شروط الجهاد في سبيل عديدة ومهمة فإنها وإن اختل شرط منها ردت الشهادة في وجه صاحبها وخرج صاحب الشهادة المزعومة تلك من قائمة الشهداء الحقيقيين في الآخرة، وهم الذين ببذلهم لروحهم ومع إخلاصهم وتحقق شروط الجهاد في سبيل الله في أنفسهم الذين يستحقون عند الله مقام الشهداء ودرجتهم وهي على النحو التالي.
أولا: أن يكون الذي استشهد مسلما موحدا لله عز وجل، فكون المقتول مشركا بالله أو كافرا ثم ما لبث أن انطلق للجهاد والقتال ثم قتل لا يعتبر شهيدا ولا ينتفع بذلك بشئ من جهاده وقتاله حتى لو كان ذلك القتال مع المسلمين وضد الكفار، وذلك لأن الشرك بالله والكفر يحبط مضمون ومطلق العمل وذلك لقوله صلى الله عليه وسلـم بهذا الشأن: ” لا يقبل الله من مشرك أشرك بعد إسلامه عملا”، فهذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلـم يدلل وبكل وضوح على أنه لايقبل أي عمل من الإنسان مالم يكن مسلما بداية.
ثانيا: أن تكون الشهادة خالصة لوجه الله عز وجل، وهذه من أعظم وأهم الشروط الذي يجب أن تتحقق في الإنسان المسلم المجاهد والذي يتمنى أن يلقى ربه شهيدا في يوم من الأيام فأساس العمل المقبول للإنسان المسلم إخلاص النية لله عز وجل، وعدم إشراك أي مصلحة أو غرض أو أي حاجة من حوائج الدنيا في هذه النية، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلـم بهذا الشأن عندما جاءه رجل يسأله ويقول له يا رسول الله أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلـم: “لا شيئ له” فأعادها ثلاث مرات فظل رسول الله صلى الله عليه وسلـم يقول ” لا شيئ له “، ثم قال وزاد على ذلك: ” إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه” وفي هذا الكلام لرسول الله صلى الله عليه وسلـم توضيح وتحذير هام أن الله عز وجل لا يقبل العمل من العبد إلا أن يكون ذاك العمل خالصا لوجه الله وحده فقط، ولا يكون فيه شيئ يقدح في ذلك.
ثالثا: أن يكون استشهاده على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلـم، أي يجب أن تحقق في الشهيد المقبول عند الله حب الجهاد من أجل الله ودينه ولا يكون قتاله من أجل تتبع هواه وحب التشفي والانتقام للنفس ونحو ذلك، ويجب عليه أن يراعي الحدود والعهود ولا يغدر ولا يخون ونحو ذلك.
رابعا: أن يكون الغرض الذي يستشهد من دونه أمرا شرعيا، كأن يقتل دون ماله وعرضه ونفسه أو دون أهله أو دون المسلمين دفاعا عنهم ونحو ذلك، لما ورد في الحديث “من مات دون ماله فهو شهيد” إلى آخره.
خامسا: أن يقتل مقبلا غير مدبر، أي أن يكون ثابتا مقداما غير خوار في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله، والأهم أن لا يكون فارا من المعركة متوليا يوم الزحف، فالذي يتولى يوم الزحف بدون سبب شرعي يكون في زمرة المغضوب عليهم من الله عز وجل.