخذ قرص واحد من الدواء بشكل يوميّ إلى جانب دواء ريبافيرين (بالإنجليزيّة: Ribavirin)، أو مزيج من دواء ريبافيرين مع بيغ-إنترفيرون (بالإنجليزيّة: Peginterferon).
  • تركيبة الأدوية سوفوسبوفير/فيلباتاسفير: (بالإنجليزيّة: Sofosbuvir/Velpatasvir) تُستخدم هذه التركيبة الدوائية لجميع الأنماط الجينية للفيروس، ويؤخذ قرص واحد منها يوميًّا لمدّة 12 أسبوع، ولكن قد يعاني المريض من الآثار الجانبية الشائعة والتي تتضمن الصداع والتعب، وفي الواقع هناك بعض الأدوية التي يجب تجنّب تناولها مع هذه التركيبة لتفادي حدوث بطء ضربات القلب.
  • تركيبة الأدوية سوفوسبوفير/ليديباسفير: (بالإنجليزيّة: Sofosbuvir/Ledipasvir) تُستخدم هذه التركيبة الدوائية للأنماط الجينية من النوع الأول، والرابع، والخامس، والسادس، وفي الحقيقة تُعدّ هذه التركيبة الأولى الخالية من الإنترفيرون التي تم استخدامها لعلاج النمط الأول في البداية، ويؤخذ قرص واحد من هذه التركيبة الدوائية وعادةً يتم تناولها إلى جانب دواء ريبافيرين، وتعتبر الآثار الجانبية لهذه التركيبة بسيطة.
  • تركيبة الأدوية غليكابريفير/بيبرنتاسفير: (بالإنجليزيّة: Glecapravir/Pibrentasvir) تُستخدم هذه التركيبة الدوائية لعلاج جميع الانماط الجينية للفيروس، ويؤخذ قرص واحد منها يوميًّا مع الطعام، وذلك لمدّة 8 أسابيع في حال استخدامها للمرضى الذين يتم علاجهم لأوّل مرة، بينما يتم استخدامها لمدّة قد تصل إلى 16 اسبوع للمرضى الذين تم علاجهم سابقاً.
  • تركيبة الأدوية إلباسفير/غرازوبريفير: (بالإنجليزيّة: Elbasvir/Grazoprevir) تُستخدم هذه التركيبة في علاج النمط الجيني الأول والرابع من الفيروس، بالإضافة إلى إمكانية استخدام هذه التركيبة في علاج مرضى التهاب الكبد الوبائي ج والذين يُعانون من أمراض أخرى مُستعصية مثل؛ تليّف الكبد، وفيروس نقص المناعة المكتسبة، وأمراض الكلى في المراحل المتأخّرة، ويمكن أن تترافق هذه التركيبة مع أعراض جانبية بسيطة تتمثّل بالصداع، وألم البطن، والتعب.
  • دواء سوفوسبوفير مع دواء سيمبريفير: (بالإنجليزيّة: Simeprevir) يمكن استخدام هذين الدوائين معاً لعلاج النمط الجيني الأول من الفيروس، ولكن يمكن أن تظهر آثار جانبية عن دواء سوفوسبوفير تتضمن التعب، والصداع، ومشاكل في البطن، وصعوبة في النوم، بينما قد ينتج آثار جانبية عن دواء سيمبريفير تتضمن جفاف الجلد، والحكة، وزيادة الحساسية لأشعة الشمس.
  • تركيبة الأدوية سوفوسبوفير/فيلباتاسفير/فوكسيلابريفير: (بالإنجليزيّة: Sofosbuvir/Velpatasvir/Voxilaprevir) تُستخدم هذه التركيبة الدوائية لعلاج جميع أنواع الأنماط الجينية للفيروس، ويتم تناول قرص واحد من هذه التركيبة يوميًّا مع الطعام ولمدّة 12 أسبوع، وعادةً يتم وصف هذه التركيبة للمرضى الذين لا يُعانون من تليّف الكبد، وذلك بعد فشل العلاجات الدوائية الأخرى بالتخلص من الفيروس، وتتمثّل الأعراض الجانبية الشائعة لهذه التركيبة بالصداع، والتعب، والإسهال، والغثيان.
  • تركيبة الأدوية أومبيتاسفير/باريتابريفير/ريتونافير مع دواء داسابوفير: (بالإنجليزيّة: Ombitasvir/Paritaprevir/ Ritonavir with Dasabuvir) تُستخدم هذه الأدوية في علاج النمط الجيني الأول للفيروس، ويعتبر هذا العلاج مناسبًا لمن يُعاني من بعض الندبات في الكبد ولكن مع استمرار الكبد في القيام بعمله، أمّا عن الجرعات الدوائية فيتم تناول قُرصين معًا مرة يوميًّا من أحد الأدوية، وقرص مرتين يوميًّا من الدواء الآخر، ويمكن أن تظهر آثار جانبية عن هذه الأدوية تتضمن الشعور بالحكّة، والضعف، والتعب، وصعوبة النوم، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا العلاج قد يؤدي إلى حدوث تلف شديد في الكبد لدى المرضى المصابين بتليّف الكبد في مراحل متقدّمة.

أما فيما يتعلّق بالأطفال المصابين بالتهاب الكبد الوبائي ج المزمن والذين تقلّ أعمارهم عن 12 سنة، فإنّ منظمة الصحة العالمية تُوصي بتأجيل استخدام العلاج الدوائي حتى بلوغ الطفل 12 سنة، بالإضافة إلى ضرورة تجنّب استخدام العلاجات التي تعتمد على الإنترفيرون، وفي الحقيقة فمن المتوقع أن يتم استحداث أدوية مضادّة للفيروسات مباشرة الفعالية وقصيرة المدّة العلاجية للاطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 12 سنة خلال السنوات القليلة القادمة، وبذلك تزداد فرصة علاج المرض في وقت مبكّر، أما بالنسبة للمراهقين المصابين بالتهاب الكبد الوبائي ج المزمن والذين تتراوح أعمارهم بين 12 سنة و17 سنة، أو الذين يزِنون 36 كيلوغرامًا على الأقل فتتمثّل التوصيات العلاجية من منظمة الصحة العالمية باستخدام الأنواع التالية:[٦]

  • تركيبة الأدوية سوفوسبوفير/ليديباسفير: تُستخدم هذه التركيبة لعلاج الأنماط الجينية من النوع الأول، والرابع، والخامس، والسادس، وذلك لمدّة 12 أسبوع.
  • تركيبة الأدوية سوفوسبوفير/ريبافيرين: تُستخدم هذه التركيبة لعلاج النمط الجيني الثاني وذلك عند استخدامها لمدّة 12 أسبوعًا.
  • تركيبة الأدوية سوفوسبوفير/ريبافيرين: تُستخدم هذه التركيبة لعلاج النمط الجيني الثالث وذلك عند استخدامها لمدّة 24 اسبوعًا.

العلاج التقليدي لالتهاب الكبد الوبائي C

كانت العلاجات التقليدية لالتهاب الكبد الوبائي ج قديمًا تقتصر على دواء إنترفيرون ودواء ريبافيرين فقط قبل عام 2014، وبذلك فهي لم تكن تتضمن الأدوية المضادة للفيروسات، وكانت العلاجات التقليدية تؤخذ على شكل حقن أسبوعية تحت الجلد بالإضافة إلى الأقراص الدوائية، وتجدر الإشارة إلى أنّ دواء الإنترفيرون كان يُسبّب العديد من الآثار الجانبية المزعجة للمريض، كما أنّه لم يكن فعالاً في القضاء على الفيروس، لذلك تم استحداث أدوية جديدة مضادّة للفيروسات تمتلك العديد من المميزات، بينما ما زال دواء ريبافيرين يُستخدم في بعض الأحيان إلى جانب أحد الأدوية الحديثة المضادة للفيروسات، إلّا أنّ استخدام ريبافيرين لعلاج التهاب الكبد الوبائي ج أصبح من غير المألوف، وبالنسبة لجرعات دواء ريبافيرين فيتم تناول قُرصين إلى ثلاثة أقراص صباحاً وقُرصين إلى ثلاثة أقراص مساءً، وذلك بناءً على وزن جسم المريض، أما عن الآثار الجانبية لدواء ريبافيرين فهي تتراوح بين البسيطة والمتوسطة،[١٢] ومن الجدير بالذكر إنّ دواء الريبافيرين يمكن أن يُسبّب عيوبًا خَلقية في الأجنّة، لذلك يجب على النساء والرجال الذين يتم علاجهم بدواء الريبافيرين أن يستخدموا وسيلتين لتحديد النسل خلال مدّة العلاج كاملة وحتّى ستة أشهر بعد الانتهاء من العلاج، كما يجب مراقبة المريض الذي يستخدم دواء ريبافيرين بشكل دقيق من قبل الطبيب.[١٣]

العلاج الجراحي لمضاعفات التهاب الكبد C

يتم اللجوء أحيانًا إلى العلاج الجراحي الذي يتمثّل بعمليات زراعة الكبد (بالإنجليزيّة: Liver transplantation) عند حدوث مضاعفات خطِرة من التهاب الكبد الوبائي ج المزمن، حيث يزيل الطبيب الجرّاح خلال عملية زراعة الكبد الكبد التالف ويستبدله بكبد سليم من متبرع متوفى في معظم الحالات أو بجزء منه من متبرع حيّ،[١٤] وتجدر الإشارة إلى أنّ العلاج الجراحي لا يُعالج التهاب الكبد الوبائي ج بمفرده غالبًا؛ حيث إنّ العدوى الفيروسية من الممكن أن تعاود الظهور مرّة أخرى، لذلك فإنّه من الضروري الاستعانة بالعلاج الدوائي بمضادات الفيروسات لتجنّب حدوث التلف للكبد المزروع، وفي الحقيقة تشير العديد من الدراسات إلى أنّ الأدوية الحديثة المضادة للفيروسات وهي الأدوية المضادة للفيروسات ذات التأثير المباشر فعّالة في علاج التهاب الكبد الوبائي ج بعد عملية الزراعة، كما يمكن في حالات معيّنة ومحدّدة إنهاء العلاج قبل إجراء عملية الزراعة،[١٥] تشير بعض الأدلّة الطبية إلى أنّ استخدام العلاجات الخالية من الإنترفيرون إضافة إلى الأدوية المضادة للفيروسات ذات التأثير المباشر قد تُقلّل عدد المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات زراعة كبد، ففي معظم حالات المرضى المصابين بالتهاب الكبد الوبائي ج وتليّف الكبد، فإنّ استخدام هذه الأدوية والتعافي بشكل كامل من الفيروس يُساهم في إيقاف تطوّر أمراض الكبد، وتقليل احتمالية الحاجة إلى إجراء عملية زراعة كبد في المستقبل، ولكن في حالات المرضى المصابين بالمراحل المتقدّمة من تليّف الكبد والمعروفة بتليّف الكبد التعويضي فإنّ استخدام العلاج الدوائي والتعافي من الفيروس قد لا يمنع الحاجة إلى إجراء عملية زراعة كبد، نظرًا لأنّ كبد المريض يكون ضعيفَا ولا يعمل بشكل جيّد.[١٦]

تُعدّ عملية زراعة الكبد عملية معقّدة وتحتاج إلى وقت طويل نسبيًّا؛ حيث تتراوح مدّة العملية بين 4 ساعات و18 ساعة، وذلك اعتمادًا على متطلّبات وحاجات المريض الفردية إضافةً إلى عوامل أخرى، ويتكوّن الفريق الطبي الذي يجري العملية الجراحية عادةً من مجموعة من الأطباء الجرّاحين، وأطباء التخدير، ومجموعة من الممرّضات المتخصّصات بعمليات الزراعة، وتتضمّن العملية مجموعة من الخطوات تبدأ بفصل الكبد المصاب والمتضرّر ثمّ ربط الكبد السليم بالأوعية الدموية والأنسجة البطنية والكبدية بشكل فوريّ، ومن الجدير العلم أنّ عملية زراعة الكبد تُظهِر قدرة الكبد الاستثنائية على التجدّد والنموّ؛ ويحتاج الجزء من الكبد الذي تمّ زراعته في المريض إلى بضعة أسابيع للنموّ إلى الحجم الكامل للكبد الطبيعي، وتجدر الإشارة إلى أنّ وجود تطابق وتماثل في النسيج الكبدي بين المتبرع والمتلقي هي أحد شروط نجاح زراعة الكبد،[١٧] بينما يتم في القليل من الحالات الحصول على جزء من كبد سليم من متبرعين أحياء،[١٤] ويتم في بعض عمليات زراعة الكبد لدى الأطفال استخدام جزء من كبد سليم لفرد بالغ، ونظرًا لصعوبة إيجاد كامل عضو الكبد من متبرّع متوفى يتناسب مع المريض، فإنّ عملية زراعة الكبد من متبرّع حيّ هي الأكثر شيوعًا في المجتمع، وذلك لا سيّما عندما يرغب أحد الأبوين في التبرع بجزء من كبده لأحد أبنائه.[١٧]

يحتاج المريض إلى أخذ الأدوية المثبّطة للمناعة عقب إجراء عملية زراعة الكبد له، وذلك بهدف منع جسم المريض من رفض العضو الذي تمّ زراعته حديثًا؛ حيث إنّه في الوضع الطبيعي يُدرك الجهاز المناعي وجود جسم غريب ويقوم بمهاجمته ومحاولة القضاء عليه، لهذا يتم استخدام الأدوية المثبّطة لعمل الجهاز المناعي ومنها؛ كورتيكوستيرويد (بالإنجليزيّة: Corticosteroids)، ومثبّطات كالسينيورين (بالإنجليزيّة: Calcineurin inhibitor) مثل؛ السيكلوسبورين (بالإنجليزيّة: Cyclosporine) أو تاكروليماس (بالإنجليزيّة: Tacrolimus).[١٧]

علاج التهاب الكبد C أثناء الحمل

لا تؤدي عدوى الكبد الوبائي ج إلى حدوث مشاكل صحية لدى المرأة أو الجنين خلال فترة الحمل في العادة، ولكن يمكن أن تظهر بعض الأعراض الجانبية بصورة ملحوظة لدى النساء الحوامل المصابات بالتهاب الكبد الوبائي ج، وذلك مثل حكّة الحمل التي تنتج عن الإجهاد الإضافي الذي يقع على الكبد خلال فترة الحمل، وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for disease control and prevention) فيصاب بالتهاب الكبد الوبائي ج ما يقارب 6 أطفال من بين كلّ 100 طفل يولدون لأمهات مصابات به، ومع ذلك فإنّه من الضروري إعلام الطبيب أو القابلة المسؤولة عن التوليد بوجود هذه العدوى، وذلك بهدف الحصول على المتابعة والمراقبة الطبية اللازمة وتقليل المخاطر الصحية، وتجدر الإشارة إلى أنّ خطر انتقال العدوى إلى الجنين تزداد في حال كان التهاب الكبد الوبائي ج حادًّا أي تم اكتسابه حديثًا، أو في حال كانت المرأة مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية أيضًا.[١٨][١٩]

قد لا يتم البدء بالعلاج الدوائي بمضادات الفيروسات خلال فترة الحمل، وذلك لأنّه لم يتم التحقّق من مدى أمان هذه العلاجات خلال الحمل، ولكن سيكتفي الطبيب المعالج بالانتظار وملاحظة أي أعراض تظهر على الأم مثل؛ التعب المزمن أو الاكتئاب وسيقوم بعلاجها بالأدوية المناسبة حينها، والجيّد في الأمر أنّ العديد من الحوامل المصابات بهذا الفيروس يتخلّصن منه دون تلقي العلاج، كما يبذل جهاز المناعة للحوامل الكثير من الجهد لإخماد الفيروس ومنعه من التكاثر إلى حد ما خلال فترة الحمل،[٢٠] أما في حال حدث الحمل خلال فترة علاج التهاب الكبد الوبائي ج فيجب مراجعة الطبيب بأسرع وقت لمناقشة الخيارات العلاجية الممكنة، وتُنصح المرأة بعدم الحمل خلال فترة العلاج لأنّه قد يكون ضارًّا على الجنين.[٢]

الشفاء من التهاب الكبد C

تجدر الإشارة إلى أنّه لا يمكن الكشف عن الحِمل الفيروسي -الذي تمّ بيانه سابقًا في المقال- خلال فترة العلاج وحتى بعد الانتهاء منه، وفي الواقع يُعتبر المريض قد شُفي وتعافى من الفيروس في حال عدم التمكّن من الكشف عن الفيروس في دم الفرد، ولا يمكن معرفة ذلك إلا بإجراء اختبار الحمض النووي الريبوزي RNA الذي يوصي به الطبيب بعد 12 أسبوعًا من انتهاء العلاج، وهو ما يُطلق عليه الاستجابة الفيروسية المُستديمة (بالإنجليزيّة: Sustained Virologic Response)، إذ تجدر الإشارة إلى أنّه في حال شفاء المريض من الفيروس فإنّه سيبقى محتفظًا داخل جسمه بأجسام مضادّة لفيروس الكبد الوبائي والتي لا يمكن ملاحظتها إلا من خلال إجراء هذا الاختبار، وهذا يدلّ على نجاح العلاج وخلوّ جسم الفرد بالكامل من الفيروس، وحقيقةً يُعدّ من الضروري إجراء هذا الاختبار للتأكد من التعافي من الفيروس وعدم افتراض الشفاء قبل ذلك، بينما في حال ظهرت الفيروسات من جديد في الاختبار فهذا يعني عدم نجاح العلاج، الأمر الذي يستدعي البدء بدورة جديدة من العلاج الدوائي باستخدام أدوية مختلفة غالبًا عن تلك التي تم استخدامها في الدورة العلاجية الأولى.[١٢][٩]

المتابعة أثناء العلاج وبعد الشفاء من التهاب الكبد C

يراقب الطبيب الوضع الصحي للمريض من خلال إجراء بعض فحوصات الدم المخبرية مثل؛ اختبارات الكبد، والحِمل الفيروسي في الدم، بالإضافة إلى الفحوصات التصويرية، ونتائج فحوصات الخزعات،[١] وذلك بهدف التأكد من مدى فعاليّة العلاج الدوائي، وفي الحقيقة فإنّ الأدوية العلاجية لفيروس الكبد ج يمكنها تحقيق الشفاء في معظم الحالات التي يُنهي فيها المريض كامل العلاج،[٥] ويجب التنويه إلى أنّ هناك حالة يُطلق عليها الانتكاس أو عودة المرض (بالإنجليزيّة: Relapse) تتمثّل بانخفاض الحِمل الفيروسي نتيجة استخدام الأدوية إلى مستوى لا يمكن اكتشافه ولكن لبعض الوقت، ثم ما يلبث أن يرتفع الحِمل الفيروسي مرّة أخرى، وهذا قد يحتاج إلى إعادة العلاج من جديد.[١٢]

تجدر الإشارة إلى أنّ تخلص الفرد من عدوى الكبد الوبائي ج الفيروسية لا تعني بأنّه محميّ من الإصابة به مجدّدًا مدى الحياة، ولكن يجب على الفرد اتخاذ التدابير الوقائية والإجراءات الاحتياطية لتقليل خطر إعادة الإصابة بالعدوى،[٢١] كما أنّ التهاب الكبد الوبائي ج يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، لذلك قد يطلب الطبيب إجراء فحص تصويري للكبد باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية كل 6 إلى 12 شهرًا، وذلك في المستشفى أو مركز أشعة على يد فني مدرّب وذلك بهدف الكشف المبكّر عن السرطان لزيادة احتمالية نجاح العلاج،[٢٢] وفي الحقيقة بالرغم من عدم توفر لقاح خاص بالتهاب الكبد الوبائي ج إلا أنّ الطبيب قد يطلب الحصول على لقاحات ضدّ فيروس الكبد أ وفيروس الكبد ب، وهي فيروسات مختلفة عن فيروس الكبد ج ولكنّها قد تؤثر بشكل سلبي في الكبد وقد تُسبّب التلف له وتعقّد الحالة الصحية لمريض التهاب الكبد ج.[٢٣]

نصائح لمرضى التهاب الكبد الوبائي C

يوصي الأطباء بإجراء بعض التعديلات على نمط حياة الفرد الذي تم التأكد من إصابته بالتهاب الكبد الوبائي ج، وذلك بهدف الحفاظ على صحته لأطول فترة ممكنة وحماية الآخرين من الإصابة بالعدوى،[٢٤] وفيما يأتي أهم هذه النصائح:

  • تناول الغذاء الصحي والمتوازن، والحفاظ على ممارسة الرياضة بانتظام.[٢٥]
  • التوقف عن التدخين.[٢٥]
  • عدم مشاركة الإبر أو المحاقن مع الآخرين.[٢٥]
  • التوقف عن شرب الكحول لأنّه يُسرّع من تطوّر أمراض الكبد.[٢٤]
  • تجنّب تناول الأدوية التي قد تُسبّب التلف للكبد، مع ضرورة عرض الأدوية التي يستخدمها المريض على الطبيب بما في ذلك الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة، والمكملات الغذائية، والمستحضرات العشبية.[٢٤]
  • العمل على منع الآخرين من ملامسة دم المريض، وذلك بتغطية الجروح، وعدم مشاركة شفرات الحلاقة أو فراشي الأسنان مع الآخرين.[٢٣]
  • الامتناع عن التبرع بالدم أو بأحد أعضاء الجسم، بالإضافة إلى إعلام العاملين في القطاع الطبي بالإصابة بالفيروس.[٢٣]
  • إخبار الشريك بالعدوى الفيروسية قبل ممارسة العلاقة الجنسية، مع ضرورة استخدام الواقي الذكري أثناء ممارستها دائمًا.[٢٣]
  • اتباع نصائح الطبيب بخصوص استخدام الأدوية العلاجية، فمثلاً دواء ريبافيرين يتطلّب استخدام واقي الشمس، وتجنّب التعرّض لأشعة الشمس، وارتداء الملابس ذات الأكمام الطويلة وقبعة.[١٢]

فيديو عن التهاب الكبد الوبائي سي

للتعرف على المزيد من المعلومات حول علاج التهاي الكبد الوبائي سي شاهد الفيديو:[٢٦]

المراجع

  1. ^ أ ب Michael M. Phillips and David Zieve (12-1-2020), “Hepatitis C”، www.pennmedicine.org, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث “Hepatitis C; Treatment”, www.nhs.uk,21-6-2018، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت “Treating Hepatitis c”, liverfoundation.org, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  4. “Hepatitis C”, www.hopkinsmedicine.org, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  5. ^ أ ب ت Adrian M. Di Bisceglie (1-3-2020), “Hepatitis C”، www.niddk.nih.gov, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث “Hepatitis C”, www.who.int,9-7-2019، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  7. “Hepatitis C medicines”, www.who.int,11-11-2015، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  8. Jolanda M. Denham (1-8-2017), “Hepatitis C”، www.kidshealth.org, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  9. ^ أ ب “A cure for hepatitis C”, www.hepatitisaustralia.com,15-4-2020، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  10. ^ أ ب Charles Daniel (17-7-2019), “How Hepatitis C Is Treated”، www.verywellhealth.com, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  11. Arefa Cassoobhoy (21-10-2019), “Hepatitis C Treatments”، www.webmd.com, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  12. ^ أ ب ت ث “Hepatitis C medications: An overview for patients”, www.hepatitis.va.gov,29-10-2018، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  13. Cleveland Clinic medical professional (4-11-2019), “Hepatitis C: Management and Treatment”، www.my.clevelandclinic.org, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  14. ^ أ ب Mayo Clinic Staff (20-3-2020), “Hepatitis C”، www.mayoclinic.org, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  15. Drugs.com staff (20-3-2020), “Hepatitis C”، www.drugs.com, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  16. “Hepatitis C and liver transplants”, www.webcache.googleusercontent.com,2016، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  17. ^ أ ب ت Editorial Team (10-12-2014), “Liver Transplant”، www.hepatitisc.net, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  18. “Pregnancy”, www.hepatitisfoundation.org.nz, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  19. “Hepatitis C Questions and Answers for the Public”, www.cdc.gov, Retrieved 15-5-2020. Edited.
  20. Elizabeth Millard (5-11-2019), “15 Facts You Need to Know About Hepatitis C and Pregnancy”، www.healthcentral.com, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  21. “Hepatitis C”, www.webcache.googleusercontent.com, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  22. Bruce Bacon, Theo Heller, Luby Garza-Abijaoude and others (1-12-2012), “Hepatitis C”، www.surgery.ucsf.edu, Retrieved 5-5-2020. Edited.
  23. ^ أ ب ت ث “Hepatitis C”, www.nchmd.org,20-3-2020، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  24. ^ أ ب ت “Hepatitis C”, www.stclair.org,20-3-2020، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  25. ^ أ ب ت “Hepatitis C”, www.111.wales.nhs.uk,5-9-2019، Retrieved 5-5-2020. Edited.
  26. فيديو: التهاب الكبد الوبائي سي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى