جديد طرق تدريس القرآن الكريم

'); }

طُرق تدريس القرآن الكريم

هناك الكثير من الأساليب، والإجراءات، والخُطوات التي يتّبعها المُعلِّمون؛ بُغيةَ إيصال المعلومات، والأفكار بعبارةٍ لطيفةٍ يسيرةٍ، يستطيعُ الطالب فَهْمها، والتمكُّن منها، وذلك ما يمكن اتِّباعه أيضاً في طُرق التدريس الناجحة في تعليم القرآن الكريم؛ لتحقيق أهدافٍ مَرجُوّةٍ يضعُها المُعلّم في تعلُّم القرآن الكريم، وتعليمه بأسلوبٍ مُتَّزِنٍ لطلبتِه، بأقلِّ وقتٍ، وتكلُفةٍ، وجُهدٍ.[١]

طُرق تدريس تلاوة القرآن

الحياة مع القرآن الكريم تبعثُ في النَّفْسِ اطمئناناً، وتُحيي الرُّوح الذابلة بينابيع القرآنِ الفيّاضة بكُلّ معاني الدفء، والأُنس، والراحة، ولا رَيب أنّ القلبَ يزدادُ إيمانُه، ويتألّقُ نبضُه؛ فتلاوتُه عملٌ تعبُّدي خالصٌ لله -تعالى-، وهو يبني جسوراً مَتينةً للآخرة؛ ولذلك كان تعليم القرآن الكريم في الحلقات للتلاميذ في المراحل الأولى أساساً، ومُرتَكَزاً لا يقلّ أهمّيةً عن الحِفظ، والفَهم، وغيره؛ مِمّا يعني ضرورة التحلّي بآداب القرآن الكريم، وتعويد الأطفال على حُبّه، والشوق إليه،[٢] ولِتجويد القرآن الكريم جانبان أساسيّان، وهما:[٣]

'); }

  • الجانب النظريّ: وهذا الجانبُ يُعنَى بمعرفة أحكام علم التجويد، وقواعده، ثمّ فَهمها فَهماً وافياً، وحِفظها بإتقانٍ؛ لأنّها المُرتكز الأساسيّ في الجانب العَمليّ التطبيقيّ.
  • الجانب العمليّ: وهذا الجانبُ يُعنَى بتطبيق الأحكام، والقواعد التجويديّة تطبيقاً تامّاً؛ عن طريق التلقّي بالسَّماع والمُشافهة من أفواه العلماء العارفين بأحكامه، وقواعده، والمُتقِنين تلاوتَه، وبيانَه، وقد جاء أنّ تعلُّم هذا الجانب واجبٌ على كُلّ مسلمٍ قادرٍ على تطبيقه، وتلاوته بإتقانٍ، ومِمّا يدلّ على ذلك قوله -تعالى-: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)،[٤] وقوله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ)؛[٥] وهذا ما استند إليه العلماء في وجوب تطبيق الأحكام التجويديّة في التلاوة القرآنيّة.

ومِمّا ينبغي على مُعلّم القرآن الكريم أن يحرص عليه ترسيخ المفاهيم الإيمانيّة، والمبادئ الإسلاميّة الصحيحة في تعليمه القرآن الكريم لتلاميذه؛ فيحرص على إذكاء روح المُراقبة، واستشعار أهميّة العبادات بتنوُّعها، والنهوض بنفوس تلاميذه إلى مَرتبة الصالحين، والترفُّع عن النقائص، والمَلذّات الدُّنيوية، وأن يُثمِّن في نفوسهم أهميّة الدعاء، والتوجّه إلى الله -تعالى- به، وأن يحرص أيضاً على إيضاح مكنونات العبادة في الإسلام، وأنّ الله لم يخلق عباده عَبَثاً؛ فهم مسؤولون عن العبادات أمام الله، فعلى سبيل المثال تُعَدّ الصَّلاة جوهرة الإسلام، وعماده الثابت، وهي اتِّصالٌ مع الله -عزّ وجلّ- في كُلّ حينٍ بالذِّكر، والقرآن، وإيقاظٌ للضمائر، والتفكُّر في المصائر؛ فيتمكّن المُعلِّم من تحقيق هذه الثوابت، والدعائم في قلوب التلاميذ؛ توكُّلاً، وإيماناً، وتطبيقها على الجوارح عَملاً، وإتقاناً.[٦]

طُرق تحفيظ القرآن

تتمحور طُرق تحفيظ القرآن الكريم حول أربع طُرقٍ، وبيانها فيما يأتي:[٧]

  • الطريقة الجماعيّة: وهذه الطريقة تقتضي أن يكون الطلبة على مستوى واحدٍ؛ فيبدأ المُعلِّم تلاوةَ الصفحةِ مثلاً تلاوةً مُتقَنةً مُرتَّلةً، وهذا مِقدارٌ يُحدّده المُعلِّم للطلبة، ثمّ يختار الطلبة المُتميِّزين في الأداء؛ فيُعيدون المقدار نفسَه، ثمّ يأتي دور الطلبة الآخرين، كُلٌّ على حِدة؛ كي يُعيدوا تلاوة المِقدار نفسه بشكلٍ فرديٍّ، وأخيراً يُسمِّعون المِقدارالمُقرَّر للمُعلِّم، ويُمكن تطبيق هذه الطريقة في عدّة أماكن، منها: المدارس النظاميّة، والمعاهد، والمراكز القرآنيّة، بالإضافة إلى تطبيقها مع الطلبة المُبتدِئين في تلاوة المصحف، ومن إيجابيّاتِ هذه الطريقة: حِرص المُعلّم على ارتفاع مستويات الأداء في الأحكام التجويديّة؛ عن طريق الإنصات إلى تلاوته، ثمّ الإنصات إلى الطلبة المُتميِّزين في أدائهم، إلى جانب إعلاء الهِمَم، وشَحْذها؛ من خلال تمكين الطلبة الضِّعاف في التلاوة، والحِفظ من مُواكبة زملائهم في ذلك، ودَفعهم إلى التميُّز مثلهم، أمّا سلبيّاتها، فمنها: الحاجة إلى الإمكانات المادّية، والبشريّة؛ لتحمُّل أفواج تِلو الأفواج من مُتعلِّمي المعاهد، والمراكز القرآنيّة، وعدم مراعاة الفروق الفرديّة؛ وذلك من خلال تأخُّر تميُّز الطلبة المُجتهدين، وعرقلة استمرارهم وتقدُّم في الحِفظ؛ لمُواكبة زملائهم الضِّعاف.
  • الطريقة الفرديّة: وهي طريقةٌ تعتمد على فَتح الآفاق للطلبة في الحِفظ، والأداء؛ كُلٌّ حسب طاقته، ومقدرته، وتميُّزه، وهذا من باب التنافس، والانطلاق في الحِفظ، والتلاوة، وتحت إشراف المُعلّم ومُتابعته بكفاءةٍ، وتكون هذه الطريقة في الحلقات المُتعدِّدة المُستوى في المراكز، والمعاهد، كما تكون للفئة التي تُجيد القراءة بشكلٍ مُتقَنٍ من المصحف، ومن إيجابيّاتها: مراعاة الفروق الفرديّة للطلبة، وفَتح المجال للتنافُس المُتميّز، والتقدُّم، وعدم حَصرهم في بُؤرة الجماعة التي قد تكون خانقةً للطلبة المُتميِّزين، كما تُتيح الفرصة لمشاركة الطلبة المُتميِّزين في مساعدة زملائهم الضِّعاف، وتدريسهم، وذلك بعد تأدِية ما عليهم من مَهامٍّ، أمّا سلبيّاتها، فمنها: إحباط الهِمَم لدى بعض الطلبة الذين لم يتمكّنوا من اللحاق بزملائهم المُتميِّزين، مِمّا قد يُؤدّي إلى عدم استمرارهم، أو انسحابهم، واستمرار بعض الطلبة بإعادة السُّوَر نفسها، أو اقتصارهم على ما مضى منذ مدّةٍ طويلةٍ.
  • الطريقة الترديديّة: وهي طريقةٌ تُؤدّى بترديد الآيات خلف مَن يقرؤها بصوتٍ واضحٍ، وتطبيقٍ للأحكام بشكلٍ مُتقَنٍ، وهي تُطبَّق للطلبة الذين لا يُحسنون القراءةَ من المصحف، أو المُبتدِئين منهم، أو أولئك الذين يكونون في الحلقات الجماعيّة، ومن إيجابيّاتها: تخليص الطلبة من مشاكلهم في النُّطق، وتصحيح حروفهم بالترديد، وتنبيههم إلى الأخطاء التي قد يقعون فيها من تلقاء أنفسهم، كما تُمكِّن هذه الطريقة الطلبة من التعرُّف إلى المصطلحات التجويديّة في المصحف؛ من علامات وقفٍ، وابتداءٍ، والأرباع، والأحزاب، والسجدات، وغيرها، أمّا سلبيّاتها، فمنها: زيادة ضَعْف الطلبة الضِّعاف باختفاء أصواتهم تحت أصوات زملائهم؛ فلا يُردِّدون معهم، ورَفع الأصوات أحياناً قد يُؤثّر في بقيّة الحلقات في المعهد، أو المركز، بالإضافة إلى احتماليّة عدم مراعاة الفروق بين الطلبة.
  • الطريقة الجماعيّة الترديديّة: وهذه طريقةٌ جامعةٌ بين الطّريقتَيْن الأولى، والثالثة؛ وهي تكون للطلبة في شتّى مستوياتهم؛ مُبتدِئين، أو مُتقدِّمين، وعلى خطواتٍ، منها ما يأتي:
    • يحرص المُعلِّم على جَذب انتباه الطلبة إليه؛ بافتتاحه الحصّة بمُقدّمةٍ جميلةٍ، وتعريفهم بمعنى السُّورة بشكلٍ عامٍّ، أو قصّتها، أو ذِكر مَعانٍ إجماليّةٍ، مِمّا يُرغّبهم في التلاوة، والحِفظ.
    • يتلو المُعلّم الآيات بأسلوبٍ مُتقَنٍ، ومُؤثّرٍ، وصادقٍ؛ حتى يصل بالطلبة إلى حُبّ التعلُّم، والرغبة فيه، فيردِّدون من ورائه؛ مُراعِياً الأحكامَ والقواعد، وغيرها من علامات الوقف، والابتداء، وتحقيق المعاني المَرجُوّة، وتقصير المَقاطع على الطلبة؛ حتى يتمكّنوا من التلاوة بأداءٍ جيّدٍ مثله، ثمّ إتاحة الفرصة للطلبة المُتفوِّقين بإعادة التلاوة، ثمّ قِسمٌ آخرٌ من الطلبة المُتوسِّطين؛ لإظهار مدى فَهْمهم، واستيعابهم.
    • يُعطي المُعلِّم المجال للطلبة؛ لحِفظ ما عليهم، ثمّ تسميعه فيما تبقّى من الحَلَقة من وقتٍ، واستكمال الباقي في موعد الحلَقة اللاحقة.

توصياتٌ مُهمّةٌ لمُدرِّسي القرآن

نصائح لمعلمي القرآن

يُنصَح مُعلِّم القرآن بالعديد من الأمور في تعليم تلاميذه، منها:[٨]

  • الحِرص على استخدام أسلوب التدرُّج في التعليم؛ إذ يبدأ المُعلّم بتعليم نُطق الحروف، والكلمات بطريقةٍ صحيحةٍ، ثمّ تخليص التلاميذ من مشكلات عيوب النُّطق، كالتأتاة، والفأفأة، وغيرها، وتخليصهم من التأثُّر باللهجات بأشكالها المَحلّية، والأعجميّة، وتدريبهم على نُطق الكلمات دون لحونٍ جَليّةٍ، ثمّ تدارُك الأخطاء الخفيّة شيئاً فشيئاً.
  • عدم السَّماح للطلاب بالانتقال من صفحةٍ إلى أخرى إلى أن يتمّ التأكُّد من أنّهم أتقنوا الأولى بشكلٍ جيّدٍ؛ من حيث نُطق الكلمات، والحركات.
  • تدريب الطلاب على اكتشاف أخطائهم بأنفسهم في درس التلاوة؛ فلا يَردّ المُعلِّم الخطأ، وإنّما يتأنّى معهم؛ حتى يعرفوا ما الخطأ الذي وقعوا فيه.
  • عدم تكليفهم فوق طاقتهم، بل يُكلّف كُلّ طالبٍ منهم حسبَ طاقته؛ فلا يشعرالضَّعيف بالعَجز، ولا يشعر المُتميِّز بالملل، والسآمة.
  • استخدام أسلوب المُوازنة بين كُلٍّ من الحِفظ الجديد، والمُراجعة؛ فلا يطغى أحدهما على الآخر، ولا ينتقل الطلبة إلى حِفظٍ جديدٍ دون تثبيت الحِفظ القديم.
  • الاستماع إلى تلاوات الطلبة؛ فلا يستمع المُعلِّم إلى أكثر من طالبٍ في الوقت نفسه، بل يُتابع كُلَّ واحدٍ على حِدة.
  • تعزيز مُساندة الطلبة لغيرهم؛ بحيث تُقرئ الفئةُ الجيّدةُ المُتميِّزة الطّلبةَ الضِّعاف؛ فمَن أجازوه منهم، عُرِضت تلاوتُه على المُعلِّم.
  • الالتزام بآداب التلاوة، وآداب حَمَلة القرآن، وتربية التلاميذ عليها، كالإنصات أثناء التلاوة، والجلوس بتؤدةٍ وسكينةٍ ووقارٍ، والطهارة في المَلبس، والمكان، والبسملة، والاستعاذة في بداية التلاوة، وغيرها من الآداب.
  • مراعاة استخدام الأساليب المناسبة لإيضاح الدرس أثناء حَلَقة التلاوة، أو أثناء تعليم درسٍ في التجويد، ومن تلك الأساليب: استخدام الأشرطة، أو القراءات المِثاليّة من قِبل الطلبة المُتميِّزين، أو الصُّحف واللوحات الحائطيّة إن توفّرت، أو استخدام الكُتُب التجويديّة المُختَصّة، كما أنّ على المُعلِّم أن يحرص على استخدام السبّورة في الشرح، والتوضيح لعلامات الإعراب، أو علامات الوَقف، وغيرها.
  • تهيئة الجوّ النفسيّ والعاطفيّ للطلبة؛ وذلك من خلال ابتدائِه بالترغيب، والتحبيب، والحَثّ على الآيات بالحِفظ، والعمل، والتلطُّف في طَرح الحوارات مع الطلبة، وقراءة الآيات بطريقةٍ مُتقَنةٍ صحيحةٍ، والتأدُّب بآداب مجالس القرآن، وحُسن الإنصات والسَّماع.[٩]

صفات معلم القرآن الناجح

يجبُ على مُعلِّم القرآنِ الكريم قبل تعليمه الكتاب العزيز أن يُتقِن مخارج الحروف بأنواعها؛ الحَلْقيّة، واللسانيّة، والشفويّة، وأن يتمكّن من الرَّبط بين معاني الآيات؛ حتى يتحقّق المُراد منها، ولا بُدّ أن يكون على فَهمٍ، ووَعيٍ شبه تامٍّ في ما يتعلّق بمعاني الآيات؛ حتى يتمكّن من استخراج الأحكام الشرعيّة، وبيان الأهداف الاجتماعيّة، والدينيّة؛ فيُجوِّد، ويُرتِّل الآيات بأسلوبٍ مُحبَّبٍ، وخاصّةً للأطفال؛ حتى يتعلّقوا بالقرآن الكريم، ويُرغبوا في تلاوته، وحِفْظه، وفَهْمه، ولا شكّ أنّ تلاوةَ القرآنِ بشكلٍ جيّدٍ قائمةٌ على استخلاص النتائج، والعِبَر، وهي من أنجح الطرائق في إتقان القرآن الكريم، وتعليمه.[١٠]

ولا بُدّ من إدراك الهدف من إيصال معاني القرآن الكريم، وأحكامه، وإيضاح أهدافه وغاياته للتلاميذ بأساليب مُيسَّرةٍ واضحةٍ، كما ينبغي جعل طرائق تدريس القرآن الكريم أكثر شموليّةٍ؛ وذلك برَبط الأفكار الواردة في القرآن الكريم بالحياة الإنسانيّة، وأفكارها كأمّةٍ مُسلمةٍ، مع توضيح أنّ القرآن الكريم هو دستور هذه الأمّة، وسبب رِفْعتِها، وأساس نُصرَتها، وهو ليس وثائق مقروءة فقط، أو صفحاتٍ يُتبرَّك بها، أو آياتٍ يُتغنّى بها، وإنّما هو مَنهج الحياة اليوميّة، والعمليّة، والذي يُؤسّس الفرد، والمجتمع لحياةٍ هانئةٍ؛ لذلك وجب إدراك أنّ القرآن الكريم هو دستور عِلمٍ، وعملٍ، يُمارسه المسلم في حياته بسلاسةٍ، وجمالٍ.[١٠]

كيفيّة تعليم القرآن الكريم للأطفال

يُعَدّ البيت العامر بالقرآن الكريم بيتَ خيرٍ، وسكينةٍ، واطمئنانٍ؛ إذ عُمِّر بحبّ القرآن الكريم؛ ولهذا فإنّ على الآباء، والأمّهات أن يحرصوا على تعليم أطفالهم القرآن في سِنٍّ مُبكِّرةٍ؛ حتى يغدو الطفل رجلاً صالحاً في مجتمعه، مُتأدِّباً بآداب القرآن، وأخلاقه، وتجدر الإشارة إلى أنّ معظم الأئمّة الكِبار حفظوا القرآن وهم صِغارٌ في السنّ؛ فالطبريّ -رحمه الله- حفِظه وهو في سنّ السابعة، وحَفِظه السيوطيّ -رحمه الله- في السادسة؛ فأُولى المراحل هي أنسب الأوقات للحِفظ؛ إذ يبدأ الطفل بالتلقين، والتكرار منذ صِغر سِنّه، ويعتاد على أن يستمع إلى القرآن الكريم بتلاوةٍ صحيحةٍ، ومن باب أولى يجدر أخذه إلى شيخٍ مُتقِنٍ؛ ليتعلّمَ عنده، كما يجب الحرص على أن يكون القرآن دائماً معه؛ فينظر فيه، ويحفظ مواضع كتابة الكلمات؛ فلا يُخطئ في التلاوة، بل يتمكّن منها، ومن الحِفظ؛ ذلك أنّ الخطأ الذي يخطئه الطفل ولا يُصحَّح له، قد يَصعُب في كثيرٍ من الأحيان تصحيحه، ومِمّا يُعين على تعليمه القرآن أيضاً الأشرطة المُسجَّلة؛ إذ يستمع إليها الطفل، ويُردّد مع القارئ، ويُفضَّل البَدْء معه بالسُّوَر القِصار التي يَسهُل عليه حِفْظها، وقراءتها، وعلى الآباء والأمّهات تشجيع أطفالهم على الحِفظ بشتى الوسائل، وتحبيبهم بالقرآن الكريم، وإكرام مُعلِّميهم؛ ممّا يؤدّي إلى انتفاع الطفل بأدب مُعلّمه قبل عِلمه، وعَمله، بالإضافة إلى المُتابعة المُستمِرّة، والتي من شأنها أن تزيد من الحِرص، والتشجيع؛ فيغدو الطفل سريعاً في الحِفظ، مُحِبّاً للقرآن، ومُسارِعاً إليه.[١١]

والطريقة المناسبة لتعليم الأطفال الابتداء بتعليمه حروف التهجّي، وكتابة بعض الكلمات السهلة بعد إتقانها تلك الحروف، والتدرُّب عليها، وعلى نُطقها نُطقاً صحيحاً، ثمّ تُكتَب له كلمات البسملة، والاستعاذة، ثمّ يتمّ التدرُّج بالسُّوَر الأسهل فالأسهل، ويكون حِفظه في كُلّ يومٍ بقَدر ما يستطيع أن يُحافظ عليه؛ فلا يزيد، ولا يُنقص منه شيئاً، كما عليه أن يهتمّ بمُراجعة ما سبق من الحِفظ أيضاً،[١٢] ولا بُدّ من تقديم النافع لهم عن طريق عَرض حِكمةٍ، أو قصّةٍ، أو أن يُطلَب منه إنجاز عملٍ ما، كالرسم، أو كتابة ما استفاده، ولا بُدّ من تكرار ما يحفظه بشكلٍ يوميٍّ، والحرص الدائم على تشجيعه، وتحفيزه، ومُكافأته، وإقامة حفلةٍ مُتواضعةٍ له كُلّما أتمَّ سورةً وأنجزَها حِفظاً، وفَهماً، ولا بُدّ من أن يكون المُربّي أيضاً؛ سواء كان أمّاً، أو أباً، أو مُعلِّماً، على وعيٍ واطِّلاع مُستمرّ بالمراحل العمريّة للطفل؛ بحيث يُقدّم له ما هو مناسب لسِنّه.[١٣]

فضل تعلُّم القرآن الكريم وتعليمه

وردت عدّة أحاديث نبويّة في فَضْلِ تعلُّم القرآن الكريم، وتعليمه، وذلك مِمّا يدُلّ على عِظَم قَدْر كتابِ الله -تعالى- تعلُّماً، وتعليماً، ومن تلك الأحاديث ما ورد عن الصحابيّ الجليل عُقبة بن عامر -رضي الله عنه-، إذ قال: (خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَنَحْنُ في الصُّفَّةِ، فَقالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ)،[١٤] فالحديث العظيم يُؤكّد بشكلٍ مباشرٍ على أهميّة تعلُّم القرآن الكريم، وقد جاء أسلوب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ترغيباً لطيفاً في الحَثّ والنُّدب على تعلُّم القرآن الكريم.[١٥]

كما أنّ الغُدوّ لتعلُّم القرآن الكريم، وقراءته في المسجد فيه خيرٌ وفيرٌ؛ لِما يجتمع من الأجر الكثير، والاطمئنان، والسكينة الخالصة في حضرة الآيات، والانصراف عن مَلّذات الدُّنيا، ومشاغلها، وتعلُّق القلب بالقرآن، وتلاواته، وتعلُّمه، أمّا فضل تعليم القرآن الكريم؛ فقد جاء حديث عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- مُوضِّحاً له، ولأثره، ولم يقتصر في ذلك على الفرد فقط، وإنّما على المجتمع أيضاً؛ قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ)؛[١٦] إذ جاء الحديث بالخيريّة التي هي مَنال الراغبين، وأمان القاصدين في الوصولِ إلى ربّ العالَمين؛ وهي خيريّة تعلُّم القرآن، وتعليمه، فمَنِ اشتغل بالقرآن تعلُّماً وتعليماً، حازَ فَضلاً عظيماً، ويكون بعد النبيّين، والمُرسَلين، وهذا التعلُّم والتعليم يُطلَقُ على القرآنِ كُلّه، أو بعضه.[١٥]

المراجع

  1. محمود إبراهيم الخطيب، تقويم طرق تعليم القرآن الكريم في مراحل التعليم العام والتعليم الجامعي، صفحة 8. بتصرّف.
  2. عبد الرشيد عبد العزيز سالم (1402هـ)، طرق تدريس التربية الإسلامية نماذج لإعداد دروسها (الطبعة الثالثة)، الكويت: وكالة المطبوعات، صفحة 116. بتصرّف.
  3. محمود أحمد مروح (2013م)، تدريس التلاوة والتجويد طرائق، أساليب، وسائل، مهارات (الطبعة الأولى)، عمّان: مركز ديبونو لتعليم التفكير، صفحة 26. بتصرّف.
  4. سورة المزمّل، آية: 4.
  5. سورة البقرة، آية: 121.
  6. عبدالرشيد عبدالعزيز سالم (1402هـ)، طرق تدريس التربية الإسلامية نماذج لإعداد دروسها (الطبعة الثالثة)، الكويت: وكالة المطبوعات، صفحة 120-121. بتصرّف.
  7. “بعض الطرق المتبعة لتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 28/5/2020. بتصرّف.
  8. “توجيهات عامة حول طرق تدريس القرآن الكريم”، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 28/5/2020. بتصرّف.
  9. محمود أحمد مروح (2013م)، تدريس التلاوة والتجويد طرائق أساليب وسائل مهارات (الطبعة الأولى)، عمّان: مركز ديبونو لتعليم التفكير، صفحة 30. بتصرّف.
  10. ^ أ ب عبد الرشيد عبد العزيز سالم (1402هـ)، طرق تدريس التربية الإسلامية نماذج لإعداد دروسها (الطبعة الثالثة)، الكويت: وكالة المطبوعات، صفحة 109-111. بتصرّف.
  11. “من طرق تعليم الطفل القرآن”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2020. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلقين (1430هـ)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 397، جزء 2. بتصرّف.
  13. “في الغربة: كيف أحفظ ابني القرآن؟ “، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2020. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عُقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 803، صحيح.
  15. ^ أ ب سعيد عبد الجليل يوسف صخر (1418هـ)، فقه قراءة القرآن الكريم (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة القدسي، صفحة 73-74. بتصرّف.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفّان، الصفحة أو الرقم: 5027، صحيح.
Exit mobile version