محتويات
'); }
فريضة الصيام
يعدّ شهر رمضان المبارك من الشهور التي فضّلها الله -عز وجل- وميّزها عن غيرها، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم؛ هدى للنّاس وبيّناتٍ من الهدى والفرقان، وهو شهرٌ ادّخر الله فيه لعباده ليلةً يفوق ثواب قيامها أجر ألف شهرٍ، وهي ليلة القدر، وفي هذا الشهر تتنزّل رحمات المولى -عز وجل- على عباده؛ فيتلمّس المسلمون خيراتها، حيث يطّلع -سبحانه وتعالى- على الصائمين والقائمين فيغفر لهم، ويكتب لهم عتقاً من النار، ويحرص المسلمون في كلّ بقاع الأرض على تحرّي هلال شهر رمضان؛ لأنّ الصيام يشرع تبعاً لرؤيته، ولكنّ بعض المسلمين ينوي صيام يومٍ قبل تأكيد رؤية الهلال؛ ليضمن صيام رمضان كلّه، ويخرج من االشكّ إلى اليقين، فما حكم صيام يوم الشّك؟
مفهوم يوم الشكّ وحكم صيامه
يوم الشكّ
هو اليوم الذي تكتمل به عدّة شعبان ثلاثين يوماً في حال تعذّر رؤية هلال شهر رمضان ليلة التاسع والعشرين من شهر شعبان، حيث وقع الاحتمال برؤيته، ويوم التاسع والعشرين لا يكون يوم شكّ،[١][٢] وإنما سمّي اليوم الذي يلي التاسع والعشرين من شعبان بيوم الشكّ؛ لأنّه مشكوكٌ في أمره، بين أنّه المتمّم لشعبان أو أنّه الأول من رمضان،[٣] وبعض الفقهاء حدّد يوم الشكّ بالليلة الصافية لكنّ الناس لم يتراءوا الهلال، أو أنّه قد شهد برؤيته مردود الشهادة، وقالوا: إنّ يوم الغيم ليس يوم شكّ، وخالفهم في ذلك طائفةٌ من العلماء فقالوا: يوم الغيم هو يوم الشكّ، والأظهر في المسألة والأقرب للصواب أنّ العبرة باختلاف الناس، فإن اختلفوا في هذا اليوم؛ فهذا هو يوم الشكّ، غيماً كان أو صحواً.[٤]
'); }
حكم صيام يوم الشكّ
تعدّدت آراء الفقهاء في مسألة صيام آخر يوم في شهر شعبان على ثلاثة أقوال:[٥]
- القول الأول: النّهي عن صيامه لمن صامه بنيّة الاحتياط لادراك شهر رمضان من أوله، وقد جاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه فرّق في ذلك بين كون يوم الثلاثين من شعبان صحواً أم غيماً؛ فاستحبّ صيام يوم الغيم دون الصحو، وقد وافقه في ذلك الإمام أحمد بن حنبل.
- القول الثاني: ذهب جمهور العلماء إلى جواز صيامه لمن كان له عادة صيامٍ كالإثنين والخميس ووافق يوم الشكّ صيام تطوّع، أو كان بسبب قضاءٍ فائت، أو بنيّة أداء كفارةٍ أو نذرٍ ونحوه، وذهبت جماعةٌ من السّلف إلى النّهي مطلقاً؛ لضرورة الفصل قبل صوم رمضان بفطر.
- القول الثالث: كره طائفةٌ من السلف صومه بنيّة التّطوع المطلق، وأجازه الإمام مالك -رحمه الله-، وذهب الإمام الشافعي -رحمه الله- إلى التفريق في ذلك، فأجازه لمن وافق عادة صيامٍ عنده دون سواه.
- وفي العموم فإنّ أكثر أهل العلم ذهبوا إلى النهي عن تقديم رمضان بصوم يومٍ أو يومين إلا لمن له عادته صيامه لموافقته لسنّةٍ راتبةٍ، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا تقْدُموا رمضانَ بصومِ يومٍ ولا يومينِ، إلا رجلٌ كان يصومُ صومًا، فلْيصمْه).[٦][٥]
دخول شهر رمضان ومحدّداته
ثبوت دخول شهر رمضان
يثبت دخول شهر رمضان، ويجب صيامه بأحد أمرين عند علماء الفقه، هما:[٧]
- رؤية هلال شهر رمضان: ومستند ذلك قول الله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)،[٨] وقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (صوموا لرؤيَتِهِ وأفطِروا لرؤيتِهِ، فإنْ غبِّيَ عليكم فأكملوا عدةَ شعبانَ ثلاثينَ)،[٩] وللحديث الوارد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إذا رأَيتُموه فصوموا، وإذا رأَيتُموه فأَفطِروا، فإن غُمَّ عليكم فاقدُروا له).[١٠]
- إتمام عدة شهر شعبان ثلاثين يوماً: أجمع العلماء على أنّه في حال لم تثبت رؤية هلال شهر رمضان في التاسع والعشرين من شعبان، فإنّ المسلمين يتمّوا عدّة شعبان ثلاثين يوماً، ويكون اليوم الذي يليه بداية شهر رمضان، وذلك على اعتبار أنّ الشهر الهجري في السنة القمرية لا يقل عن تسعةٍ وعشرين يوماً، ولا يتجاوز الثلاثين يوماً؛ لحديث أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام: (فإنْ غبِّيَ عليكم فأكملوا عدةَ شعبانَ ثلاثينَ)،[٩]
مسائل في رؤية هلال رمضان
- عدد الشهود لإثبات الرؤية: أكثر أهل العلم أنّ رؤية هلال رمضان تثبت بشاهدٍ واحدٍ، بشرط توفّر العدالة فيه، وذهب إلى هذا عمر وعلي وابن عمر -رضي الله عنهم-، وتبنّاه الإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي وغيرهما، وأفتى به ابن باز وغيره من الفقهاء المعاصرين، ويدل على قبول شهادة الرؤية بشاهدٍ واحدٍ عدلٍ، ما جاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قوله: (تراءى النَّاسُ الهلالَ فرأَيْتُه؛ فأخبَرْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فصام، وأمَر النَّاسَ بصيامِه).[١١][٧]
- الحسابات الفلكية للأشهر القمرية: أهل العلم من الفقهاء على عدم جواز إثبات دخول شهر رمضان عن طريق الحسابات الفلكية، وإنّما المعتمد شرعاً هو إمّا رؤية الهلال أو إكمال العدة، وغير ذلك لا مستند له في التشريع.[٧]
- اختلاف مطالع هلال شهر رمضانوللعلماء في هذه المسألة رأيان:[١٢]
- الرأي الأول: وجوب الصيام على المسلمين في كلّ البلاد الإسلامية في حال ثبوت ظهور هلال رمضان في أيّ بلدٍ إسلامي.
- الرأي الثاني: اعتماد رؤيةٍ خاصةٍ لكلّ بلدٍ، وهذا الخلاف مشهورٌ منذ عهد أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- لا يحلّ لأهل البلد الواحد الاختلاف في هذه المسألة؛ فلا يجوز أن يصوم بعضهم ويُفطِر آخرون؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد كبيرةٍ في أمرٍ من أهم أمور العبادات.
- الواجب على كلّ مسلمٍ أن يلتزم بفتوى دار الإفتاء في البلد التي يبدأ صومه فيها، ولا يخالفها إلى غيرها.
المراجع
- ↑ مركز الفتوى (28-10-2004)، “صيام يوم الشك بين المشروعية والكراهة”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ↑ مركز الفتوى (6-7-2009)، “يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان وليس التاسع والعشرين”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ↑ “صوم يوم الشك”، www.islamqa.info، 21-9-2006، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018.
- ↑ أبو عبد الله المصري، “حكم صيام يوم الشك”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب “صيام آخر يومين من شهر شعبان”، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1082.
- ^ أ ب ت محمد الشوبكي (30-6-2015)، “ثبوت شهر رمضان”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1909 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1900 ، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3447 ، أخرجه في صحيحه.
- ↑ صلاح الدق (5-6-2016)، “ثبوت دخول شهر رمضان وخروجه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.