الدعوة إلى الله وأهميتها
من نعمة الله تعالى على عباده المسلمين أن خصّهم بنعمة عظيمة ألا وهي نعمة الإسلام وهي نعمة لا يعدلها شيءٌ من النِّعم، فكان لزاماً على عباد الله أن يقوموا بشكر الله على مَنّه وفضله؛ وذلك من خلال الإيمان به، وبنبيه صلى الله عليه وسلم، والدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ لتنبيه الغافل عن الطريق، وتعليم الجاهل، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم. والدعوة إلى الله ذات أهمية عظيمة، ومكانة كبيرة في الدين الإسلامي؛ فهي من أفضل الأعمال، وأقرب القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، حيث قال الله عزّ وجلّ: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ)،[١] والدعوة إلى الله مهمة جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم أصبحت مهمة أصحابهم وأتباعهم من بعدهم، فهؤلاء هم خير عباد الله؛ فهم يهتمون بالدعوة إلى الله أشدّ الاهتمام، ويحرصون على أن يخرجوا الناس من الظلمات إلى النور أشد الحرص، فهؤلاء لهم فضل عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
والداعية في اللغة اسم، ويجمع على دعاة، ودواعٍ، والداعية هو الشخص الذي يدعو ويرشد ويعلم إلى دينٍ أو فكرةٍ.[٢] أما الداعية في الاصطلاح فهو الإنسان المكلّف شرعاً بتبليغ دعوة الله تعالى، وهو الذي يحمل أمانة تبليغ الدعوة إلى الناس، وينشر الدين الإسلامي في كل مكان، والداعية هو الشخص القائم بأمور الدعوة إلى الله تعالى، والذي مدحه الله عزّ وجل بقوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).[٣][٤]
صفات الداعية
لكي يلقى الداعية إلى الله القُبول عند النَّاس المدعوين، ويحقق الغاية والهدف الذي يسعى إليه وهو هداية النَّاس إلى طريق الله المستقيم، عليه أنْ يتمتّع بصفاتٍ، ومن هذه الصفات ما يأتي:[٥]
- إخلاص النية لله سبحانه: وهي أهم ما يجب أن يتصف به الداعية، قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)؛[٦] فالنية أساس العمل، وسرُّ قبول العمل يكون بإخلاص النية لله تعالى؛ فمن كانت نيته خالصة لله سبحانه وتعالى نصره الله، وكان في عونه، وأنعم عليه النعم الكثيرة، ووضع له القبول في الأرض، وفتح قلوب الناس له وللدعوة.
- التعمق في العلم: فالعلم أمر أساسي في الإسلام، فلا بد أن يكون الداعية عالماً بما يدعو إليه، ومتعمقاً بالعلوم الشرعية، ويعرف مبادئ الدين، وأصوله، ويكون على علم راسخ بأمور العقيدة، ويكون خاضعاً للقرآن الكريم والسنة النبوية، وما أجمع عليه علماء الأمة والفقهاء.
- البصيرة: فمن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية إلى الله صفة البصيرة، وذلك لقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)،[٧] وتكون البصيرة على ثلاثة أقسام؛ بصيرة بالعلم الذي يدعو إليه، وبصيرة بحال المدعو وظروفه وأحواله، وبصيرة في كيفية الدعوة.
- الحكمة: فمن الصفات التي ينبغي أن تكون في الداعية أن يكون حكيماً؛ وذلك بأن يكون حسناً في مخاطبة الآخرين في الوقت المناسب، والمكان المناسب، والأسلوب المناسب.
- الموعظة الحسنة: واللين والرفق في الكلام؛ قال الله سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ )،[٨] فينبغي على الداعية أن يرغّب الناس في الإسلام، بالترغيب الحسن؛ فيعرض كلامه عليهم بالرفق واللين، وبأسلوب عذب، ويُبشر ولا يُنفر، ويتجنب قسوة الكلام وشدته.
- الجدال المثمر: أي الجدال الحسن، والحوار المثمر البناء الذي يهدف إلى كشف الحقيقة، لا النيل من كرامة المخاطَب.
- التحلي بمكارم الأخلاق: كالصدق، والأمانة، والحلم، العفة، وسعة الصدر، والتواضع والكرم، ولين الجانب، والتودد إلى الناس صغيرهم وكبيرهم، وغنيهم وفقيرهم، وعدم الانتصار للنفس، وعدم التطلع إل ما آتى الله عباده من زينة الحياة الدنيا، وحُسن معاشرة الناس، والرفق بهم، والتودد للكبار والصغار منهم، والفقراء والأغنياء على حدٍ سواءٍ، والتواضع لهم، واجتناب الفواحش من الأقوال والأفعال، والابتعاد عن قول الزور، والبعد عن تحقيق المصالح الشخصية في الدعوة، أو السعي في الانتصار للنفس.
مكانة الداعية
للداعية مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى؛ وقد تجلّت مكانته في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن مكانته ما يأتي:[٩]
- الداعية خليفة لأنبياء الله ورسله -عليهم الصلاة والسلام- وأتباعهم، وهو على سبيلهم.
- الداعية له الأجر العظيم والثواب الجزيل بسبب دعوته إلى الله سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (… فواللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بكَ رجلًا واحدًا، خيرٌ لَكَ مِنْ أنْ يَكُونَ لَكَ حمرُ النَّعَمِ)،[١٠] والمقصود بالحمر النعم؛ إبل حمر، من أنفس الأموال عند العرب.
- دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- للداعية بالنضارة؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نضَّر اللهُ امرءًا سمع منا حديثًا فحفِظه حتى يُبلِّغَه غيرَه، فإنه رُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيهٍ، و رُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفْقَهُ منه، ثلاثُ خِصالٍ لا يُغَلَّ عليهنَّ قلبُ مسلمٍ أبدًا: إخلاصُ العملِ للهِ، و مُناصحةُ وُلاةِ الأمرِ، و لُزومُ الجماعةِ).[١١] والمقصود بالنضارة هي النعمة والبهجة.
- الداعية سبب في حفظ وعصمة المجتمع من الهلاك.
- الداعية إلى الله من أحسن الناس قولاً، وأعظمهم كلمة.
- الداعية محفوظ بحفظ الله، ويعصمه الله لقيامه بالدين، وتبليغه إلى الناس.
- الداعية إلى الله من المفلحين، والفائزين.
المراجع
- ↑ سورة فصلت، آية: 33.
- ↑ “تعريف ومعنى داعية”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة فصلت، آية: 33.
- ↑ عوض عز الرجال متولي عفيفي (3-12-2012)، “الداعية وأدواره”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-10-2018. بتصرّف.
- ↑ د.شاكر فرُّخ الندوي (1-12-2015)، “صفات الداعية”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البينة، آية: 5.
- ↑ سورة يوسف، آية: 108.
- ↑ سورة النحل، آية: 125.
- ↑ أحمد بن علي الخليفي، صفات الداعية في ضوء سيردعاة النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 34-40. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 4210، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 404، إسناده صحيح.