كرة القدم

جديد ظاهرة الشغب في الملاعب

كرة القدم

إنّ لعبة كرة القدم هي اللعبةُ الشعبيّة الأولى في أرجاء العالم؛ فمنذ اللحظة الأولى لانتشارها بدأت تَستقطبُ المُشجّعين من كافّة الأقطار، ونظراً لانتشارها، وكثرة أعداد مشجّعيها كثُرت أعمال الشغب والعنف التي قد تحدث على ملاعبها بين الجماهير ووصلت بعضها إلى التدمير، وإراقة الدماء.

عُرفت كرة القدم في بداياتها بأنّها لعبة عنيفة وجهنميّة أيضاً؛ وذلك لأنّ مبارياتها كانت تقام بلا قوانين واضحة ومعروفة للاعبين، فمن المُمكن أن تصل مباريات كرة القدم في قديم الزمان إلى مباريات تقام في مناطق واسعة تضمّ المئات من اللاعبين دفعةً واحدة، ويمكن لهؤلاء اللاعبين أن يقوموا بما يحلوا لهم فعله لأجل الوصول إلى الهدف أو الحصول على الكُرة مُستَخدمين شتّى الوسائل المُتاحة أمامهم بلا رادعٍ أو رقيب.

ظلّت كُرة القدم على ما هي عليه حتى بدايات القرن التاسع عشر عندما تمّ اعتمادها كرياضةٍ رسميّةٍ في المدارس الإنجليزيّة، ممّا ساهم بإدخال نوعيّةٍ جديدة من اللاعبين والجماهير الواعية إلى هذه اللعبة، وقد ساعدت تلك النقلة على تخفيف ظاهرة العنف التي كانت طاغيةً على مباريات كرة القدم في تلك العصور.[١]

مباراة تسبّب حرباً بين دولتي الهندوراس والسلفادور

أدّت ظاهرة (شغب الملاعب) إلى حدوثِ خسائرَ كبيرة في الأرواح، والأملاك العامّة والخاصّة، حتّى إنّها كانت سَبباً في اشتعال الحروب والخصومات بين الدول كالحرب التي وقعت عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعين بين دولتي الهندوراس والسلفادور في حرب (المئة ساعة)، والتي نتج عنها ما يَزيد عن ثلاثة آلاف قتيلٍ، وأكثر من خمسة عشر ألف جريحٍ، عدا عن الدّمار الذي طال المدن، والمُساكن فيما سُمّي بحرب الأربعة أيام أو بحرب المئة ساعة، وكل هذا نتج عن غضبِ الجماهير التي رفضت الواقع الذي يقول بخروج فريقهم من التصفيات النهائية لكأس العالم خاسراً.

تسبّب غَضب الهندوراسيين بأفعال شغب ضدّ كل شيء يخصّ السلفادور؛ وذلك فقط لأنّ مُنتخَب السلفادور تَفوّق على مُنتخبهم وأخرجه من التصفيات؛ فقُطعت العلاقات الدبلوماسيّة، وبدأت بين الدّولتين حَرب عسكريّة طاحنة راح ضحيّتها الآلاف من البشر، وتَدمّرت المنشآت، وتسبّبت بخسائر ماليّة تفوق المليارات، وكلّ هذا بسبب مباراةٍ واحدة في لعبة كرة القدم. [٢]

ظاهرة شغب الملاعب

إنّ شغب الجماهير خلال المباريات داخل أسوار ملاعب كرة القدم أو خارجها هو ظاهرةٌ مُنتشرةٌ بشكلٍ كبير حول العالم وليست حِكراً على شعبٍ أو أمّةٍ واحدة؛ فكلّ شعب يعشق كرة القدم واجه هذه الظاهرة في ملاعبه وبين جماهيره، فظاهرة الشغب في ملاعب كرة القدم لها العديد من المسبببات؛ قد تكون بسبب حادثةٍ حصلت في منطقة تابعة لفريق مُعيّن تسبّب بها شخص من مَدينة فريق آخر، فعند إقامة مُباراة بين هَذين الفريقين لن تتوانَ بعض الجماهير عن رد الدَّيْن لجماهير الفريق الآخر، أو قد تحدث ظاهرة الشغب بسبب قيام أحد اللاعبين على أرضيّة الملعب بتصرُّفٍ يُثير غَضب الجماهير، أو شتمُ الجمهور لأحد اللاعبين أو الحكام، أو الشخصيّات السياسيّة والدينية؛ فكلّ هذه تُعدّ من أهمّ الأسباب التي جعلت ظاهرة الشغب في كرة القدم تنتشرُ بشكل كبير، وأصبح من الصّعب إيقافها.[٣][٤]

من الأمثلة على ظاهرة شَغب الملاعب هي حادثة ملعب أم درمان بين المنتخبين المصري والجزائري في مباراة الملحق النهائي المؤهلة لكأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا؛ حيث إنّ ظروف تلك المباراة وجوّ التنافس الكبير الذي كانت تعيشه الجماهير المُتعطّشة للفوز كان أحد الأسباب الرئيسيّة لحدوث فتنة كبيرة بين الشعبين الشقيقين، حيث قامت بعض وسائل الإعلام بتصوير أحداث ورواية تفاصيل لم تحدث ساهمت بشكل كبير في حدوث شغب جماهيري كبير في تلك المباراة التي أقيمت على أراضٍ سودانية.

في عام 2008م في النمسا حدث شغب جماهيري وأعمال عنف كبيرة بين مشجعين المنتخب التركي والمُنتخب الكرواتي عقب فوز الأتراك على نظرائهم الكروات بهدف نظيف ضمن منافسات بطولة أمم أوروبا، وفي عام 1974م رفضت روسيا التي كانت تسمى بالاتحاد السوفيتي آنذاك أن تلعب المُباراة النهائية والفاصلة في تصفيات كأس العالم ضدّ منتخب تشيلي، بعد أن تم قتل سلفادور أليندي الرئيس التشيلي إثر انقلابٍ عسكري في البلاد.[٥]

اقتراحات وحلول لظاهرة شغب الملاعب

تكون عواقب شغب الجماهير عادةً وخيمةً على الأرواح والمنشآت الاقتصادية، لأنّها تكون غالباً ضمن حيّزٍ مكانيّ صغير ووفرة جماهيرية، ممّا يُساهم في تسارع وتيرة الأعمال العنيفة بشكلٍ كبير، وللحدّ من هذه الظاهرة يجب اتباع بعض الخطوات التي قد تساعد على ذلك، منها:[٣][٤]

  • تَجهيز قوّات أمنٍ لحفظ النظام بشكل كامل، وخصوصاً في بعض المُباريات التي تعرف توتّراً في الأجواء بشكل دائم.
  • تنمية الرّوح الرياضيّة للاعبين والجماهير.
  • وجود هيئة رسميّة ممثّلة باتحاد اللعبة في البلاد؛ حيث تكون له هَيبته وسياسته الواضحة والمُحايدة مع جميع الأطراف، وفي كلّ النزاعات.
  • الردّ بشكلٍ صارمٍ وحازمٍ وسريع على أيّ شكلٍ من أشكال الشغب الجماهيري داخل ملاعب كرة القدم، وذلك بمنع الجَماهير من حضورِ مُباريات فريقها المفضّل لفترةٍ زمنيّةٍ محدّدة، وتغريم النادي المَسؤول مبلغاً من المال، وغيرها من العقوبات التي قد تحدّ من شغب الجماهير.
  • تخصيص جوائز مُعيّنة ومغرية لمن ينشر الروح الرياضية، ويعمل بها بشكلٍ دائم في جَميع المُباريات والمَحافل الدوليّة والمحليّة لكُرة القدم من لاعبين ومُدرّبين وجماهير وحكّام وإداريين.
  • مراقبة الجماهير بشكل كبير حتّى يَتسنّى للجِهات الأمنية القبض على مُفتعلي أحداث الشغب بشكلٍ أسرع، وتطبيق القانون عليهم حتى لا يتمّ ظلم جمهور بأكمله.
  • زيادة الدوري الأسري والتعليمي والثقافي في التوعية عن مَخاطر الشغب الجماهيري، ومضاره الكبيرة.

المراجع

  1. خالد بن الشريف (29-09-2015)، ” تاريخ كرة القدم.. كيف تطورت اللعبة الساحرة”، ساسة بوست، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2017. بتصرّف.
  2. “”حرب كرة القدم” بين هندوراس والسلفادور”، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2017. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد قدوري (10-01-2012)، “شغب الملاعب .. أسباب ومسببات “، مغرس، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2017. بتصرّف.
  4. ^ أ ب “ظاهرة شغب الملاعب..الأسباب والحلول”، شبكة أطلس سبورت، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2017. بتصرّف.
  5. بلال السيسي (18-11-2014)، “4 مباريات أشعلت الحروب بين الدول”، مصر العربية، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى