'); }
النحو
يُعرِّف ابن جني النحو على أنّه انتحاء سَمت كلام العرب في تصرُّفه من إعراب، وتثنية، وجمع، وتصغير، وإضافة، ونسب، والهدف منه أن يلحقَ بالعربيّة من ليس من أهلها من حيث الفصاحة، فيصبحُ ناطقاً لها، كما أنّه مجموعة من القواعد والمقاييس التي تتعلَّق بأحوال الكلام، من حيث الإعراب والبناء، كما يهتمُّ بطريقة تكوين الجُمل، ويُعرِّفه التربويّون في الاصطلاح بأنّه مجموعة من القواعد تُعرَف بها أواخر الكلمات التي تكوَّنت من تركيب بعضها مع بعض، من إعراب وبناء، وبمراعاة قواعد النحو، تُصبح الكتابة خالية من الأخطاء، كما أنّ النحو يُقلِّل من الأخطاء عند النُّطق والكلام؛ وذلك لأنّ النحو علم يدرس بُنية، وتكوين، وشكل الكلمة في اللغة العربيّة.[١]
والنحو عند العرب قديماً هو الإعراب، والمقصود بذلك ضَبط حركة أواخر الكلمات في الجملة بناءً على موقعها الإعرابيّ، وبذلك فهو عِلمٌ يهتمّ بأواخر الكلمات من حيث بنائها، وإعرابها، أمّا في العصر الحديث فقد توسَّع تعريف عِلم النحو ليشتملَ على اختيار الكلمات، وارتباطها، وتناسُقها في نَمط صوتيّ مُعيَّن، وعلاقاتها معاً في الجملة،[١] والنحوُ لغة كما جاء في لسان العرب هو إعرابٌ للكلام العربي، وهو القصد والطريق.[٢]
أمّا اصطلاحاً فبالرجوع إلى تعريف ابن خلدون يتلخَّص لنا أنّ النحو هو العِلم الذي من خلاله تتبيّن أصول المقاصد بالدلالة، فتُعرَف الكلمة وتتميّز، هل هي فاعل أم مفعول، مبتدأ أم خبر، وقد أعطى ابن خلدون النحو أهميّة كبيرة؛ وذلك لأنّ الجهل به يُؤدّي إلى الالتباس في فَهم الكلام، ومن هذه التعريفات يتّضح أنّ هناك ثلاثة محاور يهتمّ بها علم النحو، وهي: أحوال أواخر الكلام من حيث التشكيل، وإعراب الكلمة، وبالتالي تحديد صحّة الكلام أو فساده، وأخيراً دراسة الجملة كاملة.[٢]
'); }
طرق تدريس النحو
لتدريس النحو عدّة طُرُق، منها:[٣]
- الطريقة الاستقرائيّة: وتعتمد الطريقة الاستقرائيّة على أسلوب يُمكِّن العقل من تتبُّع مسار أجزاء المعرفة وصولاً إلى صورتها الكاملة، باستخدام أسلوب الاستقصاء، وهذا الأسلوب هو أسلوب فلسفيّ يستند إلى الطريقة الاستقرائيّة، ومن خلال هذه الطريقة يستثمر المُعلِّم المعلومات القديمة، ويربطها بالمعلومات الجديدة، باستخدام أسلوب التعميم، أو القاعدة، وعلى الطالب أن يكتشفَ المعلومة بنفسه؛ ممّا ينمّي قوّة التفكير لديه، ويجعله مستقلاً به، كما يثير عنصرَ التشويق، ويُكسبه الثقة بالنفس.
- الطريقة القياسيّة: وهي طريقة قديمة لتدريس النحو، وتعتمد على انتقال الحُكم من الكلّ إلى الجزء، ومن المبادئ إلى النتائج، وبذلك يَصل العقل من المجهول إلى المعلوم، وباستخدام هذه الطريقة فإنّ المُعلِّم يكتب القاعدة، ومن ثمّ يستخرج النتائج، بحيث يسير بخطوات مُقرَّرة مُسبَقاً؛ ولذلك فهي طريقة سهلة، وسريعة وتساعد على الحفظ.
- أسلوب النص: تعتمد هذه الطريقة على تدريس النحو من خلال تحليل نصٍّ كامل من حيث جميع جوانبه اللغويّة، وأفكاره، وأحداثه، وسياقه، وشكله اللغويّ، وكلّ ما يختصّ بطبيعة اللغة صوتاً، ومبنىً، ومعنىً، وبلاغةً، ونحواً، وهذه الطريقة تجعل الطالب مُحبّاً للنحو أكثر؛ حيث إنّها تُشعره بأنّ اللغة جزءٌ مُهمٌّ من حياته، وتختلف هذه الطريقة عن الطريقة الاستقرائيّة من حيث أنّ النص هنا كامل ويُعبِّر عن فكرة مُتكاملة، بينما الطريقة الاستقرائيّة تعتمد على مجموعة من الأمثلة والجُمل التي لا رابط بينها.
- أسلوب تحليل الجملة: وتعتمد على فَهم المعنى، حيث يساعد المُعلِّم الطلّاب على تحليل النص، مثل: تحليل آية قرآنية، أو حديث نبويّ شريف، أو قصيدة شِعر، أو قولٍ مأثورٍ، أو جملةٍ ما، وهذا التحليل يعتمد على فَهم المعنى نفسه، وبالتالي يستطيع الطالب تحديد موقع الكلمة من الإعراب، ومن ثم استنتاج القاعدة النحويّة بشكل صحيح، وهذه الطريقة تساعده على تركيب الجمل تركيباً سليماً عن طريق التكرار، كما تمنحه المقدرة على أن يتذوَّق النصوص، ويكتب بطريقة خالية من الأخطاء.
- الأسلوب التكامليّ: ويرى هذا النوع من أساليب تدريس النحو بأنّ فروع اللغة جميعها تتّحد وتتجمّع لتُشكِّل وحدة اللغة، وهذا يعني أنّه لا يمكن إهمال أيّ فرع من الفروع، أو الاهتمام بأحدها على حساب الآخر، ويمكن أن نرى ذلك واضحاً من خلال التعبير، والذي من أهمّ أهدافه تدريب الطلّاب على الكتابة، والقراءة الصحيحة، بحيث تكون القواعد وسيلة للوصول إلى النتيجة دون الاهتمام بأسلوب السَّرد وحَشو المعلومة، بل من خلال توظيفها.
- أسلوب الدور التمثيليّ: ومن خلال هذا الأسلوب يتمّ توضيح القاعدة النحويّة عن طريق لَعب الأدوار، والتي تكون عادة مُستوحاة من الحياة العامّة، وهذه الطريقة من النظريّات الحديثة في التدريس، وهي طريقة تُنمِّي لدى الطالب القدرةَ على التعبير، وتقليد الآخرين ، وهذا يساعده على الاكتشاف والاستنتاج، ونُموّ مهارات التفكير لديه، ومن أهمّ أهداف هذه الطريقة كما حدَّدها ريتشارد كورتس: تعزيز تعليم التلميذ، وتعزيز قدراته.
- أسلوب توظيف المطالعة: إنّ المطالعة فَرع من فروع اللغة العربيّة التي تُعتبَر مُترابطة ومُتكاملة، ومن خلال الرَّبط بين المطالعة والقواعد، يتعوّد لسان الطالب على اللفظ الصحيح، ويأتي دور المُعلِّم من خلال الرَّبط بين القراءة الجَهريّة للطالب والقواعد، بحيث يتأكَّد من أنّ قراءته خاليةٌ من الأخطاء؛ وذلك لأنّ الخطأ يعمل على تغيير وتشويه المعنى، ومن خلال الحصص المُقرَّرة للقراءة يتمّ اكتشاف القواعد النحوية، ويكون التطبيق عليها مُتمثِّلاً بحلّ التمرينات.
- أسلوب الرسوم البيانيّة: وهذه الطريقة من أقدم وسائل التدريس، وهي وسيلة تدريس بصريّة حسّية وتُعتبَر أقوى من التدريس باستخدام الكلمة فقط؛ حيث إنّها تبقى مُدّة أطول في الذاكرة، وهي سهلة الفَهم، وتقوم على استخدام الرسومات؛ لتثبيت المعلومة في ذِهن الطالب، كما أنّها طريقة مُسلِّية، ولا تُشعِرُ الطالب بالملل.
- التدريس بأسلوب المواقف التعليميّة: وهذا النوع من الأساليب يتطلَّب من المُعلِّم اختيار مواقف من حياة الطالب اليوميّة، سواءً كان ذلك في البيت، أو في المدرسة، أو في الشارع، بحيث يُسهِّل عليه فَهم وإدراك الموقف، ويجب أن يكون الموقف مُشوِّقاً؛ حتى يشدَّ انتباه الطالب للمتابعة مع المُعلِّم الذي يَتمثّل دوره بإدخال القاعدة النحوية ضمن الموقف، بعيداً عن عَرضها بصورة نمطيّة ومُجرَّدة.
- أسلوب إعراب أمثلة العَرض: ويتضمَّن هذا النوع من التدريس عمليّات الإعراب للكلمات؛ وذلك لأنّ الإعراب يبيّن المقصد ويوضِّح الغاية، ويُعتبَر مظهراً من مظاهر الدقّة في البيان.
- أسلوب تجزئة القاعدة النحويّة: وهذه الطريقة لا تُعطي الطالب القاعدة دفعة واحدة، وإنّما تُعطَى على عدّة مراحل، وتُستخدَم في حالة القواعد التي يَصعب على الطالب فَهمها من أوّل مرة؛ ولذلك يتمّ تجزئتها له؛ ليسهل عليه استيعابُها.
أهداف تدريس النحو
لتدريس النحو أهداف عديدة، وتشتمل هذه الأهداف على ما يأتي:[١]
- المساعدة على حفظ اللسان والقلم من الوقوع في الخطأ، وجَعل الإنسان يعتاد اللغة بشكل صحيح بعيداً عن الخطأ .
- تدريب الطالب على قوّة المُلاحظة، وأساليب التفكير المختلفة والمنطقيّة.
- المساعدة على فَهم المقصود من الكلام بطريقة صحيحة، واستيعاب المعاني.
- زيادة وتنمية الثروة اللغويّة.
- المساعدة على تطبيق القواعد في أساليب الكلام، والاستفادة منها في الحياة اليوميّة.
- تنمية القدرة على فَهم ما هو مقروء، أو مسموع لدى الطالب.[٢]
- المساعدة على إدراك الفروق بين التراكيب، والعبارات، والجمل، والكلمات.[٢]
مشكلات تدريس النحو وطُرُق علاجها
إنّ من أهمّ المشكلات والصعوبات التي تواجه المُعلِّم في تدريس النحو هي أنّ الطالب قد يحفظ عدداً لا بأس به من القواعد، ويتقن الإعراب، إلّا أنّه عندما يُطلَب منه إنشاء موضوع تعبير، فإنّه يقع في أخطاء نحويّة كثيرة، وهنا يظهر الخلل في طريقة تدريس النحو، أو الأداة المُستخدَمة في ذلك، ويعود أساس هذه المشكلة إلى اختلاف اللغة المنطوقة في حياة الطالب عن اللغة المكتوبة التي تُدرَّس؛ وهذا ما يجعل الطالب يجد صعوبة في الكتابة والتعبير بطريقة نحويّة صحيحة، بالإضافة إلى وجود ضَعف عند مُدرِّسي اللغة العربيّة، وعدم تمكُّنهم من النحو، كما أنّ هدف المُدرِّس من تدرسيه للنحو عادة ما ينحصر في إتقان طلّابه للإعراب، من خلال حفظ القاعدة، ولحلّ هذه المشكلة يمكن استخدام بعض من هذه الوسائل:[٤]
- إلغاء أيّ قاعدة نحويّة لا تُضيف للطالب أيّ تقدُّم في طريقة كتابته لموضوع تعبير.
- تطبيق الطالب للقاعدة التي تعلَّمها، ويكون ذلك باستحضارها في جميع دروس اللغة العربيّة من أدب، وإنشاء، وتعبير، وليس في حصص النحو والإعراب فقط.
- تعويد الطالب على التحدُّث باللغة العربيّة الفُصحى، وتشجيعه على ذلك، وتصويب الأخطاء التي قد يقع فيها أثناء التحدُّث.
- إفساح المجال للطالب لكتابة نصوص عربيّة ذاتيّة.
- رَبط القواعد والنصوص بحياة الطالب العمليّة؛ حتى تبقى القاعدة حاضرةً في ذهنه، بحيث تأخذ صفة الواقعيّة لا صفة النظريّة.
- تحدُّث المُعلِّم مع تلاميذه بلغة عربيّة فصيحة؛ بحيث يكون قُدوة لهم في ذلك، ممّا يُعوِّدهم على سماع اللغة بطريقة سليمة؛ وذلك لأنّ أسلوب الاستماع وما يتبعُه من أسلوب المُحاكاة، أفضل بكثير من أسلوب التلقين.
- التركيز على أسلوب الاستقراء، والبُعد عن الأسلوب الفلسفيّ والمنطقيّ في تدريس القاعدة النحويّة.
- عَرض نصوص مألوفة وسهلة الاستيعاب، والابتعاد عن النصوص الصعبة والمليئة بالمُصطلحات الغريبة والصعبة.
- التركيز في الامتحانات على تحقيق الأهداف المرجوّة من دراسة القاعدة النحوية، وهي الكتابة والتعبير بشكل سليم، وعدم التركيز على تطبيق واستذكار القاعدة النحويّة من خلال الإعراب.
المراجع
- ^ أ ب ت سمير محمود أبو شتات، د. محمد عبد الفتاح عسقول (2005)، أثر توظيف الحاسوب في تدريس النحو على تحصيل طالبات الصف الحادي عشر واتجاهاتهن نحوها والاحتفاظ بها، غزة – فلسطين: الجامعة الإسلامية ، صفحة 11-19. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث هامل آمال، د.حمدي منصور جودي، طرائق تدريس النحو: دراسة مقارنة بين المنهج القديم والمنهج الجديد، جامعة محمد خیضر بسكرة، كلیة الآداب واللغات، صفحة 41-49. بتصرّف.
- ↑ أ. غازلي نعيمة ، أساليب تدريس قواعد اللغة العربية، تيزي وزو: جامعة مولود معمري، صفحة 2-13. بتصرّف.
- ↑ شريف محمد جابر (2012-11-11)، “مشكلات تدريس النحو العربي وعلاجها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-29. بتصرّف.