قوم ثمود قبيلة من القبائل العربية، التي كانت تعبد الأصنام، ترجع في أصولها إلى أولاد سام بن نوح، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد أجدادها، وهو ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح، أرسل الله -عز وجل- نبي من قومهم، وهو سيدنا صالح الذي ينتمي إلى قبيلة ثمود، لكي يدعوهم إلى عبادة الله -عز وجل-، حيث قال لهم: “يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ” نفس الكلمة التي يقولها كل نبي، لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.
قوم عاد كانوا جاحدين كما عرف عنهم؛ لذلك لم يصغوا لدعوة نبيهم صالح -عليه السلام-، وأخذوا يتهمونه بالكذب وأنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده، فكانت لدعوته صدى كبير وهزت كبيرهم وصغيرهم، وكان صالح معروفاً بالحكمة والنقاء والخير، وكان له مكانة مرموقة بين أقرانه، وكان يحظى باحترام الكبير والصغير قبل أن يوحي الله إليه، ويرسله بالدعوة إليهم، حيث قالوا له كما ذكر بالقران الكريم: “قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ”، هذا ردهم على دعوة نبيهم الذي أرد لهم الخير.
قوم عاد كذبوا دعوة ورسالة نبي الله صالح، الذي كان يعرف بصدقة وحكمته بينهم، ولكن عندما دعاهم إلى ترك عبادة الأصنام كذبوه، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه نبي من عند الله، فاستجاب الله لرغبتهم، وأرسل إليهم معجزة خرجت من الصخر، الذي كانوا يصنعون بيوتهم منه، حيث عرف عن قوم عاد أنهم كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد، فسكنوا الأرض التي استعمروها.
المعجزة التي أرسلها الله لهم ناقة خرجت من صخرة من جبل بعد أن انشقت، لتكون معجزة قوية يصدقونها، هذه الناقة التي ولدت بغير الطريقة المعروفة، مما جعلهم يندهشون من ذلك، الذي زاد دهشتهم أن حليبها كان يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال.
طلب منهم نبي الله أن يتركوها تأكل من الأرض، وأن لا يمسها أحد بسوء، ومن يفعل ذلك سوف يلاقي عذاباً أليماً، هذا ما كان واضحاً في الآية الكريمة، التي تروي قصة معجزة نبي الله صالح، حيث قال لهم: “وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ” .
المعجزة التي أرسلها الله لقوم عاد، جعلت كراهيتهم تتحول من النبي صالح إلى ناقته، التي كانت دليل علي صحة رسالته، فقاموا بالإتفاق على قتل هذه الناقة، التي أرسلها الله آية لهم، ودليل على بطلان عبادة الأصنام، فقاموا في يوم بقتل الناقة متحدين تحذير نبيهم، الذي وعدهم بالعذاب، إذا ما قاموا بقتلها، عندما علم صالح غضب كثيراً، وقال لهم: “تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ”، بعدها غادر صالح قومه وتركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام، ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح، وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال، فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة، لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء، حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعاً صعقة واحدة.
هلكوا جميعاً قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.