'); }
جانب من نعيم الجنة
جعل الله -تعالى- الجنة مستقراً للمؤمنين الموحّدين، الذي أخلصوا لله العيش في حياتهم، واستقاموا كما أمر الله -تعالى- رغبةً ورهبةً إليه، ولقد كان من كرم الله -تعالى- أن وصف لعباده جانباً من نعيم الجنة، الذي ينتظرهم إن آمنوا واستقاموا؛ ليكون ذلك محفّزاً وباعثاً لهم، فيُقبلوا على الطاعة والعبادة، ولقد ورد في وصف الجنة آياتٌ قرآنيةٌ، وأحاديثٌ نبويةٌ شريفةٌ كثيرةٌ، فإنّ الله -تعالى- أول ما يصف من الجنة عظمتها ومساحتها، فيقول الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)،[١] فإنّها جنةٌ عرضها كما السماء والأرض، وأفضل من ذلك أن يخبر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن مضرب سوطٍ في الجنة، خيرٌ من الدنيا ما فيها، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ولَقابُ قوْسِ أحدِكم من الجنَّةِ، أو موضعُ قيدٍ -يعني سوطَه- خيرٌ من الدُّنيا وما فيها).[٢][٣]
وفي الجنة يكون النعيم منذ لحظة الدخول الأولى، حيث يدخل المؤمنون زمراً متشابكي الأيدي، مجتمعين فرحين مسرورين، وجوههم كأنّها كواكبٌ مضيئةٌ لامعةٌ؛ كالبدر من جمالها وزهوها بذلك النعيم، يدخلون فيتنعّمون بنعيمها الأبديّ، الذي لا نهاية له بموتٍ، ويسكنون مساكنهم يتراءون من خلالها، وبناؤها الذهب والفضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، لهم فيها الأواني من ذهبٍ وفضةٍ، لا يشقى، ولا يمرض، ولا يجوع ولا يعطش، ولا يعرى من يدخلها، وفي الجنة خمسة أنهارٍ، وهي: نهر الكوثر، والعسل، واللبن، والخمر، والماء، يأكل المؤمن ويشرب، لا يتبوّل، ولا يتغوط، ولا يعرق، ولا يتمخّط، وإنّما يجشأ جشاءً كريح المسك، يُلهَمُ في الجنة التسبيح والتكبير، كما يلهم المؤمن النفس.[٤]
'); }
صفات نساء الجنة
ذكر الله -تعالى- في أكثر موضعٍ في القرآن الكريم، أنّ الرجل المؤمن سيتمتّع في الجنة في الحور العين، لكنّه في المقابل لم يذكر النعيم والثواب للمرأة المؤمنة، ولعلّ ذلك يرجع إلى الخجل، وشدّة الحياء، أن تُذكر شهوات المرأة المؤمنة، وتُفصّل، فجاء الاكتفاء بقول الله تعالى: (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ*نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)،[٥] وإذا كان الله -تعالى- قد ذكر صفات الحور العين بشيءٍ من التفصيل في القرآن الكريم، وذهب بعض العلماء إلى أنّ المرأة المؤمنة التي دخلت الجنة بعملها الصالح، وصبرها في الحياة الدنيا وإيمانها، خيرٌ من الحور العين، اللاتي خُلقن مجازاةً للمؤمن الصالح على عمله، وستكون المرأة المؤمنة سيّدةً وملكةً وآمرةً، وفيما يأتي ذكرٌ لجانبٍ من جمال الحور العين، الذي ذكر في القرآن الكريم، والذي سيكون متواضعاً مقارنةً بجمال المرأة المؤمنة:[٦]
- وصفٌ لجمال العِين الذي يشابه اللؤلؤ، حيث يقول الله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ*كأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)،[٧] والحور من الحوراء، وهي التي في عينها كحلٌ وحسنٌ وبهاءٌ؛ ولأنّها كأمثال اللؤلؤ؛ أيّ كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي الجميل، المتستر عن الأعين، وهنّ لا عيب بهن، بل هنّ كاملات الجمال والأوصاف، لم يزل المتأمّل فيهنّ يرى من حسنهنّ وجمالهنّ، كلما أطال النظر فيهنّ.
- وصفٌ لعموم الجمال، حيث قال الله تعالى: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ)؛[٨] أيّ أنّهنّ يشابهن الياقوت في صفائهن، ويشابهن المرجان من بياضهنّ.
- وصفٌ لصباهنّ، حيث قال الله تعالى: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً*فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا*عُرُبًا أَتْرَابًا)،[٩] ويقول ابن عباس عن تفسير كلمة عرُباً؛ أيّ يتحببن إلى أزواجهنّ، وقيل العواشق لأزواجهنّ، وفي معنى أتراباً ورد أنّهنّ كلهنّ في عمر الثلاث والثلاثين عاماً، وقيل في أتراباً؛ أيّ المتآخيات فيما بينهنّ، لا تباغض بينهنّ، ولا تحاسداً.
- وصف جمال الأخلاق، وهو المتمم لجمال الشكل، حيث قال الله تعالى: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ)،[١٠] ذكر ابن القيم في تفسير ذلك: وصفهن بأنّهن خيرات حسان، وهو جمع خَيْرة، وأصلها خَيّرة، وهي التي قد جمعت المحاسن ظاهراً وباطناً، فكمل خلقها وخلقها، فهن خيّرات الأخلاق، حسان الوجوه.
- وصفهنّ بالطهارة الكاملة، حيث قال الله تعالى: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)،[١١] فقد طهُرت الحور العين من الحيض والبول والغائط، وكلّ أذىً كان يصيب النساء في الدنيا، وأمّا في الباطن، فقد طهرن أيضاً من الغيرة، وإبطان الأذى للزوج، أو الرغبة بغيره.
- وصفٌ لتمام طمأنة الرجال، بقصور الطرف للحور العين، حيث قال الله تعالى: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ)،[١٢] فقاصرات الطرف أو المقصورات في الخيام، كما في آيةٍ أخرى؛ هنّ اللواتي حُرّم عليهنّ التبرّج والتزيّن أو السفور، لغير زوجها، بل إنّهنّ قصرّن نظرهنّ إلّا على أزواجهنّ، ولم يخرجن من خيامهنّ ومنازلهنّ، ولم يردن إلّا أزواجهنّ.
أوصاف أخرى للنساء في الجنّة
ورد في السنة النبوية أحاديثٌ شريفةٌ تذكر جمال أهل الجنة بشكلٍ عامٍ، وجمال نسائها بشكلٍ خاصٍ، منها قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لكلِّ امرِئٍ منهم زوجتانِ منَ الحورِ العِينِ، يُرى مُخُّ سوقِهنَّ من وراءِ العظمِ واللحمِ)،[١٣] وفي حديثٍ صحيحٍ آخرٍ ورد أنّ المرأة من أهل الجنة لو أطلّت بوجهها على الأرض، لملأت ما بين السماء والأرض ريحاً طيباً، ولأضاءت ما بينهما، وأنّ المنديل الذي تغطّي به رأسها، خيرٌ من جمال الدنيا وما حوت من طبيعةٍ خلابةٍ، وقصورٍ شاهقةٍ عظيمةٍ، فإنّ ذلك كلّه كان وصف جمال نساء أهل الجنة اللواتي خلقنّ للجنة، وكما ذكر سالفاً بأنّ المؤمنات المستحقّات لدخول الجنة بإيمانهنّ وعملهنّ الصالح، هنّ أرفع منزلةً وأعظم درجةً، من أولئك اللواتي خلقن لها، وأنّهنّ سيكنّ مالكاتٍ بأمر الله وحكمتهنّ.[٦]
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 133.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2796، صحيح.
- ↑ “الجنة كأنك تراها 1”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-19. بتصرّف.
- ↑ “وصف الجنة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-19. بتصرّف.
- ↑ سورة فصلت، آية: 31-32.
- ^ أ ب “صفات الحور العين في الكتاب والسنة”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-19. بتصرّف.
- ↑ سورة الواقعة، آية: 22-23.
- ↑ سورة الرحمن، آية: 58.
- ↑ سورة الواقعة، آية: 35-37.
- ↑ سورة الرحمن، آية: 70.
- ↑ سورة البقرة، آية: 25.
- ↑ سورة الرحمن، آية: 56.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3254، صحيح.