سورة التوبة
يطلق عليها أيضاً اسم سورة البراءة، وهي سورة مدنية نزلت في العام التاسع من الهجرة، كما أنّها من أواخر ما أنزل على النبي عليه السلام من سور إذ نزلت على الرسول عليه السلام أثناء خروجه لقتال الروم، وهي السورة التي كشف بها الله تعالى أحوال المنافقين ومكائدهم، كما أورد فيها الله عزّ وجل ما جرى في غزوة تبوك من وقائع وحوادث، وقد سمّيت سورة التوبة بهذا الاسم بسب ذكرها قصة الثلاث مسلمين الذين تخلّفوا عن الجهاد في غزوة وتبوك وتوبتهم إلى الله تعال وتقبّله جلّ وعلى هذه التوبة.
عدم افتتاح سورة التوبة بالبسملة
تفتتح كافة سور القرآن الكريم بالتعوّذ ثم البسملة إلا سورة التوبة فلا يجوز افتتاحها بالبسملة كما هو موضح سابقاً ويكفي افتتاحها بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وذلك لقول الله عز وجل (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل:98]، وفي حال البدء بقراءة سورة التوبة من وسطها فيكفي التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا حرج إذا ما بسمل القارئ في وسطها.
سبب عدم ذكر البسملة في سورة التوبة
تمّ ذكر عدد من التفسيرات حول خلوّ سورة التوبة من البسملة، منها ما أخرجه أبو الشيخ وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (سألتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ لِمَ لَمْ تُكْتَبْ في بَراءةَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فقال: لأنَّ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أمانٌ، وبراءةُ أُنزِلَت بالسَّيفِ، ليسَ فيها أمانٌ)، وكان من عادة العرب أنهم إذا ما كان بينهم وبين قبيلة أخرى هدنة وأرادوا إنهاءها بعثوا لهم رسالة تخلو من البسملة، وقد نزلت سورة التوبة (براءة) لنقض الصلح ومعاهدة السلام التي كانت بين الرسول عليه الصلاة والسلام وبين المشركين والدعوة إلى الجهاد، وقد بعثها الرسول عليه الصلاة والسلام مع علي بن أبي طالب إلى المشركين فقرأها عليهم دون أن يبسمل، دلالة على انتهاء العهد القائم ما بين المسلمين وبينهم.
كما جاء في تفسير عدم بدء سورة التوبة بالبسملة بأن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكتبوا (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول هذه السورة، وذلك لما روي عن الترمذي في السنن بإسناده بأن ابن عباس رضي الله عنهما قال (قلتُ لعُثمانَ بنِ عفَّانَ رضي اللَّه عنه: ما حملَكُم على أن عمدتُمْ إلى الأنفالِ، وَهيَ منَ المثاني وإلى براءةٌ، وَهيَ منَ المئينَ، فقرنتُمْ بينَهُما ولم تَكْتبوا بينَهُما سطر بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، ووضعتُموها في السَّبعِ الطِّوالِ، فقالَ: كان رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ممَّا يأتي عليهِ الزَّمانُ تنزلُ عليهِ الآيات ذواتِ العددِ، فيدعو بعضَ من كان يَكْتبُ فيقولُ: ضعوا هؤلاءِ في السُّورةِ الَّتي يذكرُ فيها كذا وَكَذا، وتنزلُ عليهِ الآيةُ فيقولُ: ضَعوا هذِهِ السُّورةَ الَّتي يذكَرُ فيها كذا وَكَذا، وَكانتِ الأنفالُ من أوّلِ ما نزلَ بالمدينةِ، وَكانت براءةٌ من آخرِ ما نزل من القرآنِ، وكانت قصَّتُها شبيهةً بقصَّتِها، فظنَنتُ أنَّها مِنها، وماتَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يبيِّن لَنا أنَّها مِنها، فلذلِكَ قرنتُ بينَهُما ولم أَكْتُب بينَهُما سطرَ بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ. ووضعتُها في السَّبعِ الطُّوالِ).
جاء في تفسير الشيخ ابن عثيمين لذلك أنّه لم يفصل بين سورة الأنفال وسورة التوبة بالبسملة، والبسملة آية من آيات القرآن الكريم، فإذا لم يأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بوضعها لا يتمّ وضعها، والنبي عليه الصلاة والسلام هو وحده من يحدّد ويقرّر وضع البسملة أوّل السور أو تركها، حيث لم يقم بتعيين البسملة أوّل سورة التوبة ولم يكتبها الصحابة والمسلمون من بعده.