محتويات
'); }
شرح أبيات قصيدة قلبي يحدثني بأنك متلفي
أبو الفارض “سلطان العاشقين”، من أشهر المتصوّفين الإسلاميين الذين عُرفوا بحبّهم لله عزّ وجل وفنائهم بين يَدي حضرتِه، واسمه أبو حفص، عمر بن علي بن مرشد الحموي، وُلد في مصر عام 1181م، واعتزل الناس في مكة بعد هجرته إلى الحج ففاضت قريحتهُ بأشعار سُطّرتْ في تاريخ الأدب العربي الصوفي،[١] كان من أشهرها تائيَّةٌ استفاضَ بشرحها العديد من العلماء، وهذه القصيدة:[٢]
قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي
-
-
- روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ”.
-
لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي.
-
-
- لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي.
-
ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ
'); }
-
- في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف.
فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني
-
-
- يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ.
-
يقول الشاعر مُخاطبًا الذات الإلهية العليَّة مخاطبةً على سبيل المجاز: قلبي يقرّ بأن حُبَّكَ أيها الحبيب بين الضلوعِ قد شبّت نارُهُ واتَّقدتْ حتى بات التّلف يسري إليها، وروحي مقدّمة بين يديك سواءً أكرمتَني لقاءَ ذلك أو لا، فإنني أحبكَ بلا مقابل، وكل ذلك الحب لستُ راضيًا عنهُ فهو ليس كافيًا في جناب حضرتكَ.[٣]
فإذا لم أمُت في هذا الحبّ فلا أعدُّ نفسي عاشقًا، وليس بحوزتي سوى روحي لأقدّمها وأقول من خلالها أنني أحبكَ، فإذا قبلتَها مني فذلك مُسعِفٌ لي وسَعدٌ أنالُه، ويا خيبتي وأسفي إذا لم تقبلها.[٣]
يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي
-
-
- ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ
-
عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي
-
-
- منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ
-
فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي
-
-
- والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي
-
أيها الحبيب العظيم، لقد منعَ حُبك عيني عن طيب النوم وراحته، ومنحني السقم والمرضَ عوضًا عنه لشدةِ تلفي وهيامي، فاعطف عليَّ وتكرّمْ على ما بقيَ من روحي ومن جسمي الهزيل، فالشوق لا يزال يهزُّ جوانحي والوصل بعيدٌ عن نوالِ يدي، والصبر يتناقصُ يومًا بعد يومٍ، كما أن اللقاء يؤجّلُ موعدي يومًا بعد يومٍ.[٣]
لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ
-
-
- سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِفِ
-
واسأَلْ نجومَ اللّيلِ هل زارَ الكَرَى
-
-
- جَفني وكيف يزورُ مَن لم يَعْرِفِ
-
لا غَرْوَ إن شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها
-
-
- عيني وسَحّتْ بالدّموعِ الذّرّفِ
-
وبما جرَى في موقفِ التوديعِ
-
-
- ألمِ النّوَى شاهدتُ هَولَ الموقفِ
-
إن لم يكن وْصلٌ لدَيْكَ فعِدْ به
وأنا أيضًا مثل كلِّ العاشقين الذين يُحسَدونَ على محبوبهم، وكلُّ الخوفِ أن أخسرَ ذلك الحبِّ ويضيعَ سهري ووجدي ويذهب أدراج الرياح، فلا تترُكني أسهر مملوءًا بالخوفِ والريبةِ، فإن ذلك الشكَّ يجعلني أرتجفُ من فداحة الخطب، وذلك الخيال هو أمرُّ ما يمكن أن يكون، فحتى جفون الليل تعرف أن النوم لم يطرق لي بابًا، وكيف يزورني وهو لم يعرفني يومًا ولم يستقرّ على أهدابي؟.[٣]
بل لا عجبَ إن سكبت دموعها طيلة الليل شوقًا إليك، فإذا كان الوصل ممنوعًا عني في الأيام القادمةِ فامنحني إياهُ تعطُّفًا وكرمًا، فكل ما أتمناه أن تأذنَ لي به، وإذا كان مؤجَّلًا عني فإني مستعدٌّ لانتظارهِ مهما طال، فانتظارُ الوصل عندي له حلاوة مثل حلاوة الوصل عند بقية العاشقين.[٣]
“‘أهْفُو لأنفاسِ النّسِيمِ تَعِلّةً”‘
-
-
- “‘ولوَجْه مَن نقَلَتْ شَذَاهُ تشوّفي”‘
-
“‘فلَعَلّ نارَ جوانحي بهُبُوبِها”‘
-
-
- “‘أن تنطَفي وأوَدّ أن لا تنطَفي”‘
-
“‘يا أهلَ وُدّي أنتم أَمَلي ومَن”‘
-
-
- “‘نَادَاكُمُ يا أَهْلَ وُدّي قد كُفي”‘
-
“‘عُودوا لِما كُنْتُم عليه من الوفا”‘
-
- “‘كَرَماً فإنّي ذَلِكَ الخِلّ الوَفي”‘
“‘وحياتِكُمْ وحياتِكُمْ قَسَمًا وفي”‘
-
-
- “‘عُمري بغيرِ حياتِكُمْ لم أحْلِف”‘
-
أبحثُ عن نسائمٍ عليلةٍ تأتي من وصال الحبيب وأفتش عنها مرارًا لعلّ هبوبها يخفف شيئًا من نار أشواقي الملتهبة، على أنني لا أتمنى لنار شوقي أن تنطفئ، فعذابي في هذا الحب يحلو كلما ازداد، وإنني على استعداد للمزيد من ذلك الشوق المبرح، فيا كلّ أهل الوداد والسماحة والكبرياء والمجد.
أناديك بهذه الأسماء وأعلم أنه من ناداك بها أصبح مكتفيًا بها عن كل الكون، إنني لم أزل في هواك ذلك المحبّ الوفيّ، فعُد علي بالوصل وتكرم بذلك.[٣]
وأقسمُ بأشد الأيمانِ عزًّا في قلبي وهو اسمك العظيم أنني لو وهبت روحي لمن يبشرني بوصلكم لكان ذلك تقصيرًا في جنبكم وجناب محبتكم، فمهما فعلت لا يمكن أن أستوفي الوفاء المناسب في جناب وصالك.[٣]
“‘لا تحسَبُوني في الهوى مُتَصَنّعاً”‘
-
-
- “‘كَلَفي بِكُمْ خُلُقٌ بغيرِ تكلُّف”‘
-
“‘أخفَيتُ حُبّكُمُ فأخفاني أسىً”‘
-
-
- “‘حتى لعَمري كِدْتُ عني أختفي”‘
-
“‘وكتمْتُهُ عنّي فلو أبدَيْتُهُ”‘
-
-
- “‘لوَجَدْتُهُ أخفى منَ اللُّطْف الخَفي”‘
-
“‘ولقد أَقولُ لِمَنْ تحَرّشَ بالهوى”‘
إنني في حبي وهيامي لا أتكلفُ أو أتصنّعُ رياءً أمام الناس، بل إن حبي خالٍ من أي تكلفٍ أو رياء، فلقد كتمتُه عن جميع الناسِ واحتفظتُ به لنفسي داخل قلبي وفكري، حتى تغلغلَ في أحشائي واختفي وامتزج بها، وأخفاني عن ذاتي حتى لم أعد أشعر بها، وإني لو وددتُ أن أبدي ذلك الحب العظيم لكان مثل لُطفكَ الخفيّ بالمخلوقات، لا يُمكنُ أن يُرى.[٣]
ولكن تأثيرهُ يُذهلُ الإنسان حين يُدركُ شيئًا منهُ، وبما أنني أجدُ نفسي على هذا الحال من الوجد والهيام أقولُ لمن شعر بنار الهوى تتسلل إلأى قلبهِ أن يتخيّر الحبيب العظيم.[٣]
“‘قُلْ للعذولِ أطلْتَ لومي طامعًا”‘
-
-
- “‘إنَّ الملامَ عن الهوى مُستوقِفي”‘
-
“‘دَعْ عنكَ تَعنيفي وذُقْ طعم الهَوَى”‘
-
-
- “‘فإذا عشِقْتَ فبعدَ ذلكَ عَنّف”‘
-
“‘بَرَحَ الخَفاء بحُبّ مَنْ لَوْ في الدّجى”‘
-
-
- “‘سَفَرَ اللّثامَ لقُلْتُ يا بدرُ اختَفِ”‘
-
“‘وإن اكتفى غَيري بطَيفِ خياله”‘
-
-
- “‘فأنا الّذي بوِصالِهِ لا أكتَفي”‘
-
“‘وَقْفًَا عليِه مَحَبتِّي ولِمِحنتي”‘
إن العُذالَ بالغوا في لومي وتأنيبي على ما فعلته بنفسي من الوجد والسقم، فيا أيها العاذلُ ما عليكَ إلا أن تذوقَ ما ذُقتُهُ من طعم الحبّ وروعتهِ، فإذا ذقتَهُ عنّفني حينها إن استطعت، ولن تقوم بذلك لأنك ستغرقُ في أعماق حبٍّ لن تجد له وصفًا، وكيف أخفي ذلك الهوى؟ ولقد استحكم بي حبُّ مَن لو لاحَ من نورِهِ وألطافهِ ورحمتهِ شيءٌ لقالَ كل جمالِ هذا العالم أنه مُندثرٌ.[٣]
ولسطعتْ أنواهُ على الدنيا جمعاء، وإن كان غيري يكتفي منه بالقليلِ، فإنني لا أكتفي وإن نلتُ منه الوصال، فإن بحر محبتي لا شاطئ له، وعطشي لا أجد له ريًّا أبدًا، فقلبي موقوفٌ له.[٣]
لَوْ قالَ تِيهًا قِفْ على جَمْر الغَضا
:::لَوَقَفْتُ مُمْتَثِلاً ولم أتوَقّف
أوْ كان مَنْ يرضى بخدّي موْطِئًا
:::لَوَضَعْتُهُ أرْضًا ولم أستنكِف
لا تُنْكِروا شغَفِي بما يرضَى وإن
:::هو بالوِصَالِ عليّ لم يتعطّف
غَلَبَ الهَوَى فأطَعْتُ أمْرَ صَبابتي
:::من حيثُ فيه عصَيتُ نهْيَ مُعنّفي
مني لَهُ ذُلّ الخَضُوعِ ومنهُ لي
:::عِزّ المَنوعِ وقوّة المستضْعِف
ألِفَ الصّدُودَ ولي فؤادٌ لم يزَلْ
:::مُذْ كُنتُ غيرَ وِدَادِهِ لم يألَف
لو أمرني بكبريائهِ أن أقف على الجمر سأقف بلا ترددٍ وإن طال وقوفي أيامًا وأعوامًا، ولو كان يرضى أن يكون خدّي له بساطًا لوضعتُ خدّي ولم أتذكر أنَفَتي وعزة نفسي، فلا تنكر أيها السامعُ عليّ هواي وكلفي بالمحبوب العظيم وإن لم يتعطف علي بوصلهِ، فإن الهوى قد غلب على أمري، كما أن دفعي للعُذال قد غلب على أمري فلا أستطيعُ له تخفيفًا، فأنا بين يدي المحبوبِ ذليلٌ خاضعٌ لعظمته وعزّهِ وكبريائه، وهو عليّ المالكُ الآمرُ الناهي المُطاعُ مهما أمر، ومهما يكن من أمر قلبي في الشكوى فإنه منذ أن خُلقَ لم يعرف محبوبًا سواه.[٣]
يا ما أُمَيْلَحَ كُلَّ ما يرْضَى بِهِ
:::ورُضابُهُ يا ما أحَيْلاَهُ بفي
لو أسمَعوا يَعقُوبَ ذِكْرَ مَلاحَةٍ
:::في وجهِهِ نَسِيَ الجَمالَ اليوسُفي
أو لو رآهُ عائِداً أيّوبُ في
:::سِنَةِ الكَرَى قدماً من البلوى شُفي
كُلُّ البُدُورِ إذا تَجَلّى مُقْبِلاً
:::تصبُو إليه وكُلُّ قَدٍ أهيَف
إن قُلْتُ عندي فيكَ كُلُّ صَبَابَةٍ
:::قالَ المَلاحةُ لي وكُلُّ الحُسْنِ في
كَمَلَتْ مَحاسنُهُ فلو أَهدى السّنا
:::للبَدْرِ عند تَمامِهِ لم يُخْسَف
وعلى تَفَنّنِ واصِفيهِ بِحُسْنِهِ
:::يَفنى الزّمانُ وفيه ما لم يُوصف
ما أجمل ما يرضى به الحبيب في قلبي وما أحلاهُ على مسمعي وعيني، فإذا رضيَ عن بشرٍ-وهنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلمـ كانَ حديثهُ أحلى من العسل في فمي، ولو سمع يعقوبُ عليه السلام بجمالهِ لنسي جمال يوسف -عليه السلام- على حبّه الشديد له، ولو أن يعقوب -عليه السلام- رأى الرسول محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لشُفيَ من سُقمهِ وأمراضه التي عاناها بغياب يوسف، فكلُّ الجمال يهفو إليه إذا ما تجلّى ولاحَ مُقبِلًا، فإذا قُلتُ له “لك عندي كل الحبّ والوجد” قال “عندي كمالُ الحُسنِ”.[٣]
ولقد صَرَفْتُ لحُبّه كُلّي على
:::يَدِ حُسْنِهِ فحمِدْتُ حُسْنَ تصرّفي
فالعينُ تهوى صورةَ الحُسْنِ التي
:::روحي بها تَصبو إلى مَغْنىً خَفي
أسْعِدْ أُخَيَّ وغَنني بحديثه
:::وانْثُر على سَمْعي حِلاهُ وشَنِّف
لأرى بعينِ السّمعِ شاهِدَ حُسْنِهِ
:::معنىً فأتحِفْني بذاكَ وشَرّف
لقد بذلتُ كُلي لهذا المحبوب الأعظم، ثم حمدتُ نفسي على هذا الفعل الذي فعلَتْهُ لأنها أحسنتْ صُنعًا، فالعينُ وإن عشقت الجمال الظاهر لها إلا أنها تعشقُ بدرجةٍ أكبر المعاني الخفيةَ التي يقودها إليها ذلك الجمال البهيّ، فتجعلُ لروحَ متطلّعةً إلى ما وراء الحسن الظاهر والمعنى الجليّ الواضح، فيا أخي الذي ترى حالي وتعلم ما بي أدِم عليَّ ذِكْرَ المحبوبِ وهواهُ وصفاتهِ، فإن سمعي ينعمُ بذلك الحديث، ويصبحُ ذا عيونٍ تُبصرُ بعينٍ لا تُرى.[٣]
يا أخْتَ سعْدٍ مِن حَبيبي جئتِني
:::بِرِسالةٍ أدّيتِها بِتَلَطّف
فسَمِعْتُ ما لم تسمَعِي ونَظَرْتُ ما
:::لم تنظُري وعَرَفْتُ ما لم تعرِفي
إنْ زارَ يومًا يا حشايَ تَقَطَّعِي
:::كَلَفًا بِه أو سارَ يا عينُ اذرِفي
ما للنّوَى ذنْبٌ ومَنْ أهوَى مَعي
:::إن غابَ عن إنسانِ عيني فهْوَ في
أيتها النفسُ التي بينَ جَنبيّ ـ التي هي من قبيلة سعدـ لقد جِئتِني بأفضلِ ما لديكِ من رسائلَ، ألا وهي رسالةُ الحبّ التي خلقني الله تعالى وعرّفني عليها لأتعرّف بها عليه، وتلك الرسالة هي التي تعني أنني لم أوجَد في عالم البرزخِ إلا لأعرفهُ وأحبه وأسعى إليه، وقد أديتِ تلك الرسالةَ إليَّ بلُطفٍ لأنكِ روحٌ تسري بلطفٍ في البدن، فإذا زارني الحبيبُ يومًا بنسماتٍ وصلٍ منه فما على أحشائي إلا أن تتقطع احتفاءً بهذا الوصل وكمالِ نورِهِ.[٣]
وإذا سار هذا الوصل أمامي فيا أيتها العيون اذرفي ما استطعتِ حُزنًا وأسىً، فما للغيابِ ذنبٌ إذا قضى بيني وبين المحبوبِ الذي أودُّهُ، ولن يتغير في حالي شيءٌ من الوجد، لأن من أهواهُ وإن غابَ عن ناظري باقٍ في جوانحي وثابتٌ في وجداني ما حييتُ.[٣]
الأفكار الرئيسة في قصيدة قلبي يحدثني بأنك متلفي
في قصيدة ابن الفارض العديد من الأفكار الهامة والرئيسية وهي:[٤]
- بيان الوجد والمحبة الإلهية وما فعلتهُ بالشاعر من سُهدٍ وسقم.
- إثبات الشاعر أن كل ما حل به محبب إلى قلبه في سبيل نيل الوصال.
- الإعراض عن العُذَال واللائمين ودعوتهم إلى تجربة العشق الإلهي.
- محبة الشاعر لكل من ترضى عنه الذات الإلهية، وأعظمهم هو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
- وصف جمال النبي -صلى الله عليه وسلم- ومكانته.
- شكر الشاعر لله تعالى لأنه منحه ذاته التي تعرّفت على الله ووصلتْ بالعِرفانِ إلى أقصى درجات محبته.
معاني المفردات في قصيدة قلبي يحدثني بأنك متلفي
في القصيدة العديد من المفردات التي يمكن للقارئ أن يقف عند معانيها ومنها:[٥]
الكلمة
|
المعنى
|
الكلمة
|
المعنى
|
السقام
|
المرض
|
رمقي
|
بقية الروح
|
مُضنى
|
مُرهَق
|
مُدنَف
|
تهالكَ في حبّهِ فأصابه المرض
|
الكرى
|
النوم
|
لا غروَ
|
لا عجبَ
|
تشوّف
|
توقّع وتطلّعَ
|
سفر اللثام
|
كشف غطاء الوجه
|
الصور الفنية في قصيدة قلبي يحدثني بأنك متلفي
القصيدة ثرية بالصور البلاغية التي يمكن الإشارة إليها، ومنها:[٦]
الاستعارة
غلبت الاستعارة على قصيدة الشاعر فكان منها قولُه:
- “قلبي يحدّثني”: شبه الشاعر القلب بالإنسان الذي يُحدّثه، فحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى شيئًا من لوازمه وهو التحدُّث على سبيل الاستعارة المكنيّة.
- “وباذلُ نفسهِ”: شبّه الشاعر النفس بالمال أو العطاء الذي يُمنَح للآخرين، فحذف المشبه به وهو المال، وأبقى شيئًا من لوازمه وهو قابلية البذل والعطاء على سبيل الاستعارة المكنية.
- “ثوب السقام“: يشبه الشاعر السقم والمرض بأنه إنسان له ثوب يُمنَح ويُرتَدى، فحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى شيئًا من لوازمه وهو ارتداء الثوب ومَنحِهِ، وذلك على سبيل الاستعارة المكنية.
- “الوصال مماطلي”: يشبه الشاعر الوصال بالإنسان الذي يُماطل ويسوّف في موعدهِ، فحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى شيئًا من لوازمه وهو التسويف والمماطلة على سبيل الاستعارة المكنية.
- “الوجد باقٍ“: يشبه الشاعر الوجد والشوق بالإنسان الذي يتحكم ببقائهِ أو رحيلهِ، فحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى شيئًا من لوازمه وهو البقاء، وذلك على سبيل الاستعارة المكنية.
- “الصبرُ فانٍ“: إن الصبر من الأمور المعنوية التي لا يُمكن أن تُرى بالعين، وقد شبه الشاعر الصبر هنا بالإنسان الذي يفنى مع مرور الوقت بعد موتهِ، فحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى شيئًا من لوازمه وهو الموت ثم الفناء على سبيل الاستعارة المكنية.
- “اللقاءُ مُسوّفي”: في هذه الصورة تقريبٌ لما في قوله “الوصال مماطلي”، فهنا يشبه اللقاء بالإنسان الذي يُسوّف الموعد ويؤجله، فحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى شيئًا من لوازمه وهو التسويف والتأجيل، وذلك على سبيل الاستعارة المكنية.
- “اسأل نجوم الليل هل زار الكرى جفني”: شبه الشاعر النجوم بالإنسان الذي يُسأل، والكرى بالإنسان الذي يزور، والجفن بالإنسان الذي يُزار، وفي كل منها استعارة مكنية.
وغيرها الكثير من الاستعارات التي حاول الشاعر من خلالها أن يبث شكواه وحزنه، ففي كل من الصور السابقة حاول الشاعر أن يُضيف صفات للقب والنفس والسقام والوصال والوجد والصبر لا يستطيع فعلها إلا الإنسان، فحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى شيئًا من لوازمه.[٦]
التشبيه
أما التشبيه فقد كان جليًا في بعض أبيات القصيدة، فمن التشبيهات التي استعملها الشاعر قوله:[٧]
- “المطُل منك يحلو كوصلٍ من حبيبٍ مُسعِفِ“: هنا توفرت في الصورة الفنية أطراف التشبيه الأساسية وهي المشبه “المطل”، والمشبه به “الوصل”، وأداة التشبيه “الكاف”، إلا أن وجه الشبه محذوف، ولذلك يُعد هذا التشبيه تشبيهًا مُجمَلًا.
- “أكاد أجلُّهُ كالمُصحفِ”: أيضًا هنا استوفى الشاعر جميع أركان التشبيه إلا وجه الشبه، فيعد هذا التشبيه مُجملًا.
وغيرها من التشبيهات التي يحاول فيها التقريب بين شيئين متماثلين في المعنى، فقد جعلَ المَطلَ والتسويف من المحبوب يشبه الوصل والقرب، وجعل إجلال كل ما يأتي منه مثل إجلال كلامه المقدس في المصحف، وذلك لبيان أهمية المشبه به وإيضاح صورته في سياق الأبيات.[٧]
خلاصة المقال
ممّا تقدم يتبيّن أن العشق الإلهي بحرٌ زاخرٌ بالمعاني السامية الجليلة، وقد تغنّى بهذا الحب العديد من الشعراء المتصوفين الذين نذروا حياتهم لهذا الحب وما يأتي به من عطاء قلبيّ يسمو بالنفس البشرية إلى أعلى المراتب، ويمنحها الفوز بجنان النعيم بمحبة الحبيب الأعظم في الدنيا، وجنان الآخرة بوصالهِ وجنتهِ ورضوانه في الحياة الآخرة.
المراجع
- ↑ محمد مصطفى حلمي ، ابن الفارض والحب الإلهي، صفحة 30- 31 . بتصرّف.
- ↑ “الديوان » العصر الايوبي » ابن الفارض » قلبي يحدثني بأنك متلفي”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 1/9/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط حسن البوريني وعبد الغني النابلسي، شرح ديوان ابن الفارض الشريف المناقب، صفحة 147 -165. بتصرّف.
- ↑ ابن الفارض ، ديوان ابن الفارض، صفحة 15. بتصرّف.
- ↑ ابن منظور ، لسان العرب، صفحة 23 – 419 . بتصرّف.
- ^ أ ب علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، صفحة 75. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة، صفحة 255. بتصرّف.