محتويات
من أشعار حسّان بن ثابت
حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- هو شاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقد اشتُهِر بالعديد من القصائد الشهيرة، ونذكر منها ما يأتي:
قصيدته في مدح الرسول
مما قاله حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يأتي:[١]
أغرّ، عليه للنّبوّة خاتم
-
-
- من الله مشهود يلوح ويشهد
-
وضمّ الإله اسم النّبي إلى اسمه
-
-
- إذ قال في الخمس المؤذّن أشهد
-
وشقّ له من اسمه كي يجلّه
-
-
- فذو العرش محمود، وهذا محمّد
-
نبي أتانا بعد يأس وفترة
-
-
- من الرّسل، والأوثان في الأرض تعبد
-
فأمسى سراجا مستنيرا وهاديا
-
-
- يلوح كما لاح الصّقيل المهنّد
-
وأنذرنا نارا، وبشّر جنة
-
-
- وعلّمنا الإسلام، فالله نحمد
-
وأنت إله الخلق ربّي وخالقي
-
-
- بذلك ما عمّرت في الناس أشهد
-
تعاليت ربّ الناس عن قول من دعا
-
-
- سواك إلها، أنت أعلى وأمجد
-
لك الخلق والنّعماء، والأمر كلّه
-
-
- فإيّاك نستهدي، وإيّاك نعبد
-
قصيدته في رثاء الرسول
مما قاله حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- في رثاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يأتي:[٢]
بَطَيبَةَ رَسمٌ لِلرَسولِ وَمَعهَدُ
-
-
- مُنيرٌ وَقَد تَعفو الرُسومُ وَتَهمَدِ
-
وَلا تَنْمَحي الآياتُ مِن دارِ حُرمَةٍ
-
-
- بِها مِنبَرُ الهادي الَذي كانَ يَصعَدُ
-
وَواضِحُ آثارٍ وَباقي مَعالِمٍ
-
-
- وَرَبعٌ لَهُ فيهِ مُصَلّى وَمَسجِدُ
-
بِها حُجُراتٌ كانَ يَنزِلُ وَسطَها
-
-
- مِنَ اللَهِ نورٌ يُستَضاءُ وَيوقَدُ
-
مَعارِفُ لَم تُطمَس عَلى العَهدِ آيُها
-
-
- أَتاها البِلى فَالآيُ مِنها تُجَدَّدُ
-
عَرِفتُ بِها رَسمَ الرَسولِ وَعَهدَهُ
-
-
- وَقَبراً بِها واراهُ في التُربِ مُلحِدُ
-
ظَلَلتُ بِها أَبكي الرَسولِ فَأَسعَدَت
-
-
- عُيونٌ وَمِثلاها مِنَ الجِفنِّ تُسعَدُ
-
تَذَكَّرُ آلاءَ الرَسولِ وَما أَرى
-
-
- لَها مُحصِياً نَفسي فَنَفسي تَبَلَّدُ
-
مُفَجَّعَةً قَد شَفَّها فَقدُ أَحمَدٍ
-
-
- فَظَلَّت لِآلاءِ الرَسولِ تُعَدِّدُ
-
وَما بَلَغَت مِن كُلِّ أَمرٍ عَشيرَهُ
-
-
- وَلَكِن لِنَفسي بَعدُ ما قَد تَوَجَّدُ
-
أَطالَت وُقوفاً تَذرِفُ العَينُ جُهدَها
-
-
- عَلى طَلَلِ القَبرِ الَذي فيهِ أَحمَدُ
-
فَبورِكتَ يا قَبرَ الرَسولِ وَبورِكَت
-
-
- بِلادٌ ثَوى فيها الرَشيدُ المُسَدَّدُ
-
وَبورِكَ لَحدٌ مِنكَ ضُمِّنَ طَيِّباً
-
-
- عَلَيهِ بِناءٌ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدُ
-
تَهيلُ عَلَيهِ التُربَ أَيدٍ وَأَعيُنٌ
-
-
- عَلَيهِ وَقَد غارَت بِذَلِكَ أَسعُدُ
-
لَقَد غَيَّبوا حِلماً وَعِلماً وَرَحمَةً
-
-
- عَشِيَّةَ عَلَّوهُ الثَرى لا يُوَسَّدُ
-
وَراحوا بِحُزنٍ لَيسَ فيهِم نَبيُّهُم
-
-
- وَقَد وَهَنَت مِنهُم ظُهورٌ وَأَعضُدُ
-
يُبَكّونَ مَن تَبكي السَمَواتُ يَومَهُ
-
-
- وَمَن قَد بَكَتهُ الأَرضُ فَالناسُ أَكمَدُ
-
وَهَل عَدَلَت يَوماً رَزِيَّةُ هالِكٍ
-
-
- رَزِيَّةَ يَومٍ ماتَ فيهِ مُحَمَّدُ
-
تَقَطَّعَ فيهِ مُنزَلُ الوَحيِ عَنهُمُ
-
-
- وَقَد كانَ ذا نورٍ يَغورُ وَيُنجِدُ
-
يَدُلُّ عَلى الرَحمَنِ مَن يَقتَدي بِهِ
-
-
- وَيُنقِذُ مِن هَولِ الخَزايا وَيُرشِدُ
-
إِمامٌ لَهُم يَهديهِمُ الحَقَّ جاهِداً
-
-
- مُعَلِّمُ صِدقٍ إِن يُطيعوهُ يَسعَدوا
-
عَفُوٌّ عَنِ الزَلّاتِ يَقبَلُ عُذرَهُم
-
-
- وَإِن يُحسِنوا فَاللَهُ بِالخَيرِ أَجوَدُ
-
وَإِن نابَ أَمرٌ لَم يَقوموا بِحَملِهِ
-
-
- فَمِن عِندِهِ تَيسيرُ ما يَتَشَدَّدُ
-
فَبينا هُمُ في نِعمَةِ اللَهِ وَسطَهُم
-
-
- دَليلٌ بِهِ نَهجُ الطَريقَةِ يُقصَدُ
-
عَزيزٌ عَلَيهِ أَن يَجوروا عَنِ الهُدى
-
-
- حَريصٌ عَلى أَن يَستَقيموا وَيَهتَدوا
-
عَطوفٌ عَلَيهِم لا يُثَنّي جَناحَهُ
-
-
- إِلى كَنَفٍ يَحنو عَلَيهِم وَيَمهَدُ
-
فَبَينا هُمُ في ذَلِكَ النورِ إِذ غَدا
-
-
- إِلى نورِهِم سَهمٌ مِنَ المَوتِ مُقصَدُ
-
فَأَصبَحَ مَحموداً إِلى اللَهِ راجِعاً
-
-
- يُبكيهِ حَقُّ المُرسِلاتِ وَيُحمَدُ
-
وَأَمسَت بِلادُ الحُرمَ وَحشاً بِقاعُها
-
-
- لِغَيبَةِ ما كانَت مِنَ الوَحيِ تَعهَدُ
-
قِفاراً سِوى مَعمورَةِ اللَحدِ ضافَها
-
-
- فَقيدٌ تُبَكّيهِ بَلاطٌ وَغَرقَدُ
-
وَمَسجِدُهُ فَالموحِشاتُ لِفَقدِهِ
-
-
- خَلاءٌ لَهُ فيهِ مَقامٌ وَمَقعَدُ
-
وَبِالجَمرَةِ الكُبرى لَهُ ثَمَّ أَوحَشَت
-
-
- دِيارٌ وَعَرصاتٌ وَرَبعٌ وَمَولِدُ
-
فَبَكّي رَسولَ اللَهِ يا عَينُ عَبرَةً
-
-
- وَلا أَعرِفَنكِ الدَهرَ دَمعَكِ يَجمَدُ
-
وَما لَكِ لا تَبكينَ ذا النِعمَةِ الَّتي
-
-
- عَلى الناسِ مِنها سابِغٌ يَتَغَمَّدُ
-
فَجودي عَلَيهِ بِالدُموعِ وَأَعوِلي
-
-
- لِفَقدِ الَذي لا مِثلُهُ الدَهرُ يوجَدُ
-
وَما فَقَدَ الماضونَ مِثلَ مُحَمَّدٍ
-
-
- وَلا مِثلُهُ حَتّى القِيامَةِ يُفقَدُ
-
أَعَفَّ وَأَوفى ذِمَّةً بَعدَ ذِمَّةٍ
-
-
- وَأَقرَبَ مِنهُ نايِلاً لا يُنَكَّدُ
-
وَأَبذَلَ مِنهُ لِلطَريفِ وَتالِدِ
-
-
- إِذا ضَنَّ مِعطاءُ بِما كانَ يُتلَدُ
-
وَأَكرَمَ صيتاً في البُيوتِ إِذا اِنتَمى
-
-
- وَأَكرَمَ جَدّاً أَبطَحيّاً يُسَوَّدُ
-
وَأَمنَعَ ذِرواتٍ وَأَثبَتَ في العُلى
-
-
- دَعائِمَ عِزٍّ شامِخاتٍ تُشَيَّدُ
-
وَأَثبَتَ فَرعاً في الفُروعِ وَمَنبِتاً
-
-
- وَعوداً غَذاهُ المُزنُ فَالعودُ أَغيَدُ
-
رَباهُ وَليداً فَاِستَتَمَّ تَمامُهُ
-
-
- عَلى أَكرَمِ الخَيراتِ رَبٌّ مُمَجَّدُ
-
تَناهَت وَصاةُ المُسلِمينَ بِكَفِّهِ
-
-
- فَلا العِلمِ مَحبوسٌ وَلا الرَأيُ يُفنَدُ
-
أَقولُ وَلا يُلفى لِما قُلتُ عائِبٌ
-
-
- مِنَ الناسِ إِلّا عازِبُ العَقلِ مُبعَدُ
-
وَلَيسَ هَوايَ نازِعاً عَن ثَنائِهِ
-
-
- لَعَلّي بِهِ في جَنَّةِ الخُلدِ أَخلَدُ
-
مَعَ المُصطَفى أَرجو بِذاكَ جِوارَهُ
-
-
- وَفي نَيلِ ذاكَ اليَومِ أَسعى وَأَجهَدُ
-
قصيدته في فتح مكة
أنشد حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- في فتح مكّة ما يأتي من الأبيات:[٣]
عَفَت ذاتُ الأَصابِعِ فَالجِواءُ
-
-
- إِلى عَذراءَ مَنزِلُها خَلاءُ
-
دِيارٌ مِن بَني الحَسحاسِ قَفرٌ
-
-
- تُعَفّيها الرَوامِسُ وَالسَماءُ
-
وَكانَت لا يَزالُ بِها أَنيسٌ
-
-
- خِلالَ مُروجَها نَعَمٌ وَشاءُ
-
فَدَع هَذا وَلَكِن مَن لَطيفٍ
-
-
- يُؤَرِّقُني إِذا ذَهَبَ العِشاءُ
-
لِشَعثاءَ الَّتي قَد تَيَّمَتهُ
-
-
- فَلَيسَ لِقَلبِهِ مِنها شِفاءُ
-
كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ
-
-
- يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ
-
عَلى أَنيابِها أَو طَعمُ غَصٍّ
-
-
- مِنَ التُفّاحِ هَصَّرَهُ اِجتِناءُ
-
إِذا ما الأَشرِباتُ ذُكِرنَ يَوماً
-
-
- فَهُنَّ لِطَيِّبِ الراحِ الفِداءُ
-
نُوَلّيها المَلامَةَ إِن أَلَمنا
-
-
- إِذا ما كانَ مَغثٌ أَو لِحاءُ
-
وَنَشرَبُها فَتَترُكُنا مُلوكاً
-
-
- وَأُسداً ما يُنَهنِهُنا اللِقاءُ
-
عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم تَرَوها
-
-
- تُثيرُ النَقعَ مَوعِدُها كَداءُ
-
يُبارينَ الأَسِنَّةِ مُصغِياتٍ
-
-
- عَلى أَكتافِها الأَسَلُ الظِماءُ
-
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ
-
-
- تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِساءُ
-
فَإِمّا تُعرِضوا عَنّا اِعتَمَرنا
-
-
- وَكانَ الفَتحُ وَاِنكَشَفَ الغِطاءُ
-
وَإِلّا فَاِصبِروا لِجَلادِ يَومٍ
-
-
- يُعينُ اللَهُ فيهِ مَن يَشاءُ
-
وَقالَ اللَهُ قَد يَسَّرتُ جُنداً
-
-
- هُمُ الأَنصارُ عُرضَتُها اللِقاءُ
-
لَنا في كُلِّ يَومٍ مِن مَعَدٍّ
-
-
- قِتالٌ أَو سِبابٌ أَو هِجاءُ
-
فَنُحكِمُ بِالقَوافي مَن هَجانا
-
-
- وَنَضرِبُ حينَ تَختَلِطُ الدِماءُ
-
وَقالَ اللَهُ قَد أَرسَلتُ عَبداً
-
-
- يَقولُ الحَقَّ إِن نَفَعَ البَلاءُ
-
شَهِدتُ بِهِ وَقَومي صَدَّقوهُ
-
-
- فَقُلتُم ما نُجيبُ وَما نَشاءُ
-
وَجِبريلٌ أَمينُ اللَهِ فينا
-
-
- وَروحُ القُدسِ لَيسَ لَهُ كِفاءُ
-
أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي
-
-
- فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ
-
هَجَوتَ مُحَمَّداً فَأَجَبتُ عَنهُ
-
-
- وَعِندَ اللَهِ في ذاكَ الجَزاءُ
-
أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ بِكُفءٍ
-
-
- فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ
-
هَجَوتَ مُبارَكاً بَرّاً حَنيفاً
-
-
- أَمينَ اللَهِ شيمَتُهُ الوَفاءُ
-
فَمَن يَهجو رَسولَ اللَهِ مِنكُم
-
-
- وَيَمدَحُهُ وَيَنصُرُهُ سَواءُ
-
فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي
-
-
- لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ
-
فَإِمّا تَثقَفَنَّ بَنو لُؤَيٍّ
-
-
- جَذيمَةَ إِنَّ قَتلَهُمُ شِفاءُ
-
أولَئِكَ مَعشَرٌ نَصَروا عَلَينا
-
-
- فَفي أَظفارِنا مِنهُم دِماءُ
-
وَحِلفُ الحَرِثِ اِبنِ أَبي ضِرارٍ
-
-
- وَحِلفُ قُرَيظَةٍ مِنّا بُراءُ
-
لِساني صارِمٌ لا عَيبَ فيهِ
-
-
- وَبَحري لا تُكَدِّرُهُ الدِلاءُ
-
المراجع
- ↑ محمد سعيد البوطي، مختارات من أجمل الشعر في مدح الرسول، صفحة 19.
- ↑ “بطيبة رسم للرسول ومعهد”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2022.
- ↑ ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 510، جزء 3.