شعر الخمريات في العصر العباسي الأول

'); }

شعر الخمريات في العصر العباسي الأول

ازدهر شعر الخمرة ووصفها والتغني فيها في العصر العباسي، ووجد الشعراء في هذا العصر مُتنَفَّسًا للتعبير عمّا يدور في خلَدهم من شعر في وصف الخمرة وشربها ومجالسها ونحو ذلك،[١] ومن أشعار الخمريات في العصر العباسي الأول ما يأتي:

قصيدة أديري على الراح ساقية الخمر لمسلم بن الوليد

يقول مسلم بن الوليد الملقب بصريع الغواني: [٢]

أَديري عَلى الراحِ ساقِيَةَ الخَمرِ

وَلا تَسأَليني وَاِسأَلي الكَأسَ عَن أَمري

كَأَنَّكِ بي قَد أَظهَرَت مُضمَرَ الحَشا

لَكِ الكَأسُ حَتّى أَطلَعَتكِ عَلى سِرّي

وَقَد كُنتُ أَقلى الراحَ أَن يَستَفِزَّني

فَتَنطِقَ كَأسٌ عَن لِساني وَلا أَدري

'); }

وَلَكِنَّني أَعطَيتُ مِقوَدِيَ الصِبى

فَقادَ بَناتِ اللَهوِ مَخلوعَةَ العُذرِ

إِذا شِئتُ غاداني صُبوحٌ مِنَ الهَوى

وَإِن شِئتُ ماساني غُبوقٌ مِنَ الخَمرِ

ذَهَبتُ وَلَم أُحَدِد بِعَينِيَ نَظرَةً

وَأَيقَنتُ أَنَّ العَينَ هاتِكَةٌ سِتري

قصيدة أديرا علي الراح لا تشربا قبلي لمسلم بن الوليد

يقول مسلم بن الوليد الملقب بصريع الغواني:[٣]

وَمانِحَةٍ شُرّابَها المُلكَ قَهوَةٍ

مَجوسِيَّةِ الأَنسابِ مُسلِمَةِ البَعلِ

رَبيبَةِ شَمسٍ لَم تُهَجنَ عُروقُها

بِنارٍ وَلَم يُقطَع لَها سَعفُ النَخلِ

تَصُدُّ بِنَفسِ المَرءِ عَمّا يَغُمُّهُ

وَتُنطِقُ بِالمَعروفِ أَلسِنَةَ البُخلِ

قَدِ اِستُودِعَت دَنّاً لَها فَهوَ قائِمٌ

بِها شَفَقاً بَينَ الكُرومِ عَلى رِجلِ

بَعَثنا لَها مِنّاً خَطيباً لِبُضعِها

فَجاءَ بِها يَمشي العِرضَنَة في مَهلِ

رَقى رَبَّها حَتّى اِحتَواها مُغالِياً

عَقيلَتَهُ دونَ الأَقارِبِ وَالأَهلِ

فَوافى بِها عَذراءَ كُلَّ فَتى نَدَىً

جَزيلَ العَطايا غَيرَ نِكسٍ وَلا وَغلِ

مُعَتَّقَةً لا تَشتَكي وَطأ عاصِرٍ

حَرورِيَّةً في جَوفِها دَمُها يَغلي

أَغارَت عَلى كَفِّ المُديرِ بِلَونِها

فَصاغَت لَهُ مِنها أَنامِلَ كالذَّبلِ

أَماتَت نُفوساً مِن حَياةٍ قَريبَةٍ

وَفاتَت فَلَم تُطلَب بِتَبلٍ وَلا ذَحلِ

قصيدة دع عنك لومي فإنّ اللوم إغراء لأبي نواس

يقول أبو نُوَاس: [٤]

دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ

وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ

صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها

لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَرٍ

لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ

قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ

فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألَاءُ

فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً

كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ

رَقَّت عَنِ الماءِ حَتّى ما يُلائِمُها

لَطافَةً وَجَفا عَن شَكلِها الماءُ

فَلَو مَزَجتَ بِها نوراً لَمازَجَها

حَتّى تَوَلَّدُ أَنوارٌ وَأَضواءُ

دارَت عَلى فِتيَةٍ دانَ الزَمانُ لَهُم

فَما يُصيبُهُمُ إِلّا بِما شاؤوا

لِتِلكَ أَبكي وَلا أَبكي لِمَنزِلَةٍ

كانَت تَحُلُّ بِها هِندٌ وَأَسماءُ

حاشا لِدُرَّةَ أَن تُبنى الخِيامُ لَها

وَأَن تَروحَ عَلَيها الإِبلُ وَالشاءُ

فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً

حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ

لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً حَرِجاً

فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ

قصيدة لا تبكِ ليلى ولا تطرب إلى هند لأبي نواس

يقول أبو نواس:[٥]

لا تَبكِ لَيلى وَلا تَطرَب إِلى هِندِ

وَاِشرَب عَلى الوَردِ مِن حَمراءَ كَالوَردِ

كَأساً إِذا اِنحَدَرَت في حَلقِ شارِبِها

أَجدَتهُ حُمرَتَها في العَينِ وَالخَدِّ

فَالخَمرُ ياقوتَةٌ وَالكَأسُ لُؤلُؤَةٌ

مِن كَفِّ جارِيَةٍ مَمشوقَةِ القَدِّ

تَسقيكَ مِن عَينِها خَمراً وَمِن يَدِها

خَمراً فَما لَكَ مِن سُكرَينِ مِن بُدِّ

لي نَشوَتانِ وَلِلنُدمانِ واحِدَةٌ

شَيءٌ خُصِصتُ بِهِ مِن بَينِهِم وَحدي

قصيدة شجاني وأبلاني تذكر من أهوى لأبي نواس

يقول أبو نواس:[٦]

خَطَبنا إِلى الدَهقانِ بَعضَ بَناتِهِ

فَزَوَّجَنا مِنهُنَّ في خِدرِهِ الكُبرى

وما زال يُغلي مَهرَها وَيَزيدُهُ

إِلى أَن بَلَغنا مِنهُ غايَتَهُ القُصوى

رَحيقاً أَبوها الماءُ وَالكَرمُ أُمُّها

وَحاضِنُها حَرُّ الهَجيرِ إِذا يُحمى

لِساكِنِها دَنٌّ بِهِ القارُ مُشعَرٌ

إِذا بَرَزَت مِنهُ فَلَيسَ لَها مَثوى

يَهوديَّةُ الأَنسابِ مُسلِمَةُ القُرى

شَآمِيَّةُ المَغدى عِراقِيَّةُ المَنشا

مَجوسِيَّةٌ قَد فارَقَت أَهلَ دينِها

لِبِغضَتِها النارَ الَّتي عِندَهُم تُذكى

رَأَت عِندَنا ضَوءَ السِراجِ فَراعَها

فَما سَكَنَت حَتّى أَمَرنا بِهِ يُطفى

وَبَينا نَراها في النَدامى أَسيرَةً

إِذِ اندَفَعَت فيهُم فَصاروا لَها أَسرى

إِذا أَصبَحَت أَهدَت إِلى الشَمسِ سَجدَةً

وَتَسجُدُ أُخرى حينَ تَسجُدُ لِلمَسرى

أُميتَت بِلَذّاتِ الكُؤوسِ نُفوسُهُم

فَأَنفُسُهُم أَحيا وَأَجسادُهُم مَوتى

قصيدة دق معنى الخمر حتى لأبي نواس

يقول أبو نواس:[٧]

دَقَّ مَعنى الخَمرِ حَتّى

هُوَ في رَجمِ الظُنونِ

كُلَّما حاوَلَها النا

ظِرُ مِن طَرفِ الجُفونِ

رَجَعَ الطَرفُ حَسيراً

عَن خَيالِ الزَرَجَونِ

لَم تَقُم في الوَهمِ إِلّا

كَذَّبَت عَينَ اليَقينِ
فَمَتى تُدرِكُ ما لا 
يُتَحَرّى بِالعُيونِ

المراجع

  1. دراسة نقدية في مبنى خمريات أبي نواس، يوسف هادي نهزمى، صفحة 1. بتصرّف.
  2. “أديري على الراح ساقية الخمر”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2022.
  3. “أديرا علي الراح لا تشربا قبلي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2022.
  4. “دع عنك لومي فإن اللوم إغراء”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2022.
  5. “لا تبك ليلى ولا تطرب إلى هند”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2022.
  6. “شجاني وأبلاني تذكر من أهوى”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2022.
  7. “دق معنى الخمر حتى”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/2/2022.
Exit mobile version